رحلة عبر الزمن لاستكشاف الكنوز المعمارية السويسرية المجهولة
تصدر الجمعية السويسرية لتاريخ الفن في شهر سبتمبر الجاري الطبعة رقم 1000 من منشور "دليل الفن السويسري" البحثي، ما يجعل الوقت ملائماً للقيام برحلة مصورة إلى أرشيف المطبوع الأكثر مبيعاً في سويسرا. وفي جولتنا هذه سوف نلقي نظرة على نُصُب فنية إستثنائية غير معروفة كثيراً على الأرجح، موزعة في كانتونات سويسرا المختلفة، والتي لا ينبغي تفويت فرصة الإطلاع عليها.
السّهم الأزرق
في ثلاثينيات القرن الماضي، إشتهر قطار “السهم الأحمر” التابع لشركة السكك الحديدية الفدرالية السويسرية (SBB) بين مُحبي القطارات كأول قطار سريع سويسري مخصص للنقل على خطوط حركة المرور المنخفض. ولكن النسيان غالباً ما يطوي “السهم الأزرق” على الجانب الآخر، الذي وَجَد مكانه على قضبان سكك الحديد السويسرية في العاصمة برن في عام 1938. وفي الواقع، كان هذا القطار بوصفه الأول الذي يعمل بالطاقة الكهربائية، والذي لم تزد تكلفته عن نصف ما تطلبه “السهم الأحمر”، الإبتكار الأكثر ريادة في تاريخ قطارات النقل الإقليمية. واليوم، يمكن الإطلاع على هذا النوع من القطارات في متحف النقل في لوتسيرن. وقد تم ترميم آخر قطار مُتبق من هذا النوع مكون من عربتين في عام 2014، وهو يُشغل اليوم في جولات مرتبطة بالمناسبات والأحداث الخاصة.
الاصدار رقم 960، لعام 2014
موطن باري
ساهم عبور الجبال في صياغة التاريخ السويسري في جميع الأزمان. وهكذا اضطلعت التكايا بوصفها دور رعاية ومآوي- ولاتزال – بدور مهم في هذه المناطق. ومن بين هذه المعاقل، تثير تكية ممر سان بيرنار الكبير الواقعة في ممر سان بيرنار الألبي (في كانتون فالي) الاهتمام في نواح كثيرة. فهنا، ولفترة طويلة، تمت تربية كلاب سان بيرنارد من قبل رجال الدين لمهام الإنقاذ، كما عبر نابليون هذا الممر مع جيشه المؤلف من 46,000 شخص في عام 1800، حيث حصل جنوده المُنهكين على كرم الضيافة المعهود من المأوى. وفي الكنيسة التابعة للدير، يمكن مشاهدة كنز الكنيسة إلى جوار صفوف المقاعد الرائعة المخصصة للكورال، وقد تم الحفاظ عليه على أكمل وجه. ولا شك أن الأمر يستحق التوقف هنا.
الاصدار رقم 556 لعام 1994
الحرب الخاسرة
على الرغم من أن نصب سانت ياكوب التذكاري في بازل لا يجتذب إليه تلك الاعداد الغفيرة من الناس مثلما يفعل ملعب سانت ياكوب لكرة القدم، لكن الأمر هنا مرتبط بالفوز والخسارة أيضاً. ويُذَكِّر النصب الذي تم إنشاؤه في عام 1872 من قبل النحات السويسري فرديناند شلوث، بأحداث يوم 24 أغسطس من عام 1444، عندما اشتبكت القوات الفرنسية مع قوات الاتحاد السويسري القديم وكادت أن تبيدها بالكامل. وقد تم تبجيل هزيمة قوات الاتحاد لاحقاً، والارتقاء بها إلى درجة الأسطورة السويسرية في جميع أرجاء البلاد.
الاصدار رقم 912 لعام 2012
المقبرة الأكثر جمالاً في سويسرا
عند إنشائها في الأعوام 1913-1914، مثلت مقبرة الغابة في مدينة شافهاوزن السويسرية إنجازاً رائداً لعموم سويسرا. وللمرة الأولى، تم تحويل منظر طبيعي من الأشجار القائمة بالفعل إلى مقبرة – وهي فكرة إقتُبِسَت جذورها من ألمانيا. وبين حقول المقابر يمكن مشاهدة مساحات واسعة من الغابات التي تتخللها ممرات منحنية واسعة للمشي. وتمتد المقبرة اليوم على مساحة 17 هكتار، وتُعد واحدة من أجمل الحدائق العامة في سويسرا.
الإصدار رقم 949، للعام 2013
حصن منيع
لسبب لا يُخفى إلى اليوم، كانت بيلينزونا (عاصمة كانتون تتشينو) تعتبر مدينة محصنة في العصور الوسطى. وما الجدران والأبراج والأسوار والبوابات حول قلاع المدينة سوى شواهد على حصن عظيم يعود للقرون الوسطى. وقد نشط دوقات ميلانو في القرن الخامس عشر في بناء المنشآت الرامية لصد قوات التحالف السويسرية ومنعها من التقدم نحو الجنوب. وقد أدرجت قلاع بيلينزونا منذ عام 2000 على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي.
الاصدار رقم 866 للعام 2010
في ساحة المعركة
مثلت المدرّجات /المسارح جزءاً مهماً في كل مستوطنة رئيسية في روما القديمة، حيث كان للترفيه أهمية خاصة في الحياة اليومية الشاقة لجنود ذلك العصر. وفي هذه الساحات، كان الجمهور يتابع عروض صيد الحيوانات والمجالدة [حيث كان المجالدون يقاتلون حتى الموت ضد المجالدين الآخرين]. ومع احتوائه على 11,000 مقعد للجلوس بالأصل، يُعتَبَر مدرج “فينديش” أكبر وأقدم مرفق من هذا النوع على التراب السويسري.
الاصدار رقم 885 للعام 2011
عالم لوكوربوزيي الخاص جداً
وُلِدَ المصمم والمهندس المعماري الشهير شارل إدوار جانيريه-غري المعروف بـ لوكوربوزييه في عام 1887 في مدينة لا شو دو فو (كانتون نوشاتيل). وبعد فترة طويلة من إقامته في باريس، بنى المصمم السويسري في عام 1924 منزلاً لوالديه في بلدة فيفي (كانتون فو) على بحيرة جنيف. وقد نجح لو كوربوزييه في تصميمه للمنزل بالاستفادة من كل سنتمتر من مساحتة المستطيلة الصغيرة. كما توفر نافذته الوحيدة البالغ عرضها أحد عشر متراً إطلالة على البحيرة. واليوم، يمكن زيارة فيلا “لو لاك” (البحيرة) بوصفها متحف صغير، والإطلاع على موجوداتها من أثاث أصلي ولوحات وصور عائلية.
الاصدار رقم 908 للعام 2012
واحة خضراء
منذ عام 1859 والحديقة النباتية لمدينة برن تمتد على مساحة تزيد عن هكتارين على الجانب المشمس لمنحدر نهر “آره”. وإلى جانب البيوت الزجاجية المخصصة للنباتات الغريبة، تقدِّم حديقة ألبية، ومُشجَّر، وحدائق أنشأها ويديرها المزارعين، وأخرى مُخصصة للنباتات الطبية، مجموعة واسعة من النباتات المحلية والأجنبية للزوار. وتُعتَبَر هذه الحديقة العامة مكان مُحبب للاسترخاء بالنسبة للسكان المحليين.
الاصدار رقم 874 للعام 2011
كما هو الوضع في القرون الوسطى
في الكنيسة التابعة لديرالنساء “سانت يوهان” في بلدية “موستَير” (Müstair) بكانتون غراوبوندن التي أنشئت في القرن الثامن الميلادي، يمكن مشاهدة كنز فريد من نوعه: حيث تصور جداريات ملونة بألوان زاهية تعود إلى العصور الوسطى المُبكرة مشاهد من حياة المسيح. وتعتبر هذه الرسومات أكبر أعمال التصوير الجصي (الفريسكو) الباقية إلى يومنا هذا. وقد غطت هذه الجدارية فيما مضى الكنيسة برمتها إلى جانب الكثير من الزخارف الجدارية الأخرى. وقد شكل هذا الاكتشاف في أربعينيات القرن الماضي حدثاً مثيراً في تاريخ الفن.
الإصدار رقم 733 للعام 2003
نفحة من فرساي
ينتمي قصر “فالديغّ” إلى أبرز مباني الباروك في سويسرا. وقد تم تجهيز الغرف الفاخرة للقصر الذي بُني في أواخر القرن السابع عشر بالأثاث الأصلي لتلك الحقبة إلى حدٍ كبير. ومن خلال الحدائق الكبيرة المحيطة بالقصر، يمكن التعرف على كيفية توجه الطبقة الارستقراطية في كانتون سولوتورن إلى نمط حياة طبقة النبلاء الفرنسيين وتأثرهم بها. ويذكرالقصر وحدائقه بـ “فرساي مصغرة” على النمط السويسري.
الاصدار رقم 977 للعام 2015
آخر منزل من القش
كانت المنازل الريفية في مناطق سويسرا الوسطى تُغطى بالقش حتى القرن التاسع عشر. وتقف إحدى آخر هذه المنازل التي بُنِيَت سقوفها باستخدام القش في بلدية “كولّيغَن” في كانتون أورغاو. ويُبَيِّن المنزل الذي يحمل اسم “سالتسميهوس” (Salzmehus) بسقفه الحاد المتعدد الميول والإتجاهات والمسحوب إلى الأسفل، أسلوب البناء النموذجي المُتَّبع في ذلك الوقت. ومنذ إنشائه في عام 1802، تواصلت أعمال التحديث في المنزل مثل إمداده بالكهرباء والحمامات، أو إضافة منطقة مخصصة للحيوانات، مع مراعاة عدم إحداث أي تغيير يُذكر على هذا المبنى التقليدي.
الاصدار رقم 953 للعام 2014.
من فندق فخم إلى معبد ثقافي
شهدت سويسرا في عام 1850 بناء العديد من الفنادق. وفي لوغانو، شُيِّد فندق “أوتيل دو بارك” (Hôtel du Parc)، الذي أصبح اسمه لاحقاً “غراند هوتيل بالاس” (Grand Hotel Palace) على ضفاف بحيرة لوغانو مباشرة. وقد اعتُبِرَ هذا الفندق لفترة زمنية طويلة عامل جذب سياحي فاخر في المنطقة. ولكن هذا المبنى الفخم ظل فارغاً لعدة عقود بعد إغلاقه في عام 1969 وبدأ يتهاوى ببطء. وفي نهاية المطاف، اشترت مدينة لوغانو الفندق وقامت بتحويله إلى مركز لوغانو للفن والثقافة (LAC) في عام 2000. وهكذا، تلتقي اليوم واجهات المبنى التي أعيد ترميمها بكل أمانة مع العمارة المعاصرة المثيرة للإعجاب.
الاصدار رقم 978-979 للعام 2015
تحية من ليوناردو دا فينشي
إلى جانب مركز LAC الثقافي الجديد وفندق غراند بالاس السابق المُطِلّان على بحيرة لوغانو مباشرة، يقع دير وكنيسة “سانتا ماريا ديغلي أنغلي”. ويحكي هذان المبنيان المتجاوران معا عن 500 عام من تاريخ المدينة. وما يثير الإعجاب هنا على وجه الخصوص، هو تلك اللوحات الجدارية الجصية (الفريسكو) الرائعة للفنان الإيطالي برناردينو لويني [أحد التلاميذ المقربين لـ ليوناردو دافينتشي] التي تعود للعام 1529، حيث يصور الحاجز الذي يفصل فضاء الرهبان عن باقي قاعة الكنيسة والذي تبلغ مساحته حوالي 110 امتار مربعة آلآم المسيح بألوان زاهية. وهذه اللوحات الجدارية تحفة كلاسيكية دون أدنى شك.
الاصدار رقم 978 – 979 للعام 2015
محطة قطار طور التغيير
ليست مكتبة دير سانت غالَّن [التي تعد واحدة من أغنى مكتبات العالم في العصور الوسطى] التي شيدت وفق طراز الروكوكو هي المبنى المهيب الوحيد الذي تقدمه لنا هذه المدينة. إذ تشمخ هناك أيضاً محطة السكك الحديدية للمدينة التي انتهى بناؤها في عام 1913 وفق العمارة الباروكية البهية. وتضم هذه المحطة آخر قاعات محطات القطار الكبيرة الأحادية الرواق. ويقف الفصل القادم من تاريخ المحطة قاب قوسين أو أدنى، مع توسيع شركة السكك الحديدية الفدرالية السويسرية المبنى القديم بحلول عام 2018 ليشمل قاعة زجاجية جديدة للرحلات القادمة.
الاصدار رقم 950 للعام 2013
دليل الفن السويسري-1000 إصدار
يبحث”دليل الفن السويسري” منذ عام 1936 في الآثار والمعالم المعمارية في سويسرا ويقدمها للقارئ. وفي الكتيب المكون من 45 صفحة في المتوسط وحجمه المقارب لورقة بمقاس A5، يسلط الخبراء الضوء على أحد النصب التذكارية في كل مرة. ويصدر المنشور غالبا بجميع اللغات الوطنية الأربع، كما تُرجمت بعض الإصدارات إلى الانجليزية والاسبانية والصينية واليابانية.
رَكَّز المنشور في العقود الأولى لإصداره على الكاتدرائيات والأديرة. واعتباراً من خمسينيات القرن الماضي، أضيفت القلاع ومباني البلديات والمُلكيات والمقرات الخاصة والمباني الصناعية والمتاحف والمركبات التاريخية أو الجامعات إلى القائمة أيضاً. وبمبيعاته التي زادت عن خمسة ملايين نسخة، يُعتبر دليل الفن السويسري المجموعة الأكثر مبيعاً في الكنفدرالية.
ومثلما هو الحال في جميع وسائل الإعلام، يتعين على هذه النشرة التقليدية جداً أن تتكيف مع الزمن. وهكذا يصدر دليل الفن السويسري بشكل رقمي أيضاً منذ عام 2015. ولعشاق الهندسة المعمارية، يتوفرهناك تطبيق Swiss Art To Go أيضاً. وفي شهر سبتمبر الجاري، تصدر الجمعية السويسرية لتاريخ الفن الطبعة رقم 1000 من دليل الفن السويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.