مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تتعهد بتعزيز حماية مواقعها المُصنّفة من قبل اليونسكو

في عام 2014، كانت مدرّجات الكروم بلافو في قلب صراع محتدم بين المدافعين عن البيئة وصانعي النبيذ حول درجة التطوّر والتغيّر التي يجب السماح بها في هذه المنطقة المحمية من طرف اليونسكو. swiss-image.ch/Marcus Gyger

على الرغم من أنها تحتضن أحد عشر موقعا مُصنفة ضمن التراث الإنساني العالمي، فإن سويسرا "لا تدرك القيمة الحقيقية لهذا الثراء الثقافي والجهود الضرورية للمحافظة عليه"، كما يحذّر مسؤول سويسري باليونسكو.

وبغض النظر عن من صغر حجمها، يوجد في سويسرا 11 موقعا مُدرجا على قائمة اليونسكو للتراث العالميرابط خارجي، بما في ذلك مدرّجات كروم لافو المُشرفة على بحيرة ليمان، ومدينة برن القديمة، ودير سانت – غالن.

ولكن هذه المواقع “ليست مجرّد احدى عشر قطعة متحفية”، بحسب جون برنار مونش، رئيس الوفد السويسري لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للامم المتحدة (يونسكو): 

مونش كان ضمن مائتي (200) مسؤول من الإدارة الفدرالية ومن الكانتونات والجمعيات، والقطاع السياحي الذين ينشطون من أجل تعزيز الوعي وتوفير الحماية اللازمة لهذه المواقع، اجتمعوا يوم الإثنيْن 23 مارس 2015 في العاصمة برن للتوقيع على “ميثاق الإشراف على مواقع التراث الإنساني العالمي في سويسرا”.

ووفقا لمونش، فإن وعي الجمهور السويسري بأهمية هذه المواقع “يتعزّز”، وهو يشدّد على أن “كل سويسري يعرف هذه المواقع ويفتخر بها”، لذلك يأمل رئيس اللجنة البناء على هذا الأساس. 

“على نفس المستوى”

الميثاق الجديد، والذي كان موضع تفكير منذ عدة سنوات، ليس له أي بُعد ثوري أو استثنائي، وهو يهدف بالأساس إلى ضمان أن يكون جميع العاملين في هذا المجال على “نفس المستوى من الإدراك والفهم والوضوح”.

مونش أضاف أيضا أن “إدارة المواقع كانت في أغلب الأحيان مسألة معقّدة، ومن المهمّ جدّا صياغة الأمور على ورقة بما يسمح لنا جميعا بفهم نفس الشيء. ففي الماضي، كانت إدارة هذه المواقع تتم بشكل منفصل ومنفرد، وعانت مواقع عدّة من العزلة والإهمال”. ولم يفته التأكيد على أنه “لا توجد أي تشريعات سويسرية خاصة بإدارة هذه المواقع التراثية”.

ومنذ إنشاء شارة التراث الإنساني العالمي في عام 1972، توسعت قائمة اليونسكو للمواقع العالمية لتتجاوز 1000 موقع موزّعة على 161 بلدا. وصادق ما مجموعه 191 بلدا على الإتفاقية المتعلّقة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي”. وقامت سويسرا بذلك في عام 1975.

للتذكير، انضمت سويسرا، بلد جبال الألب الصغير، لأوّل مرة إلى هذه القائمة سنة 1983 بعد إدراج كلّ من المدينة القديمة وسط العاصمة برن ودير القديس يوحنا للرّاهبات في قرية موستاير في كانتون غراوبوندن ودير سانت غالن في شمال شرقي البلاد.

وفي العام الماضي، كانت مُدرجات الكروم بمنطقة لافو Lavaux، التي اكتسبت صفة التراث الإنساني العالمي في عام 2007، في قلب صراع محتدم بين المدافعين عن البيئة من جهة والمدافعين عن تطوير صناعة النبيذ والخمور من جهة أخرى حول المدى المسموح به من التطوير في المناطق التي تحميها اليونسكو. وفي مايو 2014، رفضت غالبية من الناخبين مبادرة تدعو إلى سنّ قواعد أكثر صرامة.

وفي هذا الصدد، أشار مونش إلى أن ذلك التصويت كان “مُؤشّرا واضحا على سوء الفهم الذي يُحيط بالمواقع التراثية وبوضعها كفضاءات محمية”.  

“مشهد متطوّر”

المسؤول السويسري أضاف: “لا تهدف الإتفاقية الدولية إلى (نقش الأشياء على الحجر). وتدرك اليونسكو أن هذه المواقع يجب أن تتوفّر لها الحماية، وأن تكون مجالا لتدابير للبحث والمحافظة، ولكن يجب أيضا أن تواكب وتتطوّر مع حياة الناس الذين يعيشون بجوارها”.

وأوضح مونش أن “لافو ليست مشهدا طبيعيا، بل هي قرية بناها صانعو النبيذ المحليين. وإذا انتفى وجود صانعي النبيذ، سوف لن تكون أيضا لافو. كلاهما مقترنان ببعضهما البعض”.

لقد ازداد عدد المواقع السويسرية المُدرجة على قائمة اليونسكو بشكل تدريجي. ففي عام 2011، أدرج 56 مسكنا بدائيا توجد قرب بحيرة نوشاتيل على القائمة. وفي الأثناء، لا زال مشروع دولي آخر بشان المهندس المعماري السويسري لو كوربوزييه Le Corbusier، ينتظر قرارا رسميا.

وفيما أشار مونش إلى أنه لا توجد مشاريع جديدة في الأفق، إلا أن المكتب الفدرالي للثقافة “منفتح أكثر” على “طلبات جديدة”، بعد أن خففت سويسرا من مبادراتها في هذا المجال.  

التراث غير المادي

إلى جانب المواقع الإحدى عشر في سويسرا التي تحميها اتفاقية التراث الإنساني العالمي، تدرس سويسرا إمكانية التقدّم بطلب للحصول على حماية خاصة ببعض المواقع أو التقاليد الموسومة بـ “التراث الثقافي غير المادي”.

هذا الصنف من التراث يمكن أن يشمل موسيقى اليودل، وصناعة الساعات، والتقاليد السويسرية في مجال تصميم الرسوم البيانية والمطبعية – والتي يجسدها خط هيلفيتيكا Helvetica – أو مهرجان صانعي النبيذ في فوفي Vevey، الذي ينظّم دوريا كل 20 عاما.

ومن المحتمل أن يشمل هذا النوع من التراث اللامادي كذلك احتفال الرعاة في جبال الألب بنزول مواشيهم من المراعي الجبلية في الخريف أو صعودها إليها من جديد في الصيف، فضلا عن مواكب عيد الفصح في بلدة ميندريزيو Mendrisio، أو الكرنفال التقليدي لمدينة بازل.

ومن المتوقّع أن تتخذ سويسرا قرارا نهائيا بهذا الشأن في وقت متأخر من شهر مارس 2015. 

يُشار أخيرا إلى أن الكنفدرالية صادقت على اتفاقية اليونسكو  الخاصة بحماية التراث الثقافي غير الماديرابط خارجي في عام 2008.

(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية