سويسرا تتكلم في الدوحة بالفرنسية والألمانية
استفادت سويسرا من تنوّع اللّغات التي يتكلّمها شعبها، لكي تكون طرفا مشاركا في أكثر من مناسبة ثقافية في قطر، حيث افتتحت لها سفارة منذ عام 2012. هكذا كانت سويسرا مشارِكا أساسيا في أسبوع الفيلم الناطق بالألمانية، الذي أقيم في الأيام الأخيرة بالدوحة بالتعاون بين سفارات كلٍّ من ألمانيا وسويسرا والنمسا، كما كانت في شهر مارس الماضي طرفا فاعلا في "أسبوع الفرانكفونية في قطر"، إلى جانب فرنسا وكندا وبلجيكا.
خلال القمة التي انعقدت عام 2012، انضمت الدولة الخليجية إلى “المنظمة الدولية للفرانكفونية”، بوصفها “عضوا مشاركا”، إذ يُقدر عدد الناطقين بلغة فولتير في قطر، بما بين 150 ألفا و200 ألف شخصٍ، أي نحو عُشر السكان، وهُـم أساسا من المغاربيين واللبنانيين.
وبالفعل، لوحظ إقبال لافت من هؤلاء على متابعة فعاليات الأسبوع الفرانكفوني، الذي افتتحه وزير الثقافة والفنون والتراث القطري حمد الكواري (وهو خرّيج إحدى الجامعات الفرنسية). وتنقّلت فعاليات الأسبوع بين معالِم ومؤسسات ثقافية مختلفة، بينها متحف قطر الإسلامي والمدينة الثقافية “كتارا” ومُدرّجات المسرح الوطني ومعهد الترجمة ومسرح “سوق واقف”.
أما من حيث المحتوى، فكان أهمّها التعريف بالأدب الفرانكفوني الكندي، والعرض الذي أقامه الفنان السويسري فيليب كامبيش، الذي يجمع في شخصيته بين الموسيقار والشاعر، في مركز الفنون بـ “كتارا” بعنوان “ساكاكورا”، والذي مارس فيه ببراعة فنّ الحكي، مرفوقا بآلة الفيولونسيل، ليُحدِّث الجمهور عن “مكانة الفن في مجتمعاتنا وعن حاجتنا الماسّة للحُلم”.
الشرق في مرآة الغرب
ومن الفعاليات البارزة أيضا، محاضرتان للفرنسي من أصل جزائري سليمان زغيدور، الأولى عن العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والشرق العربي، من شارلمان إلى الجمهورية الخامسة، والثانية عن صورة الربيع العربي في وسائل الإعلام الغربية. كما عرض الشابّان غايتان دوريموس وكريستين ناومان من فرنسا، نماذج من أدب الشباب، وعرضت الأمريكية من أصل لبناني إيتل عدنان، 160 عملا من إبداعاتها بين صور وكِتابات وهياكِل فنية وسجّاد فني.
ولدى افتتاح الفعالياتن، قال وزير الثقافة القطري الكواري: “إن لغة موليير تتبوّأ بكل فخر مكانتها إلى جانب اللّغة العربية ولغات التواصل الأخرى في قطر”، مضيفا “نحن سعداء بأن الدوحة باتت عاصمة ثقافية وبأن الثقافة الفرانكفونية وجدت لها مكانا فيها”.
أما السفير السويسري لدى قطر مارتن أشباخير، فبدا سعيدا بنجاح هذه الدورة، التي اعتبرها أفضل من الدورة الماضية، وعزا ذلك إلى انضمام قطر للمنظمة الدولية للفرانكفونية، متوقّعا أن تكون المقبِلة أفضل من السابقات. وقال: “في الفترة الراهنة، ما زالت البلدان المُنظمة تقتصر على أربعة فقط، وآمل أن تنضم لنا بلدان أخرى في الدورات المقبلة، وخاصة الإفريقية منها، طالما أن (الحركة) الفرانكفونية تضم عددا كبيرا من البلدان”.
التونسية آمال صدودي، قالت لـ swissinfo.ch إنها تابعت بعض الفعاليات وزارت “معهد فولتير” الفرنسي بالدوحة، حيث تعرّفت على نماذج من أدب الشباب المكتوب بالفرنسية، من خلال قراءات للشابَّين غايتان دوريموس وكريستين ناومان. كما زار اللبناني ناصر مزرعاني معرضا مشتَركا للفنانتيْن منى حاطوم وإيتل عدنان في قاعة عروض “المتحف العربي للفن المعاصر”، شمال الدوحة، وهي أول مرّة يزور فيها هذا الفضاء الفخْم، الذي يشتمل على قاعات عديدة مُهيَّأة لعرض الرسوم والمنحوتات.
أما القطريّون الذين تابعوا الأسبوع، فلم يكن عددهم كبيرا، وقال سعد النعيمي، الذي التقته swissinfo.ch في معرض الفنانتيْن حاطوم وعدنان: “إن اللغة الفرنسية شكّلت عائقا أمام متابعة فعاليات الأسبوع، كون اللغة الأجنبية الوحيدة التي يفهمُها هي الإنجليزية”. وأبدى أسفه لعدم التمكّن من متابعة محاضرتيْ سليمان زغيدور، متمنيا أن يتم التفكير بتأمين ترجمة إلى العربية في الدورات المقبلة. كما تمنى النعيمي أن يزور معرض “ملوك وبيادق” في متحف الفن الإسلامي، الذي يشرح تاريخ ألعاب الشطرنج منذ ظهورها في الهند إلى انتقالها إلى بلاد فارس ومن ثَـم إلى العالم العربي، لكن ذلك لم يكن متاحا له، لأن الدليل الذي رافق الزوّار لا يتحدّث سوى الفرنسية.
ربما ساهمت مجانية الدخول إلى الفضاءات الثقافية، حيث دارت تلك الفعاليات في استقطاب جمهور واسع، لم يقتصر على الفرانكفونيين، وإنما شمل أيضا كثيرا من أصدقائهم وجيرانهم، وحتى من مُحبّي الإطِّلاع على ثقافة لم يتسنَّ لهم التعرّف عليها من قبل.
ستة أفلام بالألمانية
بعد أسابيع قليلة من أسبوع الفرانكفونية، كانت سويسرا طرفا مساهما في فعالية أخرى، هي أيام الفيلم الناطق بالألمانية التي أقامها “معهد الدوحة للأفلام” بالتعاون مع سفارات سويسرا وألمانيا والنمسا في قطر، أواسط شهر أبريل.
الأيام الثلاثة اشتملت على ستّة أفلام بواقِع شريطيْن لكلّ بلد. وبرز الفيلمان السويسريان “غوست الصغير” (The Little Ghost)، وهو شريط صور متحرِّكة موجَّه للأطفال، أخرجه ألان غسبونر Alain Gsponer و”مربّي النحل” (The Beekeeper)، وهو وثائقي يرْوي قصة رجل فقد أفراد أسرته وأملاكه في الحرب بين الأتراك والأكراد، لكنه استطاع أن يستأنف حياته في سويسرا بممارسة هوايته المتمثلة بتربية النحل.
الإعلامي الفلسطيني هاني الوراق أبدى إعجابه بمستوى الأفلام المعروضة، التي لم يكن يعرف عنها الكثير من قبل، إذ أن الأفلام الأمريكية هي الأكثر طُغيانا في السوق المحلية، وقال لـ swissinfo.ch إن ما شاهده من نماذج سينمائية “يعكِس صناعة سينمائية متطوِّرة وهي غائبة عنا، وهذه فرصة لاكتشافها والسَّعي لرُؤية مزيد منها كلّما أتيحت الفرصة في المستقبل”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.