معرض الكتاب في جنيف: كثافة الإهتمامات مثار جدل.. وحضور عربي باهت
تلتئم حاليا في جنيف الدورة الرابعة والعشرين للمعرض الدولي للكتاب والصحافة في جنيف باستضافة السويد كضيف شرف وبتنظيم المعرض السابع للكتاب والثقافة الإفريقية. أما الحضور العربي فتمثل في اشتراك 34 دار نشر جزائرية في جناح واحد ترعاه وزارة الثقافة وحضور عدد من دور النشر والجامعات السعودية ضمن جناح قنصلية المملكة في جنيف.
هل تحول المعرض الدولي للكتاب والصحافة إلى مجرد فسحة سنوية يجوب فيها الزوار أروقته ومختلف أجنحته، أم فرصة دورية لتجديد متعة القراءة والتعرف على الجديد في مجال النشر والإبداع؟
تساؤل طرحه عدد من المفكرين ومن عشاق القراءة هذا العام رغبة منهم في لفت الإنتباه الى خطر تعدد النشاطات التي أصبح يشتمل عليها المعرض بدءأ بتوسيع نشاطاته من الكتاب إلى الصحافة ثم إلى برامج التعليم والتكوين والجامعات والمعاهد الخاصة وصولا إلى المنظمات التابعة للأمم المتحدة وغير الحكومية وأخيرا إلى تنظيم أكبر قاعة عرض للفنون التشكيلية في قالب معرض ضخم لأروقة الفن التشكيلي من مختلف أنحاء العالم.
لكن مع طرح هذه التساؤلات، استمرت الدورة الرابعة والعشرون التي تنتظم في قصر المعارض بجنيف من 28 أبريل إلى 2 مايو 2010، في تقديم ما تعوّد المعرض على توفيره لزواره من فقرات قارة تشمل معارض دور النشر من مختلف أنحاء العالم، وحضورا ملفتا لكبريات الصحف السويسرية والمؤسسات التعليمية العليا والخاصة والمنظمات الدولية وغير الحكومية.
وقد تمت استضافة السويد كضيف شرف لهذا العام بجناح يعرض إلى جانب شخصيات ذاع صيتها عالميا مثل الفريد نوبل وإنغريد بيرغمان ومجموعة آبا الموسيقية، أدباء مبدعين لم تُتح فرصة التعرف عليهم للجمهور العريض. كما يقدم هذا الجناح لمحة ضافية عن الرواية البوليسية في السويد التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى محفّز يُسهم في تجديد هذا الصنف من الكتابة في كامل أوروبا.
أما الضيوف من المقاطعات المجاورة فقد تم توجيه الدعوة إلى مقاطعة Savoie من فرنسا المجاورة وإلى منطقة “فرانش كونتي” السويسرية.
وقد تم أيضا تخصيص معرض للفنان فيليكس فالوتون الذي ولد في لوزان بسويسرا في عام 1865 وتوفي بباريس عن عمر يناهز الستين عاما. ويشتمل المعرض الذي خصص لهذا الفنان الذي فرض اسمه في عالم الفن بفضل نقوشه على الخشب، على حوالي أربعين لوحة من أعماله تجسد ثلاثة مواضيع مفضلة لديه وهي: “الطبيعة المركبة، والطبيعة الميتة، والطبيعة البشرية”.
وبعد أن ضمن الساهرون على تنظيم المعرض الدولي للكتاب والصحافة في جنيف مشاركة حوالي 750 عارضا يقدمون من 15 بلدا، يتوقعون أن يصل عدد الزوار إلى حوالي 100 الف شخص، وهو رقم سبق للمعرض ان حققه من قبل.
حضور جزائري متعدد
إذا كان الحضور العربي في المعرض الدولي للكتاب والصحافة في جنيف قد عودنا على التذبذب ما بين حضور مكثف عندما يكون ضيف الشرف من البلدان العربية، وغياب يكاد يكون تاما في غير ذالك باستثناء حضور أجنحة بعض المراكز الرسمية التي تروج لانتاج معين (ليبيا من خلال مركز الكتاب الأخضر والتي غابت هذه المرة، و القنصلية السعودية في جنيف عبر مركز طباعة المصحف الكريم وبعض الجامعات، والحاضرة هذه المرة أيضا)، فإن المشاركة العربية هذه المرة عززت بجناح جزائري لوزارة الثقافة يشتمل على مشاركات من 34 دار نشر جزائرية.
عن هذه المشاركة يقول السيد محمد إيغرب، مدير التوزيع بالمؤسسة الوطنية للفنون الغرافية والمسؤول عن الجناح الجزائري: “لدينا في هذا الجناح مشاركة مكثفة تعكس واقع قطاع النشر في الجزائر وذلك من خلال عمل 34 دار نشر جزائرية بحوالي 630 عنوانا وأكثر من 4000 كتاب في مختلف التخصصات، أساسا في التاريخ والأدب وبالتحديد القصة والكتاب الفني والتراث”.
الجزائر التي كانت ضيف الشرف في معرض الكتاب والصحافة في جنيف سنة 2006، عادت اليوم بجناح مشترك للناشرين تشرف عليه وزارة الثقافة، ويشير السيد محمد ايغرب إلى أن “هذا المجهود الذي قامت به وزارة الثقافة الجزائرية والمتمثل في تحمل نفقات نقل الكتب وحجز الجناح يُعتبر مجهودا معتبرا نظرا لكون هاتين النفقتين هما اللتان تحولان عادة دون مشاركة دور النشر في مثل هذه المعارض”.
وينوه السيد محمد ايغرب إلى أن هذه الطريقة “أصبحت متبعة من قبل الجزائر عند المشاركة في مختلف المعارض الإقليمية والدولية مثل معرض الدار البيضاء أو معرض تونس وأبو ظبي وباريس وهي اليوم تطبق في معرض جنيف”.
ولدى سؤاله عن ردود الفعل في حوار أجري معه في اليوم الثاني لافتتاح المعرض، ذكر السيد ايغرب أن “رد فعل الجمهور في معرض الكتاب في جنيف حارّ ومرحب بهذا التواجد الجزائري ولكن الجانب التجاري مازال يعرف بعض الركود”.
معرض الفن في صيغة جديدة
في سياق متصل، يتزامن انعقاد دورات معرض الكتاب والصحافة منذ سنوات مع تنظيم أكبر قاعة عرض للفنون التشكيلية في العالم، من خلال إقامة معرض خاص تشارك فيه الأروقة الفنية من مختلف دول العالم ومنها بعض الدول العربية (تونس، لبنان، المغرب، مصر..).
ولكن معرض الفنون التشكيلية شهد تغييرا ملفتا هذا العام حيث تحولت تسميته من “أوروب آرت” إلى “آرت باي جنيف”، كما تطور من مجرد سوق مفتوحة يجد فيها الزائر كل ما يبحث عنه من منتجات الحرف التقليدية الى إبداعات الفن التشكيلي الراقي، لكي يصبح قاعة عرض عملاقة تستهوي هواة جمع التحف النادرة والأعمال الفنية المميزة بدل استقطاب الجمهور العريض.. وهو ما يفسر التراجع الملحوظ في عدد مُرتادي هذا الجناح هذه الدورة.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
خصص معرض الكتاب والصحافة في جنيف حدثين لشخصيتين ادبيتين فرنسيتين هما آلبير كامو الحائز على جائزة نوبل للسلام في عام 1957 عن كتابه الذي يعالج المشاكل التي تواجه الضمير الإنساني في مواجهة أحداث العالم.
هذا الكتاب يجد مكانته في واقع اليوم وفي كيفية مسائلة الضمير الإنساني عن العديد من الإنحرافات التي يعرفها العالم سواء في الميدان الاقتصادي والمالي أو السياسي والأمني بل حتى الأخلاقي. وذلك من خلال تخصيص معرض يهتم بإحياء الذكرى الخمسين لوفاة آلبير كامو.
الحديث عن آلبير كامو سوف لن يقتصر على تمجيد ما هو خرافي عن حياة هذا الرجل بل سيخصص حيز لانتقاد ما هو معروف عن هذا الرجل الملتزم بالدفاع عن بعض القضايا حتى عكس تيار مثقفي عصره، وذلك من خلال مناقشة الكتاب الجديد لجون لوك مورو الذي يسوق لأول مرة في معرض جنيف والذي يحمل عنوان “كامو الذي لا يمكن المساس بسمعته”.
والشخصية الثانية التي احتفى بها معرض الكتاب بشكل خاص، هو بول روبير مؤلف قاموس “لوبوتي روبير” أو “روبير الصغير” بمناسبة مرور 100 عام على ولادته.
ويشاء القدر أن يكون للشخصيتين علاقة بالجزائر الأول كتب عن الجزائر “كتاب الطاعون”، والثاني ولد في الجزائر وطور فكرة قاموسه هناك وهو ما حدا بالمشرفين على المعرض تسمية الاحتفال المخصص له بـ “قاموس ُولـد في الجزائر”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.