لماذا سيُقرر الناخبون السويسريون مرة أخرى بشأن الهجرة الوافدة من الاتحاد الأوروبي؟
يُمثل الاقتراح الداعي إلى إلغاء اتفاق ينظم حرية تنقل اليد العاملة مع الاتحاد الأوروبي أحدث محاولة من قبل الأحزاب اليمينية لتقييد الهجرة الوافدة إلى سويسرا.
تم إطلاق المبادرة الشعبية المعروضة على التصويت كردّ على رفض البرلمان الفدرالي تنفيذ القرار المتعلق بإعادة العمل بنظام الحصص في مجال الهجرة الذي وافق عليه الناخبون في عام 2014.
يُنظر إلى التصويت على اعتبار أنه سيكون حاسما في رسم ملامح العلاقات المستقبلية بين سويسرا غير العضو في الاتحاد الأوروبي والكتلة المكونة من سبع وعشرين دولة.
هو جزء من حزمة تشتمل على خمس قضايا سيتم البت فيها من طرف الناخبين في 27 سبتمبر 2020.
ما هي الرهانات القائمة؟
تريد المبادرة الشعبية من الحكومة السويسرية تعليق اتفاق ثنائي قائم مع الاتحاد الأوروبي بشأن حرية تنقل الأشخاص وإحكام السيطرة الكاملة على سياسة الهجرة في البلاد.
ووفقا للجهات التي أطلقت المبادرة، يجب إعادة التفاوض مع بروكسل بخصوص الاتفاقية المُبرمة مع الاتحاد الأوروبي في غضون الاثني عشرة شهرًا الموالية، أو يتعيّن إلغاؤها تمامًا.
بموجب الاتفاقية الحالية المنظمة لحرية تنقل الأشخاص، يسمح كلا الجانبين لمواطني الطرف المقابل بحرية الوصول إلى أسواق العمل لديهما وبالحق في اختيار مكان الإقامة.
إذا ما وافق الناخبون السويسريون على تقييد الهجرة الوافدة من دول الاتحاد الأوروبي، فسيؤدي ذلك أيضا إلى وقف العمل باتفاقيات ثنائية أخرى تتعلق بالتجارة والنقل والبحث العلمي لأنها جزء من حزمة مترابطة تشتمل على سبع معاهدات ثنائية سارية المفعول منذ عام 2002.
يُعدّ الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأهم لسويسرا بحصة تبلغ حوالي 60٪ من مبادلاتها التجارية، متقدمًا على الولايات المتحدة (12٪) والصين (6٪)، وفقًا للبيانات الرسمية لعام 2018.
ما هي الحجج الرئيسية المؤيدة والمعارضة؟
وفقًا لمروّجي المبادرةرابط خارجي، يُؤدي نظام الهجرة المعمول به حاليا إلى تسليط ضغوط على الوظائف والرواتب في سويسرا. ويقولون إن ذلك يؤدي إلى ارتفاع إيجارات المساكن واكتظاظ المواصلات العامة والمدارس.
كما يجادلون بأن الأجانب مسؤولون عن العديد من الحوادث الإجرامية في سويسرا وعن سوء استخدام نظام الرعاية الاجتماعية في البلاد.
يقول المؤيّدون أيضا إن المخاوف بشأن تأثير سلبي لقيود الهجرة المقترحة على الاقتصاد السويسري لا أساس لها من الصحة حيث أنه من مصلحة الاتحاد الأوروبي الاستجابة للمطالب السويسرية.
ومن وجهة نظرهم أيضا، يجب أن تكون سويسرا حرة في تحديد سياسة الهجرة الخاصة بها كدولة مستقلة.
في المقابل، حذّر معارضو المبادرةرابط خارجي من العواقب الوخيمة المترتبة عن مزيد تقييد الهجرة على الاقتصاد السويسري، ولا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة. ولفتوا إلى أن من شأن الموافقة على المقترح اليميني إيجاد حالة من عدم اليقين القانوني وتسليط ضغط إضافي على العلاقات الثنائية مع الكتلة التي تضم سبعة وعشرين دولة، وتشكل الشريك التجاري الرئيسي لسويسرا.
وأشاروا إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يكون على استعداد لمنح استثناء لسويسرا فيما يتعلق بسياسة حرية تنقل الأشخاص، وهي أحد أهم العناصر التي تقوم عليها سياسة الاتحاد الأوروبي.
كما لفت المعارضون إلى أن المواطنين السويسريين سيفقدون الحق في الإقامة والعمل في دول الاتحاد الأوروبي إذا ما نجحت المبادرة في الظفر بأغلبية الأصوات يوم الاقتراع.
وحذروا من أن الموافقة على فرض مزيد من القيود على الهجرة ستهدد العلاقات مع بروكسل المتوترة بشكل خاص بسبب ما يُعرف بـ “الاتفاق الإطاري” الرامي إلى ضمان تطبيق أكثر اتساقًا وفعالية للاتفاقيات الحالية والمستقبلية المتعلقة بالوصول إلى أسواق الطرفين.
لماذا يكون للناخبين رأي في المسألة؟
في ظل نظام الديمقراطية المباشرة المعمول به في سويسرا، يُمكن لأيّ مجموعة من المواطنين طرح مقترحات لتعديل الدستور الفدرالي على التصويت الشعبي على المستوى الوطني إذا ما نجحت في جمع ما لا يقل عن مائة ألف توقيع سليم في فترة لا تزيد عن ثمانية عشر شهرًا.
بدأ حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) ومجموعات قريبة منه في جمع التوقيعات لفائدة المبادرة في بداية عام 2018 وقاموا بإيداعها لدى المستشارية الفدرالية بعد ثمانية أشهر فحسب.
في سياق الإجراءات السياسية العادية، قامت الحكومة الفدرالية والبرلمان بغرفتيه بمناقشة المبادرة.
من هم المُؤيّدون والمُعارضون؟
يُمثّل حزب الشعب السويسري القوة الدافعة وراء المبادرة إلى جانب مجموعات محافظة أخرى، من بينها “الحملة من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة”.
من بين المعارضين للمبادرة أحزابٌ سياسية من يمين الوسط إلى يسار الطيف السياسي وأغلبية الأعضاء في البرلمان والحكومة الفدرالية.
يقوم أرباب الأعمال والنقابات العمالية والحكومات المحلية في الكانتونات وتحالف واسع من منظمات وهيئات المجتمع المدني بشنّ حملات مناهضة لهذه المبادرة.
بموازاة ذلك، أوصت منظمة السويسريين في الخارجرابط خارجي، التي تمثل مصالح الجالية السويسرية المغتربة، برفض المبادرة. وللعلم، يُقيم معظم المغتربين السويسريين في البلدان الأوروبية المجاورة.
كم مرّةً صوّت السويسريون على مسائل الهجرة والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي؟
بشكل منتظم، كانت للناخبين السويسريين الكلمة الأخيرة كلما تعلق الأمر بمقترحات مناهضة للهجرة وبعلاقات البلاد مع الاتحاد الأوروبي على حد السواء.
العلاقات مع الاتحاد الأوروبي تنظمها وتؤطرها أكثر من مائة وعشرين (120) اتفاقية ثنائية سارية المفعول منذ عام 1972.
على مر السنين، تم إجراء ما لا يقل عن اثني عشر اقتراعا إما بهدف تعزيز العلاقات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، أو مراجعة مسار التكامل بين برن وبروكسل.
في عام 1992، رفض الناخبون اقتراحًا لانضمام بلادهم إلى المجال الاقتصادي الأوروبي، وهي خطوة تقع في منتصف الطريق باتجاه العضوية في الاتحاد الأوروبي.
يعود تاريخ آخر اقتراع متعلق بالاتحاد الأوروبي إلى ما قبل ست سنوات عندما وافق الناخبون على إعادة العمل بالحصص للمُهاجرين. وإثر ذلك، رفض البرلمان تنفيذ المبادرة بشكل حرفي، بحجة أن بروكسل لن تقبل أيّ محاولة لتقويض مبدإ حرية تنقل الأشخاص.
عوضا عن ذلك، أدرج البرلمان بندا يقضي بمنح الأولوية لانتداب السويسريين في قطاعات معينة من سوق العمل، وهي خطوة رفضها اليمين السياسي.
يُعدّ حزب الشعب السويسري إحدى أبرز القوى المُناهضة لقيام علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي، وهو أيضا أكبر الأحزاب الأربعة الرئيسية المشاركة في الإئتلاف الذي تتشكل منه الحكومة الفدرالية.
إضافة إلى ذلك، جعل كريستوف بلوخر، رجل الحزب القوي، من مسألة فرض قيود على الهجرة إحدى القضايا السياسية الرئيسية لليمين السياسي في سويسرا.
منذ سبعينيات القرن الماضي، عبّر الناخبون السويسريون من خلال صناديق الاقتراع عن رأيهم في أكثر من أربعين اقتراحًا مناهضًا للهجرة عُرضت عليهم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.