اشتراء التوقيعات: هل ينال من نزاهة الممارسة الديمقراطية؟
تلجأ جميع الأحزاب في سويسرا باستئجار جامعي توقيعات محترفين، حتى تمرر مبادرة شعبية أو تعديل دستوري. فهل يعتبر هذا العمل ديمقراطياً؟
تم نشر هذا المحتوى على
4دقائق
حاصلة على شهادة الدكتوراه في القانون. مارست عملها في الصحافة بالكتابة في صحيفة "نويه تسورخَر تسايتونغ"، ومجلات K-Tipp، وSaldo، وPlädoyer لخدمات المستهلكين، وصحيفة "تسورخَر أوبرلاندَر" اليومية وغيرها.
في المطر والثلج والبرد يقف بالخارج أناس غرباء يتوسلون المارة من أجل التوقيع على مبادرة شعبية أو على طلب تعديل دستوري: وهو عمل سياسي مرهق، قلما يجد الآن متطوعين يقومون به بدون مقابل. ومؤخراً أصبح هناك شركات توفر جامعي توقيعات في مقابل أجر: وتصل تكلفة هذه الخدمة إلى فرنكين مقابل كل توقيع.
فهل يمكن إذن شراء الديمقراطية؟ لا، يرد أستاذ القانون أندرياس غلازررابط خارجي من مركز آراو للديمقراطيةرابط خارجي. فمن الناحية القانونية لا يشكل جامعي التوقيعات المستأجرين أية مشكلة. “إنه ليس أمر ممنوعاً وفي عصرنا الحالي يعد أمراً عادياً، أن يتوجب دفع مقابل لمثل هذه الأعمال”، يوضح لـ swissinfo.ch وللقناة العمومية السويسرية SRF. صحيح أن المال يمثل عاملاً من عوامل النفوذ، لكن الأبحاث التي أجريت تؤكد أن نتيجة الاقتراعات في سويسرا لا يمكن شراؤها.
وفي الخريف الجاري ستقوم لجنة غير حزبية بطرح مبادرة شعبية “من أجل مزيد من الشفافية في التمويل السياسي”، للقضاء على هذا الوضع الشائن. وسيكون على الأحزاب واللجان الإفصاح عن ميزانيتهم والإعلان عن التبرعات الضخمة التي تتخطى الـ 10000 فرنك.
ولأجل هذا الغرض تم جمع عدداً كافياً من التوقيعات ـ ويرجع الفضل في ذلك لعدة أسباب من بينها جامعي التوقيعات المستأجرين.
فحالياً يتطلب تمرير مبادرة شعبية 100000 توقيع، بينما يستلزم إجراء استفتاء على الدستور 50000 توقيع. إلا أن بعض الأصوات تطالب بسبب ارتفاع عدد السكان وكذلك بسبب “طوفان المبادرات” (التي تراجعت مجدداً ) بزيادة عدد التوقيعات المطلوبة. فهل ستصل إلى الشعب مستقبلاً فقط تلك المقترحات التي تطلقها أحزاب أو منظمات كبيرة العدد، وليس مواطنون عاديون؟ وهل ستصبح قصصاً من أمثلة قصة المواطن الذي استطاع بمفرده تمرير مبادرة شعبية، حتى تُمنع إزالة قرون البقر، غير ممكنة الحدوث مستقبلاً؟
“بالنسبة للأفراد سيكون من المستحيل تجاوز هذه العقبة”، كما يؤكد غلازر. “فمن الواضح أن هناك لجان قوية في تنظيم المبادرات قد تكبدت مشقة في جمع التوقيعات مثلما حدث مع مبادرة الشفافية في التمويل السياسي أو مبادرة منع النقاب”.
لكن آلية المبادرات الشعبية قد أدرجت في الأصل كي تتيح للمواطنين رجالاً ونساءاً المجال لاقتراح تعديلات على الدستور الفدرالي. وهي بذلك تمثل أهم آليات الديمقراطية المباشرة. وإذا كان باستطاعة أصحاب المصالح (اللوبيات) والأحزاب وحدها إطلاق مبادرة، فإن هذا يضع واحداً من أهم الحقوق الديمقراطية على المحك. ووفقاً لتصريحات غلازر فإن مثل هذه العقبة غير مرغوب فيها من أجل تحقيق الانفتاح والتعدد المطلوبين في النظام السياسي. “وبخلاف الأحزاب فإن الأفراد ليس لديهم إمكانية أخرى سوى المبادرة الشعبية كي يشاركوا في وضع أجندة جديدة “.
الأكثر قراءة السويسريون في الخارج
المزيد
اقتراع فدرالي: هل تحتاج عقود إيجار العقارات في سويسرا إلى تعديل؟ الكلمة للشعب
كيف يمكننا منع احتكار الذكاء الاصطناعي من قبل الدول والشركات الكبرى؟
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على حل العديد من مشكلات العالم، لكن قد تسعى الدول الأغنى والشركات التكنولوجية الكبرى إلى احتكار هذه الفوائد لمصلحتها الخاصة.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الديمقراطية المباشرة .. خاصية سويسرية!
تم نشر هذا المحتوى على
هذا أهم ما توصلت إليه دراسة نشرها يوم الخميس السيد كلود لونشون الخبير البرناوي في الشؤون السياسية ومدير معهد جي أف أس (GFS) للأبحاث السياسية واستطلاعات الرأي العام. اهتمت الدراسة بتحليل كيفية تشكّل الرأي العام لدى عرض المبادرات الشعبية والاستفتاءات المتنوعة على التصويت العام، وانتهت إلى أن التوجهات الحكومية تفرض نفسها وتنجح في الحصول على…
تم نشر هذا المحتوى على
في المقابل، تغيرت التشكيلة الحكومية لتضم عضوين عن كل من حزب الشعب السويسري والاشتراكي والراديكالي مقابل عضوٍ واحد للمسيحي الديمقراطي. لم تتغير المعادلة السحرية المعمول بها في سويسرا منذ عام 1959. فهي تقوم أساساً على مبدأ تمثيل الأحزاب السياسية في الحكومة الفدرالية وفقاً لحصتها من إجمالي أصوات الناخبين. وقد تشكلت الحكومة الفدرالية منذ ذلك التاريخ…
تم نشر هذا المحتوى على
وينتمي حوالي 7% من المواطنين إلى أحزاب سياسية مقابل مواطن واحد من جُـملة خمسة في النمسا، وهذه النسبة تتجاوز بكثير نسبة المنتمين لأحزاب سياسية في ألمانيا. انبثقت الأحزاب الأولى، التي ظهرت على الساحة السويسرية في نهاية القرن التاسع عشر، عن تجمّـعات لأصحاب المصالح، إذ ظهر الحزب الراديكالي الديمقراطي (PRD ) (يمين) عام 1894 عن التيار…
تم نشر هذا المحتوى على
تعود أولى المحاولات الهادفة للحد من ارتفاع عدد العمال الأجانب إلى فترة الطفرة الإقتصادية التي تلت الحرب العالمية الثانية، عندما كانت سويسرا تواجه أكبر موجة هجرة في تاريخها. فقد جلب النمو السريع للإقتصاد الوطني، وبالأخص في القطاع الصناعي مئات الآلاف من العمال من جنوب أوروبا، قدموا أساسا من إيطاليا وإسبانيا. في بادئ الأمر، حاولت الحكومة الفدرالية كبح جماح عملية التوظيف المكثفة…
تم نشر هذا المحتوى على
برونو كاوفمان، أحد مؤلفي الكتاب، يشرح في لقاء مع سويس انفو الطبيعة العصرية والميزة الشعبية لهذه الديمقراطية التي تُشرك المواطن في عملية اتخاذ القرار. برونو كاوفمان الذي شارك في تأليف الكتاب هو أيضا رئيس معهد “المبادرة والاستفتاء في أوروبا” غير الحكومي الذي يوجد مقره في مدينة أمستردام الهولندية. وقد أنشأ هذا المعهد عام 2001 كمنظمة…
اليمين المتشدد يكتشف حدود إستراتيجية الاستقطاب السياسي
تم نشر هذا المحتوى على
فقد اتـضح أن إستراتيجية الاستقطاب، التي انتهجها اليمين المتشدد، قد فشِـلت في انتخابات مجلس الشيوخ، فيما اعتبر الخبير السياسي هانس هيرتر أن الوسط “الذي لا يُـمكن أن يتم شيء بدونه في البرلمان”، هو الفائز. اكتملت يوم الأحد 25 نوفمبر التشكيلة النهائية للبرلمان الفدرالي، إثر اختتام الأدوار الثانية للانتخابات التشريعية، التي أجريت على مدى الأسابيع الماضية…
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.