مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مليارات الأوليغارشية الروسية مُجمّدة في المصارف السويسرية

صورة تجمع بين فلاديمير بوتين وفيكتور فيكسيلبرغ
أقام أعضاءُ ما يُصطلح على تسميته بالأوليغارشية الروسية مثل فيكتور فيكسيلبيرغ (في الصورة على اليمين) علاقات قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. Keystone / Alexei Druzhinin

تتصارع كلّ من البنوك ومجموعة من أفراد الأوليغارشية الروسية مع تداعيات العقوبات السويسرية التي جمّدت الآن مليارات الفرنكات من الأصول المودعة في حسابات مصرفية.

يقدر المصرف الوطني السويسري القيمة الحالية للأصول الروسية في سويسرا بنحو 10 مليارات فرنك (11 مليار دولار). لكن صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في زيورخ) تعتقد أن الرقم الحقيقي، بما في ذلك أصول خمسة أفراد من الأوليغارشية الروسية الذين استهدفتهم العقوبات (والذين لم يتم ذكر أسمائهم)، قد يصل إلى 150 مليار فرنك.

يوم الاثنين 28 فبراير الماضي، رضخت الحكومة السويسرية للضغوط المحلية والدولية وقررت تجميد الأصول الروسية الخاضعة للعقوبات تماشيا مع القرارات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي. في المقابل، فرضت روسيا ضوابط على رأس المال، وقيدت مقدار الأموال التي يمكن تحويلها خارج البلاد.

في الأثناء، تكهنت بعض وسائل الإعلام بأن العقوبات دفعت الأثرياء الروس إلى محاولة يائسة لسحب الأموال أو إيداعها باسم أقارب، لكن المصارف لا زالت ترفض التعليق على هذه المسائل استنادا إلى سرية العميل.

صحيح أن الأوليغارشيين أثرياء للغاية وأنه يُمكنهم الاعتماد على مستشارين ماليين مقتدرين جدا، لكن هذا لا يحميهم دائمًا من العواقب المترتبة عن العقوبات.

على الرغم من إنكاره أن يكون له نفوذ داخل الكرملين، اضطر رجل الصناعة الروسي فيكتور فيكسيلبيرغ إلى تقليص علاقاته مع الشركات السويسرية أو قطعها بعد إدراجه على قائمة عقوبات من طرف الولايات المتحدة في عام 2018.

إثر ذلك، أغلقت “بوست فايننسرابط خارجي“، الذراع المالية لمؤسسة البريد السويسري، حسابه المصرفي الشخصي، لكن فيكسيلبرغ اعترض على القرار بحجة أن “بوست فايننس” مُلزمة بموجب القانون بتوفير الخدمات الأساسية لجميع المقيمين في سويسرا. وبالفعل، دعمت المحكمة الفدرالية (أعلى هيئة قضائية في سويسرا) مؤخرا الطعن القانوني الذي تقدم به.

مخاوف من الإضرار بالسمعة

لقد اعتادت المصارف التعامل مع العقوبات العالمية، لكنها ترتكب أخطاء في بعض الأحيان. في عام 2014، تم تغريم مجموعة بي إن بي باريبا (BNP Paribas)‏ الفرنسية 9 مليارات دولار، بينما أُجبر بنك ستاندرد تشارترد (Standard Chartered ) في عام 2019 على دفع 1.1 مليار دولار لانتهاكه إجراءات فرضتها الولايات المتحدة. وفي عام 2009، تعرّض مصرف كريدي سويس لغرامة قدرها 536 مليون دولار بسبب خرقه لعقوباترابط خارجي.

في الحالة الراهنة، لن يرغب أي مصرف في المخاطرة بإلحاق الضرر بسمعته وأن يُنظر إليه على أنه دعّـم بشكل غير مباشر غزو روسيا لأوكرانيا. وعلى الرغم من أن سويسرا لم تفرض تجميد الأصول إلا في 28 فبراير 2022، فمن المُرجّح أن المصارف السويسرية كانت مُراعية بالفعل لعقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي فُرضت قبل أيام (23 و25 فبراير تحديدا).

وفي تصريحات لقناة الإذاعة والتلفزيون العمومي السويسرية الناطقة بالألمانية SRFرابط خارجي، قال بيتر ف. كونز، مدير معهد قانون الأعمال في جامعة برن: “من المحتمل جدا أن البنوك  أوصدت أبوابها منذ فرض العقوبات الأمريكية”، وأضاف أنه “لا يوجد بنك سويسري يريد الوقوع في مرمى نيران السلطات الأمريكية”.

قد يستلزم إقرار العقوبات إنهاءَ صفقات أو قروض سبق أن رتّبها المصرف نيابة عن عميل خاضع للعقوبات. حتى قبل الجولة الأخيرة من العقوبات، أفادت تقارير أن مصرف كريدي سويس قد أفرغ مخاطر تخلّف عدد من أفراد الأوليغارشية الروسية عن سداد القروض الممنوحة لشراء يخوت وطائرات نفاثة وعقارات. وفي هذا الصدد، اطلعت “فاينانشيال تايمز” اللندنية على وثائق تفيد بوجود تخلف عن السّداد بسبب “عقوبات أمريكية ضد أفراد من الأوليغارشية الروسية”.

بعد وقت قصير من نشر المقال، ترددت مزاعم بأن المصرف طلب من عدد من صناديق التحوط ومن المستثمرين إتلاف مستندات متعلقة بقروض يخوت ممنوحة إلى أفراد من الأوليغارشية. وفي وقت لاحق، أصدر مصرف كريدي سويس بيانا رابط خارجيقال فيه إن طلب التخلص من الوثائق لم يكن مرتبطا بالعقوبات المفروضة على الشخصيات الروسية.

(نقله من الأنجليزية وعالجه: كمال الضيف)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية