أسطورة ويليام تيل في الخدمة!
كلما التفت المرء حوله في سويسرا وجد ما يذكره بشخصية ويليام تيل الأسطورية. يجده في شراب الجعة أو الزبدة أو المطاعم أو محطات التلفزيون أو حتى في مرآب السيارات!
لكن الاستخدام، المبالغ فيه أحيانا، لاسم الأسطورة تيل وقوسه الشهير لا يرتبط بالرغبة في تسويقه تجارياً بل يعبر واقعيا عن الخصائص التي تجعل من سويسرا .. “سويسرية”!
يوجد في سويسرا أكثر من 50 مطعماً يحمل أسم شخصية ويليام تيل الأسطورية التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي.
لكن قلة من هذه المطاعم – وحتى نسبة أقل من المؤسسات الأخرى التي ألصقت بنفسها هذا الاسم – لها أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالرجل، الذي يرمز إلى مقاومة السويسريين لسيطرة الإمبراطورية الألمانية ورغبتهم في إنشاء دولة خاصة بهم.
على العكس من ذلك، معظم هذه المطاعم تقع في أقاليم بعيدة عن المنطقة التي عاش فيها (حسب الاعتقاد الشعبي)، والتي تتمركز حول لوتسرن في عمق سويسرا.
ولكي لا نقفز إلى استنتاجات قد تبدو بديهية، كأن نتهم هؤلاء بسعيهم إلى جني المال من ماركة “تيل”، من المهم أن نلفت انتباه القارئ إلى أن أسطورة تل تجسد كل القيم التي يعتقد السويسريون أنها تمثل بلادهم أحسن تمثيل، وبالتالي بضائعهم.. وخدماتهم.
قيم مثل “الدقة” و”الابتكار”..
هذه القيم تتلخص، كما يشرح الخبير رودولف هوربر من منظمة “العلامة التجارية السويسرية”، في التالي: “الدقة، القدرة على الاعتماد، المرونة، التكيف، الابتكار، والإحساس بالمسؤولية”.
تسمح المنظمة الرسمية التي يعمل فيها السيد هوربر للشركات المعتمدة بوضع علامة القوس والنشاب الشهيرة على بضائعها، للتدليل على أنها سويسرية الصنع أو على الأقل من تصميم سويسري.
ويقول السيد هوربر إن القوس والنشاب تحول إلى رمز سويسري فريد، معروف في كافة أقطاب المعمورة على أنه علامة جودة.
ادفع من أجل الجودة!
لكل ما سبق، أصبح قوس تيل ونشابه ماركة تسعى إليها الشركات السويسرية سعياً، لأنها تساعد على تبرير السعر العالي الذي تطالب به عادة زبائنها في مقابل بضائعها، وذلك مقارنة بمنافسيها.
ويشرح الخبير هوربر قائلاً “القوس مرتبط بويليام تيل، في الداخل وفي الخارج، وهو يضع القيم السويسرية في غلافٍ أفضل من أي شئ أخر”.
كل يروج باسمه على طريقته!
لم يبدأ كانتون لوتسرن في استثمار اسم ويليام تيل إلا أخيراً. هذا، رغم أن فيه ولدت الكنفدرالية، ومنه انبثقت أسطورة الرجل الذي لم يتردد في تصويب سهمه إلى تفاحة وضعت على رأس ابنه.
لكن الكانتون عندما بدأ في فعل ذلك اختار أسلوبا غامضاً. فالقادم إلى لوتسرن يواجه بلوحة عليها وجه ويليام تيل، ثم يجد نفسه بعد ذلك في كانتون يقدم نفسه له على أنه “سويسري الصنع”، كأنه في مجمله لا يزيد عن مدية جيب سويسرية.
لكن مدير إدارة السياحة في لوتسرن السيد ماريو لوتولف يقول “عملية تسويقنا (للكانتون) تقوم على أحداث تاريخية جرت وقائعها هنا. لذلك فإن رسالتنا هي عبارة “سويسري الصنع”، دون أن نذكر تحديداً اسم ويليام تيل”.
ويبدو أن لوتسرن، وهي المدركة لشهرتها بسبب الرجل الأسطورة، تبدو واثقة أنها حتى وأن اكتفت بعبارة غامضة كالتي استخدمتها، وبلوحة يتيمة مطبوع عليها وجهه البطولي، فإن رسالتها حققت هدفها.
سويس إنفو
شخصية وليام تل الأسطورية:
تشير الروايات إلى أن تل عاش في القرن الرابع عشر الميلادي.
كان رجل عائلة يعمل صياداً، وأشتهر بمقدرته على الرماية على القوس.
تنبثق أسطورته من تحديه لعائلة هابسبورغ الألمانية الحاكمة، وقتله لشريفها.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.