تغلب الصفرة على المناظر الطبيعية، وكأنها في إقليم توسكانا الإيطالي. كما ترتفع حرارة البحيرات. أما أنهار الجليد فتنحسر عن جثث كانت مدفونة تحتها. لقد أصبحت سويسرا عام 2022 فريسة للحرارة المستمرة، التي لا تكاد تسمح بسقوط أمطار.
تم نشر هذا المحتوى على
لدى سويسرا العديد من الوجوه، وكل منها يُطلِعُنا على حكايات لا تُحصى. أنا أهتم بالبلاد بكل تنوعها. أحب التحدث عن الزراعة والبنوك، والدبلوماسيين والمصارعين، كما يهمني تسليط الضوء على الامتياز الصناعي وأبرَز المعالم الثقافية في البلاد.
وَلَدتُ في إنجلترا وأعيش في سويسرا منذ عام 1994. التحقتُ بجامعة زيورخ لدراسة تصميم الغرافيك بين عامي 1997-2002. انتقلت في الآونة الأخيرة للعمل كمحررة للصور، والتحقت بفريق swissinfo.ch SWI في مارس 2017.
بالتعاون مع وكالة SDA - Keystone وقناة الاذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطة بالألمانية SRF
على مدار العام بأكمله شهدت سويسرا، خاصةً غربها وجنوبها، تراجعاً حاداً في كمية الأمطار المتساقطة، مقارنةً بمعدلاتها طيلة السنوات الماضية، على حد ما كتبته خدمة الأرصاد الجوية “ميتيو نيوز” (أخبار الطقس). حيث تناقصت كمية الأمطار بنسبة 54 في المائة، مقارنةً بالمعدل المناخي. أما في الجنوب، فإن ندرة المياه قد تكون بالفعل هي الأسوأ منذ بدء قياسها، وفقاً لما صرح به خبير المياه ماسيميليانو زابا. هذا بينما كان ربيع الشمال جافاً بالفعل.
في الأثناء، يسود بحسب المكتب الفدرالي السويسري للبيئة نقص في رطوبة الأرض في كافة أنحاء سويسرا، وكذلك جفاف شديد في الغابات، وتراجع في مستوى البحيرات، وارتفاع في درجات حرارة المياه. كما أن مستوى المياه الجوفية أصبح بالفعل متدنّيا إلى حد ما.
أما في هذا الأسبوع، فيتسبب المرتفع الجوي “أوسكار” في المزيد من الجفاف. وبالنسبة لشمال سويسرا، نجد أن هذا النمط من الظواهر الجوية قد ترسّخ بالفعل، وأدى إلى استمرار هذا المناخ الصيفي واستقراره. وفي ظل هذا المناخ، لم يعد هناك أمل في نزول المطر.
الري باستخدام الطائرات المروحية
في سياق متصل، وبسبب نقص الأمطار يقوم الجيش بنقل المياه فوق عدة مراعٍ جبلية في مختلف الكانتونات باستخدام الطائرات المروحية. ويهدف هذا العمل في المقام الأول إلى الحفاظ على الحيوانات وإمدادها بالمياه.
محتويات خارجية
في كل مكان تقريباً يسود خطر عظيم بحدوث حرائق في الغابات. بل إن خريطة الأخطار الصادرة عن المكتب الفدرالي للبيئة ، قد اصطبغ أغلبها باللون الأحمر. لذلك فقد حظرت معظم الكانتونات في الأثناء إشعال النار في الهواء الطلق.
منظر طبيعي عام وكأنه في توسكانا
نشير في هذا الصدد إلى ما صرحت به المؤسسة السويسرية لحماية المناظر الطبيعية والتخطيط هذا الأسبوع، حيث أوضحت أن الاحتباس الحراري قد أدى إلى تغير المنظر الطبيعي العام في سويسرا في العقدين الأخيرين بدرجة ملحوظة. ففي منطقة الهضبة الوسطى، أصبح المنظر العام يشبه إقليم توسكانا الإيطالي بصورة متزايدة، بحسب تصريحات المؤسسة.
وبالفعل، تراجعت هيمنة اللون الأخضر في فصل الصيف، وبدأت درجات ألوان صفراء وبنية باهتة في الظهور بقوة. ومن اللافت للنظر كذلك، ظهور حقول من الأعشاب الجافة الصفراء. كما أن اللون الأصفر أصبح يظهر في وقت مبكر للغاية على أوراق الأشجار المُورقة في الغابات. وكل هذا يشبه ما نعرفه من مناظر عامة للوديان الجافة في وسط إيطاليا.
ارتفاع في درجة حرارة المياه
فضلاً عما سبق، فإن المسطحات المائية تتعرض كذلك لارتفاع حرارتها وجفافها جزئياً. فالأسماك التي تعتمد على درجات حرارة أبرد، تُعاني. إلا أنه لم يحدث نفوق جماعي لها مثل ذلك الذي وقع عام 2018، وهذا بفضل الكثير من الليالي التي شهدت انخفاضاً لدرجات الحرارة.
في المقابل، يستشعر من يتجه للسباحة الآثار الناجمة عن ارتفاع حرارة المسطحات المائية. ففي البحيرات تنتشر الطحالب باطّراد ـ كما أن الذانبة، وهي نوع من المثقوبات الطفيلية التي تتسبب في ظهور بثور على الجلد، قد تفشت في بعض مناطق الاستحمام.
استمرار غير معهود
جدير بالذكر ما أكدته الأرصاد الجوية السويسرية، أو المكتب الفدرالي للأرصاد الجوية وعلوم المناخ، فيما يتعلق بأحداث الطقس من أننا إذا نظرنا لدرجات الحرارة المرتفعة وحدها، فإن هذه الموجات من السخونة التي عايشناها، لم تكن أمراً غير اعتيادي. بل إن المختلف حقاً هو استمرارها وشدتها ـ قياساً على معدلات الحرارة أثناء النهار.
سلسلة مكتشفات الأنهار الجليدية
من ناحية أخرى، فإن ذوبان الأنهار الجليدية، يجعلها تنحسر باستمرار عن جثث لأشخاص فُقدوا منذ عشرات السنين. ففي السادس والعشرين من يوليو الماضي، وغير بعيد من جبل ماترهورن، ظهرت للعيان الرفات المحنطة بفعل البرودة لأحد متسلقي الجبال. وفي هذا الأسبوع، عُثر على هيكل عظمي بشري فوق نهر جليدي آخر بكانتون فاليه. وفي نفس الكانتون، وتحديداً في نهر آليتش الجليدي، تكشفت يوم الرابع من أغسطس الجاري أجزاء من طائرة سياحية سقطت هناك في يونيو من عام 1968. كما انحسرت الثلوج عن قذيفة مدفعية لم تتفجر بالقرب من بلدة زيرمات.
ختاماً، فإن جميع خبراء المناخ متفقون على أنه لا فرصة لنزول أمطار على كافة أنحاء سويسرا حالياً وحتى إشعار آخر.
المزيد
نقاش
يدير/ تدير الحوار:
باتريسيا إيسلاس
ما الذي يُمكن القيام به لحماية الناس من آثار موجات الحر؟
في أجزاء كثيرة من العالم، يُعاني الناس بشكل متزايد من الحرارة الشديدة. كيف تتعامل شخصيا مع ارتفاع درجات الحرارة؟
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
صور درامية تكشف حجم تراجع الأنهار الجليدية
تم نشر هذا المحتوى على
المصور السويسري فابيان أوفنر قام ببرمجة طائرة بدون طيار باستخدام بيانات علمية لتوضيح كيفية تراجع الأنهار الجليدية السويسرية على مدار 140 عامًا الماضية.
اختفاء الأنهار الجليدية السويسرية سيغذي النزاعات بشأن المياه
تم نشر هذا المحتوى على
بتلاشي الأنهار الجليدية في جبال الألب، تكون سويسرا قد خسرت محمية مائية مهمة، سترتد عواقبها على الزراعة والإنتاج الكهرومائي والملاحة في الأنهار الأوروبية الكبيرة. ولنبدأ بالأخبار السارة: في المستقبل، ستستمر الجبال المغطاة بالجليد في توفير ما يكفي من المياه خلال العام، وفق ما ذكررابط خارجي ماتياس هاس، مدير شبكة مراقبة الأنهار الجليدية السويسرية (غلاموس Glamos)،…
تم نشر هذا المحتوى على
ويعتبر صيف 2018 العام الأكثر جفافا في سويسرا منذ عام 1921، حيث تصل درجات الحرارة في المدن هذا الأسبوع إلى الذروة وينتظر أن تسجّل 35 درجة مائوية. وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل تحطيم الرقم القياسي لارتفاع درجة الحرارة المسجّلة في منطقة غرونو، جنوب شرق سويسرا في عام 2003، خلال هذا العام، فإن موجة الحر…
تم نشر هذا المحتوى على
يوجد في سويسرا حوالي 1500 بحيرة وتمتد الأنهار الجليدية فيها على مساحة 890 كيلو متر مربع بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الأنهار والجداول. حقائق تعزز الاعتقاد بأن سويسرا لا تعاني من أي مشاكل في إمدادات المياه. لكن في بعض الأماكن، يواجه السكان والمزارعون بانتظام نقصاً في المياه. وستتفاقم هذه الظاهرة نتيجة تغير المناخ وتراجع…
تم نشر هذا المحتوى على
“اليوم في جنيف، لامس عمود الزئبق عتبة 45 درجة مئوية، وعاشت الهضبة ووديان جبال الألب يومها الإستوائي العشرين منذ بداية السنة، وموجة الحرّ التي اجتاحت جبال الألب الجنوبية ومنطقة فاليه لأكثر من شهر سوف تستمر خلال الأسابيع المقبلة أيضا، وبسبب استمرار الجفاف، تمت دعوة السكان لتقليل استهلاك المياه”. وفي حدود عام 2060، قد تكون تلك…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.