نحو استئناف الإجراءات القضائية بحق الجنرال خالد نزار في سويسرا
سيتعيّن على المدعي العام للكنفدرالية إعادة النظر مُجددا في الشكاوى التي تقدم بها ثلاثة مواطنين جزائريين ضد الجنرال خالد نزار، وزير الدفاع السابق. وقد ادعى أصحاب الشكوى تعرضهم للتعذيب والإعتقال التعسفي ما بين عامي 1992 و1994.
في القرار الصادر عنها بتاريخ 30 مايو 2018رابط خارجي، أقرت محكمة الشكاوى بالمحكمة الجنائية الفدرالية الطعون المرفوعة من جانب الأطراف الثلاثة ضد الأمر الصادر عن المدعي العام الفدرالي بإغلاق القضية في 4 يناير 2017، حيث رفض هذا الأخير اعتماد مفهوم “النزاع المسلح غير الدولي” لتوصيف الوضع الذي كان سائدا في الجزائر خلال تلك الأعوام. وبالتالي، فإن الأحكام القانونية التي تُخوّل تأسيس اختصاص قضائي في سويسرا بما يسمح بالحكم على وقائع حدثت في تلك الفترة لم تكن سارية.
وفي القرار الصادر عنها يوم الأربعاء 6 يونيو الجاري، توصلت المحكمة الجنائية الفدرالية إلى استنتاج آخر. فهي تقدر أن المواجهات التي حصلت بين القوات النظامية والمجموعات الأصولية كانت عنيفة لدرجة أنه يُمكن وصفها بـ “الشديدة” بالمعنى المنصوص عليه في معاهدات جنيف وفقه القانون الدولي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تنظيم “الجماعة الإسلامية المسلحة” كان منظما بشكل كاف كي يتم اعتبارها جماعة مسلحة غير دولية.
تحقيقات إضافية
من جهة أخرى، يعتقد قضاة المحكمة التي تتخذ من مدينة بيلينزونا (عاصمة كانتون تيتشينو الجنوبي) مقرا لها أيضا أنه كان يتعيّن على المدعي العام الفدرالي إجراء تحقيقات إضافية بخصوص تهمة التعذيب. ففي ذلك الوقت بالفعل، كانت الجزائر كما هو الحال بالنسبة لسويسرا طرفين في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ وﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺿﺮوب اﻟﻤﻌﺎﻣﻠة أو اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ أو اﻟﻼإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﻤُﻬﻴﻨﺔ. وفي ظل هذه الظروف، فإن تلك الأفعال المرتكبة في أوائل التسعينات لم تكن ساقطة بالتقادم.
وفي بيان صادر عن منظمة “ترايال إنترناشيونال”رابط خارجي التي تكافح انطلاقا من جنيف ضد إفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب، اعتبر المحامي بينيديكت دو مورلوز أن “هذا القرار التاريخي يُرغم المدعي العام الفدرالي الآن على تحديد موقفه بخصوص مسؤولية خالد نزار، خصوصا وأن المحكمة الجنائية الفدرالية ذكرت أنه لم يكن بإمكانه عدم معرفة التجاوزات المُرتكبة من طرف مرؤوسيه”.
بدوره، اعتبر بيار باينيت، أحد محامي الشاكين، أنه “تم تقويض حجج المدعي العام الفدرالي. فعلى مدى خمسة أعوام من التحقيقات وبعد أن استمع إلى عشرات الشهود دون أن يطرح على الإطلاق مسألة النزاع المسلح، فإن قراره بحفظ القضية كان غير مفهوم”. وبالنسبة لمحامي الدفاع الآخر، داميان شيرفاز، فإنه “يجب على المدعي العام الفدرالي الآن أن يفي بالتزاماته ويستأنف التحقيق على الفور ويتخذ قرارا بسرعة بشأن الإحالة للمحاكمة”.
اعتقل في جنيف في عام 2011
يُشار إلى أن خالد نزار الذي يبلغ اليوم 80 عاما من العمر قد تم اعتقاله خلال زيارة قام بها إلى جنيف يوم 20 أكتوبر 2011. وقد خضع حينها للإستجواب من طرف المدعي العام الفدرالي في أعقاب الشكوى المرفوعة من طرف عدد من ضحايا التعذيب ومن قبل منظمة “ترايال إنترناشيونال” التي تُكافح ضد إفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب.
بعد أن أطلق سراحه في اليوم الموالي، غادر نزار الأراضي السويسرية مقابل تعهده بالإستجابة لطلبات المثول من طرف القضاء. وإثر ذلك، قرر المدعي العام الفدرالي فتح تحقيق جنائي في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في الجزائر خلال ما عُرف بـ “العشرية السوداء” التي تلت قرار السلطات في يناير 1991 وقف المسار الإنتخابي وحل “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” التي فازت بأغلبية المقاعد في الدور الأول من الانتخابات التشريعية.
يُشار إلى أن الجنرال خالد نزار شغل منصب وزير الدفاع في الحكومة الجزائرية بين عامي 1990 و 1994. وكان أحد الأعضاء الخمسة في المجلس الأعلى للدولة (إلى جانب كل من محمد بوضياف وعلي كافي والتيجاني هدّام وعلي هارون ورضا مالك) الذي تولى الحكم في البلاد إثر استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.