مهرجان لوكارنــو يُكــرّم تاريــخ السينــما
رُبما لن يُفرش في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي نفس البساط الأحمر الذي يشتهر به مهرجان "كان" الفرنسي، ولكن سحر النجوم ولمعانها لن يغيبان عنه.
فهو ينتظر هذا العام مشاركة باقة من الأسماء الشهيرة مثل الممثل الفرنسي آلان دولون، والممثلة البريطانية شارلوت راملينغ، وزميلتها الإيطالية أورنيلا موتي، والمغني والممثل الأمريكي هاري بيلافونتي. وستسلط الأضواء أيضا على الإنتاجات الوطنية في هذه الدورة الخامسة والستين لأكبر مهرجان سينمائي سويسري.
أعدّ المدير الفني للمهرجان أوليفي بير لهذه الدورة – التي ستتواصل من 1 إلى 11 أغسطس 2012 – برنامجا ثريا ستلمع فيه كبار النجوم وصغارها وتتناوب على شاشته إبداعات مُتنوعة من بينها سينما المؤلف والأشرطة الوثائقية التجريبية.
وبصفته المدير التنفيذي للمهرجان للسنة الثالثة على التوالي، ركـّز بير مرة أخرى على الجودة السينمائية، دون إغفال تلك اللمسة السحرية التي تضفيها زيارة مشاهير الفن السابع على أروقة المهرجان وعلى قلبه، ساحة بياتزا غراندي في الهواء الطلق.
إقران جودة الأعمال المعروضة بدعوة المشاهير وصْفة تمكنت خلال السنوات الاخيرة الماضية من إرضاء عشاق السينما والجمهور الواسع. وضمن هذه السياق، قال بير في تصريحاته لـ swissinfo.ch: “إن المهرجان مختبر للأفكار، ومكان للاكتشاف، ولكنه أيضا بمثابة تكريم للسينما، ولتاريخها، ولمن أسهموا في بنائه”.
ويتضح هذا من خلال حضور الممثل والمخرج الفرنسي آلان دولون الذي سيتسلـّم في لوكارنو “جائزة إنجاز الحياة” لكامل مسيرته الفنية الطويلة، أو من خلال تكريم أوتو بريمينغر، المخرج الأمريكي من أصل نمساوي (1906-1986)، الذي ستكون أعماله محور “الفقرة الاستعادية” لمهرجان لوكارنو، والتي باتت حدثا يميز بالفعل هذه التظاهرة الفنية.
سماء لوكارنو تمطر نجوما!
مثل السنة الماضية، ستــُسلط الأضواء على السينما الأمريكية في ساحة بياتزا غراندي، رفقة شخصيات من “العيار الثقيل” مثل المخرج ستيفن سودربيرغ بشريط “ماجيك مايك” (Magic Mike) وجوناتون دايتون وفاليري فاريس اللذين سيقدمان فيلم “روبي سباركس” (Ruby Sparks) في أول عرض دولي. أما فيلم الافتتاح فسيكون للبريطاني نيك لوف بشريط “سويني” (Sweeney) ، وهو فيلم روائي مستوحى من مسلسل تلفزيوني بوليسي كان يحظى بشهرة واسعة في بريطانيا في عقد الستينات.
وستكون السينما الأمريكية حاضرة هذا العام أيضا في المسابقة الدولية للمهرجان بأعمال لمخرجين مستقلين شبان. ومن بين الأفلام الـ 19 المتنافسة على جائزة “الفهد الذهبي”، ومن بينها 13 عرضا عالميا أولا، سيشاهد الجمهور إبداعات عدد من مشاهير السينما العالمية مثل البرتغالي جاوو بيدرو رودريغيس، الذي يتنافس للمرة الأولى على جائزة المهرجان بشريط “última vez que vi Macau” (آخر مرة رأيت فيها ماكاو)، أو الفرنسي جون-كلون بريسو بفيلم “La fille de nulle part” (الفتاة التي أتت من حيث لا أحد يدري).
وبعد التكريم الذي خصـّصه المهرجان في دورات ماضية لفنانين مثل المخرج البريطاني كين لوتش، والفرنسي- السويسري جون-لوك غودار، والسويسري آلان تانير، سيسلم فهد الشرف هذا العام للمخرج الفرنسي ليو كاراكس الذي حقق فيلمه الأخير “هولي موتورز” نجاحا كبيرا، في أوساط الجمهور والنــّقاد، بمهرجان كان. أما “جائزة الامتياز” فستُمنح للممثلة البريطانية شارلوت رامبليغ التي تقمصت دور لوسيا في فيلم “بواب الليل” عام 1974.
السّينــما السويســرية
مرة أخرى هذا العام، يسجل الفن السابع السويسري حضورا قويا في مهرجان لوكارنو بحيث يشارك بـ37 شريطا في فئات متعددة. ولكن على عكس ما حدث في الدورات الماضية، سيبرز هذه المرة مخرجون من المناطق السويسرية المتحدثة بالألمانية.
ويتنافس على جائزة “الفهد الذهبي” شريطان وثائقيان، وهو نوع سينمائي تبرع فيه سويسرا و”احتلت فيه مكانة متزايدة الأهمية من حيث الإبداع الفني” حسب تعبير أوليفيي بير. “نهاية الزمان” (The End of Time) للمخرج بيتر ميتلر هو فيلم شاعري عن مفهوم الوقت، و”مشكلة صورة” (Image Problem)، أول فيلم لسيمون بومان وأندرياس بفيفنر، هو شريط وثائقي فكاهي بفضل سلسلة من الأحداث المتقلبة والمدهشة.
وسيكون لماركوس إيمهوف شرف اختتام المهرجان في ساحة بياتزا غراندي بشريطه الوثائقي الأخير بعنوان “أكثر من المال” (More than Money) في أول عرض عالمي. وهو يتضمن رسالة بيئية قوية، ويهدف، على حد قول المدير الفني للمهرجان، إلى إقناع جمهور دولي. وسُيعرض أيضا على الشاشة العملاقة للمهرجان في الهواء الطلق إنتاجان سويسريان آخران لكل من كريستوف شاوب وميكاييل شتاينر.
سويسرا الناطقة بالإيطالية، التي تستضيف المهرجان، ستكون مُمثَّلة بنيكولو كاستيلي بشريط “Tutti giù” (انبطحوا جميعا)، والذي يتميز بمشاركة بطلة التزلج السويسرية الشابة لارا غوت، وكذلك بأليس ريفا التي تقدم فيلم “ Il Vulcano” (البركان) في قسم “فهود الغد”.
نظرة إلــى الوراء
ومن الفئات الجديدة التي تتضمنها الدورة الخامسة والستين للمهرجان، القسم المخصص لتطور السينما بعنوان Histoire(s) du cinéma (تاريخ/تواريخ السينما) في إشارة إلى التحفة الفنية للمخرج الفرنسي-السويسري جون-لوك غودار. وسيعرض خلال أيام المهرجان العشرة حوالي خمسين من الأفلام السويسرية والدولية التي تم تحديثها تقنيا.
وجدير بالإشارة إلى أن المهرجان سيمنح فهدا تكريميا لكامل المسيرة الفنية لكل من المخرج والمنتج الصيني جوني تو، صاحب فيلم “Life without Principle” (حياة بدون مبادئ)، والموسيقي والممثل الأمريـكي هاري بيلافوني. كما يُكرم المهرجان السينما الإيطالية ممثلة بأورنيلا موتي، والممثل ريناتو بيتزو، والمخرج دينو ريسو.
إيــطاليا غائبة
وعدا تكريم المشوار الفني لأورنيلا موتي، لا تُمـَثل إيطاليا في المهرجان إلا في إطار المسابقة الدولية بفيلم “Padroni di casa” (ربّ البيت) لإيدواردو غابرييليني بمشاركة إيليو جيرمانو، وفاليريو ماستراندريا، وجياني موراندي، وفاليريا بروني تيديتشي.
هل هو اختيار فرض نفسه؟ يجيب أوليفيي بير: “مهرجان لوكارنو ليس بأولية بالنسبة للسينما الإيطالية. إنها قصة حب معذبة بين جارين قريبين، وتزداد تعقيدا بسبب مهرجان البندقية. ونحن نجد صعوبة أقل في جلب أفلام أمريكية أو يابانية مقارنة مع الأفلام الإيطالية…”.
ينبغي إذن على عشاق السينما الإيطالية أن يكتفوا هذا العام بالغوص في ذكرياتها. ومن يدري، ربما قد يصادفون في شوارع لوكارنو النظرة المُربكة للحسناء أورنيلا موتي، أو الابتسامة الساخرة لريناتو بوزيتو.
بالتعاون مع خزينتي الأفلام السويسرية والفرنسية، يُخصص مهرجان لوكارنو هذا العام مراجعة واسعة لأعمال أوتّو بريمنغر (1905 – 1986)، أحد أبرز مخرجي هوليوود من ذوي الأصول الأوروبية.
من 1 إلى 11 أغسطس 2012، سيتم عرض 40 شريطا من إخراج بريمنغر من فئة 35 ملم.
على غرار المراجعات التي خصصت لكل من أرنست لوبيتش (سنة 2010) وفينسينتي مينيللي (2011) ستكون العروض مصحوبة بفقرات ومداخلات مقدمة من طرف سينمائيين وممثلين ونقاد متواجدين في لوكارنو.
من بين المدعوين لحضور التظاهرة نجد المطرب والممثل الأمريكي هاري بيلافونتي والملحن بول غلاس والممثلة الفرنسية ميلان دومونجو التي ستتحدث عن ذكريات عملها مع أوتّو بريمنغر.
ترمي فعالية “أبواب مفتوحة” التي يجري تنظيمها بالتعاون مع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون إلى التعريف بمخرجين ومنتجين من بلدان الجنوب ومن أوروبا الشرقية إضافة إلى السينما المستقلة.
في كل عام، تسلط هذه المبادرة الأضواء على منطقة ما من العالم. وفي هذه الدورة، وقع الإختيار على افريقيا السوداء الفرنكوفونية.
أكدت العديد من الشخصيات السينمائية الإفريقية المرموقة حضورها في لوكارنو. ومن بينها المخرجان إدريسا وادراوغو وغاستون كابوري من بوركينا فاسو.
(نقلته إلى العربية وعالجته: إصلاح بخات)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.