مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات
كفاح طويل من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين داخل الفضاء الفني

“متاحف الفن السويسرية يجب أن تصبح أكثر أنوثة”

امرأة تقف أمام جدار وتنظر إلى عدسة المصور
مديرة المتحف فاني فيتسر: "يجب أن تكون هناك إمكانية لتحقيق نسب متكافئة بين الجنسين في معارض الفن المعاصر". Marc Latzel

 النساء ليس لهن حضور واضح في المجال الفني، لكن لا يكفي فقط عرض المزيد من الفن النسوي، ذلك أن "كيفية" العرض نفسها تعتبر عاملاً حاسماً. هذا ما تؤكده فاني فيتسر، المديرة بمتحف الفنون في مدينة لوتسيرن في حوار خاص مع swissinfo.ch.

المزيد
A man looking at art by Miriam Cahn at the Art Basel in Hongkong in 2014

المزيد

المتاحف السويسرية مُقلّة في عرض الأعمال الفنية النسوية

تم نشر هذا المحتوى على أما عام 2019، فيبدو أنه سيصبح عام الفنانات: إذ يقوم متحف “تات” في لندن منذ نهاية إبريل الماضي بعرض الأعمال الفنية للفنانات البريطانياترابط خارجي في الستين عاماً الأخيرة. وبهذا تمت إزاحة الأعمال الفنية للفنانين الرجال لفترة. وقد أصبح وضوح النساء للعيان في الفن موضوعاً هاماً على مستوى العالم. حيث كشفت إحدى الدراسات التي أجريت في…

طالع المزيدالمتاحف السويسرية مُقلّة في عرض الأعمال الفنية النسوية

 swissinfo.ch: سيدة فيتسر، طبقاً للدراسة التي أجريناها، فقد بلغت نسبة مشاركة الفنانات في المعارض المنفردة التي أقيمت بمتحف الفنون في الإحدى عشر عاماً الماضية 33% فقط. ألا يمكن زيادة هذه النسبة؟

فاني فيتسر: هذا الرقم مؤلم. فهذه النتيجة معناها، أن أمامنا الكثير من العمل لإنجازه. ولديّ شعور، بأننا نقدم حالياً برنامجاً شديد الانحياز للمرأة، ونراعي تكافؤ النسب بين الجنسين. وإنني أفكر دائماً: ما الذي يمكنني فعله في عامي العرض أو الثلاثة القادمين، كي أستطيع عرض أعمال لفنانين وفنانات بنسب متكافئة؟ فأنا بصفتي مديرة أتحمل مسئولية كبيرة، لكنني كذلك أتمتع بحرية كبيرة في التنظيم، وهذا ما أسعى لاستغلاله.

swissinfo.ch: ما هي الاستراتيجيات التي تتبعينها، كي تحققي للفنانات من النساء اعتبارهن؟

فاني فيتسر: حينما ننظم معرضاً يتناول إحدى الحقب الفنية، فإننا نبذل جهداً لعرض أعمال فنية لفنانات، بدلاً من عرض أعمال لنفس الفنانين المعروفين من الرجال دائماً. على سبيل المثال الفنانة صوفي تويبر ـ آرب، كانت أعمالها تعرض دائماً في سياق الفنانين السرياليين والدادائيين. وفقط حينما قام بيت الفنون بآراو بعرض جميع أعمالها الفنية في أحد المعارض، حظيت بالاهتمام اللائق بها. واليوم تعد صوفي تويبر  ـ تقريباً مثل ميريت أوبنهايم ـ واحدة من أشهر فنانات سويسرا.

swissinfo.ch: لكن الفنانين المعروفين ـ والذين هم في أغلبهم من الرجال ـ يجتذبون النسبة الأكبر من الجمهور عادةً. فكيف تريدين تغيير هذا؟

فاني فيتسر: على سبيل المثال بأن استقطب الزائرين عن طريق اسم معروف، بينما أفسح في المتحف مجالاً أكبر للفنان الأقل شهرة. فالبرنامج لا ينص على مساحة محددة. وفي عام 2020 سوف يأتي الدور على الفنانة ماريون باروخ ـ حيث يمكنني أن أخصص لها مساحة أكبر، وسيتمكن الجمهور من مشاهدة الكثير من أعمالها القديمة. وإذا كان هناك أكثر من معرض في ذات الوقت، فإن هذه تعتبر استراتيجية جيدة.

swissinfo.ch: ماذا إن لم يكن هناك إمكانية سوى لعرض أعمال فنان واحد؟

فاني فيتسر: المعارض المنفردة لفنانات غير معروفات ليست دائماً هي الحل الأمثل للأسف.

 swissinfo.ch: لِمَ لا؟

فاني فيتسر: فلنأخذ سونيا سيكولارابط خارجي على سبيل المثال، إنها فنانة قريبة جداً لقلبي. وهي من أبناء مدينة لوتسرن، وتعتبر غير معروفة. لقد هاجرت سيكولا في ثلاثينيات القرن الماضي إلى نيويورك واتصلت بالفنانين هناك. كانت مثلية، وكانت غير مستقرة نفسياً وهي امرأة ـ وكل هذا مجتمعاً حال دون تحقيقها لنجاح مهني. لكن أعمالها يمكن أن تساير بقوة أسماء مثل جاكسون بولوك. وجزء من أعمالها الفنية موجود ضمن مجموعة مقتنياتنارابط خارجي ـ وقد أردت عام 2016 تخصيص معرضاً لها، لكنني قمت بعرض هذه الأعمال ضمن معرض جماعي.

 swissinfo.ch: لماذا لم تقيمي معرضاً منفرداً لسيكولا؟

فاني فيتسر: لأنه كان سيجتذب عدداً قليلاً جداً من المعجبين بها. لكن إذا ما عرضت سيكولا في محيطها الأمريكي والأوروبي، فإنني أدمجها في هذا السياق وأبرهن على أنها كانت شيقة ومبتكرة وتقدمية كالآخرين. وهذه أيضاً إحدى سياساتنا.

swissinfo.ch: ولكن ألم يأفل نجم سيكولا مرة أخرى؟

فاني فيتسر: لا، ذلك لأن المعرض رابط خارجيكان يحمل عنوان “سونيا سيكولا، ماكس إرنست، جاكسون بولوك وأصدقاءهم” ـ لقد وضعتها في مقدمة هذه المجموعة من فناني نيويورك. أما ما لم أرده أبداً، فهو وضع لمحة عنها داخل الدليل المُصاحب. لكنني وضعت عملين متشابهين على الغلاف، واحد يعود لها والآخر لجاكسون بولوك. كما أنني لم أرد وضع أية صور لسونيا سيكولا في الدليل، تظهر قوامها الممشُوق مثلاً. حيث تظهر في منشورنا الموجود في الورشة وهي ترتدي سروالاً طويلاً.

swissinfo.ch: لماذا يُعتبر إظهار صورة جميلة لها أمراً سيئاً؟

فاني فيتسر: في رأيّ أن الفنانات يتم حصرهن في كونهن سيدات، أو في كونهن جميلات. فقد كانت سونيا سيكولا امرأة غاية في الجمال، وهناك صور رائعة لها. لكنني تعمدت إبراز أعمالها. ولنتذكر تلك الصورة لـ ميريت أوبنهايم التي تشبه الأيقونات، ويدها ملطخة باللون الأسود أمام المطبعة، والتي التقطها لها مان راي. حيث أصبحت تلك الفنانة الرائعة بهذه الصورة مجرد ملهمة للمصور الفوتوغرافي ـ وليست فنانة تقف على قدم المساواة مع الرجال.

swissinfo.ch: في متاحف الفن السويسرية لم تتعدَ نسبة المعارض المنفردة لفنانات من النساء 26%، لذلك فإن متحف الفنون بلوتسيرن يعتبر ذا نتيجة جيدة. فلماذا تظل أغلب المعارض حتى الآن لفنانين رجال؟

فاني فيتسر: ابتداء من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي فقط، صار في الإمكان الحصول على نسب متكافئة من الجنسين في الفن. وفي المتاحف لا نقوم فقط بتنظيم معارض متغيرة، بل لدينا كذلك مقتنياتنا الفنية. وفي تلك المقتنيات نجد أن عدد الفنانين من الرجال يفوق مثيله من النساء. حيث تبدأ مقتنياتنا في متحف الفنون بلوتسيرن بالقرن السادس عشر، وفي ذاك الوقت لم تكن هناك فنانات تقريباً. لذلك فإنه على جميع المتاحف مراعاة اقتناء عدد متكافيء من الأعمال الفنية النسوية في الفن المعاصر.

swissinfo.ch: ما رأيك في عرض الأعمال الفنية النسوية في معارض نسوية خالصة؟

فاني فيتسر: إنني أوافق على هذا، لكن الأمر يتعلق بـ “الكيفية”. فالتوليفة الحالية من عدة معارض منفردة المقامة في مدينة “لو لوكل” والتي تحمل عنوان “موسم للفناناترابط خارجي“، قد اختيرت بعناية فائقة. ولكن في أماكن أخرى لم يتم الأمر بنفس الكفاءة. على سبيل المثال، إذا ما ذكر البعض كلمة “فتيات” في عنوان المعرض، فإنه أمر لا يصح أبداً!

“وضع كلمة “فتيات” في عنوان إحدى المعارض، أمر لا يصح أبداً”

swissinfo.ch: تلمحين إلى المعرض المقام حالياً في باوهاوس بمدينة إيرفورت (ألمانيا)، أليس كذلك؟

فاني فيتسر: نعم، فالمعرض يحمل عنوان ” فتيات باوهاوس الأربعةرابط خارجي” وقد صدر كتاب بمناسبة الذكرى المائوية لإنشاء المدرسة الفنية أو ما يعرف بالـ “باوهاوس”، والذي يقدم حوالي 90 فنانة ويعرض أعمالهن، وهو بعنوان “فتيات باوهاوس ـ تكريماً لرائدات الفن” ـ هذا أمر لا يصدق أبداً! هذه السيدات عملن في ظل زملائهن من الرجال، وهاهن يحصلن أخيراً على الاهتمام الكامل، ثم يُطلق عليهم اسم “فتيات باوهاوس”.

swissinfo.ch: لماذا يزيد عدد أمينات المتاحف على مستوى سويسرا بأكملها عن عدد الرجال في هذا المجال، بينما لا تزال تلك المتاحف تعرض أعمالاً أكثر بكثير لفنانين من الرجال؟

فاني فيتسر: في الكثير من المتاحف متوسطة الحجم تشغل النساء المناصب القيادية. والكثير منهن يحرصن على تحقيق تكافؤ بين الجنسين، لكن هناك العديد من المعايير الأخرى، التي يتم على أساسها وضع البرامج.

swissinfo.ch: ما هي؟

فاني فيتسر: على سبيل المثال، ألا يكون هناك خمسة معارض بالفيديو، أو خمس محاور في الرسم. فإنني أريد أن أعرض أعمالاً لفنانين من المحيط العالمي ومن سويسرا ومن المنطقة. أما ما لا يجب نسيانه فهو: أنه يتم سرد قصص في المتحف. لذلك يمكننا أن نقول مرة في العام على الأقل: إننا نعرض حالياً أعمال ماريون باروخ. إنكم لا تعرفونها، ولا تعرفون قصتها، لكن خلف فن هذه السيدة، هناك قصة شيقة ـ وسوف نحكيها لكم الآن.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية