اختبار نظام لجوء جديد في زيورخ خاص برعايا شمال أفريقيا يثير تساؤلات
في مدينة زيورخ، يجري اختبار تدابير سريعة للحسم في مطالب ملتمسي اللجوء من مواطني ومواطنات المغرب والجزائر وتونس وليبيا. فماذا وراء اعتماد هذه التدابير الجديدة؟
كشفت صحيفة “تاغس أنتسايغر”رابط خارجي يوم الأربعاء الماضي إطلاق مشروع تجريبي بزيورخ في 13 نوفمبر الماضي يتلخص في تسريع عملية اتخاذ القرار بشأن بعض طلبات اللجوء. وبشكل أكثر تحديدًا، سيتم التعامل مع الطلبات المقدمة من رعايا المغرب والجزائر وتونس وليبيا في غضون 24 ساعة. ومن المتوقع أن يستمر تنفيذ هذا المشروع التجريبي في زيورخ حتى نهاية فبراير 2024.
ادعاءات كاذبة
ينحدر أكثر من 20٪ من طالبات وطالبي اللجوء من هذه البلدان الواقعة في شمال أفريقيا، ولكن حوالي 2٪ فقط منهم يحصلون في نهاية المطاف على حق اللجوء في سويسرا. ومن أسباب انخفاض معدل القبول ضمن هذه الفئة، وفقا لأمانة الدولة للهجرة (SEM)، هو أن القادمين والقادمات من دول شمال إفريقيا الأخرى يدّعون زورًا بأن ليبيا هي بلدهم الأصلي لتعزيز حظوظهم في القبول، ذلك أن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة قبول طلبات اللجوء بالنسبة لليبيين تصل إلى حدود 10%.
وأوضحت أمانة الدولة للهجرة في اتصال مع الإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطق بالألمانية ( SRF) أن الهدف من التدابير السّريعة هو إرسال إشارة سلبية إلى الأشخاص الذين ليس لهم حظوظ في الحصول على الحماية في سويسرا، وحثهم على عدم القدوم.
ويحذر المجلس السويسري للجوء من أنه يبدو من غير الواقعي الوقوف على حقيقة دواعي تقديم مطالب اللجوء بشكل صحيح خلال هذه الفترة القصيرة.
وكتب المتحدث الخاص باسم المجلس، ليونيل فالتر إلى سويس إنفو ( SWI swissinfo.ch )، عبر البريد الإلكتروني: “من المشكوك فيه أيضًا ما إذا كان بإمكان طالبات وطالبي اللجوء التحدث عن جميع القضايا ذات الصلة في غضون 24 ساعة، مثل تجارب العنف أو الاستغلال التي تعرضوا لها، مما قد يجعلهم عرضة للخطر”. كما أن إجراءً مثل هذا “يزيد من مخاطر اتخاذ قرارات غير سليمة ما سيؤدي بدوره إلى مزيد من الشكاوى، وقد تستغرق العملية في النهاية وقتا أطول”.
المزيد
كيف يعمل نظام اللجوء السويسري؟
وعلى الرغم من هذا المسار الجديد القائم على تسريع التدابير، تعترف أمانة الدولة للهجرة، أن الكثير من طالبات وطالبي اللجوء المشمولين بهذا الإجراء قد لا يتم طردهم بعد 24 ساعة، لأن تحديد هويتهم، والحسم في الطعون التي سيقدمونها، من شأنه أن يستغرق وقتا أطول.
نجاحات سابقة
أدخلت سويسرا إجراءات اللجوء السريعة بالفعل في عام 2019 بعد أن صوّت ما يقرب من 67% من الناخبين والناخبات لصالح قانون اللجوء المعدّل في عام 2016. وتحدد إجراءات اللجوء الجديدة المدة القصوى للإقامة في مراكز اللجوء الفدرالية بما قدره 140 يوما. بعد هذه الفترة، يتم نقل الأشخاص الذين استحال اتخاذ قرار حاسم بشأن طلباتهم إلى مركز لجوء في أحد الكانتونات الستة والعشرين.
ويقرّ فالتر، من المجلس السويسري للجوء بأن اعتماد هذه التدابير “يوفّر بالفعل إمكانية اتخاذ قرارات سريعة”.
يستند المؤيدون والمؤيدات لهذه الإجراءات إلى نجاحات قياسية سابقة حققتها مثل هذه التدابير بالفعل في كبح طلبات اللجوء بالنسبة لبعض الجنسيات الأخرى، ويذكرون في هذا السياق إجراءات مسار الـ 48 ساعة بالنسبة لطالبي وطالبات اللجوء من صربيا ومقدونيا والبوسنة والهرسكفي عام 2012، و بالنسبة للقادمين والقادمات من كوسوفو وجورجيا في عام 2013.
وتضمّن تقرير صادر عن المكتب الأوروبي لدعم اللجوء (EASO) في عام 2015 ما يلي: “منذ التدابير التي نفذتها سويسرا في أعقاب العدد الكبير من طلبات الحماية من غرب البلقان المقدمة في الربع الثالث من عام 2012، كان مستوى هذه الطلبات المسجلة منخفضا بشكل خاص. قد يشير هذا إلى أن مجموعة التدابير المنفذة لا تزال فعالة بشكل خاص، وقد أرسلت رسالة قوية إلى القادمات والقادمين المحتملين من دول غرب البلقان”.
محدودية الخيارات المتاحة
بعد عشرة أشهر من انتخابها للانضمام إلى تشكيلة الحكومة الفدرالية ، تتعرض وزيرة العدل السويسرية إليزابيث بوم شنايدر لضغوط من أجل الحد من زيادة طلبات اللجوء.
وسجلت سويسرا أكثر من 12000 طلب لجوء في النصف الأول من عام 2023 لوحده – بزيادة 43٪ مقارنة بالعام الماضي، والمعدل الأعلى منذ عقد، للنصف الأول من العام، باستثناء عام 2016. وتتوقع أمانة الدولة للهجرة تلقي حوالي 27000 طلب لجوء بحلول نهاية هذا العام. وسجلّ بلد جبال الألب وصول حوالي 24500 طالب وطالبة لجوء في عام 2022، وهذا الرقم تجاوز بنسبة 64٪ ما كان عليه الوضع في عام 2021. ولا يشمل هذا الرقم حوالي 75000 لاجئة ولاجئ أوكراني.
في مارس الماضي، التقى ممثلون وممثلات من كانتونات سويسرا بأمانة الدولة للهجرة لمناقشة عدم قدرتهم على استيعاب المزيد منطالبات وطالبي اللجوء. وقد مُنح كانتونا برن وجنيف بالفعل تجميدًا مؤقتًا لاستقبال المزيد من الأشخاص، كما طلب كانتونان آخران التجميد. وهذا يعني أنه سيتعين إيواء المزيد من طالبي وطالبات اللجوء في مراكز اللجوء الفدرالية بدلاً من نقلهم إلى مراكز في الكانتونات.
المزيد
إيواء الأشخاص المهاجرين في ملاجئ الحماية المدنية، هل هو عمل إنساني؟
لتخفيف الضغط على مرافق اللجوء الفدرالية، طلبت بوم شنايدر 132.9 مليون فرنك من البرلمان لبناء مساكن جديدة، بما في ذلك مساكن مؤقتة مصنوعة من حاويات شحن لـصالح 3000 طالبة وطالب لجوء. لكن مجلس الشيوخ رفض طلب الائتمان المالي، بما في ذلك طلب آخر مقابل نصف المبلغ، وأوصى باستخدام مرافق الحماية المدنية الحالية، بما في ذلك الملاذات الموجودة تحت الأرض. في ضوء قرار مجلس الشيوخ، كانت الحكومة ملزمة بتمديد مرسومها بشأن الاستخدام الطارئ للملاجئ تحت الأرض لمدة عامين (من نهاية عام 2023 إلى نهاية عام 2025).
ومع وجود خيارات محدودة تحت تصرفها لإيواء طالبي اللجوء ورفض المشرعين تخصيص أموال إضافية، تتطلع الحكومة إلى تخفيف الضغوط من خلال تسريع إجراءات البت في طلبات اللجوء.
وأبلغت بوم شنايدر الإذاعة والتلفزيون العمومي الناطق بالفرنسية (RTS) رابط خارجييوم الخميس «إذا استقبلت الكانتونات فجأة بضع مئات من الأشخاص أكثر مما هو مطلوب منها استيعابه، فإن ذلك يضع النظام بأكمله في صعوبة، إن لم يكن في أزمة».
ستقوم أمانة الدولة بتحليل تأثير إجراءات اللجوء على مدار 24 ساعة بعد مرحلة الاختبار قبل اتخاذ قرار بشأن مسار العمل في المستقبل.
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.