ألحان سويسرية في مدينة الثقافة التونسية
طاف الفنان السويسري فلافيو ستروبيني Flavio Stroppini وجوقتُهُ بجمهور مدينة الثقافة التونسية في رحلة فنية وموسيقية شيقة. كان ستروبيني مرفوقا بعازف البيانو أندريا منزوني والممثل مسيميليانو زابيتي في تناغم فني بديع، وهم يقصون حكاية مشروعهم الموسيقي والشعري الذي أطلقوا عليه اسم ران Rhin. المناسبة كانت الدورة الثامنة عشر من أسبوع "اللغة الايطالية في العالم"، الذي يُقام في شهر أكتوبر من كل عام. وتم العرض بناء على دعوة وجهتها السفارة السويسرية بتونس للفنانين الثلاثة.
كلمات وموسيقات
امتطى الثلاثي السفينة التجارية “ران” طيلة أشهر في 2015 مُتنقلين من ميناء إلى ميناء ومن مدينة إلى أخرى، من اسبانيا إلى تايلاند، عبر ميناء حلق الوادي شمال تونس العاصمة. وسجل ستروبيني الأصوات والموسيقات والكلمات التي سمعوها على امتداد الرحلة العجيبة. مشروع “ران” مثلما شرحه الثلاثة هو باقة من فنون الشعوب، شعرُها وموسيقاها، احتفالاتها وغناؤها، مع المحافظة على أصالة النبع الذي أتت منه تلك الفنون. وهو أيضا رحلة داخلية لاكتشاف الذات بقدر ما هي رحلة حقيقية. وقال ستروبيني لـ swissinfo.ch إن هذا العمل الفني هو عرض شامل يجمع بين فنون عدة وثقافات مختلفة، وإن كانت بينها قواسم مشتركة وهويات متجاورة. وأوضح أن تونس ليست غريبة عنه لأنه زار مدينة حلق الوادي تلك التي تنام في حضن البحر المتوسط، في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس، وهي مدينة يعبق تاريخها بالتعايش بين الديانات والثقافات. واعتبر أن هذه الزيارة حققت نجاحا في التعريف بملمح من ملامح الثقافة السويسرية، مشيرا إلى أنه سبق أن شارك في أسبوع اللغة الايطالية في تونس قبل سنتين، ولاحظ إقبالا متزايدا من الجمهور على الإطلال على فنون الأدب والموسيقى والمسرح في سويسرا.
حصاد رحلة بحرية
أما الطالبة زهرة الميداني المتخصصة في الأدب الايطالي، فقالت إن هذا العمل الفني القائم على حصاد رحلة بحرية استمرت أشهرا يُذكرها برحلة أخرى قرأت عنها مؤخرا في مؤلف “رحلة أرنولد”، وهو مونولوغ مسرحي يروي رحلة المواطن السويسري أرنولد هونسبرغر Arnold Hunsperger، الذي انطلق من قلب الجبال السويسرية في 1974، عابرا بلاد البلقان نحو جزيرة هرقلية Iraklia اليونانية، حيث ينسى المرءُ العالم تماما. وكان أرنولد يقود جرارا من طراز هورليمان يجرُ خلفه عربة قطار عتيقة تعود إلى ستينات القرن الماضي، وقد كُتب عليها “السكك الحديدية الفدرالية”. ومازال الجرار والعربة ماثلين على أرض الجزيرة اليونانية حتى اليوم.
حوارات مع الطلاب
زيادة على العرض الذي أقيم في مدينة الثقافة، ألقى الفنانون الثلاثة على مدى ثلاثة أيام، محاضرات في كل من جامعة المنار وكلية الآداب والانسانيات بضاحية منوبة والمعهد العالي للغات. وكانت المحاضرات مشفوعة بحوارات مع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لتقديم مشروع ران Rhin. واعتبر الطالب مولدي بن ثابت، الذي يتعلم الايطالية في كلية منوبة، أن العرض الذي قدمه الثلاثي السويسري في نطاق أسبوع اللغة الايطالية مكنه وزملاءهُ من التعرف على جانب من الانتاج الموسيقي والمسرحي السويسري. كما رأى أن الايطالية تشكل رافدا مهما للثقافة والفنون في سويسرا، المتكونة من مناطق ولغات مختلفة، لكنها متعايشة ومنصهرة في هوية قومية واحدة.
سيرة ذاتية
* وُلد فلافيو ستروبيني في 1979 بمدينة غنوسكا Gnosca من منطقة تيسان السويسرية.
* هو قصاص وشاعر ومخرج سينمائي وكاتب سيناريو سويسري ناطق بالايطالية. تحصل في 2009 على درجة الأستاذية في تقنيات القص من مدرسة هولدن (Scuola Holden) بمدينة تورينو. وهو بارعٌ أيضا في النثر، وخاصة في كتابة المقالات الصحفية، كما في التأليف والإخراج المسرحي. وعلى مدى سنوات أنتج فلافيو وأدار عدة مسرحيات إذاعية للقناة الثانية لإذاعة سويسرا الدولية (ريتي دُوي). وقد عُرضت أعماله في عدة مهرجانات عالمية.
* قام فلافيو بإخراج مشروع “ترانسميديا” لـ”بيليغرينو” ورحلة الشرق لـ”لُو كوربوسيي” Le Corbusier و”صوت أرنولد” (مونولوغ مسرحي)، التي تم عرضها في 2012 و2013، وهي أعمال فرجوية جمعت بين الاذاعة والفيديو والمسرح والأدب. كما عمل مُدرسا لتعليم فن القص في مدرسة الحكي وفنون الركح بتورينو وكذلك في جامعة البندقية.
* ألقى محاضرات في كل من ألمانيا وفرنسا والهند والصين وتونس والولايات المتحدة وإيران حول “رحلة إلى سويسرا”، الذي شارك في تأليفه 25 كاتبا سويسريا، والذي رسم خارطة بديعة لسويسرا.
* من أهم أعمال ستروبيني “رحلة الشرق” التي استعاد من خلالها بطريقة فنية الرحلة التي قام بها السويسري لو كوربوسييي Le Corbusier منذ مئة عام إلى شرق أوروبا، وقد انطلق من برلين في 1911 وتوجه عبر النمسا إلى البلقان فرومانيا وبلغاريا فأثينا ثم اسطنبول، قبل أن يعود إلى ألمانيا ثم سويسرا.
* آخر إصداراته يحمل عنوان “بات كوبي” (but Kubi!) وهو كتاب يروي مغامرات كوبيلاي تورك يلماز، ذلك الشاب الذي يحمل اسما أجنبيا يعسُرُ على الآخرين نُطقُهُ، لكنه يحلم بالوصول إلى القمة في مجال كرة القدم الأوروبية، وقد استطاع أن يُحول الهزائم إلى حوافز للانتصار.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.