“وورلد تشابلن” على غرار “وورلد ديزني”
وأخيرا تمّ تقديم مشروع متحف تشارلي تشابلن يوم الاثنين 23 نوفمبر الماضي، ذلك المشروع الطموح سواء من جانب المباني التي تملِـكها تلك العائلة الأسطورية أَمْ من جانِـب المتحف التاريخي، أما من جانب أصحاب المبادرة، الذين يفضلون "وورلد تشابلن" على "متحف شابلن"، فإنهم يقسمون أن لا يَـخونوا "شارلو".
وقد صرّح مايكل شابلن، رئيس مؤسسة تشارلي تشابلن يوم الاثنين 23 نوفمبر خلال مراسيم تقديم المخطّـط النهائي لمشروع المتحف الذي يخلِّـد ذكرى والده: “أنا سعيد جدا أن نكون على وشَـك الإتمام”.
وجدير بالذكر أن مؤسسة شارلي شابلن و”متحف تشارلي تشابلن للتنمية” قامتا يوم الاثنين المُـنصرم باستقبال الصحفيِّـين في مزرعة “دومين دو بان” “Domaine de Ban” في “Corsier- sur -Vevey”، إحدى بلديات كانتون “فو”، تلك المزرعة التي احتضنت السير تشارلز سبنسر تشابلن وعائلته كبيرة العدد في الفترة من 1953 حتى وفاته في يوم عيد الميلاد من عام 1977.
وقد صرّح أصحاب المبادرة أنه قد تمّ يوم 21 نوفمبر تقديم طلب الحصول على رُخصةٍ للبناء وأنه من المُـفترض أن يتِـم الحصول على الموافقة قبل يناير أو فبراير 2010، و”إذا مضى كل شيء على ما يُـرام ولم تكن هناك اعتراضات – كما يقول فيليب مويلو، كبير مهندسي المشروع – فسوف تبدأ الأشغال في يونيو 2010 وسيُفتح المتحف بعد ذلك بعامين”.
ويُـشار إلى أن هذا المشروع الطموح قد تكلّـف ما يقرب من عشر سنوات واعترضته عقبات حقيقية وصعوبات مالية وخلافات ومشاكِـل، قبل أن يُـصبح واقعا.
ومع اقتراب الأمل أو بمناسبة “آخر ميل من الإجراءات الرسمية”، على حدِّ قول رئيس بلدية “Corsier-sur-Vevey”، فقد عمل أصحاب المبادرة على استثمار الفرصة لعرض مخطّـط المتحف الموعود ومراحله.
“متحف العصر الحديث”
ويشمَـل المخطط أيضا، ترميم القصر “Manoir de Ban”، الذي شُـيِّـد على أرض المزرعة في القرن التاسع عشر وأمضى فيه شابلن السنوات الـ 25 الأخيرة من حياته، وسيكون “بإمكان الزوار التمتّـع بمسكن هذه الأسرة الأسطورية”، عِـلما بأنه كان من بين مشاهير زواره، المطرب الشهير مايكل جاكسون الذي اختار بنفسه المَـبيت في المرآب”.
كما سيُـعاد بناء المباني الأخرى والحديقة، وستبنى قاعة مَعارض (55م x 17م)، ستكون مخصّـصة بالكامل للأعمال السينمائية لتشابلن. وسيعتمد كامل المشروع على الطاقة الخضراء وسيكون مزوَّدا بمتجر ومقهى ومسرح (بـ 200 مقعد) وموقف للسيارات، كما ستخصَّـص له حافلة تربطه بمدينة فوفي، بالإضافة إلى مسار مخصَّص للمُـشاة وآخر للدراجات.
وتبلغ تكلفة المشروع أكثر من 50 مليون فرنك، منها 15 مليونا للمشاهد السينمائية للمتحف. وممّـا يجدر ذكره، أنه لن تكون هنالك حاجة لصرف ملِّـيم واحد من أجل الحصول على مشاهِـد طبيعية ومناظر خلابة. فالمكان وما يُـحيط به ساحر أخّـاذ، فهناك الحدائق الغناء، بالإضافة إلى بُـحيرة جنيف “بحيرة ليمان” وجبال الألب الفرنسية، وبهذا الخصوص ألحظ فيليب مويلو إلى وجود “أحد أجمل المناظر الطبيعية لشاطئ الريفييرا السويسري، كما يوجد على بُـعد خطوتين من المكان، أحد المواقع “Lavaux” المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو”.
كلوني وألينغي و… تشابلن
ومن جانبِـهما فيليب مويلا وشريكه الفنان إيف دورو (الكندي من الكيبيك) أوضحا أن إسم متحف شارلي تشابلن قد استُبدل بـ “عالم شابلن – متحف العصر الحديث”، رغبة في المحافظة على البُـعد الدولي والعالمي للتراث “التشابلني”.
وبالاستِـناد إلى كلِـمات نطَـق بها الرجل العظيم تشابلن، إذ نعت نفسه قائلا: “أنا مواطن هذا العالم”، أكّـد أصحاب المبادرة أنهم يرغبون في إنشاء ما هو “أكثر من متحف”، معتبرين إيّـاه بأنه “يقِـف على الحدّ بين الترفيه والثقافة، ولديه الحساسية المرهفة للُـغة أطفال وأسَـر القرن الحديث، كما كان ينشد الجُـرأة في اعتماد التكنولوجيا الحديثة وكان يدمج بين المشاهد التصويرية والديكورات المتحركة والوسائط المتعدّدة والتصوير ثلاثي الأبعاد “3D” والتصوير عالي الجودة “HD” والنظام الداعم لتنقية الصوت والمؤثرات الخاصة والتقنية الافتراضية والسينما التصويرية.
قد يتحسّـس الكثيرون عند سماعِـهم للوهلة الأولى لموضوع يتعلّـق بأسواق الدعاية الكاسِـحة. فإشهار نستلي موجود في كل مكان وفي مواضِـع لافتة لأنظار الجميع، لكن ما ينبغي معرِفته هو أن إشهار “نسبرسّو”، الذي دفعت نستلي لأجله مبلغا كبيرا من المال لجورج كلوني، بصفته شخصية هذا الإشهار، كان وراء بروز نجم “ألينغي” “Alinghi”، أي الفريق السويسري للسباقات الدولية للقوارب الشراعية الذي مقرّه مدينة فوفي.
وقد أعرب رولاند دوكورفيه، المدير التنفيذي لشركة نستلي السويسرية عن يقينه بخصوص “هذا المشروع المبتكر، ذو الأبعاد الدولية” وقال بأن هذا “اهتمام لَـطالَـما انتظرته مدينة فوفي”، وأضاف دون أن يحدِّد مبلَـغا بأن “مساهمة نستلي لا بأس بها”.
عمل متميِّـز
رُبّما يُـساور البعض الشّـكوك خوفا من طُـغيان الجانب الترفيهي على المشروع، إلا أن وجود المتحف ضِـمن المشروع، كفيل بتبديد تلك المخاوف. وفي هذا الشأن، أوضح إيف دورو قائلا: “إن شخصية تشابلن تفرض علينا واجب القيام بعمل متميِّـز ومبتكر، جدير بمقامِـه كرجل وكفنّـان وكمُـخرج وكمُـواطن، ونعتبِـر ذلك هو التحدّي الذي نأمل أن نرتقي إلى مستواه. ثم إننا لن نتجشم الحديث نيابة عنه، فكل ما يهمّـنا هو أن ندَع له مهمّـة التعبير عن نفسه بكلماته وصُـوره وموسيقاه و..الخ، ولذلك، نعتقد بأنه الأقدر عبْـر شخصيته العالمية، على جعْـل هذا المشرع عملا فريدا من نوعه. بالإضافة إلى أننا نتوفّـر على أرشيف يُمَكّـننا من تنظيم مَعارض مؤقّـتة لفترة تربو على العشرين سنة، مع إمكانية تجديدها باستمرار!”.
وفيما يتعلّـق بالمشاهد التصويرية، فقد استعان إيف دورو بالفنان العالمي الشهير فرانسوا كونفينو، ومن أعماله: (Cité ciné de la Villette 1987، ومعرض إكسبو 02 ومعرض هانوفر الدولي 2000 ومعرض اكسبو الدولي في شانغهاى الخ..)
ويقول دورو، ذو الأصل الفرنسي، عن نفسه بأنه يشعُـر “بغاية الخجَـل” وأنه “لا ينبغي تجاوز الحقيقة ولا الخيال أيضا، وأن المطلوب هو إظهار شارلي شابلن وشارلو في صورتهما الحقيقية، إذ أننا نرفض أن نصنع من شخصية شابلن شخصية ‘dysneylandiser’ أو شخصية غير واقعية، وما نريده ببساطة، هو إعطاء شخصية شابلن قيمتها”.
تخليد ذكرى الرجل
وفي نفس السياق، قال دورو أيضا: “يهدِف المشروع إلى إبقاء ذكرى تشابلن حيّـة هو وعائلته وعمله وأصدقاءه وعلاقاته الإنسانية بهذا العالم، ونودّ أن يأتي الزائر وكأنه ضيف قصَـد زيارة صاحب البيت”، وذكّر بأن عائلة تشابلن أصرّت على عدم الإفراط في نجومية والِـدهم، ذلك أن المقصود هو “أن يستشعر الجميع في هذا المكان أن تشابلن بين ظهْـرانِـيهم”.
وأفاد أنه: “فيما يتعلّـق بالفضاء الجديد الذي سيتِـم بناؤه، فهو عبارة عن دَهليز طوله 2000 مترا سيخصّـص للأعمال السينمائية، حيث – على سبيل المثال – يمكن للزائر الإبحار عبْـر الشاشة، ليجد نفسه في عالم السينما، وهذا عمل استعراضي عظيم، ولدي تخوّف حيث يجِـب علينا أن لا نقع في مطبِّ الفن الهابط”.
ويا تُـرى، ماذا عن الأسْـرة؟ وهل ستبقى متمسِّـكة بهذا الأصل؟ أم أنها ربّـما تفقِـد جذورها؟ لا يعتقد مايكل شابلن أن أسرتَـه ستتخلّـى أو ستفقد جذورها، ويقول: “لقد كان اعتقادي دوْما أن هذا البيت هو بيت كل أولئك الذين يحبّـون أبي. لقد آل هذا البيت لي ولأخي بعد وفاة والدتنا، ومن ثمّ عاش أبناؤنا – وهم كُـثر – في رِحابه، كما عِـشنا نحن، ثم إن أبناءنا كبروا وكبرت أعباء هذه المُـمتلكات”.
وأوضح بأن فكرة المتحف كفيلة بأن “تجعل هذه المُـمتلكات أكثر سحرية، وتصل جيل الحاضر بجيل الماضي، من خلال عمل يزاوج بين الظلّ والنور أو بين الخَـيال والحقيقة”، وأردف قائلا: “وتلك هي إحدى سِـمات أبينا”.
والِـدي يستحق ذلك
وبمُـوازاة ذلك، بدَت أسارير اوجين تشابلن متهلِّـلة، وأبدى عن رضاه قائلا: “هذا البيت يذكِّـرني كل يوم بطلعة أبي وأمي سويا، وقد أصبح اليوم مهجورا، وإني لَـسعيد، إذ تدبّ الحياة فيه من جديد. حقيقة إنه ابتكار رائع وأبي يستحِـق كل ذلك، وأرجو – في المقابل – أن يتمّ تغيير الاسم لأن “وورلد تشابلن”، كلمة صاخِـبة بعض الشيء، وليس هذا هو الهدف”.
وإذا لم تكن هنالك اعتراضات أو مفاجآت تعيق المشروع، فإن فيليب مويلو وإيف دورو على ثقة بأن المشروع آخذ في التبلْـوُر – بطريقة أو بأخرى – وأنه سيرى النور قريبا، ومهمَـا يكُـن الأمر، فإن فيليب مويلو يجْـزم قائلا: “إنه بمجرّد الحصول على رُخصة البناء، فإننا نؤكِّـد بأن المشروع سيبدأ في نفس اليوم”.
بين لندن وفوفي: كانت ولادة السير تشارلز سبنسر تشابلن في 16 أبريل عام 1889 في استلين، إحدى الأحياء الشعبية من لندن في منطقة شعبية في شرق لين في لندن، لأبوين فنانيْـن موسيقييْـن، وتوفي يوم 25 ديسمبر 1977 في مدينة فوفي في سويسرا.
80 فيلما: كان تشابلن مُخرِجا وكاتبَ سيناريو ومُـنتجا ومُـلحِّـنا ومحرِّرَ أفلام، وقد بلغ مجموع أفلامِـه 80 فيلما قصيرا ومطوّلا على مدى 50 عاما من عطائه الفنّـي، ومنها أكثر من 70 فيلما بشخصية شارلو، التي ظهرت للمرة الأولى عام 1914.
1903: بدأ مسيرته الفنية من خلال المسرح، ثم انتقل إلى السينما في الولايات المتحدة عام 1908.
1953: اتَّـهمه المكارثيون بالشيوعية، فطُرد من الولايات المتحدة وانتقل للعيش في “Manoir de Ban” في مدينة فوفي، وفيها وافته المَـنية في 25 ديسمبر 1977.
2000: قدّمت كل من الشركة السويسرية “ARCO” المعمارية والاستشارات والشركة الكندية “Expérience International” لبعض أفراد عائلة شابلن، اقتراحا لمشروع يخلِّـد ذكرى شارلي شابلن وأعماله.
2001: إنشاء مؤسسة متحف شارلي شابلن (تضم 4 أفراد من الأسْـرة وممثلين عن أربع بلديات مجاورة)، التي اعتمدت المشروع: “فضاء متحف شارلي شابلن” في المزرعة “Domaine de Ban” الواقعة في منطقة “Corsier-sur-Vevey” من فوفي، والتي تعود مِـلكِـيتها إلى عائلة شابلن.
2009: بعد سلسلة مطوّلة من الإجراءات (بين أخذ وردّ ومعارضة واستئناف)، قامت المؤسسة ومعها “متحف شابلن للتنمية” “Chaplin Museum Development SA” بتقديم طلبٍ للحصول على ترخيص للبناء.
2010: إذا لم يحصُـل استئناف ضدّ المشروع، فمن المُـفترض أن تبدأ الأشغال في شهر يونيو القادم، على أن تتم مراسيم الافتتاح بعد ذلك بعامين.
المساحة: تبلغ مساحة المُـمتلكات التابعة لعائلة شابلن 132.858مترا مربّـعا، بالإضافة إلى المزرعة التي مساحتها 1572 مترا مربّـعا، والمرافق ومساحتها 1572 مترا مربّـعا، والمباني الجديدة ومساحتها 2000 مترا مربّـع.
تكلفة المشروع: 50 مليون فرنك، منها 20 مليونا للمباني و15 مليونا للمتحف التصويري.
العدد المتوقّـع للزوار: 300 ألف زائر سنويا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.