مصرف يو بي اس: غرامة مالية قياسية تتجاوز 4 مليارات فرنك
أدانت محكمة فرنسية يوم الأربعاء 20 فبراير اتحاد المصارف السويسرية (يو بي إس) بتهمتيْ تشجيع عمليات تهرّب ضريبي وارتكاب جرائم تبييض أموال، وفرضت عليه غرامة مالية ثقيلة بقيمة 4.2 مليار فرنك.
واتهمت السلطات الفرنسية المصرف بتقديم دعم غير قانوني لأثرياء فرنسيين لديهم حسابات في يو بي اس على التهرّب من دفع الضرائب المفروضة عليهم إلى سلطات بلادهم.
كذلك فُرض على يو بي إس، وفرعه في فرنسا، وعلى ثلاثة من مدرائه التنفيذيين السابقين دفع تعويضات مدنية بقيمة تناهز مليون فرنك.
وجاء في بيانرابط خارجي أصدره مصرف يو بي اس أنه “يرفض بشكل قاطع هذا الحكم”، وأنه ينوي تقديم اعتراض عليه. وأضاف المصرف: “لا توجد أية أدلّة أو براهين ملموسة تبرّر هذا الحكم، بل هي إدانة مؤسسة على اتهامات لا أساس لها، صادرة عن موظّفين سابقين، لم تخصص المحكمة وقتا للإستماع إليهم حتى”.
وقال يو بي اس إن الحكم “يترجم فعلا تطبيق القانون الفرنسي في سويسرا”، لأنه، حسب رأي المصرف السويسري، “لم تقدّم إلى المحكمة أيّة أدلّة على ارتكاب أي جرائم في فرنسا”.
ويتعلّق الأمر بآلاف المواطنين الفرنسيين الذين نقلوا أصولهم إلى حسابات سرية في الخارج للتهرّب من دفع الضرائب عليها. ورأت المحكمة أن هناك ما يكفي من الأدلة على تقديم المصرف السويسري الدعم لعمليات التهرّب هذه. وتقدّر هيئة الجرائم المالية بفرنسا هذه الأصول المهرّبة التي لم تستخلص عليها الضرائب بما يناهز 10 مليارات يورو.
في شهر نوفمبر 2018، أمرت هيئة الجرائم المالية بفرنسا (PNF) – وهي مكتب إدعاء عام متخصص في مقاضاة الجرائم المالية الجسيمة والمعقدة في باريس – مصرف يو بي إس بدفع غرامة قدرها 4.2 مليار فرنك كعقاب له على دعمه لـ “نظام” احتيالي قياسي” امتدّ العمل به من عام 2004 حتى عام 2012.
هذا الحجم من الغرامات لم يسبق له مثيل في فرنسا. وفي هذا الصدد، أشارت هيئة الجرائم المالية بفرنسا إلى أن هذا مبرر لأنه يتعلّق بزمن أصبح فيه التهرب الضريبي وتبييض الأموال “ظاهرة واسعة الإنتشار” تستخدم فيها “طرق متطوّرة”.
فشل الجهود من أجل إيجاد تسوية
فشلت محاولتان لإيجاد تسوية لقضية التهرّب الضريبي منذ بدأت التحقيقات قبل ثماني سنوات. فقد أخفقت المحاولة الاولى في عام 2014 عندما رفض مصرف يو بي إس الإقرار بارتكاب مخالفة. أما المحاولة الثانية، فقد فشلت قبل سنتيْن فقط، حينها قبل المصرف السويسري بدفع غرامة من دون الإقرار بالذنب، لكن المحادثات انهارت بعد أن كان من الصعب الإتفاق على المبلغ الذي كان على المصرف دفعه للسلطات الفرنسية.
واستمرّ المصرف في نفي ارتكابه أي مخالفة، على الرغم من أنه يقرّ بأنه قد تخلّى عن بعض الممارسات خلال السنوات الأخيرة.
مقاربة جديدة للتعاطي مع جرائم الياقات البيضاء
شرعت السلطات في مختلف البلدان الاوروبية في محاصرة جرائم التهرّب الضريبي والعمليات المصرفية المشبوهة في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وهو ما قاد لاحقا إلى التخلّي عن ممارسة السرية المصرفية في سويسرا على أكثر من صعيد.
وقبل عامين، اعتمدت فرنسا إجراءات تسوية على غرار الولايات المتحدة تهدف إلى مساعدة المدعين العامين في المجال المالي على الاضطلاع بدور عالمي أكبر. وفي السنة الفائتة، تفاوضت المجموعة المصرفية الفرنسية Societe Generale SA مع هيئة الجرائم المالية بفرنسا لإيجاد تسوية لقضية رشوة عبر دفع 250 مليون جنيه إسترليني. وكذلك فعل مصرف إتش إس بي سي HSBC عبر قبوله تسوية مسبقة لقضايا تهرّب ضريبي في عام 2017 دفع بمقتضاها 300 مليون جنيه إسترليني، وهي أكبر غرامة تحصل في فرنسا حتى ذلك الوقت.
من جهة أخرى، كان يو بي إس أيضاً في قلب التحقيق الشامل الذي قادته وزارة العدل الأمريكية بشأن التهرّب الضريبي والذي شمل جميع المصارف السويسرية. ووافق المصرف آنذاك على دفع غرامة بقيمة 780 مليون دولار في عام 2009، وكانت تلك أوّل غرامة في سلسلة من الغرامات التي فرضت على المؤسسات المصرفية السويسرية في السنوات الأخيرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.