مبادرة حظر الاستثمار المقترحة تستهدف صناعة الأسلحة
سيقرر الناخبون في موفى شهر نوفمبر الجاري في شأن اقتراح تقدمت به أطراف يسارية يهدف إلى حظر استثمارات المصرف الوطني السويسري وصناديق التقاعد والمؤسسات الخاصة في الشركات العاملة في مجال تصنيع الأسلحة.
بالإضافة إلى ذلك، تطالب المبادرة الشعبية المطروحة للتصويت الحكومة السويسرية بممارسة الضغوط من أجل الوصول إلى اتفاقية دولية من شأنها أن تفرض قيود تمويل مماثلة على قطاعي البنوك والتأمين.
ويأتي التشديد المقترح للوائح المتعلقة بتمويل مزودي المعدات الحربية في سياق المناقشات الدائرة حول استراتيجيات الاستثمار الأخلاقية.
ومن المنتظر أن يقرر الناخبون بشأن هذا التعديل الدستوري المقترح في 29 نوفمبر 2020 إلى جانب قضية أخرى تتعلق بخطة لفرض قواعد الأعمال المسؤولة على الشركات السويسرية متعددة الجنسيات.
تريد المبادرة الشعبية التي أطلقها الجناح الشبابي لحزب الخضر و”مجموعة من أجل سويسرا بدون جيش” حظر الاستثمارات المالية السويسرية في الشركات المنتجة لما يسمى بعتاد الحرب التقليدي.
ووفقا لمحتوى المبادرة، سيتم اعتبار أي شكل من أشكال الدعم المالي، بما في ذلك توفير خدمات ائتمانية أو شراء الأسهم والسندات في شركة منتجة للأسلحة، غير قانوني.
في المقابل، لن يتأثر مصنعو المواد ذات الاستخدام المزدوج بالحظر المخطط له، وسيقتصر الأمر على استهداف الشركات التي تحقق أكثر من 5% من رقم معاملاتها السنوي من إنتاج المواد الحربية، بما في ذلك الدبابات والمدافع والطائرات المقاتلة وقطع الغيار.
مع العلم أن الاستثمار والإتجار بالأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية وكذلك الألغام المضادة للأفراد والذخائر العنقودية محظور بالفعل في سويسرا.
وفي حال تم قبول هذه المبادرة من قبل الناخبين والناخبات، فسوف يتعيّن على المصرف الوطني السويسري، ومنظومة التأمين ضد الشيخوخة والعجز التي تديرها الدولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف وخمسمائة صندوق معاشات مهنية، مراجعة محافظهم الاستثمارية.
في موفى عام 2019، تمكنت هذه المؤسسات من إدارة أصول تبلغ قيمتها الإجمالية 1.77 تريليون فرنك (1.93 تريليون دولار) وفقًا لأرقام الحكومة الفدرالية، إلا أنه من غير الواضح إلى أي مدى استفادت صناعة التسلح المحلية أو الأجنبية من الاستثمار السويسري.
يجادل المؤيّدون بأن رأس المال النقدي يُساعد على تأجيج النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يتعارض مع صورة سويسرا كدولة تروّج وتدعم الجهود الإنسانية.
كما يشيرون إلى التناقض الملحوظ مع الدور الذي تلعبه سويسرا كوسيط دبلوماسي محايد.
ويُنظر إلى المبادرة على أنها خطوة نحو زيادة الشفافية في الصناعة المصرفية السويسرية وتعزيز الاستثمار المستدام.
مع ذلك، يقول المعارضون إن المبادرة الصادرة عن الجهات المؤيدة للسلام تضر بالأعمال التجارية، ولا سيما أنها تحد من سياسة الاستثمار للمصرف الوطني السويسري وصناديق التقاعد.
كما أعربوا عن قلقهم من الخسائر التي ستطال منتجي الأسلحة الرئيسيين وكذلك بالشركات الصغرى والمتوسطة في سويسرا التي توفر لقطاع صناعة التسلح مكونات وقطع غيار مستخدمة في صناعة الأسلحة والمعدات الحربية.
ووصف المعارضون المبادرة أيضا بأنها تمثل “هجوما على الجيش السويسري”.
المزيد
مبادرة الأعمال المسؤولة تحظى بتأييد واسع في سويسرا
في عام 2018، سلّم النشطاء ما يكفي من التوقيعات الصحيحة – ما لا يقل عن 100 ألف توقيع تم جمعها خلال 18 شهرًا – لفرض إجراء تصويت على مستوى البلاد حول هذه القضية.
وسوف يتطلب نجاح المبادرة في صناديق الاقتراع الحصول على موافقة غالبية الناخبين وأغلبية الكانتونات الست والعشرين في البلاد.
في ظل نظام الديمقراطية المباشرة المعمول به في سويسرا، تؤدي الموافقة على مبادرة شعبية إلى إدخال تحوير على الدستور الفدرالي، ما يؤدي إلى سلسلة من التعديلات القانونية التي يقررها البرلمان في مرحلة لاحقة.
المزيد
كيف يصل السلاح السويسري إلى مناطق النزاعات؟
الأحزاب اليسارية، بما في ذلك الاشتراكيون وحزب الخضر، هم المؤيّدون الرئيسيون للمبادرة، كما تؤيدها العديد من الجماعات السلمية والمدافعة عن حقوق الإنسان أيضاً.
أما الحكومة الفدرالية وأغلبية أعضاء البرلمان، بما في ذلك جميع الأحزاب الرئيسية من الوسط إلى اليمين، فيوصون الناخبين برفض المبادرة. كما تواجه بالمعارضة من طرف مجتمع الأعمال، ولا سيما قطاع المصارف والتأمينات والصناعات الهندسية.
تقف “مجموعة من أجل سويسرا بدون جيش” وراء مبادرة منفصلة تسعى إلى فرض حظر على صادرات الأسلحة إلى البلدان المتورطة في نزاع مسلح أو تلك التي لها تاريخ في الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان، إلا أن موعد إجراء تصويت بشأنها لا يزال غير معلوم.
في عام 2009، رفض الناخبون السويسريون بأغلبية ساحقة مبادرة مماثلة أطلقتها نفس المنظمة غير الحكومية.
يُشار إلى أن دعاة السلام كانوا القوة الدافعة وراء العديد من الاقتراعات الوطنية على مدار الثلاثين عامًا الماضية بشأن القوات المسلحة للكنفدرالية، بما في ذلك شراء الطائرات المقاتلة وتنظيم حيازة الأسلحة.
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: ثائر السعدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.