مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“آرت بازل” يقدّم الدعم للقطاع الفني غير الرّبحي

عمل الفنان الصيني آي واي واي: "دراجات هوائية إلى الأبد" الذي ابتكره من 760 دراجة صُفَّت على شكل ناطحات سحاب في إشارة للتصنيع، وفي رمز للاستخدام الأبدي للدراجات - الوسيلة الأكثر والأوسع استخداماً في الصين - هو أحد التركيبات العديدة الذي يعرضها معرض آرت بازل أنليميتيد (Art Basel Unlimited) AFP

مع انطلاق الدورة السادسة والأربعين لِمعرض "آرت بازل" للفنون المعاصرة التي تُنَظَّم من 18 وحتى 21 يونيو الجاري، التقت swissinfo.ch مارك شبيغلَر، مدير هذه التظاهرة الفنية المرموقة، في حوار أوضح فيه كيفية تلبية أكبر معرض للفنون في العالم لمطالب سوق فنية مُعولَمة، وكشف خلاله سبب إطلاق المعرض لمبادرة للتمويل التشاركي لِدَعم مشاريع خارج سوق الفن.


swissinfo.ch: انت تُدير معرض “آرت بازل” منذ ثمانية أعوام الآن. ما هو التغيير الأكثر عُمقاً الذي شهده عالم الفن خلال تلك الفترة برأيك؟

مارك شبيغلر: لقد أصبح عالم الفن في الوقت الذي قضيته في “آرت بازل” عالمياً بِحَق. واليوم، يتواصل الفنانون، والعارضون، والمولعون بجمع الأعمال الفنية الذين يسافرون في جميع أنحاء العالم مع بعضهم البعض، ويتعرفون على مشاهد فنية متنوعة وتاريخ فني مختلف.

swissinfo.ch: كيف تعاملتَ مع هذا التغيير؟

مارك شبيغلر: لقد اصبح “آرت بازل” عالمياً بدوره من خلال معارضه الثلاثة الموزعة في ثلاث قارات وعَبر ثلاث مناطق زمنية تغطي أوروبا، والأمريكتين، وآسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. كذلك قمنا بإنشاء فريق من الخبراء المُتَمَركزين في الأسواق العالمية الرئيسية في جميع أنحاء العالم، مع محافظتنا على التركيز المحلي في الوقت نفسه.

إن أكثر من نصف العارضين في معرضنا ببازل هم من أوروبا… وفي معرض “آرت بازل” في ميامي بيتش (جنوب الولايات المتحدة)، حيث يأتي نصف العارضين هناك من الأمريكتين، يمكن استشعار نكهة أمريكية لاتينية واضحة بفضل المدينة المُضيفة وبرامجنا الخاصة. كما تمتلك نصف أروقة العرض الفنية المُشاركة في هونغ كونغ صالات عرض في آسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.

نحن نرى أن دورنا في عالم الفن المُعَولَم يكمن في مساعدة الناس على استكشافه، ومَد الجسور بين بائعي الزهور وجامعيها، وبين الغرب والشرق. ولكنه يمتد أيضاً إلى بناء جسور أصغر داخل آسيا، التي لم تبدأ سوق الفن بالنمو فيها إلّا منذ وقت قصير.

 معرض “آرت بازل” وموقع “كيك ستارتَر”

أطلق معرض بازل للفنون في سبتمبر 2014 مبادرة التمويل التشاركيرابط خارجي بدعم موقع “كيك ستارتَررابط خارجي” (الخاص بتمويل المشاريع الإبداعية)، بغية إبراز ومساندة منظمات الفنون البصرية غير الربحية التي تجد صعوبة في الحصول على الدعم العام. وتتضمن المشاريع المعروضة الحالية التي اختيرت من قِبَل فريق مُستقل من القيمين، إصدارات كاتالوجات، ومعارض فنية عامة مُحددة المواقع، وبرامج إقامة، ومهام أدائية. وقد لاقت هذه المشاريع نجاحاً كبيراً في تحقيق أهدافها التمويلية.

على صعيد آخر، قد يكون للتمويل الجماهيري في مجال الفنون جانب سلبي أيضاً، لأنه جاء في وقت تواجه فيه العديد من المعارض الفنية المُغامِرة الأصغر حجماً، التي تدافع عن نفس التقنيات الفنية الحديثة، ضغوطاً تجبرها على الخروج من السوق. ومن سخرية القدر أن هذه المعارض تجد صعوبة في التنافس مع أعداد الأروقة الفنية المتزايدة باستمرار

swissinfo.ch: تُباع الأعمال الفنية اليوم عبر الانترنت، مع إعلان دور المزاد العالمية عن زيادة في مبيعاتها عبر الشبكة العنكبوتية بنسبة 20%. هل ترى في ذلك فرصة أم تهديداً؟

مارك شبيغلر: من المؤكد أن العالم الرقمي هو فرصة عظيمة للفنانين وصالات العرض على حد سواء للترويج لأنفسهم ولبرامجهم. هذا علاوة على ما يقدمه من فرص كمنصة مبيعات. لكننا نرى مع ذلك أننا لم نتوصل بَعد إلى النموذج الذي يحقق إمكاناته بشكل متكامل. فعندما يتعلُّق الأمر بالفن، تكون للعلاقة الشخصية بين البائع والمشتري أهمية بالغة. 

swissinfo.ch: كيف نشأت مبادرة “آرت بازل” للتمويل التشاركي؟ وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمعرض الفنون في بازل؟

مارك شبيغلر: تم تطوير مبادرة “آرت بازل” للتمويل الجماهيري على مدى العامين الماضيين كإجراء للتعرف على السُبُل التي يُمكن من خلالها توجيه طاقة مجتمع “آرت بازل” نحو القطاع غير الربحي، الذي يمثل جزءاً حيوياً ذا أهمية كبيرة لعالم الفن ومستقبله، ولكنه غالباً ما يناضل لتوليد الموارد المالية الضرورية في الوقت الراهن.

ان القطاع غير الربحي هو جزء مهم من عالم الفن الذي نعمل فيه، وعلينا أن ندعم هذا القطاع لكي نضمن صمود أحدث أنواع التقنيات الفنية والفنانين الناشئين وبقائهم على المدى البعيد… أن مبادرة التمويل الجماهيري توفر لجمهورها العالمي فرصة فريدة لدعم مشاريع فنية كبيرة من جميع أنحاء العالم بشكل مُباشر

بفضل مبادرة التمويل التشاركي التي أطلقها آرت بازل، فإن مركز ميانمار للموارد الفنية والأرشيف سوف يقوم بترجمة كتاب الفن المعاصر بميانمار إلى اللغة الإنجليزية، ويضيف إليه فصولا عن الفن البورمي الممنوع من التداول. kickstarter.com

swissinfo.ch: يوفر الانترنت إمكانيات أوسع لهواة جمع الأعمال الفنية، ولكنك ذكرت أن هذا ينطبق على الفنانين أيضاً. كيف؟

مارك شبيغلر: الانترنت هو الفضاء الذي يتم فيه تبادل المعلومات بشأن الفنانين في جميع أنحاء العالم. واليوم، لم يَعُد جمهور أحد الفنانين محصوراً بالنطاق المحلي أو الإقليمي فقط، إذ يمكن أن يصبح هذا الجمهور عالمياً فوراً عبر الإنترنت.

مارك شبيغلر، مدير معرض آرت بازل منذ عام 2007. artbasel.com

swissinfo.ch: أنشأ معرض “آرت بازل” منذ عام 1999، قسماً خاصاً بالأفلام يُشار إليه اليوم في العادة بوسائل الإعلام الزمنية – أو فن الصورة المتحركة- والتي صُمِّم بعضها بواسطة الإنترنت ومن أجله. هل توجد هناك سوق لهذه الأعمال؟

مارك شبيغلر: هناك بالفعل اهتمام وطلب كبير على أعمال “الفنانين المولودين في العصر الرقمي”. ومع عدم لجوء جميع هؤلاء إلى ستخدام الكمبيوتر لتنفيذ أعمالهم الفنية، إلّا أنهم متأثرون به، كما أنه يقولب أسلوب تفكيرهم ومعالجتهم للكلمة والفن.

وخير مثال على ذلك هو ريان ماكنمارا، الذي عرضنا عمله “MEEM 4Miami: قصة باليه حول الإنترنت” في ميامي بيتش في شهر ديسمبر الماضي. وهذا العمل عبارة عن أداء، أو رقص باليه، يتَرجِم الهندسة المعمارية المُتعددة الطبقات للانترنت، والتدفق اللانهائي للمعلومات التي تَنصَب من خلال بواباته إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية الخاصة بنا.

swissinfo.ch: تبدو مُتحمساً للإمكانيات التي يقدمها التطور التقني.

مارك شبيغلر: أرى أنها أصبحت اليوم جزءاً من حياتنا جميعاً – حتى لو لم ننشأ معها. بعض الناس قلقون ويخشون التطور التكنولوجي، ولكنني أرى فيه فرصة رائعة لأنواع جديدة من التبادل.

  إبراز الأعمال الكلاسيكية في “آرت بازل” 2015

وجَّه “آرت بازل” في دورته لهذا العام (2015) الدعوة إلى عدد من المعارض الرائدة لتقديم أفضل ما لديها من أعمال الفن الحديث للفترة الممتدة من عام 1900 وحتى عام 1970. ومن المتوقع أن يلقى هذا النهج الموضوعي ترحيباً من صفوة الخبراء في عالم الفن، الذين يفضلون المعرض الحصري للفنون الجميلة الأوروبية في ماستريخت (في هولندا) على معرض “آرت بازل” الفوضوي. ولكنه يطرح مع ذلك تساؤلاً حول السبب في وجود هذا الكم الكبير من الاعمال الفنية الإستثنائية الخالدة (التي عادة ما تضمها المتاحف) هناك حتى الآن، وفيما إذا كان بمقدور المتاحف الحصول عليها ثانية.

ومرة أخرى، سوف يتغير مالكو عدد من الأعمال الفنية الرئيسية التي نفذها فنانون مثل رينيه ماغريت، وماكس أرنست، ومارك شاغال، وهنري مور، وجوان ميرو، ومارك روثكو، وبابلو بيكاسو بطبيعة الحال، والتي لم يُغادر بعضها خزائن البنوك العائدة لأصحابها السابقين. ولا تظهر هذه الأعمال في دور المزادات والمعارض الفنية، إلا لِتختفي عن أعين الجمهور مرة أخرى.

أبرز الأعمال المعاصرة في “آرت بازل” 2015

يمثل “آرت بازل” أيضاً ميداناً للعديد من مشاهير القيّمين الذي يمنحون المعرض المرموق صدى معاصراً. ولا ريب أن أقسام العرضرابط خارجي الثمانية سوف تجتذب إليها أكثر هواة الفن المُدَلَّلين. ومن بين هذه الأقسام يمكن مشاهدة:

معرض “انليميتيدرابط خارجي” Unlimited (اللامحدود) الذي سيكون من إعداد وتنسيق جياني يتزر، القيّم والناقد المقيم في نيويورك، الذي يمنح العرض بُعداً سياسياً وبيئياً مُميزاً، من خلال أعمال الفنان الصيني المنشق آي واي واي “دراجات هوائية للأبد”، والفنان الجزائري الأصل قادر عطية، وأولافور الياسون، الفنان الدينماركي – الإيسلندي المعروف بكفاحه من أجل البيئة.

وفي معرض “ستيتمنتسرابط خارجي” Statements (البيانات) يجد الزائر مشاريع منفردة جديدة أنجزتها مجموعة من الفنانين الشباب والمُستَجدّين. إبحث عن مشروع لموقع محدد للفنان السويسري رافائيل هفتي الذي سيُنتج منحوتات من الألومنيوم في عين الموقع.

أما معرض “باركورسرابط خارجيParcoursرابط خارجي (الطريق) فيُشرك أحياء المدينة التاريخية مع مشاريع في مواقع مُحددة. وسيقام الحدث هذا العام حول منطقة “مونستيربلاتس” Münsterplatz بالقرب من كاتدرائية بازل.

وسوف يتضمن برنامج الأفلامرابط خارجي الذي اختارته ماكسا تسولَّر، القيّمة على الأفلام والمُحاضرة التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، العرض الأوروبي الأول لفيلم “بيغي غوغنهايم: مُدمنة الفن”. وهذه هي المرة الأولى التي يتعاون فيها معرض آرت بازل مع مهرجان لوكارنو السينمائي في عرض خاص.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية