نعم.. الحكومة السويسرية استعدت لحرب عالمية ثالثة!
تضم سويسرا تحت الأرض عددا هائلا من المخابئ والأنفاق، التي لو جُمعت مساحتها لشكلت نفقا طوله 3780 كيلومترا يربط بين مدينة زيورخ السويسرية والعاصمة الإيرانية طهران. ومقارنة بإجمالي مساحة البلاد، فإن حجم المخابئ فريد من نوعه على مستوى العالم. هذه المعلومات يرفع عنها النقاب كتاب جديد يغوص في أعماق العوالم السفلية في سويسرا ويأخذ القارئ في رحلة استكشافية.
صدر مؤخرا كتاب “عوالم سويسرا السفلية”. ويضم الكتاب اثني عشر تقريرا تأخذ القارئ في زيارة لخزانات المال ومحطات توليد الكهرباء ومختبرات التكنولوجيا الحديثة والمستشفيات والأنفاق المرورية والكهوف السرية وحتى إلى داخل المخبئ السري للغاية التابع للحكومة الفدرالية. يلقي الكتاب بشكل مثير نظرة معمقة على عالم تحت الأرض لا يعلم عنه الكثيرون شيئا وهو عالم لم يتم الإنتهاء بعدُ من بنائه.
أكبر حصن في البلاد
العوالم السفلية في سويسرا مشرقة ومثيرة للفضول، حيث يوجد في سويسرا 360 ألف ملجأ و2300 مخبأ للحماية تقع تحت الأرض، حسب الكتاب. وهذا العدد أكثر من كاف لحماية السكان في حال وقوع كارثة. وتوجد مدن بأكملها كمخبأ تحت الأرض لحماية المدنيين كجزء من سياسة الدفاع المدني، وهذه الأماكن ما تزال موجودة ويمكن زيارتها.
مدينة زوننبيرع على سبيل المثال، تم بناؤها خلال ست سنوات وافتتاحها في عام 1976. وأنشأت هذه المدينة، التي تسع لعشرين ألف شخص، خشية وقوع حرب عالمية ثالثة. ويشير مؤلف الكتاب غوست اوف دير مور إلى أن “تفجير هذه المدينة يعني تدمير نصف مدينة لوتسيرن” ، مضيفا أن ” سويسرا بنت مستعمرة في قلب الأرض.”
سويسرا لا تثق في العالم؟
المؤلف غوست اوف دير مور مراقب دقيق ولديه حس خاص للظواهر الغريبة غير المرئية في سويسرا والتي يدرسها بحرص بالغ. التركيبة العاطفية والوعي السويسري الجمعي مرتبطان بشكل وثيق مع الهندسة المعمارية القوية للعالم السفلي، إلى حد أن الكتاب يكشف أيضا عن خلاصات مثيرة لشيء من الانزعاج حول العقلية السويسرية.
يمكن فهم العالم السفلي في سويسرا “كرد فعل عقلي على العالم الآخر”. ولم ينجح غوست اوف دير مور عبر كتابه فقط في الكشف عن العالم السفلي في سويسرا، بل أيضا عن تاريخ العقلية السويسرية المرتبطة بشكل وثيق بالبنية التحتية. هل كانت سويسرا تشك في المستقبل إلى هذا الحد؟ يقول المؤلف في كتابه “كنت أود دائما النزول إلى هذا العالم السفلي، لأنه ظاهرة تنفرد بها سويسرا وهو ميزة غريبة لأبعاد لا مثيل لها”.
مقر الحكومة الفدرالية بين الصخور
يخصص الكتاب فصلا كاملا لمخبأ للحكومة الفدرالية مضاد للقنابل في بلدية امشتيغ بكانتون اوري، حيث يصعب الاعتقاد بأن هناك مخبأ وراء الصخور. كان بإمكان وزراء سويسرا الاختباء في قلب الصخور خلال الحرب العالمية الثانية على مساحة 3 آلاف متر مربع، تضم مكاتب وأماكن للسكن في طابقين هي مقر الحكومة الجبلي. وتتيح المنشآت جميع المرافق ووسائل الراحة اللازمة. وهناك ثلاثة فئات من الغرف. غرفة نوم لشخص واحد (للوزراء) ولشخصين (للموظفين) وغرفة بأسرة ذات طابقين (للعاملين).
تم بيع المخبأ في عام 2002 بسعر زهيد وحوَله المالك الجديد إلى خزانة آمنة لزبائن دوليين يودعون فيه “الذهب والفضة والبلاتين والأتربة النادرة والأموال النقدية وقطع فنية وماس ومجوهرات. أما ميزة هذه الخزانة أنها “لا تخضع لضوابط مزعجة من هيئة السوق المالية”. من يقرأ هذا الكتاب سيكتشف أيضا أن غوست اوف دير مور ليس فقط راوي حكايات رائع ولديه نظرة نقدية للتاريخ، بل هو أيضا صحفي ذات رؤية دقيقة لكل الظواهر السويسرية الغريبة.
جوست اوف دير مور: “عوالم سويسرا السفلية” ـ 144 صفحة، بالصور.
(ترجمته من الألمانية وعالجته: مي المهدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.