“هل يُمكن أن تستضيفُ لاجئا في منزلك لمدة طويلة؟”
إغلاقُ الحدود أو إيواء اللاجئين في المنازل الخاصة من الأفكار التي طُرحت لكيفية التعامل مع تدّفق طالبي اللجوء على سويسرا. جيل الشباب لديه موقفه الخاص من هذه المسألة، لكن ردة فعله قد تختلف حسب صيغة السؤال الذي يُوجّه إليه.
نظرا لوقوعه على الحدود مع إيطاليا، يُعتبر كانتون تيتشينو نقطة الدخول الرئيسية لطالبي اللجوء القادمين من الجنوب. وهذا يجعل اللّجوء موضوع جدل كبير في المنطقة، حتى أن بعض السياسيين يدعون إلى إصلاح شامل للنظام.
في شهر يونيو 2015، اقترح رئيس حزب “رابطة سكان تيتشينو” اليميني المتشدد إغلاق الحدود السويسرية مع إيطاليا تماما لوقف تدفق المهاجرين، مثلما فعلت فرنسارابط خارجي.
وقد سأل فريق “بوليتبوكسرابط خارجي” – وهو تطبيق على الهواتف الذكية يختبر المعارف السياسية، تابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسري SRG SSRرابط خارجي – من المُستخدمين في جميع أنحاء البلاد وخارجها عن موقفهم من فكرة إغلاق الحدود. وإليكم إجاباتهم في الرسم البياني التالي.
الصحافيون العاملون بفريق “بوليتبوكس” تحدّثوا أيضا بشكل مباشر مع الشباب في شوارع مدينة لوغانو، بحيث سألوهم إن كانوا مستعدّين للنظر في استضافة طالب لجوء في منزلهم لفترة طويلة. وخلال هذه اللّقاءات وجها لوجه، كانت مُعظم الرّدود تميل إلى الإيجاب، بحيث أن واحدا فقط من أصل خمسة، قال إنه لن يفكر في استقبال لاجئ لأنه سيجد من الغريب العيش مع شخص لم يكن يعرفه.
من جانبها، أجابت امرأة شابة قائلة: “سأحاول أن أضع نفسي في مكان هذا الشخص. إذا كنت في هذا الوضع، سأرغب في مساعدة الناس لي أيضا”.
ومع ذلك، عندما قام تطبيق “بوليتبوكس” بسبر آراء المستخدمين حول الفكرة، كانت الإجابة مختلفة نوعا ما، بحيث قال معظمهم إنهم لن يستضيفوا أحدا. وكانت ردود المُشاركين الأكبر سنا أكثر ميلا لفتح أبواب منازلهم بوجه طالبي اللجوء. أما المُستطلعون من كانتون تيتشينو، فقد تباينت مواقفهم بين مؤيد (40%)، ومعارض (40%)، وحائر (20%).
وقد أطلقت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئينرابط خارجي (OSAR) بالفعل مشروعا لتوزيع طالبي اللجوء على العائلات التي أعربت عن رغبتها في استضافة اللاجئين في منازلها الخاصة.
المزيد
عندما تُعرقِـل الإجراءات البيروقراطية موْجات التضامُن
وفي تصريح أدلى به مؤخرا إلى صحيفة “تاغس أنتسايغر”رابط خارجي (تصدر بالألمانية في زيورخ)، قال المتحدث باسم المنظمة إن هذه الأخيرة تركز على الأشخاص الذين يتمتعون بأوفر الحظوظ لنيل حقّ البقاء في سويسرا على المدى الطويل، لأنهم ينظرون إلى هذه الخطوة كجزء من عملية إدماجهم في المجتمع.
إقامة مشتركة في السكن الطلابي؟
في الوقت نفسه، جلب طالبان في برن اهتمام الرأي العام بعد أن اقترحا فكرة استضافة طالبي اللجوء واللاجئين في شقق مشتركة حيث غالبا ما يعيش الطلبة معا أثناء دراستهم الجامعية. ويجري تنظيم مشروعهما – الذي أطلق عليه إسم “wegelebenرابط خارجي” (بمعنى السكن المشترك) – بدعم من مؤسسة كاريتاس رابط خارجيالخيرية.
وقالت ميلين أولريخ، المؤسسة المشاركة للمشروع، والتي أجرت فترة تدريبية لدى كاريتاس حيث عملت مع مهاجرين شباب: “أدركتُ بسرعة كبيرة أنه من الصعب، خاصة بالنسبة لطالبي اللجوء الشباب، العثور على شقة دون الإنعزال عن المجتمع”.
وتُنظم ميلين أولريخ رفقة شريكها في المشروع، جيان فيربر، فعاليات إعلامية موجهة لمجموعات الشباب المهتمين والراغبين في تقاسم الشقة التي يُقيمون فيها مع طالبي لجوء.
ويقبل المشروع فقط اللاجئين الحاصلين على “حق اللجوء المؤقت”، فيما تتكفل مصلحة الخدمات الإجتماعية في البلدية المعنية بالأمر بدفع الإيجار.
وبالنسبة لكاريتاس، يمكن أن يساعد هذا المشروع على التخفيف من حدة النقص في المساكن المخصصة لإيواء طالبي اللجوء واللاجئين الذين قد يمكثون في سويسرا لفترة طويلة. وتقول جوديث ليديسما، من هذه المؤسسة الخيرية، إنهم غالبا ما يجدون أنفسهم في منافسة مع السكان ذوي الدخل المنخفض للظفر بإحدى الشقق قليلة العدد المعروضة بأسعار معقولة.
حلول سياسية
وعندما سأل صحفيو “بوليتبوكس” إن كان يتعين على سويسرا القيام بالمزيد لمساعدة اللاجئين المتوجهين إلى أوروبا، أعرب الشباب في لوغانو عن اعتقادهم أنه بإلإمكان فعل المزيد، داخل البلاد وخارجها، على حد سواء.
وقالت امرأة شابة: “أستغرب لإنفاقنا الكثير من المال هنا بينما يموت اللاجئون من الجوع والعطش في أماكن أخرى. لذلك، علينا أولا أن نفعل شيئا حيث يتواجدون. ينبغي علينا مساعدتهم حيثما استطعنا لأننا نتوفر على ما يكفي من المال والمساحة”.
أما رفيقها، فعبّر عن شعوره بأنه ينبغي القيام بالمزيد، “ولكن لا يجب [على طالبي اللجوء] التمكن من القدوم إلى هنا والإٍستفادة من أموالنا دون القيام بشيء يُذكر… ينبغي في المقابل أن يُقدّموا شيئا لمساعدة الدولة”.
في الأثناء، تشهد الساحة السياسية السويسرية حركية مُلفتة حيث تقوم العديد من الأحزاب بتعزيز مواقفها والدّفاع عنها بشأن طالبي اللجوء، قبل موعد الإنتخابات الفدرالية التي ستجرى يوم 18 أكتوبر 2015.
وفي مقابلة مع مجلة “شفايزر إلوستريرترابط خارجي” (تصدر بالألمانية في زيورخ)، قالت سيمونيتا سوماروغا، وزيرة العدل والشرطةرابط خارجي (من الحزب الإشتراكي) إنها ستدعم تسريع إجراءات اللجوء عن طريق التحدث إليهم، وإصدار قرار بشأن طلباتهم بأسرع وقت ممكن بعد وصولهم إلى أحد مراكز الإستقبال الفدرالية الخمسة.
التمثيل القانوني
من جانبه، يدفع حزب الشعب السويسريرابط خارجي (يمين شعبوي) باتجاه إبرام اتفاق سياسي مع إريتريا، البلد الذي يقدم منه مُعظم طالبي اللجوء في سويسرا، تقوم بموجبه حكومة أسمرا باستعادة طالبي اللجوء وضمان سلامتهم.
وقد انتقدت الوزيرة سوماروغا هذا المقترح، مشيرة إلى أن “الناس في إريتريا يتعرضون للعقاب بشكل تعسفي، ويُرسلون إلى السجن لسنوات. ولا يُوجد بلد في أوروبا يُعيد طالبي اللجوء إلى إريتريا”.
رئيس حزب الشعب، طوني برونر، قال أيضا إن حزبه سيسعى إلى إطلاق استفتاء حول إصلاحات نظام اللجوء المقترحة. وأعرب في مقابلة مع صحيفة “سانترالشفايتس آم زونتاغرابط خارجي” (تصدر بالألمانية في لوتسرن) عن معارضته لمقترح منح طالبي اللجوء تمثيلا قانونيا مجانيا.
وأضاف برونر: “نحن نعارض توفير محامين بالمجان لطلبي اللجوء”، مشيرا إلى أنه لن يكون هناك مفر من الإستفتاء إذا ما مرّر البرلمان هذا المقترح (بالفعل، صادق البرلمان الفدرالي يوم 9 سبتمبر 2015 على القانون ومن ضمنه هذا المقترح).
وفي تصريحات لأسبوعية “نويه تسورخر تسايتونغ آم زونتاغرابط خارجي“، أعرب الحزب الديمقراطي المسيحي رابط خارجي(وسط يمين) عن دعمه للتمثيل القانوني للاجئين، لكنه اقترح التحقق مما إذا كان ينبغي توفير المحامين أيضا لطالبي اللجوء الذين ينطبق عليهم ما يُسمى بإصلاح اتفاقية دبلن.
كما يدعم الحزب الديمقراطي المسيحي أيضا السماح لبعض طالبي اللجوء بالبحث عن عمل، لاسيما أولئك الذين تم إيواؤهم بالفعل في مرافق تابعة للكانتونات، وليس في أحد مراكز الإستقبال الفدرالية الخمسة.
(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.