مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رفض قاطع من طرف السويسريين لمبادرة “نو بيلاغ”

رجل يُجيب عن أسئلة مجموعة من الصحافيين
أصبح بإمكان جيل مارشان، المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (SRG - SSR) أن يتنفس الصعداء! فقد حظي الإعلام العمومي بتأييد عريض جدا من طرف السويسريين هذ الأحد 4 مارس 2018 في صناديق الإقتراع. Keystone

لا مجال للمسّ في سويسرا من الرسوم المخصصة لتمويل الإذاعات وقنوات التلفزيون العامة. فقد رفض يوم ألأحد 4 مارس الجاري أكثر من 7 ناخبين من بين كل عشرة ومن جميع الكانتونات بشدة مبادرة "نو بيلاغ" التي دعت إلى إلغائها. في المقابل، تمت الموافقة بأغلبية عريضة جدا على "النظام المالي 2021" الجديد، الذي يمنح السلطات الفدرالية مُجددا الحق في استخلاص ضريبتين توفران 65٪ من الإيرادات الضريبية للكنفدرالية.

محتويات خارجية

إذن، في ختام حملة انتخابية طويلة وشرسة، تبدو إجابة الشعب السويسري واضحة ومتماسكة. تبعا لذلك، لن يحدث زلزال يقلب المشهد الإعلامي السويسري رأسا على عقب، كما أنه لم تُسجّل فوارق أو اختلافات بين المناطق اللغوية السويسرية رغم أن بعض المراقبين أعربوا عن خشيتهم من إمكانية حصول تصويت احتجاجي من طرف الناخبين في الأنحاء الجنوبية المتحدثة بالإيطالية بسبب الحملة القوية الداعية للتصويت بـ “نعم” التي قادتها “رابطة سكان التيتشينو” اليمينية الشعبوية. على العكس من ذلك، أطاح الناخبون في كانتون تيتشينو بالمبادرة حيث صوّت حوالي 65٪ منهم بـ “لا”.

كانت مبادرة “نو بيلاغ” التي تم إطلاقها من طرف الفروع الشبابية للحزب الليبرالي الراديكالي (يمين) ولحزب الشعب السويسري (يمين محافظ) ترمي – على المدى القصير – إلى إلغاء رسوم ترخيص البث الإذاعي والتلفزيوني على المستوى الوطني التي تقوم شركة “بيلاغ” باستخلاصها لفائدة هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية. في الأثناء، كان المستهدف وجود الخدمة العامة للإذاعة والتلفزيون أصلا والدور السياسي والإجتماعي والثقافي الذي تلعبه على المستوى الوطني، بما أن العروض التي تُوفرها للجمهور تعتمد – إلى حد بعيد – على حصيلة هذه الرسوم.

وفقا لأصحاب المبادرةرابط خارجي، ينبغي ترك قطاع الإذاعة والتلفزيون لقوى السوق ويجب أن لا يدفع المستخدمون مقابلا إلا للبرامج التي يستهلكونها فعلا، بدلا من إرغامهم على دفع رسوم سنوية ثابتة. في المقابل، ترى الحكومة والبرلمان، أن الرسوم ضرورية لضمان بث برامج إذاعية وتلفزيونية ذات نوعيّة جيّدة في جميع أنحاء الكنفدرالية، بما يُسهم في تماسك بلد ينقسم إلى أربع مناطق لغوية وثقافية.

المزيد
دوريس لويتهارد وزيرة الإتصالات في الحكومة الفدرالية

المزيد

الرفض الشعبي لن يحول دون إجراء الإصلاحات

تم نشر هذا المحتوى على لقد أصغت هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية بانتباه إلى انتقادات الذين صوّتوا بـ “نعم” لمبادرة “نو بيلاغ”! هذا أهم ما صرح به مديرها جيل مارشان إثر اتضاح نتيجة الإقتراع. بشكل عام، أظهرت ردود الفعل الأولى تعلقا بخدمة الإعلام العمومي اقترنت بالتأكيد على الحاجة لإجراء إصلاحات.

طالع المزيدالرفض الشعبي لن يحول دون إجراء الإصلاحات

حملة شرسة 

بالإستناد إلى النص المعروض على تصويت الناخبين – والذي من شأنه (في صورة الموافقة عليه) إدخال تعديل جوهري على المادة 93 من الدستور الفدرالي – فإنه لن يكون بإمكان الدولة الكنفدرالية، اعتبارا من أول يناير 2019 فرض أي رسوم مقابل استقبال البث الإذاعي والتلفزيوني، إما مباشرة أو من خلال شركات وسيطة مُكلفة بإنجاز هذه المهمة. كما تحظر المبادرة على السلطات الفدرالية تقديم أي دعم مالي فائدة برامج إذاعية أو تلفزيونية أو تشغيل أي شركات بث في زمن السلم.

في شهر ديسمبر الماضي، تصدرت الـ “نعم” نتائج استطلاعات الرأي. ومن ثم انطلقت الحملة في وقت مبكر واتسمت بقدر كبير من الحدة والشراسة، خاصة في الأنحاء المتحدثة بالألمانية من البلاد، حيث أطنبت وسائل الإعلام في تناول الموضوع ومناقشته. كما اشتعلت صفحات شبكات التواصل الإجتماعي إلى درجة حدوث تجاوزات في بعض الأحيان. وفي المرحلة النهائية، أظهرت الإستطلاعات الأخيرة أن الـ “لا” هي المتقدمة بنسبة تتراوح ما بين 60 و65%.

طيلة الحملة، تميّزت دوريس لويتهارد، وزيرة الإتصالات في الحكومة الفدرالية بمشاركتها الملفتة في واحدة من آخر معاركها الكبرى في مسيرتها السياسية. في الأثناء، ضمّت جبهة الرفض لمبادرة “نو بيلاغ” كلا من اليسار والخضر، والحزب الديمقراطي المسيحي، وأحزاب يمين الوسط الصغيرة بالإضافة إلى الأغلبية في الحزب الليبرالي الراديكالي (المستعدة لإصلاح خدمة الإعلام العمومي ولكن ليس لتفكيكها تماماً).

المزيد
شاشات تنقل برامج التلفزيون السويسري الناطق بالألمانية

المزيد

المبادرة الداعية إلى إلغاء رسوم الإذاعة والتلفزيون: مُرادها وانعكاساتها

تم نشر هذا المحتوى على تسعى مبادرة شعبية ستُعرض على تصويت الناخبين يوم 4 مارس القادم إلى إلغاء رسوم استقبال البث الإذاعي والتلفزيوني في سويسرا. فهل يعني ذلك أن تعددية وجودة وسائل الإعلام أضحت مهددة؟

طالع المزيدالمبادرة الداعية إلى إلغاء رسوم الإذاعة والتلفزيون: مُرادها وانعكاساتها

وفيما توقع المراقبون أن تكون موجة الرفض للمبادرة أقوى في الأنحاء الناطقة بالفرنسية، بدا واضحا أن الأقليات اللغوية والمناطق النائية ستكون الطرف الذي سيدفع ثمن مبادرة “نو بيلاغ”، ذلك أنه لا يُمكن تخيّل عرض إذاعي أو تلفزيوني تجاري بحت إلا في منطقة زيورخ، بحسب الحكومة الفدرالية.

من ناحية أخرى، ليست هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية رابط خارجيالمؤسسة الإعلامية الوحيدة التي تعتمد على الأموال المتأتية من الرسوم لكي تعمل، فهناك أيضا 21 إذاعة محلية و13 محطة تلفزيون محلي يستفيدون من قسم من هذه العائدات. وللعلم، يمثل مجموع وسائل الإعلام هذه 6800 وظيفة عمل، ويُزوّد 6700 وظيفة أخرى بطريقة غير مباشرة.

إضافة إلى ذلك، اعتبر المعارضون للمبادرة أيضا أن نهاية رسوم استقبال البث الإذاعي والتلفزيوني ستعني نهاية “فكرة معينة” عن سويسرا المتعددة الثقافات. فمن دون توفر مساعدة حكومية، فلن يكون من الممكن على الأرجح القيام بتغطية إعلامية للمناطق النائية أو التي يُتحدث فيها بلغات أقلية. من جهة أخرى، سيُمثل إلغاء الرسوم ضربة قاسية للوسط الثقافي السويسري عموما وللقطاع السينمائي بوجه خاص.  

أخيرا وليس آخرا، قدم المعارضون حجة اقتصادية تتلخص في أن هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية التي يعمل فيها حوالي 6000 شخص تُعتبر أحد أكبر المُشغّلين في الكنفدرالية، لذلك فإن اختفاء هذه المؤسسة سيُمثل كذلك زلزالا اقتصاديا.

عموما، أكد مُناهضو المبادرة طيلة الحملة الإنتخابية على ضرورة توفّـر خدمة إعلامية عامة في كافة أنحاء سويسرا، وحذروا من أنه من المحتمل ألا يتم الحفاظ – في سوق إذاعية وتلفزيونية محرّرة تماماً – إلا على البرامج المُربحة فقط. فيما يُتوقع حصول انخفاض كبير في مساهمات هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية في مجال الإنتاج والإبداع الثقافي. كما سيتم الحد من تقديم البرامج الرياضية في الإذاعة والتلفزيون. وقد تكون الإشتراكات الإنتقائية أغلى من الرسوم السنوية لاستقبال البث الإذاعي والتلفزيوني (تبلغ حاليا 451 فرنكاً، ثم ستصبح 365 فرنكا اعتباراً من 1 يناير 2019) التي تدفعها الأُسَر في سويسرا.

الحكومة الفدرالية لن تشد الأحزمة

إذا كانت مبادرة “نو بيلاغ” في دائرة الضوء وأثارت نقاشا متحمسا في سويسرا وفي الخارج، فقد كان الأمر مختلفا تماما بالنسبة للموضوع الثاني المطروح للتصويت يوم 4 مارس. 

ففي حالة فريدة من نوعها في العالم أجمع، يُصوت السويسريون كل خمسة عشر عاما للسماح مجددا للسلطات الفدرالية باستخلاص الضريبة الفدرالية المباشرة والأداء على القيمة المُضافة. وفي صورة رفض الشعب، فإن الدولة الفدرالية ستُحرم من ثلثي إيراداتها الضريبية، وسيتعيّن عليها حينئذ التوقف عن القيام بأغلب المهام الموكولة إليها (الدفاع والعلاقات الخارجية..).

في المقابل، ظل هذا السيناريو الكارثي محض خيال، حيث تميزت الحملة الإنتخابية بأقصى قدر من الهدوء، ولم يُعارض أي حزب مُمثل في البرلمان الفدرالي المرسوم المعروض على تصويت الناخبين، كما لم يدعُ أحد إلى رفض ما يُسمى “النظام المالي الجديد 2021”. 

تبعا لذلك، وبدون أي تشويق، تمت الموافقة على النظام المالي الجديد للكنفدرالية على نطاق واسع من قبل 84.1% من الناخبين.

المزيد
ورقة إيصال بالدفع في مقهى وفيها 8٪ أي ضريبة القيمة المضافة

المزيد

هل سيسمح السويسريون للكنفدرالية بالإستمرار في تحصيل الضرائب؟

تم نشر هذا المحتوى على في الرابع من مارس المقبل، سيُقرر الشعب السويسري السماح للكنفدرالية باستخلاص الضريبة الفدرالية المباشرة والأداء على القيمة المضافة لمدة 15 عاما أخرى أم لا. ومع أن الأمر يتعلق بحوالي ثلثي الإيرادات الضريبية للكنفدرالية التي ستكون على المحك، إلا أن هذا التصويت يتميّز بأقصى قدر من الهدوء إذ لا أحد يُعارض أو يتصدى للمرسوم المعروض على تصويت الناخبين.

طالع المزيدهل سيسمح السويسريون للكنفدرالية بالإستمرار في تحصيل الضرائب؟

النتائج النهائية لاقتراعات الأحد 4 مارس 2018 

1- المبادرة الداعية إلى إلغاء رسوم استقبال البث الإذاعي والتلفزيوني:

رُفضت من طرف 71.6% من الناخبين وفي جميع الكانتونات بدون استثناء.

 2- المرسوم الخاص بالنظام المالي الجديد للكنفدرالية: 

تمت الموافقة عليه من طرف 84.1% من الناخبين وفي جميع الكانتونات بدون استثناء. 

نسبة المشاركة في التصويت: 54.4%

swissinfo.ch/SDA-ATS/ك.ض

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية