جولة جديدة من محادثات سلام بين الفرقاء السوريين: ماذا يحدث؟
تحتضن جنيف ابتداء من الثلاثاء 16 مايو الجاري جولة سادسة من المحادثات التي تدور برعاية الأمم المتحدة بهدف وضع حد للحرب الأهلية في سوريا. فيما يلي دليل موجز عن هذه المفاوضات السورية – السورية التي من المقرر أن تتواصل حتى السبت القادم.
يوم الإثنين 15 مايو، قال ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة إن محادثات السلام السورية في جنيف هذا الأسبوع يجب أن تستفيد من تنظيم أكثر إحكاما واتفاق للحد من العنف مهونا من شأن تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد تقلل من أهمية المحادثات. وأسفرت جولات سابقة من المحادثات عن اتفاق على أن تناقش الأطراف المُتحاربة جدول أعمال من أربعة أجزاء لكن لم يتحقق بعد أي تقدم بشأن أي منها. وتحت ضغط من الداعمين الدوليين اتفق الجانبان على مناقشة دستور جديد وإصلاح نظام الحكم وإجراء انتخابات ومحاربة الإرهاب لكنهما يختلفان بشدة بشأن ما يعنيه كل من هذه البنود.
من يحضر في جنيف للمشاركة في الجولة السادسة من المفاوضات؟
على غرار الجولة السابقة التي انتظمت من 23 إلى 31 مارس الماضي، سيكون هناك وفدان يمثل أحدهما الحكومة السورية وينوب الآخر عن المعارضة التي ستكون ممثلة من طرف الهيئة العليا للمفاوضات (المدعومة سعوديا) ومن مجموعة موسكو – القاهرة التي تضم في صفوفها أعضاء من المعارضة الموالية لموسكو والمُتسامح معها من طرف النظام. وسيكون ستافان دي ميستورا، الدبلوماسي السويدي – الإيطالي والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا الحكم بين الطرفين.
ما الذي سيتناقشون بشأنه هذه المرة؟
في المرات السابقة، توقفت المحادثات في جنيف حول مسألة ما إذا كان على الرئيس السوري بشار الأسد أن يتنحى جانبا كجزء من عملية انتقال سياسي، ولكن دي ميستورا تمكن من إقناع الأطراف المتحاربة بمناقشة نقاط أخرى.
على الرغم من تقدم محدود حسبما يبدو في الجولة السابقة، اتفق الجانبان على مناقشة دستور جديد وإصلاح أسلوب الحكم وانتخابات جديدة ومكافحة الإرهاب، على النحو المبين فى قرار مجلس الامن الدولى رقم 2254.
لا أفهم جيدا.. ألا تجري حاليا محادثات سلام سورية في أستانا عاصمة كازاخستان؟
هناك عمليتان متوازيتان جاريتان حاليا. يرغب دي ميستورا وفريقه في الحفاظ على عملية جنيف التي بدأت في عام 2012، على قيد الحياة وذات الصلة جنبا إلى جنب مع المحادثات في أستانا بقيادة روسيا وتركيا وإيران، وسط الوضع سريع الحركة على الأرض في سوريا.
فى ديسمبر 2016، اجتمعت روسيا وتركيا وايران فى العاصمة الكازاخستانية ووافقت على وقف لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد لا زال صامدا بشكل عام. وفي مطلع شهر مايو الجاري، اتفقت البلدان الثلاث في أستانا على إقامة اربع مناطق “لتخفيف حدة التوتر” في مواقع النزاع الرئيسية في غرب سوريا، يُنتظر أن تستمر ستة اشهر.
تقول سوريا انها ستلتزم بشروط الخطة الروسية لكن جماعات المعارضة السياسية والمسلحة رفضت الإقتراح. ومع أن مستوى العنف تراجع إلى حد ما بعد الإعلان عن مناطق “تخفيف حدة التوتر” الأسبوع الماضي، إلا أن القتال العنيف استمر في بعض المناطق الأخرى. في الأثناء، واصلت حكومة الأسد ملاحقة جيوب التمرد المسلح بالقرب من العاصمة السورية دمشق والقضاء عليها، بمساعدة القوات الجوية الروسية والميليشيات المدعومة من إيران.
يوم الثلاثاء 16 مايو، قال دي ميستورا للصحفيين فى جنيف إن عمليتى السلام تعملان جنبا الى جنب وأضاف: “نريد أن نتأكد من أن كلتيهما تعملان بشكل متزامن… إن أي تخفيف للتوتر لا يُمكن أن يتسم بالديمومة ما لم يكن هناك أفق سياسى” في نهاية المطاف.
هل لا تزال عملية جنيف للسلام ذات أهمية، وما هي فرص تحقيق أي اختراقات هذه المرة؟
يقول دي ميستورا إنه يأمل في أن يؤدي اتفاق أستانا إلى “تراجع ملموس في العنف وأن يُساعد على تهيئة بيئة ملائمة للمحادثات السياسية السورية – السورية في جنيف”.
وقال إن محادثات جنيف “ستتجه إلى المزيد من التفاصيل وسنكون أكثر شبها باجتماعات العمل في لقاءاتنا وفي الطريقة التي نأمل فى تحقيق تقدم من خلالها”، لكنه اعترف بانه لا تزال هناك “خلافات جوهرية” بين الجانبين.
في الأثناء، صرح الرئيس السوري بشار الاسد في 11 مايو الجاري في مقابلة أجراها مع قناة “اون تي” التابعة لتلفزيون روسيا البيضاء أن محادثات جنيف كانت “مجرد لقاء إعلامي” وأنه “لا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة”. وبالنسبة للجولة السادسة، من المتوقع أن يصل عدد الصحفيين إلى 80 مقارنة ب 140 صحفيا تابعوا سير الجولة السابقة.
دي ميستورا رفض التعليق على تصريحات الأسد لكنه تساءل: “لماذا يقوم الأسد بإرسال ما بين 15 و18 مسؤولا يقودهم دبلوماسي رفيع المستوى ومُجرّب [بشار الجعفري] لعدة جولات لمناقشة قضايا تتعلق بالعملية السياسية إذا لم يكن يعتقد بأنهم مهتمون بإمكانية المشاركة في العملية السياسية؟ إن الاجتماعات التي عقدت حتى الآن مع الوفد السوري كانت أكثر جوهرية بكثير من التعليقات العامة المُصاغة للكاميرات. لكن الوقائع هي التي ستُقيم الدليل على ذلك”.
هل ستتحاور المعارضة مع الحكومة وجها لوجه في جنيف؟
لا. مرة أخرى، يُفضّل دي ميستورا الإستمرار في محادثات الجوار حيث سيقوم برحلات مكوكية بين الطرفين في غرف منفصلة في مقر قصر الأمم في جنيف، إلا أن المحادثات ستكون مختلفة قليلا هذه المرة، كما قال. ذلك أن “قاعات الإجتماعات ستكون أصغر، والاجتماعات أكثر تفاعلا، واستباقية وأكثر تكرارا. وسيتم التركيز على بعض المواضيع للحصول على مزيد من الحركة من المسائل الأربعة قيد المناقشة”.
ما هو الوضع على الأرض في سوريا حاليا؟
بفضل مساعدة روسيا والميليشيات المدعومة من إيران، تمكنت الحكومة السورية من تحقيق مكاسب عسكرية مهمة في الصراع المستمر منذ ستة أعوام. وخلال العام المنقضي، تراجعت الجهود المبذولة لوقف الحرب إلى حد كبير.
منذ مارس 2011، أسفر النزاع عن مقتل ما لا يقل عن 320،000 شخص، وأجبر أكثر من نصف السوريين على مغادرة منازلهم وتركوا أجزاء كبيرة من البلاد في حالة خراب. وقد فر ما يقدر بنحو 4.9 مليون سوري من البلاد، وهناك أكثر من ستة ملايين نازح داخلي. وفي هذا الصدد، تقول الأمم المتحدة إن حوالي 625 ألف شخص يعيشون في مناطق مُحاصرة في سوريا، 80٪ منهم من طرف قوات موالية للأسد، في حين أن 4.5 مليون شخص يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها بمساعدات.
تقول الامم المتحدة إن اتفاق أستانا المؤقت أدى الى خفض مستويات القتال وتراجع الهجمات الجوية كما سُجّل تقدم سريع بشأن اتفاقيات تشمل إطلاق سراح السجناء وإزالة الألغام، غير أن قوافل المساعدات لم يُسمح لها بالمرور إلا بمعدل واحدة في الأسبوع، في ظل عدم وصول رسائل تسمح بذلك من طرف الحكومة.
في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب)، أعرب آرون لوند الباحث في “مؤسسة القرنرابط خارجي” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، عن رأي أكثر انتقادا وقال: “على الرغم من قيمتها الرمزية القوية، فان محادثات جنيف لا تتقدم بشكل واضح”، مضيفا أن “مسار أستانا طغى إلى حد كبير على عملية جنيف. أقله، حتى الآن”.
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.