جميع السّندات السويسرية تكبّد المستثمرين خسائر حاليا
يُمثل التزايد المسجل في السندات ذات العائدات السلبية أحد أهم التطورات الغريبة للتعثر الإقتصادي العالمي، حيث أضحت استثمارات تخسر المال في الواقع. ولأول مرة في التاريخ الحديث، "تعلن" جميع السندات التي تم إصدارها من قبل الحكومة السويسرية حاليا عن خسارة مضمونة للمستثمر.
كانت الحقبة الحالية للفائدة المُتدنية قد أدت بالفعل إلى خفض سعر الفائدة (القسيمة /الكوبون) التي تدفعها الجهة المصدِّرة للسند. ولكن القوى التي تدفع بالسندات إلى عائدات سلبية مخالفة للتوقعات البديهية بعض الشيء وغير متوقعة، ويعود ما يحدث اليوم إلى أن الطلب على السندات هو من القوة بحيث أنه يفوق المعروض.
ويعني هذا إستعداد المستثمرين لشراء السندات بسعر يفوق قيمتها الإسمية. وعندما يتضخم السعر متجاوزاً القيمة الاسمية للسند إلى درجة عدم تغطيته من قبل مدفوعات القسائم المتبقية، يعني ذلك توجه العائد إلى الأرقام الحمراء [الخسائر] وفقدان المشترين المال على استثماراتهم بالتالي.
في واقع الأمر، تم توجيه السوق الى هذه الحالة من المغالاة من قبل بعض البنوك المركزية، مثل البنك المركزي الأوروبي الذي بدأ ببرنامج شراء السندات من الشركات في منطقة اليورو، على أمل تحفيز الإقتصاد، وكذلك من خلال لجوء المستثمرين إلى العملات الآمنة مثل الفرنك السويسري.
وكما أوضح جانفيلَّم أكيت، كبير الإقتصاديين في مصرف يوليوس بير السويسري الخاص: “يقوم البنك المركزي الأوروبي في الوقت الراهن بالتهام السندات الحكومية، والتوجه نحو سندات الشركات أيضاً. ويزيد هذا الإجراء من تفاقم الطلب على السندات على نحو غير طبيعي ما يتسبب بارتفاع أسعارها وانخفاض العوائد بالتالي”.
وبالنظر إلى العوائد المروعة التي تقدمها السندات، يبدو إزدهار السوق أمراً ملفتاً للنظر. وعلى الرغم من قيام البنك المركزي الأوروبي وبنوك مركزية أخرى بتوليد قدر كبير من هذا الطلب بشكل مُصطنع، إلّا أنَّ هناك مستثمرين آخرين مستعدون لتحمل الخسائر.
أما هيئات الإستثمار الجماعي مثل البنوك وشركات التأمين وصناديق التقاعد، فمُلزمون بالإحتفاظ بالسندات كجزء من احتياطياتها ولأسباب مختلفة.
ويمثل المستثمرون الذين ينتقلون إلى عملات قوية مثل الفرنك السويسري مجموعة أخرى من مقتني السندات. ولا يأمل هؤلاء بتعويض خسائرهم من خلال هذا الإجراء فحسب، بل وإلى تحقيق الأرباح أيضاً من أسعار الصرف.
وهناك فئة المستثمرين الفائقي الحذر أيضاً الذين يتطلعون إلى وضع جزء من ثروتهم في استثمار آمن تدعمه الحكومات أوالسلطات المحلية أو الشركات الكبرى. وهؤلاء المستثمرون مستعدون لتكبد بعض الأضرار لتجنب خسائر محتملة أكبر، قد تتربص بهم في زوايا أخرى من هذه الأسواق المالية المتقلبة.
مصرف “يوليوس بير” يرى أن عوائد السندات السلبية ستكون موجودة لعدة شهور قادمة، ومن المحتمل أن لا تعود إلى المنطقة الإيجابية للجزء الأعظم من السنة. وبالنسبة لـ أكيت، فإن العلاج الوحيد “يكمن في عودة الإقتصاد العالمي إلى مسارٍ من النمو المستدام، قد تقوده الولايات المتحدة الناهضة من جديد”، على حد قوله.
مع مثل هذه العائدات، هل ستلتجئ إلى الاستثمار مستقبلا في سندات الحكومة السويسرية بالرغم عن ذلك؟ شاركنا رأيك.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.