ماذا تكتب الصحافة السويسرية عن العالم العربي؟
عالجت الصحف السويسرية هذا الأسبوع في مقالَيْ رأي مسألةَ التقارب بين السعودية وإسرائيل، وانتخابَ أمين معلوف أمينًا دائمًا للأكاديمية الفرنسية. بين مخاوف الفلسطينيين من التقارب المذكور، والحوار بين الثقافات كما ينادي به معلوف، يُسيل الشأنُ العربي الكثيرَ من الحبر السويسري...
الموقف الفلسطيني: استراتيجيتان متضاربتان
خصّصت صحيفة صونتاغس تسايتونغ حيّزاً في عددها ليوم الأحد الأول من أكتوبر لمقال رأي حول قضية التقارب بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، لخّص فيها مراسل الصحيفة من تل أبيب بيتر مونش تداعيات هذه التطورات وردود الأفعال عليها، وذلك من وجهات نظر المعنيين المختلفة.
ويرى مونش أن لدى الطرف الفلسطيني استراتيجيتان متضاربتان بالنسبة لمسألة تقارب المملكة مع إسرائيل: فبينما تسعى السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، والتي تسيطر على الضفة الغربية، إلى المشاركة في عمليات التفاوض للتأثير على نتائجها، تعتمد حركة حماس، والتي تسيطر على قطاع غزة، على الصّدام.
يقول مراسل الصحيفة الصادرة بالألمانية: “يبذل عباس جهودًا للتقارب مع الرياض، وقد نجح في جلب انتباه أكبر من السعودية. وكانت زيارة سفير المملكة العربية السعودية الأول إلى الضفة الغربية نايف السديري عبارة عن إشارة واضحة إلى ذلك. وشدد عباس على [استخدام عبارة] “شعبين أخوين” عند استقباله للسفير السعودي، الذي أكّد بدوره على أنّ مبادرة السلام العربية تشكل ‘ركيزة أساسية’ في جميع الاتفاقات المحتملة مع إسرائيل”.
ومع ذلك، لم يُشِرْ السفير إلى أن الامتثال لمبادئ هذه المبادرة هو شرط لأي اتفاق، وقد تم تجاهل هذا المبدأ من قبل دول مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب في اتفاقيات أبراهام [كما تطلق عليها إسرائيل] لعام 2020،وفق الصحفي، الذي أضاف بأنّه هناك الآن مؤشرات إلى أن السعودية أيضًا قد تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل.
وبالنسبة لمونش، فإنّ الرئيس الفلسطيني عباس يعلم جيدًا أنه قد يُستبعد بسرعة إذا ما تمسّك بالمطالب القصوى، حيث تسعى السعودية بشكل رئيسي إلى تحقيق مصالحها الخاصة، بما في ذلك الاتفاق الدفاعي مع الولايات المتحدة والموافقة على برنامج نووي.
وتعتمد رام الله بدورِها بشكل رئيسي على دعم مالي سعودي سخيّ، آملةً أن يبقى الباب مفتوحًا لتأسيس دولة مستقبلية، على سبيل المثال، من خلال التزام إسرائيل بعدم ضم المناطق المحتلة، حسب رأي بيتر مونش. ويضيف هذا الأخير، أنه بالنسبة للمجموعات الفلسطينية المتشدّدة، فإنها تعتبر هذا التطوّرَ [التقارب السعودي الإسرائيلي] بمثابة خيانة، وتهدّد بتصعيد الصراع مع إسرائيل.
(المصدر: صونتاغس تسايتونغرابط خارجي، 1 أكتوبر 2023، بالألمانية)
احتفاء بأمين معلوف والحوار بين الشرق والغرب
نشرت صحيفة لوتون الناطقة بالفرنسية مقالَ رأي بعنوان “أمين معلوف، حوار الشرق والغرب، ونحن”. تُعرب فيه كاتبة المقال، ماري لور ستورم، عن ابتهاجها لانتخاب أمين معلوف، الأديب اللبناني الفرنسي، أمينًا عامًّا دائمًا للأكاديمية الفرنسية. وتعزو الكاتبة، التي تعمل كمنسّقة لـ”لقاءات الشرق والغرب في قصر مرسييه” (RENCONTRES ORIENT OCCIDENT DU CHÂTEAU MERCIER)، احتفاءها بهذا الحدث لكونه انتصارًا لدعاة التنوّع الثقافي واللغوي وتعزيزًا للحوار المستمرّ بين العالمين الشرقي والغربي.
وتتساءل: “كيف لنا ألاّ نبتهج بخبر مماثل، سواء كنّا لبنانيين.ات أو سويسريين.ات؟ ليس فقط لأن اللغة الفرنسية يتمّ استخدامها جزئيا في كلا البلدين ولكن لأن كليهما يمثّلان نماذجًا للتعددية الدينية واللغوية.”
وتقول ستورم إن أمين معلوف، الحائز على جائزة غونكور الفرنسية العريقة، كان دائم التأكيد على أهمية التعددية اللغوية والدينية. وتطرح كاتبة المقال تساؤلات عميقة ومعقّدة حول كيفية استخدام النماذج التي تحمي التعددية كطريق محتمل لتجنّب تصاعد التوترات والصراعات العرقية في مختلف أنحاء العالم. “أين نجد ‘أماكنًا للهدوء’ والتفكير والضمير الأخلاقي؟”، تتساءل ستورم مقتبسةً كلمات معلوف نفسِه. وهي تفتح بذلك النفاش حول الفضاءات التي تشجّع على التفاعل بين الثقافات والتحليل الموضوعي والملهم.
كما تستحضر ماري لو ستورم، حديثًا جمعها سابقًا بأمين معلوف، تناولا خلاله حلمَ إنشاء مكان مُفعم بالحوار بين الثقافات والأديان… حلم تقول الكاتبة إنه سرعان ما تحوّل إلى واقع ببعث مشروع “لقاءات الشرق والغرب في قصر مرسييه”. لكنها لا تُغفل التذكيرَ بضرورة بعث المزيد من هذه المبادرات والفضاءات قصد تعزيز التعاون الثقافي والكونيّة البنّاءة.
(المصدر: لوتونرابط خارجي، 2 أكتوبر 2023، بالفرنسية)
فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:
+ “ليس هناك أزمة هجرة… بل أزمة في إدارة الهجرة”
+ خواطر صحفيات وصحفيي سويس إنفو عن الانتخابات السويسرية
+ ثورة البيتكوين تدفع الفرنك السويسري نحو العملة الرقمية
+ “لاتزال سويسرا تجذب كبرى الشركات متعدّدة الجنسيات”
للمشاركة في النقاش الأسبوعي:
المزيد
يمكنكم/ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم/ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
سننشر عرضنا الصحفي القادم يوم 13 أكتوبر. حتى نلتقي، نتمنّى لكم/ن عطلة نهاية أسبوع رائقة!
إلى الأسبوع القادم!
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.