مهرجانٌ كبير لشاشاتٍ صغيرة.. “رؤى من الواقع” ينتظم افتراضيا مرة أخرى
بعد دورة قياسية تم تنقيح برنامجها بسرعة فائقة في خضم الإغلاق الذي نجم عن الجائحة الصحية في عام 2020، يُواجه "رؤى من الواقع" - أكبر مهرجان للأفلام الوثائقية في سويسرا، الذي انطلق يوم 15 أبريل الجاري - تحديًا يتمثل في تكرار نجاحه وسط ما أصبح يُعرف بـ "إجهاد زووم" وفي ظل انتظارات عالية من مُحترفي صناعة السينما. ويأمل المنظمون أن تنجح منصة افتراضية جديدة في القيام بهذه المهمة.
تم نشر هذا المحتوى على
9دقائق
وُلِدَ في ساو باولو بالبرازيل، مقر عمله في زيورخ. مُحرر في القسم البرتغالي، ومسؤول عن محور الثقافة في swissinfo.ch. تَحَصل على شهادات في السينما والأعمال التجارية والاقتصاد، وعمل في صحيفة "فولها دي ساو باولو" اليومية الرائدة في البرازيل، قبل انتقاله إلى سويسرا في عام 2000 كمراسل دولي لعدد من وسائل الإعلام البرازيلية المختلفة. عمل مع وسائل الإعلام المطبوعة والرقمية، وفي الإنتاجات الدولية المشتركة للأفلام الوثائقية والفنون البصرية (النسخة الثالثة من بينالي باهيا [Bienal da Bahia]، متحف يوهان ياكوب في زيورخ). تمت دعوته كمحاضر زائر للتحدث حول موضوع السرد القصصي متعدد الأوساط في جامعة لوتسيرن للعلوم التطبيقية والفنون (HSLU – Camera Arts, 2013-17).
قبل عام، كان من المقرر أن تنطلق فعاليات مهرجان “رؤى من الواقع” عندما نفذت سويسرا أول إقفال بسبب جائحة كوفيد – 19. تقول إيميلي بوجيس، المديرة الفنية للمهرجان متذكّرةً: “كان أمامنا خمسة أسابيع فقط للانتقال عبر الإنترنت بالكامل، لذلك لم يكن لدينا بالكاد الوقت للتفكير في أيّ شيء”، مضيفةً أنه لو كان لديها الوقت للتفكير في العمل المقبل لأصيبت “بالذعـر والهلع”.
لم يكن ترحيل المهرجان إلى شبكة الإنترنت مجرد مسألة إلغاء العروض في القاعات وإطلاق جلسات افتراضية. فقد اختارت العديد من الأفلام وجميع المشاركين في المسابقة الرسمية لمهرجان “رؤى من الواقع” لتكون المناسبة الرئيسية لعرضها الأول في العالم. فهل سيوافق المنتجون والموزّعون على العرض الأول لأعمالهم أمام جمهور افتراضي، بدون تصفيق ومن غير حفلات إطلاق للأفلام وبدون تنظيم جلسات عمل؟
شعرت بوجيس بالارتياح عندما علمت أن جميعهم تقريبًا، باستثناء واحد فقط، كانوا على استعداد للمُضيّ قُـدمًا في هذا التمشي. وتقول: “لقد كنا محظوظين جدًا بالتوقيت لأن الصحفيين كانوا حريصين جدًا على تغطية سير الأمور فيما كان الجمهور (المضطر للبقاء في البيوت) يائسًا بعض الشيء”.
في العام الماضي، سجلت دورة المهرجان إقبالا قياسيا تجاوز 60500 متفرج، وهو أكثر بكثير من المعتاد، وفقا لبوجيس. كما أعربت عن سعادتها بالتغطية الصحفية وبمستوى حضور ممثلي صناعة السينما.
بعد عام، وفي ظل “إجهاد الزووم”
لكن دورة هذا العام، التي تستمر حتى الخامس والعشرين من أبريل الجاري، تمثل تحديًا مختلفًا تمامًا. فقبل عام، تلاحظ بُوجيس أنه نظرًا لأننا “كنا في بداية الوباء”، فقد كان تنظيم الفعاليات عبر الإنترنت ومن خلال منصات الدردشة المرئية أمرا مُستجدا. أما اليوم، فقد دخل ما أصبح يُعرف بـ “إجهاد الزووم” إلى المُعجم بالنسبة للكثيرين.
في العام الماضي أيضا، تم توفير العديد من الأفلام بشكل استثنائي للمشاهدة خارج سويسرا، مما ساعد في الحفاظ على ارتفاع أعداد المُتابعين للبث. فقد سارعت بوجيس والفريق العامل معها للاتصال بالمُنتجين للحصول على حقوق بث بعض الأفلام خارج سويسرا، وكان العديد منهم متقبلين للمقترح بسبب الظروف الوبائية الاستثنائية. في المقابل، ستقتصر العروض هذا العام على المُشاهدين المُقيمين في البلد الذي تشقه جبال الألب، باستثناء المتخصصين المُعتمدين في صناعة السينما.
في بداية الأمر، كانت العروض الحضورية والفعاليات الخاصة مقتصرة على أطفال المدارس لكن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الفدرالية هذا الأسبوع سمحت بإجراء تغيير سريع في الخطط. فقد أعلن المهرجان، قبل ساعات قليلة من الافتتاح الرسمي، أنه سيقيم حوالي خمسين عرضا للجمهور على مدار أربعة أيام، من الخميس 22 أبريل إلى الأحد 25 أبريل. يُمكن مراجعة برنامج الدورة المحدث على مالموقع الرسمي لمهرجان “رؤى من الواقع”.رابط خارجي
ترك ذلك بوجيس وفريقها في مواجهة التحدي الهائل المتمثل في الحفاظ على نسبة المشاهدة العالية، لمهرجان افتراضي بعد عام من اندلاع الجائحة.
بداية، كما هو الحال كل عام، كان على مديرة المهرجان والفريق المكلف بالاختيار المكون من خمسة أشخاص مشاهدة حوالي ألفين وسبعمائة عمل سينمائي لاختيار الأفلام الوثائقية التي سيُقررون عرضها، وهي عملية ازدادت تعقيدا هذه المرة بسبب ضرورة الحفاظ على مسافة الأمان والتباعد الاجتماعي.
تقول بوجيس: “عادة ما نشاهد الأفلام، ونتبادل الانطباعات حولها ونتحاور طوال الفترة”، وتضيف “في قاعة العرض تكون هذه العملية سلسة للغاية، ولكنها تستغرق وقتًا أطول بكثير (عندما تتم) عن بُعد”.
استجابة لحاجيات الصناعة
إضافة إلى ذلك، احتاج المنظمون إلى بلورة منصة سَلسَة ومتكاملة من أجل إعادة إنتاج تقريبي لديناميكيات المهرجان في العالم الافتراضي. وفيما كانت منصة العام الماضي عبارة عن ترتيب عاجل استُخدمت فيه التقنيات السائدة مثل “زووم”، اعتمد منظمو مهرجان “رؤى من الواقع” منصة خصوصية طورتها شركة WYTH السويسرية الناشئة، لفعاليات دورة 2021.
لا مفر من التذكير بأن المهرجانات تعتبر مواعيد حاسمة لمحترفي صناعة السينما. إنها الفرصة الأولى لعرض الأفلام الجديدة وقياس رد فعل جمهور المختصين والنقاد وعشاق الفن السابع عليها. كما تسمح المهرجانات السينمائية للمنتجين وصانعي الأفلام بعرض مشاريعهم مباشرة على المُشترين أي الموزعين والقنوات التلفزيونية والمنتجين المشاركين المحتملين ومسؤولي التمويل في المجالس والهيئات المعنية بالفنون والأفلام من مختلف البلدان. وبالنسبة لمُعظم المخرجين وصانعي الأفلام، فإن الحفلات والمناسبات التي تتخلل المهرجانات ليست فرصة للترفيه، بل هي من صميم العمل.
تأمل بوجيس في أن يسمح استخدام هذه البيئة الإلكترونية الجديدة – التي تم دمجها أيضًا في منصة (Eventival) الرائدة عالميا في إدارة المهرجانات – بإجراء جميع هذه المُبادلات بين العاملين في صناعة السينما في العالم الافتراضي. إذ يُمكن للمشاركين مشاهدة أفلام وإدارة جدول أعمالهم الخاص بهم وحجز اجتماعات والانضمام إلى غرف خاصة لمناقشة مشاريعهم التي لا زالت قيد التطوير، مع إمكانية تبادل المستندات والصور ومُشاهدة العروض الترويجية.. ويتم القيام بكل ذلك دون مُغادرة البيئة الافتراضية للمهرجان.
يُشار إلى أن هذه المنصة ظهرت لأول مرة في شهر يناير 2021 في سوق أفلام أقيم تحت مسمى “عندما يلتقي الشرق بالغرب” (When East Meets West )، بالتوازي مع مهرجان ترييستي (Trieste) السينمائي في إيطاليا. ويأمل مصممو شركة WYTH في توسيع نطاق عملائهم مع استمرار الجائحة وتدابير التباعد الاجتماعي في معظم البلدان. ويبقى التساؤل قائما: هل سيستمر الارتباط بالعالم الافتراضي قائما بعد إعادة فتح دور السينما وبعد أن يصبح التباعد الاجتماعي من ذكريات الماضي أم لا؟
من 15 أبريل حتى 25 أبريل 2021، يعرض مهرجان “رؤى من الواقع”رابط خارجي 143 فيلمًا وثائقيًا (26 منها إنتاج سويسري أو إنتاج مشترك) من 58 دولة، 41% منها من إنتاج النساء. ستكون الأفلام متاحة عبر الإنترنت لمدة 72 ساعة لكل واحد منها، في حدود 500 مشاهدة متاحة لكل فيلم. يُمكن للمشاهدين الاختيار بين تذاكر فردية بسعر 5 فرنكات سويسرية، أو بطاقة غير محدودة مقابل 25 فرنكًا. في دورة هذا العام، تم قصر إمكانية الوصول إلى الأفلام على الأشخاص الذين لديهم عنوان بروتوكول إنترنت (IP Adress) سويسري فقط.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
“سينما الواقع”.. موعـد فنيّ متجدد مع نبض العالم على ضفاف بحيرة ليمان
تم نشر هذا المحتوى على
أما المدير السابق، جون بيريت، فقد تولى مهام جديدة إذ أصبح مدير قسم السينما بالمدرسة العليا للفنون والتصميم بجنيف ((HEAD. باريزوني الذي خلفه في مهمته، هو صحافي وناقد سابق، مولود بجنوه، سبق أن أصدر العديد من المؤلفات التي خصصها لكلينت إيسترفود، وسيدني بولاك. وأنشأ مهرجان ألبا الشهير عندما كان يعمل لصالح “لاموسترا” في البندقية، وفي…
“رؤى من الواقع”.. ضرورة سينمائية في عالم يزداد تعقيدا
تم نشر هذا المحتوى على
من 23 إلى 29 أبريل، سيغيب الملَـل والتِّـكرار عن قاعات العرض المطِـلّـة على بحيرة ليمان، التي ستنقُـل شاشاتها مخاطِـر الليبرالية الجديدة ومعضِـلة تلوث الشواطئ الكندية وتعريفا بلُـعبة إستراتيجية افتراضية واستعادة للحروب الكُـبرى للقرن العشرين وأوضاع الصيد والصيادين في المغرب والطبّ النفسي في اليابان وغيرها من القضايا، المتداولة في الأشرطة العشرين المشاركة في المسابقة الدولية لهذه…
تم نشر هذا المحتوى على
وكل سنة يكون زوار هذا المهرجان على موعد مع أعمال فنية طريفة وشيّقة،تسبر أغوار هذا العالم الفسيح، وتفتح الأنظار والأفكار على عوالم معقدة، وبقدر ما تتعدد الأسئلة التي تثيرها تلك الأفلام بقدر ما تتنوع الإجابات، لكن الأكيد أن كل فلم منها يقدم تجربة، أو يحكي مسارا، أو يستعيد مأساة. ويحلو لجون بيري، مدير مهرجان “رؤى…
تم نشر هذا المحتوى على
ويلقي الفيلم الضوء على جزء من تاريخ أوروبا خلال القرن الماضي، وذلك من خلال قصة مؤثرة ومشوّقة لعائلة بولندية، شَرّدت أفرادها الحرب العالمية الثانية، حيث أجبِـرت الأم على الهجرة إلى ألمانيا تاركة وراءها عدد من أبنائها يواجهون المصير المجهول، ويصوّر الفيلم معاناة تلك الأم وشعورها بالذنب. حصل على جائزة هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، فيلم فرنسي…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.