دبلوماسية سويسرية على أعلى المستويات في الأمم المتحدة في نيويورك
عندما انتخب أنطونيو غوتيريش أميناً عاماً للأمم المتحدة في عام 2016، انتقد البعض قرار تعيينه، معتبرين أن الوقت قد حان لتتبوأ امرأة هذا المنصب، وتكون على رأس المنظمة الدولية. وكان غوتيريس قد شغل العديد من المناصب العليا في الأمم المتحدة مع نساء، من بينهن ميريانا سبولياريتس- وهي دبلوماسية سويسرية رفيعة المستوى تعمل في الأمم المتحدة في نيويورك.
ومع أن مكتبها الرئيسي يقع في الطابق السادس عشر من أحد مباني شارع “فيرست أفينيو First Avenue” بنيويورك، ويطل مباشرة على مقر الأمم المتحدة والنهر الشرقي، إلا أنها كمساعدة للأمين العام للأمم المتحدةرابط خارجي، لا تتواجد فيه في أغلب الأوقات.
وسبب ذلك هو أن موظفيها البالغ عددهم ما يقارب 2600 موظف، يعملون في الميدان في معظم الأحيان: في أوروبا الشرقية والقوقاز وآسيا الوسطى. وتقول ميريانا سبولياريتس في هذا الصدد: “بعبارة أخرى، في المنطقة التي تقع على الخطوط الأمامية للحرب الباردة السابقة، والتي لا تزال تعاني من آثار توترات تلك الحقبة الزمنية”.
ويتعين على سبولياريتس العمل من أجل الحفاظ على التوازن، عبر إشراك جميع الجهات الفاعلة القوية في المنطقة. وعلى حد قولها: ” لا يمكننا تحقيق أي تقدّم في عملنا أو تنفيذ أجندة 2030، بدون تعاون جيد مع الاتحاد الأوروبي وروسيا وتركيا”.
وعلى الرغم من أن سبولياريتس سويسرية، فإن ذلك لم يلعب أي دور في اختيارها لهذا المنصب، إلا أنها لا تنكر أن عملها كدبلوماسية سويسرية قد ساعدها كثيراً على اكتساب المهارات الأساسية المطلوبة لهذا المنصب.
وتوضح قائلة: “خلال ما يقارب من 20 عاماً من العمل في السلك الدبلوماسي السويسري، تعلمت مدى أهمية الحياد والموضوعية في التعامل مع البلدان المختلفة، وهذا الحياد يساعدني اليوم كثيراً في أداء عملي، وهو موضع تقدير من قِبل الجميع”.
مناطق التركيز
لا تعتبر البلدان التي تقع تحت مسؤولية سبولياريتس في مهامها من بين أفقر البلدان، بل تعتبر من البلدان المتوسطة الدخل. وتشرح سبولياريتس قائلة: “عندما نتحدث عن الفقر، لا يمكننا أن نركّز اهتمامنا فقط على أفقر الدول في العالم”.
فمن المعروف أن ظروفاً كسوء الإدارة أو الفساد أو الصراعات، يمكن أن تنحدر بالدول التي كانت تعتبر حتى أجل قريب من الدول الغنية، إلى الهاوية، وبسرعة كبيرة؛ كما حدث في زيمبابوي وسوريا وإيران.
وتعتبر سبولياريتس أن المساواة في الحقوق بالنسبة للمرأة هي أمر أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتقول: “من المستبعد أن نحقق أهداف أجندة 2030 إذا لم نخلق المساواة بين الرجل والمرأة”. لكن المقاومة التي يواجهها تحقيق هذه المساواة ما زالت قوية، وهي لا تقتصر على ثقافة أو دين معين.
نهج جديد للتنمية
خلافاً للأهداف الإنمائية للألفية السابقة، فإن جدول أعمال 2030 لا يتعلق بالبلدان الشمالية الغنية التي تدفع تكاليف تنمية المناطق الأكثر فقراً في الجنوب. وتؤكد سبولياريتس على أن “الأمر يتعلق، في المقام الأول، بمساعدة غالبية الدول على جمع الأموال اللازمة بنفسها؛ فهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة الحقيقية”.
إن أهداف التنمية المستدامة الطموحة لن تتحقق عن طريق اتباع التنمية التقليدية وحدها. فعلى بقية دول العالم العمل على المساعدة في الاستفادة من مصادر التمويل داخل الهياكل القائمة أو إنشاء قنوات تمويل جديدة.
فعلى سبيل المثال، هناك حلول تمكّن البلدان المنتجة من الحصول على المزيد من الإيرادات من موادها الخام، بما في ذلك تسهيل الاستثمار من خلال إدارة أفضل أو تطوير نظام ضريبي فعال، أو إنهاء التدفقات المالية غير المشروعة. وترى سبولياريتس أن مهمتها الرئيسية ومهمة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) هي التي تجعل هذا التحوّل في الأداء ممكناً. ووفقاً لتحليل أجراه علماء مستقلون عينتهم الأمم المتحدة، هناك العديد من المجالات التي لا تزال غير مستغلّة.
جدول أعمال 2030
يتضمن جدول أعمال عام 2030رابط خارجي ، 17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة وهو من أكثر مشاريع التنمية التي قامت بها الأمم المتحدة طموحاً على الإطلاق.
ولا يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي ترأسه اليوم ميريانا سبولياريتس، على بناء الآبار أو مساعدة المستشفيات على إدارة نفسها بنفسها؛ إنه يقدم المشورة للعديد من الحكومات حول كيفية تحقيق الأهداف الموضوعة والمرجوّة، وبالتالي فهو يحافظ على فروعه العاملة في 170 دولة.
وتوضح سبولياريتس قائلة: “ما يمكن أن نقدمه بشكل ملموس من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هو المعرفة والخبرة المتراكمة الناتجة عن العمل في 170دولة. هناك حلول لكل مشكلة تحدث في مكان ما وفي وقت ما؛ ولقد رأينا ما هو القابل للنجاح وما هو غير قابل للنجاح “.
يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضاً بتنسيق أنشطة العشرات من وكالات الأمم المتحدة الأخرى التي تدعم جدول أعمال 2030.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.