هل خيّبت سويسرا آمالك كزائر؟
"سويسرا مثالية إلى حد كبير". هذا الرأي كثيراً ما يَردُنا من قرائنا. لكننا هذه المرّة قررنا النظر إلى النصف الفارغ من وعاء الفوندو على سبيل التغيير، وتوجيه السؤال التالي: هل سبق لك وأن زُرتَ أماكن مُعينة، أو مَرَرْتَ بتجارب خَيَّبت آمالك في البلاد، أو تَرَكَتك تتساءل: "هل هذا كل شيء"؟
“ما هو الشيء الذي يعادل سِحر الموناليزا في سويسرا”؟ معظم الناس الذين شاهدوا لوحة دافينتشي الشهيرة سوف يتفقون على براعة هذا الموسوعي في استخدام لوحة الألوان؛ لكنهم على الجانب الآخر قد يتفقون أيضاً على تفاجئِهم بِصِغر حَجم اللوحة، وكذلك ربما على عَدَم استحقاقها عناء الانتظار والتدافع مع الحشود لإلقاء نظرة عليها في نهاية المطاف. ولكن هل تتوفر سويسرا على مُكافيء لهذه اللوحة الشهيرة؟
“انها شلالات الراين. وأنا لا أعني أنها ليست جميلة، ولكنك تتوقع أكثر من ذلك عندما تسمع الناس يتحدثون عن “الشلالات الأكبر في أوروبا”، تقول صوفيا جيو.
العديد من القراء أيدوا هذا الرأي حول شلالات الراينرابط خارجي – التي تمثل واحدة من المعالم السياحية الأكثر زيارة في سويسرا (انظر الإطار) – وأوصوا بزيارة شلالات “ترومَّلباخرابط خارجي” (Trümmelbach) في وادي “لاوتَربرونَّن” (Lauterbrunnen) بدلاً عنها، لأن الأخيرة “أكثر إثارة للإعجاب بنسبة 10,000%”، كما تقول جين شيلّينغ .
ما قد يصيب شخصاً ما بخيبة أمل، يمكن أن يدخل السرور في قلب شخص آخر. عن نفسي، لم أحاول أبداً إلقاء نظرة على لوحة الموناليزا، لكنني أتذكر أنني شعرت ببعض الاحباط عند مشاهدتي “مسقط رأس سويسرا”، المتمثل بسهل “روتلي” (Rütli) الصغير. رغم ذلك، لا بد لي من الاعتراف بأن موقعه – المطل على بحيرة لوتسيرن – خلّاب للغاية، كما أن الوصول إلى هذه البقعة التاريخية بالقارب هي مُتعة بحد ذاتها.
يراودني الشعور بأن هذه البقعة قد تثير أعجاب جول، سيما وأنه يَعتَبر النظر إلى نافورة جنيف (Jet d’Eau) – التي يشبهها بـخرطوم إطفاء الحريق الذي يُطلق الماء – “مضيعة كاملة للوقت“، وينصح بتأمل الجبال بدلاً من ذلك.
لكن مرج “روتلي” التاريخي ليس بالمعلم السياحي التقليدي الذي يَجتَذب السياح اليه كما هو الحال مع نافورة جنيف. فكما في “كنيسة تل الصغيرة” (Tell’s Chapel) [في إشارة إلى البطل الأسطوري وليام تل] عَبر البحيرة، لا يوجد هنا متجر للهدايا، أو بُنية تحتية تركز على السياحة عدا مطعم في شاليه، ومنظر رائع والكثير من الرمزية.
وحيث ينجذب العديد من الزوار إلى جمال الطبيعة في سويسرا، فإن التدافع مع الحشود في متحف أو معرض لا يمثل مشكلة في العادة. ولكن هنا أيضاً توجد استثناءات، كما نرى مع “بلاوسيرابط خارجي” (Blausee) – البحيرة الزرقاء .
هنا أيضاً اتفق بعض الاشخاص مع بلانكا بشأن البحيرة المتميزة بلونها الأزرق الغامق ومياهها الصافية الشفافة، التي تقع في المناطق المرتفعة لكانتون برن (Berner Oberland).
في الوقت الذي يُثني فيه القرّاء على القطارات السويسرية إجمالاً، لكن التدافع للحاق بالقطارات التالية في بعض المحطات المركزية المزدحمة مثل إنترلاكن، يمكن أن يمثل تحدياً بالفعل:
“في زيارة إلى منطقة ‘بيرنيز أوبرلاند’، فوجئت بأن نظام المرور العابر لم يراعي المستخدمين محدودي الحركة على الإطلاق. كانت أوقات المغادرة بين القطارات متقاربة إلى درجة أنها جعلت التنقل بين الأرصفة في الوقت المطلوب صعباً جداً. مع ذلك، كان الناس مهذبين جداً ومتعاونين للغاية، وبخاصة مشغلي التلفريك”! على حد قول كريستينا تسيَّرمانّ.
كذلك يقابلك الموظفون في المتاجر بالترحيب بشكل عام – ولكن ماذا عن الفاتورة التي تأتيك في النهاية؟
تعلق شيلا إيفل بالقول :” في كل مرة أصرف فيها 100 فرنك سويسري في محلات البقالة، أنظر إلى السلة وأقول‘ هل هذا كل شيء’؟
لكن اطمئني يا شيلا، فأنت لست وحدك، ولاسيما إذا كنت في مهرجان “ستريت باريد” (Street Parade) الصيفي بزيورخ:
“إذا كان المهرجان يجلب الأعمال والمال إلى زيورخ دون تحويلها إلى مجمع للقمامة، فهذا يسعدني، وكما يبدو، فإن المدينة نظيفة تماماً في اليوم التالي. ولكن، لنكن جادين: ما هو الشيء المميز في بعض الشاحنات التي ترعاها شركات الجعة، وهذا العدد الغفير من أنصاف العراة الملونين والمخمورين المتمتعين بوقتهم، الذي يستوجب وقف حركة المرور، والنقل التلفزيوني للحدث دون انقطاع؟ انه النظير السويسري للعد التنازلي وتقليد إسقاط الكرة الكريستال في ساحة تايمز سكوير في نيويورك بمناسبة حلول العام الجديد – في جو أفضل. هذا لا طائل فيه”. – جيانكارلو مالتشيودي.
بالإضافة إلى استخدامهم للتعابير الدالة على قلة الاهتمام “بلاه” (blah)، لجأ القرّاء إلى بعض العبارات الدالة على التبرم “ميه” (meh) أيضاً.
“معظم وجبات الفوندو ‘ميه’. أنا أفضل تناول طبق جيد من الـ ‘راكليت’ (وجبة من الجبن والبطاطس) بدلاً من ذلك”، تقول ستيسي شترويلي.
“الفوندو: جبن ذائب وخبز قديم. تصور أن الناس يهرعون إلى جبال الألب لتناول هذه الوجبة! لكن انتظر، هذا ليس كل شيء؛ فالأدهى من ذلك (أو الألذ ربما اعتماداً على ذوقك)، انهم يضيفون الثوم أو كحول الكَرزcherry schnapps) ) إلى الجبنة السائلة… هذا يبعث على الغثيان! كما ترون، أنا لست من المعجبين بالفوندو”، يقول بول دوجلاس لوفيل.
هذا التعليق لـ بول، ترتب عن نقاش كبير طُرِحَت فيه العديد من النصائح لإعداد وجبة الفوندو المثالية، والشراب المثالي المرافق لهذه الوجبة. وفي بعض الأحيان، لم يخفِ القرّاء مشاعرهم:
“الفوندو السويسري. خبز مغموس في جبن منصهر. هل هذا كل شيء فعلاً؟ لا عجب إذن في عدم وجود شيء يسمى ‘المطبخ السويسري’”، على حد قول كاي سيراسيرا.
تعليق قاسٍ، لكن التعليقات المتعلقة بالغذاء استمرت:
“الموناليزا السويسرية بالنسبة لي هي نقانق الـ “سيرفيلا” (Cervelat) والـ “برادفورست (Bratwurst). ولكن لماذا تصدرت هذه النقانق قائمة المشويات السويسرية؟ انه مجرد لحم عديم المذاق […] انه طعام سيء في الواقع، ولكني أعتقد بأن السويسريين لا يستطيعون الحصول إلّا على عدد محدود من نقانق الشواء الجيدة، لأنهم لا يستطيعون إدخال أكثر من كيلوغرام واحد من اللحوم من خلال الجمارك J. لكن هذه هي شكواي الوحيدة، لذا فإن ذلك يعني أن سويسرا بلد عظيم”، يقول أوفي تسوزامَّنغيشتوسَّن.
“عندما تأتي إلى سويسرا، بلد الشوكولاتة، فإنك تتطلع إلى تناول كوب من الشوكولاتة الساخنة. لكنك سوف تشعر بخيبة أملٍ كبيرة عندما يقدم لك كوباً من الحليب الساخن مع مسحوق ما. أين هي الشوكولاتة في مشروب الشوكولاتة الساخن في سويسرا”؟؟؟! يتسائل جوناثان مودري.
وفي ردود أفعالهم على هذا المنشور، اتفق العديد من القراء الآخرين على نصائح حول الأماكن التي تحصل فيها على كوب لذيذ من الشراب البني اللون. وقد تضمنت الاقتراحات محل صناعة الحلوى “شبرونغليرابط خارجي” (Confiserie Sprüngli) في زيورخ، ومعمل صناعة شوكولاتة كاييهرابط خارجي (Maison Cailler) بالقرب من بلدة “غرويير” (Gruyère) في غرب سويسرا.
لا يُحظر التدخين في محلات بيع الشوكولاتة السويسرية فحسب، ولكن في العديد من المباني العامة الأخرى أيضاً. ورغم ملاحظة انخفاض في عدد المدخنين في البلاد، إلّا أنَّ بإمكان الاشخاص – وهم يفعلون ذلك – إشعال السجائر على منصات القطارات، والمساحات الخارجية لأماكن تناول الطعام أو الشراب. وهذا السلوك يُفسد الرحلات إلى سويسرا بالنسبة للعديد من القراء:
“يمارس التدخين كثيراً في الأماكن العامة. لماذا يقوم المدخنون بتلويث الهواء النقي، وإرغام الآخرين على استنشاق الهواء الملوث وغير الصحي”؟ يتساءل يا – شوان سو.
كانت هذه هي المسألة التي اشتكى منها معظم القراء. وبينما اعترض عدد قليل من المدخنين بحجة امتلاكهم الحق في التدخين في ظل دولة ديمقراطية، دعا معظم القراء السلطات إلى اتخاذ إجراءات صارمة في هذا المجال:
“انا أتفق مع هذا الرأي تماماً. انا أعاني من مرض رئوي، وأجد أن هذه الممارسة مثيرة للاشمئزاز. إنه أمر لا يطاق، وفوق كل ذلك، هناك بعض المدخنين الوقحين الذين يقومون بنفض أعقاب السجائر أمامك” L، بحسب ريتو غاسَّر.
من الغضب إلى الفلسفة:
“‘المشكلة’ لا تكمن في المكان أو الشيء (كما هو الحال مع الموناليزا)، ولكن في أنك كنت تتوقع شيئاً مُعيناً [من البلاد] أو وقعت فريسة للدعاية والترويج المبالغ فيه. وكما هو الحال دائماً: الناس هم المخطئون”، يكتب جيك مارينو
المشكلة في السفر هي أن استمتاعك بالعطلة غالباً ما يعتمد على إسلوب تفكيرك وليس الوجهة التي تسافر إليها.
“أنا سويسري، عشت في زيوريخ طوال حياتي. لقد جبت أنحاء العالم، كما سافرت إلى أنحاء سويسرا المختلفة، ولا أستطيع أن أتذكر أنني شعرت بالاحباط بسبب مشهد في بلادي ولو لمرّة واحدة. وقد يكون السبب في ذلك هو معرفتي لما يمكن توقعه”، كما أخبرنا بيتر إيغلوف.
أما كأس كارلوس السويسري فكان ممتلئاً إلى أكثر من النصف – بل انه كان فائضاً حتى:
“لم يكن هناك أي شيء مخيب للآمال، بل وعلى العكس، كان كل شيء أنظف، وأنقى، وألذ، وأكثر كفاءة واتباعاً لصيحات الموضة مما كان متوقعا”، كما كتب كارلوس أغويلار.
أما اعداد قائمة بالأماكن أو التجارب المدهشة في سويسرا – فتلك قصة أخرى …
وماذا عنك عزيزي القارئ ؟ ما هي الوجهات التي قمت بزيارتها، أو التجارب التي خضتها واستمتعت بها حقاً في سويسرا، ولماذا؟ وماذا عن المفاجآت السارة؟ هل كان هناك معلم جذاب أو مشهد خلّاب ترك فيك انطباعاً قوياً أو تجاوز توقعاتك؟ تفضل بمشاركتنا وجهات نظرك من خلال التعليق أدناه! نحن نجمع هذه التعليقات لاستخدامها في مقالة لاحقة.
الوجهات السياحية العشرة الأكثر زيارة في سويسرا التي تفرض رسوماً للدخول (في عام 2017):
1. تلفريك “شيلتهورن” (Schilthorn): 3,216,909 زائر
2. حديقة حيوانات “دالهولتسلي” (Dählhölzli) – المجانية – وحديقة الدببة في برن – تفرض رسوماً. العدد الاجمالي للزوار: 3,054,820 زائر
3. سكة حديد “بيلاتوس” (Pilatus railway): 2,847,597 زائر
4. رحلات بحرية في بحيرة لوتسيرن: 2,676,060 زائر
5. رحلات بحرية في بحيرة جنيف: 2,376,317 زائر
6. سكة حديد “غورنيرغرات” (Gornergrat): 1,754,000 زائر
7. شلالات الراين: 1,500,000 زائر
8. حديقة الحيوانات في زيورخ: 1,209,198 زائر
9. خط سكة حديد “تيتليس انغلبيرغ” (Titlis Engelberg): 1,180,672زائر
10. قمّة يونغفراويوخ (Jungfraujoch): زائر
(المصدر: هيئة السياحة السويسريةرابط خارجي)
المزيد
المُغتربون في سويسرا مُعجبون بأمانها ولكن ليس بسُكانها المَحليين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.