تراجع مُطّرد للتوافق بين غرفتي البرلمان الفدرالي
يدق قلب السياسة السويسرية بغرفتين: مجلس الشيوخ (الغرفة العليا) ومجلس النواب (الغرفة السفلى). ومن خلال التفاعل بين الإثنين تنشأ القوانين ويتم اعتمادها في التشريع الفدرالي. وهذا يتطلب وقتاً، كما يعمل على عدم تسارع النبض السياسي بوتيرة غير محسوبة، إلا أن التوافق بين غرفتي البرلمان يتراجع باطراد.
كما يحدث مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة اجتمع في منتصف شهر ديسمبر الجاري 26 نائباً عن مجلسي الشيوخ والنواب فيما يُسمّى بـ “مؤتمر التوافق”. وكانت هذه الدورة الإضافية ضرورية، ذلك لأن الغرفتين لم توفقا مجدداً في إيجاد حل مشترك. فالتعاون بين مجلسي الشيوخ والنواب يبدو أنه أمر عسر هذه الأيام. ومن آنٍ لآخر يتسم النقاش بينهما بالكثير من الإنفعال.
أما مدى صعوبة توافق مجلسي الشيوخ والنواب، فهو ما توضحه هذه الأرقام: فمنذ بداية الدورة التشريعية قبل عامين اضطر البرلمان الفدرالي لعقد 18 مؤتمراً توافقياً. وهو رقم يقارب العدد الإجمالي للمؤتمرات المماثلة التي عُقدت على مدار السنوات الأربع السابقة والتي بلغت 21 مؤتمراً توافقياً.
رفض الحل الوسط
في بعض الأحيان، لا تستطيع المؤتمرات التوافقية التأليف بين النواب. ففي الأسبوع الثالث من الشهر الأخير من العام، تم التوصل إلى حل وسط بشأن الميزانية: حيث كان منتظرا أن يتم ضخّ مبلغ 370 مليون فرنكاً إضافية في ميزانية معاشات الشيخوخة، إلا أن مجلس النواب أضاع مقترح مؤتمر التوافق بحضور بعض أعضاء المجلس النيابي أدراج الرياح.
“إنه أمر جدّ مؤسف”، يقول روجيه نوردمان، النائب عن الحزب الإشتراكي. ذلك لأن المؤتمر التوافقي هو حل وسط بين مجلسي الشيوخ والنواب. “وإنه من المتعارف عليه القبول بهذا الحل الوسط”. ففي مجلس النواب، أو ما يسمى بـ “غرفة التأمل”، فإنه يُعتبر “من الغرابة بمكان رفض حل وسط بصورة جذرية وبهذه البساطة، فقط لأن جميع تفاصيله لم تلق قبولاً”، بحسب قول نوردمان.
بيرمين بيشوف، النائب في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي المسيحي يرى الأمر بصورة مختلفة: “لم تكن هذه عملية استعراض للقوة. وإنما كان النظام ثنائي الغرف، الذي لعب دوره اليوم”. ففي العام الماضي، رفض مجلس الشيوخ مثل هذا الطلب أثناء مناقشة الميزانية، وهذا العام جاء الدور على مجلس النواب ليقوم بالرفض. وإذا نظرنا للأمر بهذه الطريقة سنجده عادياً جداً. “لكن مجلس النواب كثيراً ما يستطيع إنفاذ رأيه حقاً في مثل هذه الإقتراعات”.
إن تقدير ميزان القوى في مجلس الشيوخ كثيراً ما يتم بأسلوب مُشابه. يقول كريستيان فاسرفالن، النائب في مجلس الشيوخ عن الحزب الليبرالي الراديكالي: “في الآونة الأخيرة، كان الوضع في تسوية الخلافات واحدا على الدوام للأسف: في نهاية المطاف يفوز مجلس النواب”. وكان هذا للأسف هو الحال في حالة وضع قانون بشأن شبكات الكهرباء، حيث استطاع مجلس النواب هذه المرة عن طريق مؤتمر التوافق إضافة بند يتعلق بطاقة المياه.
“هناك نوع من الإنفعال”
هل يعني اننا بصدد “مجلس النواب القوي، في مقابل مجلس الشيوخ المُحبط”؟ يرى فيليب مولر، زميل فاسرفالن في الحزب الليبرالي الراديكالي، أن الأمر أقل مأساوية، ويقول: “هناك فقط نوع من الإنفعال. وسوف تهدأ هذه الأمور، فكثيراً ما عايشنا مثل هذا الوضع”. فهذا يحدث داخل الغرفة النيابية الواحدة، بل داخل الكتلة البرلمانية الواحدة. “ففي الجلسة القادمة سيكون كل شيء قد نسي، وسوف نباشر أموراً جديدة ثانيةً”.
بذلك، يستطيع مجلس الشيوخ أن يُبرهن لمجلس النواب من حين لآخر على أن الغرفة الكبيرة ليست أضعف دائما من شقيقتها الصغيرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.