“الربيع العربي” ضيف على المهرجان الدولي لفيلم حقوق الإنسان
يستضيف المهرجان الدولي لفيلم حقوق الإنسان بجنيف في دورته العاشرة، ثورات الربيع العربي، من خلال جلسات نقاشية وعروض سينمائية تكريما لـ "روح المقاومة والالتزام بحقوق الإنسان"، التي عبرت عنها الجماهير في مظاهراتها السلمية.
لكن المهرجان، الذي يحتفل بمرور عشرة أعوام على بدايته كمحفل لكشف ما يعجز مجلس حقوق الإنسان على إظهاره، يعتبر أن “الطريق ما زال طويلا، رغم بعض الأمثلة الناجحة التي تذكرنا بأن الكفاح من أجل حقوق الإنسان، سوف لن يذهب سُـدى، مثل ما حققته الزعيمة أونغ سان سو كي في ميانمار”، على حد تعبير مدير المهرجان ليو كانيمان.
تضامن مع الشعب السوري
إذا كان مهرجان فيلم حقوق الإنسان في جنيف قد خصص دورته العاشرة لثورات الربيع العربي، فإنه أفرد مكانة بارزة للتضامن مع الشعب السوري، الذي كما قال الساهرون على المهرجان “تجرأ على رفع رأسه من أجل المطالبة بالحرية والكرامة”.
وقد استهل منظمو المهرجان استعراضهم للنشاطات المعبرة عن أحداث سوريا، برسم لمصور الكاريكاتور السوري علي فرزات، “الذي حطمت السلطات السورية يديه، فيما يعتبر رمزا للجرائم الأكثر همجية في التاريخ المعاصر والتي تعكس ما بقدرة نظام دمشق القيام به”.
فالوضع السوري الحاضر في مختلف نشاطات المهرجان – من خلال النقاش الذي تشرف عليه صحيفة “لوتون” (التي تصدر بجنيف بالفرنسية)، ومنظمة العفو الدولية، ومحطة آرتي ARTE التلفزيونية يوم 2 مارس تحت عنوان “جمود إجرامي” – يعكس عجز المجموعة الدولية في التدخل، مثلما فعلت في ليبيا. وستشارك في النقاش شخصيات سورية، من أمثال الكاتبة سمر يزبك والحقوقي هيثم المالح، وممثلة منظمة العفو الدولية حسيبة الحاج صحراوي.
وسيُعرض فيلم الفرنسية صوفيا عمارة “سوريا، في جحيم القمع”، وهو من الأفلام الوثائقية النادرة التي جلبت بعض الصور عن مظاهر القمع في سوريا.
تساؤلات عن مسار الربيع العربي
مهرجان فيلم حقوق الإنسان، الذي اختار إحدى صور الثورة التونسية كلافتة لدورة هذا العام، خصص حيزا وافرا للتساؤل عن مسار الثورات العربية، التي تمت في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، والتي هي في طور الإنجاز، مثلما هو الحال في سوريا أو حتى التي يتم تجاهلها، مثلما هو الحال في البحرين.
وسيتطرق المهرجان لهذه التساؤلات فـي نقاش سيتم تنظيمه يوم 6 مارس المقبل تحت عنوان “من الربيع العربي إلى الخريف الإسلاموي”، بمشاركــة عدة وجوه كان لها دور في ثورات بلدانها، مثل المدونة التونسية لينا بن مهني، والصحفية المقربة من التيارات الإسلامية في مصر سندس عاصم، والكاتبة والصحفية والمدافعة عن حقوق الإنسان في إيران منصورة شوجاهي، ومسؤولة العلاقات الخارجية بمركز حقوق الإنسان في البحرين مريم الخواجة.
أما الفيلم الذي يعكس هذه التساؤلات، فهو الفيلم الوثائقي السويدي “صفر صمت”، الذي يتطرق الى مسار أربعة من النشطاء الشباب الذين واصلوا مقاومتهم من ثورة تونس إلى ميدان التحرير، مرورا ببيروت، والذين استخدموا في مقاومتهم وسائط الاتصال الاجتماعية. الفيلم الذي يستعرض حصيلة نشاط سنتين من المقاومة، يعتبر بمثابة “ملخَّـص مركز للَّـحظات الهامة التي أدّت إلى تغيير مسار التاريخ في منطقة المغرب العربي”، على حد قول المنظمين.
وقد تم تخصيص معرض صور عن الثورة التونسية تحت شعار “ديغاج” أي ” إرحل”، وهي العبارة التي أطلقها التونسيون على رحيل بن علي وتحولت إلى شعار يردد في كل الثورات اللاحقة. المعرض الذي اشرفت عليه ليلى السويسي، يُعتبر عينة من الصور التي التقطها مصورون محترفون وهواة للثورة التونسية، في وقت لم تكن الصحف تتجرأ على نشر مثل تلك الصور.
الصراع العربي الإسرائيلي.. محاولات لكسر الجمود
كما كان للصراع العربي – الإسرائيلي حضور في برمجة الدورة العاشرة لمهرجان فيلم حقوق الإنسان بجنيف، وذلك من خلال ندوة نقاش ستدور يوم 5 مارس تحت عنوان “التجرؤ على السلام”.
الندوة تعتبر استعراضا لكل المحاولات التي تمت في شتى بقاع العالم من أجل إقرار السلام بين أطراف متصارعة، من الكونغو الديمقراطية إلى كمبوديا، مرورا ببلاد الباسك وانتهاء في فلسطين.
ويشارك في هذا النقاش كل من كورنيليو سوماروغا، الرئيس الأسبق للجنة الدولية للصليب الأحمر، وميشلين كالمي – ري، الرئيسة السابقة للكنفدرالية السويسرية، ومحمد الحسن ولد لبات، وزير الخارجية الموريتاني الأسبق والمبعوث الخاص للفرنكوفونية في الكونغو الديمقراطية.
وفي لقاء بين المعنيين مباشرة بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ينظم المهرجان يوم 7 مارس، حوارا بين سفير فلسطين لدى اليونيسكو إلياس صنبر والسياسية والكاتبة الإسرائيلية يائيل دايان، ابنة موشي دايان، تحت عنوان “كسر الأمر الواقع، بين إسرائيل وفلسطين”، وهو النقاش الذي يستعرض المحاولات المبذولة، مثل مبادرة الرئيس محمود عباس لطلب العضوية في الأمم المتحدة والحصول على عضوية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونيسكو”، أو مبادرة جنيف بداية من نسختها الأولى ثم ما طرأ عليها من تحويرات، أو نداء بعض الأصوات اليهودية في المهجر المنتقدة لسياسة إسرائيل.
وبما أن تنظيم المهرجان يصادف الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، تم تخصيص يوم الثامن لعرض عدة أفلام تحت شعار “السينما الشرقية بنكهة أنثوية”، بحيث سيعرض فيلم سوان يوسف “حبيبي راسك خربان”، وفيلم نادية الفاني “علمانية إنشاء الله”، الذي تم تصويره قبل عشرة أشهر من سقوط نظام الرئيس التونسي المخلوع بن علي، والذي يعرض أشخاصا لا يحترمون شهر الصيام ليظهروا بأنهم يقاومون “زحف التيار الإسلامي”، حسب المنظمين.
أما الفيلم الثالث الذي سيُعرض في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، فهو فيلم المخرجة تاناز إيشاغيان “جريمة حب في كابُـل”، الذي يستعرض واقع ثلاث فتيات أفغانيات يهربن من البيت العائلي بعد قيامهن بتجربة العلاقات الجنسية قبل الزواج. الفيلم الذي يستعرض معاناتهن ومعاناة عائلاتهن في المحاكم وأمام الضغط الاجتماعي، يعكس حجم المخاطر التي يجب مواجهتها عند انتهاك الأعراف والتقاليد السائدة.
ينظم دورته العاشرة ما بين 2 و11 مارس.
ستتم وقائعه في كل من “دار غروتلي” بالقرب من جامعة جنيف، وفي دار السينما الحمراء، والمركز الثقافي BFM.
إلى جانب المواضيع العربية المشار إليها في المقال، يتطرق المهرجان لعدة محاور أخرى مثل:
“روسيا بدون بوتين” الذي خصص لتناول نظرة المعارضين لبوتين في روسيا، والتساؤل عن المسار الذي ستتخذه روسيا بعد الانتخابات الرئاسية في 4 مارس القادم؟
وستعرض عدة أفلام ضمن هذا السياق، مثل فيلم “في جلد بوتين” لكارل زيرو، أو “قبلة بوتين” لليزي بيرك بيدرسن.
الانتهاكات في سريلانكا هي الأخرى، محور نقاش تشارك فيه المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان لويز آربور. ويقدم خلاله فيلم “ساحات القتل في سريلانكا”، الذي تم عرضه أمام مجلس حقوق الإنسان، والذي أدى إلى تغيير مواقف البعض مما حدث هناك من انتهاكات أثناء قمع ثورة التاميل.
لكن المهرجان الذي يعنى بالقضايا البعيدة لم يغفل ما يتم في محيطه من انتقادات للنظام المالي وتأثيرات الأزمة الاقتصادية، إذ خصص نقاشا بعنوان “تحت هيمنة الأسواق المالية” يتم خلاله عرض فيلم “الأزمة” للمخرجين اليونانيين نيكوس كاتساوونيس ونينا ماريا باشاليدو.
وفي نفس السياق، يمكن ذكر النقاش المخصص لمخاطر اليمين المتطرف في أوروبا، ومخاطر التيارات الشعوبية، والذي سيتناول المثل المجري، ويستضيف مؤسس حركة “المنتفضين” والسفير الفرنسي الأسبق في الأمم المتحدة ستيفان هيسل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.