مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التقرير الذي يضع الأونروا مُجددا في عين الإعصار

رجل يتحدث في ندوة صحفية وأمامه مجموعة من الميكروفونات
Keystone / Andre Pain

بسبب الاحتفال بالعيد الوطني يوم الخميس 1 أغسطس الجاري، اقتصرت تغطية الصحف السويسرية للشؤون العربية خلال هذا الأسبوع على متابعة تداعيات تقرير أممي تحدث عن وجود "سوء إدارة واستغلال سلطة من قبل مسؤولين على أعلى المستويات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

“في  الوقت الأسوأ”

بعد أن كشف تقرير صادر عن مكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة عن سوء إدارة واستغلال سلطة من قبل مسؤولين على أعلى المستويات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، اعتبرت صحيفة “24 ساعة”رابط خارجي أن هذا التقرير “يأتي في أسوإ وقت” بالنسبة للوكالة الأممية التي تواجه أزمة مالية غير مسبوقة بعد اتخاذ الإدارة الأمريكية قرارا بوقف كامل تمويلها (نحو 360 مليون دولار).

وفيما أشار التقرير الذي حصلت وكالة الصحافة الفرنسية وقناة الجزيرة القطرية على نسخة منه إلى انتهاكات خطيرة للأخلاقيات “ذات مصداقية” يطال بعضها المدير العام للوكالة السويسري بيار كرانبول، أكدت “أونروا” أنها تتعاون بشكل كامل مع التحقيق الجاري ولا يُمكنها إصدار أي تعليق قبل انتهائه.

المزيد
Pierre Krähenbühl and Ignazio Cassis

المزيد

سويسرا تعلق مؤقتا تمويلاتها لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين

تم نشر هذا المحتوى على ووفقا للإذاعة السويسرية العمومية الناطقة بالألمانية (SRF، فقد تم إبلاغ الوزارة بهذا الوضع من قبل المفوّض العام للوكالة، بيير كرينبول، يوم الإثنيْن 29 يوليو الجاري. ويزعم تقرير سرّي صادر عن مكتب الأخلاقيات في الأونروا أن أعضاء عاملين في الإدارة العليا للوكالة أساؤوا استغلال سلطاتهم، وشملت التهم المحسوبية والتمييز والإستغلال الجنسي. وذكر التقرير أن كرينبول كان يطالب…

طالع المزيدسويسرا تعلق مؤقتا تمويلاتها لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين

التقرير تضمن أيضا اتّهامات لبعض كبار مسؤولي الوكالة بالتورط في “سلوك جنسي غير لائق ومُحاباة، وتمييز وغيرها من ممارسات استغلال السلطة لمنافع شخصية وقمع المخالفين بالرأي تحقيقا لأهداف شخصية”. وبحسب الأونروا، فإن مسؤولا فيها ورد اسمه في التقرير استقال بسبب “سلوك غير لائق” على صلة بالتحقيق، كما استقالت مسؤولة اخرى “لأسباب شخصية”.

وفي حوار أجرته الصحيفة الصادرة بالفرنسية في لوزان نُشر في عددها الصادر يوم 31 يوليو 2019، لفت ريكّاردو بُوكّو، أستاذ علم الاجتماع السياسي في معهد الدراسات العليا في جنيف إلى أنها “ليست المرة الأولى في تاريخ الأونروا التي يُضطر فيها الفريق المُسيّر لمواجهة تحقيقات بشأن مزاعم بالفساد والمحسوبية أو تجاوزات من أجل تحقيق منافع شخصية”.

وبعد أن ذكّر بُوكّو المعروف بسعة اطلاعه على شؤون الوكالة الأممية بأنه “سبق أن أجريت تحقيقات في فترتي المفوض العام الدنماركي بيتر هانسن (1996 – 2005) وخلفة التركي إيلتر توركمان (1991 – 1996)”، استدرك قائلا بأن “هذه القضية تأتي في أسوإ لحظة بالنسبة للأونروا التي ستواجه صعوبات أكبر لإقناع بلدان مانحة بالتعويض ماليا عن انسحاب الولايات المتحدة في عام 2018”.

“وبما أن الصناديق فارغة تماما” كما يُلاحظ بوكو، فإن ما يحدث “أشبه شيء بطعنة خنجر في ظهر اللاجئين الفلسطينيين”، وأضاف متسائلا: “فهل ستتمكن مدارسهم من إعادة فتح أبوابها في شهر سبتمبر؟ ومن سيغطي تكاليف العلاج الصحي؟ ومن سيُوفر المساعدة الغذائية المهمة في قطاع غزة؟ وأين ستعثر دول المنطقة (أي سوريا ولبنان والأردن) على الأموال لتغطية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فوق أراضيها؟”.

أستاذ علم الاجتماع السياسي في معهد الدراسات العليا في جنيف اعتبر أيضا أن “هذه الحادثة الجديدة ستصب في مصلحة إدارة ترامب التي تُمارس الضغط على الفلسطينيين على أمل إرغامهم على القبول بخطة السلام التي تصوّرها صهره جاريد كوشنر. فلحد الآن، لم ينجح في إقناعهم بالموافقة عليها”.

يُشار أخيرا إلى أن المدير العام للوكالة بيار كرانبول صرح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه “إذا توصّل التحقيق الجاري، متى أنجز، إلى نتائج تقتضي تدابير تصحيحية أو إجراءات إدارية أخرى، فلن نتردد في اتّخاذها”.

“إصلاح الأونروا أو حلّها”؟

في صفحة الرأي، عالجت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ في عددها الصادر يوم 31 يوليو 2019 القرار الأخير الذي صدر عن وزارة الخارجية بإيقاف أيّ دعم إضافي تقدمه سويسرا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وذلك إلى أن تنتهي التحقيقات الجارية بشأن الاتهامات الموجهة للوكالة المتعلقة بسوء الإدارة والفساد. 

تحت عنوان “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – حل طارئ دائم مع عواقب سلبية على السلام”،رابط خارجي تناول مراسل الصحيفة من بيروت كريستيان فايسفلوغ القرار السويسري بالتحليل والوكالة بالنقد واستهل بالقول: “إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تحولت إلى حجر عثرة في وجه الجهود المبذولة للوصول إلى السلام، بعد أن كان القصد منها أن تكون حلاً مؤقتاً”. ثم يتناول آخر المستجدات المتمثلة بالتهم التي يصفها بـ “الثقيلة” الموجهة لإدارة الوكالة على أعلى المستويات من قبل مكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة، ولكنه يستدرك مؤكدا عود ليؤكد أن تلك التهم “لا تزال غير ملموسة ولا يمنك التوصل إلى نتائج مبنية عليها”.

ليس من المفاجئ بالنسبة للصحفي أن تعيش الوكالة “المحسوبيات” أو “الاستغلال للسلطة”، حيث أنّها تدير مبالغ تصل إلى 1.2 مليار دولار وهي مسؤولة عن 5 ملايين إنسان، وتشغل 30.000 شخص، معظمهم من الفلسطينيين، بالإضافة إلى ممارسة نشاطها في منطقة من العالم “فيها الفساد واسع الانتشار”، ولكن فايسفلوغ يرى في الوقت ذاته أنه “من السذاجة” الاعتقاد بأنّ الأونروا تستطيع الخروج من هذا المأزق بلا عواقب.

كما أنّه من الجدير بالذكر، بحسب الصحفي، أنّ “الاتهامات موجهة بالدرجة الأولى لأعلى سلطة في الوكالة، وهو السويسري بيار كرانبول”، الذي أنشأ وظيفة “مستشارة مساعدة” ليقدمها لعشيقته حسبما ورد في التقرير الأممي، ولكنه يقوم في الوقت ذاته –  على الرغم من النقد الداخلي المُوجّه له – بعمل لا بأس به حسبما يظهر للعلن، كما يؤكد الصحفي. فقد استطاع على سبيل المثال، سد الثغرة التي تسببت بها الولايات المتحدة في الميزانية عندما أوقفت مساعداتها للوكالة العام الماضي، وذلك عن طريق التواصل مع دول أخرى وتحصيل ما نقص في التمويل، وأيضاً يبدو الأمر على ما يرام هذا العام، ذلك أن النقص لا يتجاوز بحسب الصحيفة الـ 151 مليون دولار.

من جهة أخرى، يُذكّر الصحفي بالقوى السياسية التي تسعى، بغض النظر عن التحقيقات الجارية، إلى إصلاح أو حتى حلّ الوكالة نهائياً، ومنها الولايات المتحدة وإسرائيل. ولا ينسى فايسفلوغ التذكير بموقف وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس الذي شكك بدوره أيضاً بجدوى الأونروا. ومن خلال الأ{قام، حاول الصحفي تبرير ما ورد في عنوان مقالته، بأن الفكرة من وراء تأسيس الوكالة هي أن تكون حلاً مؤقتاً إلى حين أن يستتب وضع الفلسطينيين إلّا أنّها تحولت إلى حلّ دائم، بل وإلى مشكلة تقف في وجه اندماج الفلسطينيين في المجتمعات الجديدة التي يتواجدون فيها.

في البداية عندما أسّست الأونروا كان الهدف منها التخفيف على 700.000 فلسطيني لاجئ بالإضافة إلى إدماجهم في الدول التي هاجروا إليها، ولكن الوكالة لا تزال تعترف بالفلسطينيين كلاجئين حتّى وإن كانوا يحملون جنسية بلد آخر، هذا ما رفع أعداد اللاجئين الفلسطينيين إلى 5.4 مليون شخص، بحسب الصحفي، الذي يرى أيضاً أنّ “حقّ العودة الذي تجسّده الوكالة بالنسبة للفلسطينيين يقف حائلا دون الوصول إلى نتيجة في محادثات السلام في كل مرة يكون فيها الساسة الإسرائيليون جاهزين لتقديم التنازلات”، مضيفا أن “حق العودة هذا يشكل تهديدا لوجود إسرائيل كدولة ذات أغلبية يهودية”.

إصلاح الوكالة لا بدّ منه، بحسب رأي فايسفلوغ، والبلدان التي يتواجد فيها الفلسطينيون، كلبنان والأردن، يجب أن تجنّسهم وأن تتوقف عن تسجيلهم كلاجئين، ممّا سيقلص عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى النصف تقريباً، وأغلب هؤلاء يعيشون في قطاع غزة، وهناك لا بد لوزارة التعليم والصحة التابعة للسلطة الفلسطينية من الإشراف على المهمة التعليمية وإدارتها هناك، هكذا يتخيل الصحفي شكل الإصلاح المطلوب، ولكنه يعود ويصف هذا الإصلاح بـ “غير الواقعي، فحتى الآن لم تستطع إسرائيل وأمريكا الوصول إلى تحالف دولي يقف إلى جانبهما من أجل فرضه على المجتمع الدولي”.

ويختتم كريستيان فايسفلوغ مقالته بالتنويه إلى أن “أغلب الدول تعتقد أنّ الوصول إلى حلّ للنزاع وخاصة فيما يتعلق بحق العودة غير مُمكن إلّا من خلال مفاوضات تُقدم خلالها إسرائيل أيضا على القبول بحلول وسطى مؤلمة”، على حد قوله.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية