أردوغان: بطلٌ برأي البعض وديكتاتور حسب آخرين
هل نهض أردوغان بالدولة التركية أم أنه دفعها إلى حافة الهاوية؟ تبدو آراء المواطنين الأتراك المقيمين في سويسرا منقسمة حول شخص الرئيس رجب طيب أردوغان وهو ما كان واضحا أمام مقر السفارة التركية في العاصمة برن ، حيث يُواصل المواطنون الأتراك الإدلاء بأصواتهم في الإستفتاء المتعلق بالنظام الرئاسي الجديد.
أكد حراس السفارة التركية أن 1500 شخص زاروا السفارة الواقعة في الحي الدبلوماسي في برن خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. وجاء هذا العدد من الناخبين الأتراك إلى السفارة بهدف المشاركة في التصويت على التعديل الدستوري، التي من شأنها منح رئيس الجمهورية في تركيا صلاحيات أوسع.
ضباط الشرطة وحراس الأمن التابعين لشركة خاصة الذين كانوا مُتواجدين على عين المكان شددوا على أن عملية التصويت تسير بشكل سلس ودون مشاكل.
وفيما يتعيّن على الناخبين، الذين قدموا من جميع أنحاء سويسرا في مجموعات أو بمفردهم، للإدلاء بأصواتهم أن يقدموا أوراقهم الثبوتية، أكد جميع الناخبين الذين تحدثت معهم swissinfo.ch على اختلاف انتماءاتهم ومواقفهم السياسية أن الإنتخابات “تجري بسلاسة”.
“هدفنا هو 2023”
شاب تركي وُلد ونشأ في الكنفدرالية ومُندمج بشكل جيّد في المجتمع السويسري لكن “جذوره كائنة في تركيا”، قال إنه لا يُريد أن ينسى أصوله التركية على الرغم من أنه سيُمضي بقية حياته في سويسرا.
ولدى سؤاله عما إذا كان صوّت بنعم أم لا للتحوير الدستوري المقترح، رفض الشاب التعليق، لكن كلماته عن الرئيس التركي أفصحت عن قناعاته السياسية وعن تأييده لأردوغان حيث قال: “لقد اقترعتُ من أجل دولة تركية قوية. هدفنا عام 2023″، في إشارة إلى الذكرى المرتقبة لمرور 100 عام على تأسيس الجمهورية التركية.
وحتى ذلك الحين، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تسويق نفسه كأب لجميع الأتراك وإلى تنفيذ مشاريع كبيرة في البنى التحتية ودفع عجلة الإنتاج.
زوجان شابان قالا أيضا إنهما مؤيّدان للرئيس التركي. وحسب رأيهما، فقد قدم الرجل الكثير للبلد وقالا: “نحن نريد أن يستمر هذا. إن التحوير الدستوري يرمي إلى ضمان عدم تدخل الآخرين باستمرار في شؤون البلاد”. هما يعتبران أنه من المشروع إيقاف أو طرد آلاف المحامين والمدرسين والصحافيين في أعقاب الإنقلاب المُجهض، ويذهبا لوالدان الشابان اللذان يُجيدان الحديث باللهجة السويسرية الألمانية لأنهما يعيشان هنا منذ ولادتهما إلى أن “هؤلاء الأشخاص لم يتحركوا من أجل مصلحة تركيا وأعاقوا تطور البلد. لقد سقط القناع عنهم الآن”. من جهة أخرى، يعتبر الزوجان أن أعضاء حزب العمال الكردستاني وأنصار الداعية المسلم فتح الله غولن الذي يُحمّله الرئيس التركي المسؤولية عن انقلاب 15 يوليو 2016، “أعداء للأمة” على حد السواء.
ثلاثة رجال من أعمار متفاوتة يُغادرون مع بعضهم البعض مقر السفارة متبوعين بثلاث سيدات مُحجّبات يرتدين ملابس طويلة. إحداهن وتُدعى “سينر” من طرف الأخريات أجابت على أسئلة swissinfo.ch نيابة عن المجموعة. تحدثت إلينا بلهجة ألمانية سويسرية تكاد تخلو تماما من أي لكنة لتشير إلى أنها تقيم في سويسرا منذ 35 عاما وقالت دون أن تُخفي رأيها: “لقد صوّتنا من أجل مستقبل بلادنا”. هي تعتبر أن تركيا ليست بصدد التحول إلى ديكتاتورية مثلما لا تنفك وسائل الإعلام الغربية عن تكراره. إضافة إلى ذلك، لا تفهم هذه الأم الشابة لماذا يسمع أبناؤها في المدرسة أن الديمقراطية لا تسير على أحسن ما يُرام في بلادهم، وتقول: “تركيا تسير على الطريق الصحيح. هذا ما يُظهره تطور السنوات الأخيرة التي حكم فيها أردوغان”.
سينر مقتنعة أيضا أن أي شخص يتم إيقافه من طرف السلطات في تركيا لا بد وأن يكون لديه شيء ما يستحق المساءلة، وجادلت قائلة: “نحن نتحول كل عام إلى تركيا دون أن نتعرض إلى أي مشكلة”.
آراء المعارضين
سيدتان أخريان صرّحتا: “لقد صوّتنا الإثنتان بـ (لا)”، وأفادتا أنهما من أنصار حزب الشعوب الديمقراطي الذي تعرّض رئيسه صلاح الدين ديميرتاش وعدد من أعضائه إلى الإيقاف في شهر نوفمبر الماضي. إنهما لا تريدان نظاما رئاسيا يضع السلطة بين يدي شخص واحد في موطن آبائهم الأكراد. وتقول الفتاتان اللتان نشأتا في سويسرا: “إنها ستكون نهاية تركيا. وحده أردوغان يُحرز تقدما بهذا (التحوير الدستوري) وليس البلد. إن آباءنا يُكافحون منذ عشرين عاما من أجل حقوق ديمقراطية”.
بدورهما، وضع زوجان من أصول علوية بطاقة “لا” في صندوق الإقتراع. ويقول الزوجان المقيمان في ضواحي مدينة سولوتورن إنهما يدعمان “سياسة اجتماعية – ديمقراطية”، وأعربا عن الأمل في أن تسير عملية التصويت في سويسرا بشكل جيد. في المقابل، يُلاحظان بنبرة مستنكرة أنه “يجب أن يكون المرء أعمى حتى لا يرى أن الحملة الإنتخابية في تركيا غير متساوية”.
مُتقاعد سويسري جاء من مدينة نوشاتيل قال: “بتعلة مكافحة الإرهاب، يقوم أردوغان بإرهاب الأقليات في نفس البلد”. وفيما دخلت زوجته التركية والسنية (مثل أردوغان) لوضع بطاقة “لا” في صندوق الإقتراع، توجّب عليه أن يظل رفقة كلبه الألماني في الإنتظار خارج مبنى السفارة.
استفتاء تركي في سويسرا
يحق لحوالي 100 ألف تركي يُقيمون في سويسرا المشاركة في التصويت، ويتعيّن عليهم التحول شخصيا إلى مكاتب الإقتراع الموجودة في السفارة في برن أو في قنصليتي جنيف وزيورخ.
في الوقت الذي يُقارن فيه المؤيدون التحوير الدستوري المقترح بالنظام الرئاسي القائم في الولايات المتحدة، يخشى المعارضون من أن يُؤدي إلى انحراف سلطوي.
سوف يتم الإعلان عن النتائج النهائية يوم الأحد 16 أبريل 2017.
(ترجمته من الألمانية وعالجته: مي المهدي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.