مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قطاع السياحة مدعو لابتكار طرق عمل جديدة

swiss-image

يمُـر قطاع السياحة في سويسرا بفترة ازدهار لم يُـعرف لها مثيل منذ بداية التسعينات، لكن القصور الهيكلي والتغاضي عنه، يعيقانه عن العمل بكل طاقته.

وتنصّ إحدى التوصِـيات الصادرة عن الاجتماع السنوي، الذي شاركت فيه مكاتِـب السياحة في مختلف أنحاء البلاد والذي انعقد يوم الخميس 10 أبريل، على أن الطريقة المُـثلى لرفع التحدِّيات وتحسين الأداء، يقتضيان التّـفكير في مستقبل هذا القِـطاع بطريقة تختلف عمّـا هو متعارف عليه حتى الآن.

في تصريح لسويس انفو، يقول يورغ شميد، مدير هيئة السياحة السويسرية: “إذا تمّ حجْـز جميع الأسِـرّة في أحد المُـنتجعات السياحية، ليس بالإمكان أبدا معرفة ما إذا كانت هناك غُـرفة شاغِـرة في المُـنتجع المجاور”، و يشير يورغ بذلك إلى غياب التّـنسيق بين مكاتب السياحة المُـنتشرة في البلاد، والتي تُـعدّ بالمئات.

وأشار شميد أيضا إلى أنه، من الضّـروري اعتماد طريقة جديدة للعمل، من أجل إيجاد حُـلول للمشكلات التي يُـعاني منها القطاع، كالنقص الحادّ في مرافِـق الإيواء في المُـنتجعات الجبلية في ذِروة الموسِـم السياحي.

وتشتَـكي العديد من المقاصِـد السياحية في البلاد، من عدم قُـدرتها على تلبِـية الطلب، في الوقت الذي يسجّـل فائض في عدد الأسِـرّة في أماكن أخرى، وهناك منازل وشُـقق مملوكة للخواصّ مخصصة لقضاء العُـطل، لكن لا يتم تأجيرها عند الحاجة.

وقوبِـلت تعليقات شميد هذه بالإستغراب، إذ هي تتزامن مع تحقيق نُـموٍّ سريع شهِـده قِـطاع السياحة في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد اللّـيالي التي قضاها السياح الأجانب في الفنادق السياحية السويسرية سنة 2007، ما مجموعه 36.4 مليون ليلة، أي بزيادة قدرها 4.4%، مقارنة بالسنة التي سبقتها، وشكّـلت أفضل حصيلة منذ سنة 1992.

وبالإمكان هذه السنة تحطيم كل الأرقام القياسية، وذلك بفضل نِـصف المليون ليلة سياحية، التي من المنتظر أن توفِّـرها بُـطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم، التي ستُـنظم بالاشتراك بين سويسرا والنمسا في شهر يونيو المقبل.

تساؤلات الوزيرة

وفي رسالة بعثت بها وزيرة الاقتصاد دوريس لويتهارد إلى المؤتمر، علّـقت بسُـخرية على قضية الشُّـقق الشاغرة، وقالت: “إما أنه لدينا شُـقق كثيرة جدّا أو عدد قليل جدّا من الزوّار”ّ لكنها، شدّدت على “أن تجاوُز المشكلات في قِـطاع السياحة، يتطلّـب التحلّـي بالشجاعة والإصرار، وليس فقط بالأفكار الكبيرة”.

وكذلك، كانت التّـغيرات المناخية على رأس جدول أعمال المؤتمر، الذي عُـقد في مدينة لوغانو جنوب البلاد، وتمّ عرض مجموعة من الأفكار في شكل خطّـة عمل.

وتدعو الخطّـة، العاملين في هذا القِـطاع، إلى استباق الآثار المدمِّـرة لهذه الظاهرة، وذلك بالحدّ من انبعاث ثاني أكسيد الكربون، والتكيّـف مع ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم واحتمال زيادة الكوارث الطبيعية، وكذلك من خلال التّـرويج للمزايا التنافُـسِـية لسويسرا، ومنها وُجود مُـنتجعات سياحية بأماكن مُـرتفعة ووجود هواءٍ عليلٍ بالجبال.

المناخ مرّة أخرى

وشدّدت الوثيقة، التي أقرّها العاملون في القطاع على نطاق واسع، على أن الاستِـفادة التي ستحصل عليها المناطق السياحية في البلاد من ظاهرة التغيّـر المناخي، هي أكبر من الأضرار التي يُـمكن أن تنجرّ عنها.

وقد أعرب البروفسور أندري رازيغي، من جامعة شيكاغو على الساحل الشرقي لأمريكا، وكان أحد المتدخّـلين الرئيسيين خلال المؤتمر، عن قناعته بأن سويسرا تمتلك “مزايا سياحية هامة” بإمكانها استثمارها، لكنه كشف لسويس انفو على أن البلاد في حاجة “إلى حملة إعلانية مؤثرة”.

وقال رازيغي: “يحظى السويسريون بإعجاب الآخرين لشدّة احترامهم للوقت وانتباههم لدقة الأمور، ويُـقرّ الجميع بهذه المزايا”، لكن يبقى التحدّي متمثلا في تسويق هذه المزايا بشكل فعّـال.

وفي سياق متّـصل، يقول البروفسور الأمريكي: “لو نظَـرت مثلا إلى بلدٍ مثل إيطاليا، لوَجَـدت أنّ الأمر يختلِـف تماما. تربط الناس بتلك البلاد مشاعِـر قوية، ولذلك، يتجشمون الصِّـعاب ويذهبون في مجموعات كبيرة إلى (منطقة) توسكاني، ويعرف الناس مُـسبقا أن الأمور لن تمُـر كما هو مخطّـط لها، على عكس الشعور السائد في سويسرا، ولكن أين هو الانجِـذاب العاطفي؟ وكيف بالإمكان توظيف هذا الفرق النوعي”؟

حملة إشهارية ناجحة

وتقول هيئة السياحة السويسرية، إنه قد بدأ فِـعلا العمل في هذا الاتجاه وأنه اختَـتم قبل أسابيع قليلة حمْـلة إشهارية ناجحة، وعرضت الحملة صورة مدرّب وسيم وجذّاب عاري الصّـدر والكتفين. والذين شاهدوا المُـلصقات أو الإعلان على شاشات التلفزيون، زاروا الموقع الإلكتروني للمكتب السياحي السويسري، وصوّتوا للمُـنتجع السياحي المفضّـل لديهم.

وتحوّلت هذه الفِـكرة البسيطة إلى تغطِـية إعلامية دولية، وزار الملايين الموقع الإلكتروني، وشارك حوالي نِـصف مليون مُـتباري، على أمل الفوز بعُـطلة تزلّـج في سويسرا.

وردّا عن سؤال حول كيفِـية الانفكاك، ممّـا هو مُـتعارف عليه حتى الآن، وابتكار بدائِـل جديدة في المجال السياحي، أجاب ستيفان أوتز، أنه بإمكانه مَـثلا تخيّـل “فودكا كروز”، وفي خلفية المشهد، صورة أحد المُـنتجعات السياحية على ضِـفاف إحدى البُـحيرات، وذلك لجذب المزيد من السيّـاح الرّوس.

وفي تصريح لسويس انفو، أعرب ستيفان أوتز عن اعتقاده: “أن ما تحتاجه السياحة السويسرية، مكاتب سياحية كبيرة، ذات إمكانات مادِيّـة هامة، وإن بأعداد أقل، وبالنسبة لي، محدودية العدد لا تمثل مشكلة”، ثم يختم قائلا: “لا يمكن الانشغال بإعادة هيكلة القطاع، في الوقت الذي يغفَـل فيه الترويج للمزايا السياحية”.

سويس انفو – ديل بيكتل

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

كان السياح الهولنديين في مقدّمة عدد الزوار خلال السنة الماضية، التي شهد فيها القطاع السياحي نمُـوا قياسيا، وازدادت نِـسبة اللّـيالي التي قضّـاها الهولنديون في الفنادق السويسرية، بنسبة 9%، أي ما يُـوازي زيادة قدرها 984.000 ليلة، مقارنة بسنة 2006.

كما يمثل الضيوف الألمان، أهم مجموعة سياحية زارت سويسرا، وارتفعت الليالي السياحية التي قضّـوها في الكنفدرالية بنسبة 5,6%، أي ما يزيد عن 6 مليون ليلة.

ويتوقّـع أن يشهد عدد السيّـاح القادمين من روسيا والهند وإسبانيا والصين، نموا كبيرا بحلول سنة 2011، ويُـحتمل أن يبلُـغ عدد الزّائرين من هذه البلدان، ما بين 400.000 و600.000 ليلة سياحية عندئذ.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية