في المنامة.. “عُرس لم يتم استدعاء الخطيب والخطيبة لحضوره”
في هذا الأسبوع، تركز اهتمام الصحف السويسرية على ما دار في مؤتمر المنامة الذي عرض فيه جاريد كوشنر، مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، الجانب الإقتصادي من خطة سلام تقترحها واشنطن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وُصفت بـ "صفقة القرن". في الوقت نفسه أثارت نتائج استطلاع آراء شمل آلاف الأشخاص في عشر دول عربية وكشف عن تراجُع ظواهر التدين أو الثقة بالحركات الإسلامية في صفوف الأجيال الشابة بعض التعليقات.
“شراء السلام في فلسطين”
في عددها الصادر يوم 26 يونيو، تطرقت صحيفة “لوتون” الصادرة بالفرنسية في لوزان في مقال بقلم لويس ليمارابط خارجي إلى “المشاريع الست والثلاثين” التي كان منتظرا أن يكشف عنها جاريد كوشنر، مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، في عاصمة مملكة البحرين يومي 25 و26 يونيو الجاري “من أجل شراء السلام في فلسطين”، كما جاء في العنوان.
وبعد أن استعرض الكاتب نماذج من المشاريع المقترحة التي وردت في قائمة طويلة غطت 96 صفحة من بينها إقامة بنى تحتية جديدة، وتوفير آليات لتطوير العلاقات التجارية الدولية، وإنشاء جامعة جديدة، وبعث مؤسسات اقتصادية صغرى ومتوسطة، وتوسيع شبكة الطرق البرية، وبلورة إطار قانوني للتشجيع على الإبتكار… أشار إلى أن هذه “الخطة الاقتصادية التي أقل ما يُقال فيها أنها طموحة” تهدف إلى جلب “الإزدهار” في غضون عشرة أعوام إلى الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة.. أما التكلفة فهي تقدر بخمسين مليار دولار “لم يتم العثور عليها بعدُ”. لكن المشكلة تتمثل في هذه الخطة “التي قام جاريد كوشنر، صهر دونالد ترامب، بإعدادها على مدى عامين لا تكاد تتحدث عن الفلسطينيين أنفسهم. كما أن مبادرته تتعارض تماما مع السياسة المنتهجة في المنطقة حتى الآن من طرف والد زوجته”، حسب الصحيفة.
على الرغم من السماح لستة صحافيين إسرائيليين بالتوجّه إلى البحرين فيما اعتبر سابقة إلا أن اجتماع المنامة “يُشبه عرسا لم يتم استدعاء الخطيب والخطيبة لحضوره”، كما يقول المحلل الفلسطيني داود كُتّاب في معرض تعليقه على الغياب الملفت للفلسطينيين والإسرائيليين عن الاجتماع.
كما نقل لويس ليما عن عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشين بيت” مقتطفات من نص نشره جاء فيه: “لو أن ترامب وفريقه درسوا التاريخ لعرفوا أن تقديم الاقتصاد على القضايا السياسية يُساوي توجيه صفعة للفلسطينيين”، وأضاف “لو كان بالإمكان “شراء” الفلسطينيين لاستغنينا منذ زمن بعيد عن الدبلوماسية. إن مقاربة ترامب ليست غير أخلاقية فحسب بل يستحيل وضعها موضع التطبيق”.
بقطع النظر عن مصير الفلسطينيين، لفت الكاتب إلى أن اجتماع المنامة يرمي أيضا إلى المساهمة في تقارب القوى السنية في الخليج مع إسرائيل. فالمملكة الصغيرة (أي البحرين) أضحت محميّة تابعة للعربية السعودية، أما عملية بلورة خطة كوشنر فهي تُخفي وراءها في واقع الأمر مكتب الإستشارات الذي عمل بالخصوص على “تنظيف” صورة ولي العهد السعودي التي تعرضت للتشويه خاصة بسبب الحرب في اليمن واغتيال الصحافي جمال خاشقجي.
دبي ثانية في غـزّة؟
بدورها، اهتمت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغرابط خارجي الصادرة بالألمانية في زيورخ يوم 27 يونيو الجاري بمشروع جاريد كوشنر المتعلق بالاستثمار في قطاع غزة على أمل إنهاء النزاع هناك، وذلك من خلال تحليل بعثت به مراسلتها في إسطنبول إنغا روغ ونُشر بعنوان “تحويل غزة لدبي ثانية” أنّ الأمريكيين يريدون من خلال استثمارات بالمليارات في القطاع حلّ النزاع في الشرق الأوسط الذي وصل منذ زمن إلى طريق مسدود، وهي ترى أن ما يُسمى “صفقة القرن”، التي قدم خطتها صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا تقدم سوى “الأوهام الجميلة”.
في سياق عرضها لمستجدات الوضع في المنطقة، توقفت روغ عند موقف سلطنة عمان، التي أعلنت يوم 26 يونيو الجاري عن اعتزامها افتتاح سفارة لها في رام الله، وذكّرت بأنّ السلطنة كانت أول دولة خليجية تستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورأت في ذلك دليلا على تصرف مسقط سياسيّاً باستقلال عن دول الخليج الأخرى بالرغم من عضويتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما اعتبرت أن قرار فتح السفارة يمثل اعترافاً مهماً بالنسبة للفلسطينيين، في وقت ترغب فيه دول خليجية أخرى الإنتهاء أخيرا وبأكبر سرعة مُمكنة من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو ما كان واضحاً للعيان في اجتماع البحرين.
في مقالها الطويل، استرسلت الصحفية في الحديث عن الاجتماع الذي عُقد في أحد فنادق المنامة وقاطعه الفلسطينيون ولم تتمّ دعوة ممثلين عن الحكومة الإسرائيلية للمشاركة فيه. وقالت: لقد قام كوشنر بعرض خطته، وأخذ دبي وسنغافورة كأمثلة لما يرغب في القيام به، وقدّم وعودا باسم الولايات المتحدة وترامب تفيد بأنّهم لن يتخلوا عن الفلسطينيين، وقال: “ستكون هذه الصفقة “صفقة القرن” على أن تتحلى القيادة الفلسطينية بـ “الشجاعة”، على حد قوله، لكن هذه الموقف “ينتمي إلى عصر قديم” بحسب المراسلة السويسرية كانت فيه “معرفة الأقوياء تفوق معرفة الجميع فيما يتعلق بما هو الأفضل بالنسبة للشعب”. ومن ثمّ تذكّـر روغ بأنّ السلطة الوطنية الفلسطينية مثيرة للجدل بين الفلسطينيين أنفسهم، وتؤكد أن “السلطة جاهزة لتقديم تنازلات أكبر من تلك التي يُوافق عليها الفلسطينيون”، وهو ما “تُظهره الكثير من الدراسات الجادة”، بحسب قولها.
في إشارة إلى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير الذي يدعم خطة كوشنر وشارك في اجتماع البحرين إلّا أنّه حرص على التذكير بأنّ “الإقتصاد لا يُمكنه أن يكون بديلاً عن السياسة”، فليس هناك “سلام اقتصادي”، فالسلام له جانب اقتصادي وآخر سياسي. وفي الختام، تحدثت الصحفية السويسرية عن الكلمات “المُطمئنة” بالنسبة للفلسطينيين التي صدرت عن ممثلي الدول العربية الحاضرة مشددة على أنّهم “يفضلون مع ذلك ترك الموضوع وراء ظهورهم والالتفات لما هو أهمّ بالنسبة لهم ألا وهو النزاع مع إيران”.
“مزيد من العرب يتحولون إلى الإلحاد”
هذا هو عنوان مقالةرابط خارجي نشرتها صحيفة “24 ساعة” في عددها الصادر يوم 28 يونيو الجاري بقلم الصحفي أندريس ألّومان، المحرر في قسم الشؤون الخارجية، تناول فيها بعض النتائج التي كشف عنها استطلاع آراء واسع قامت به هيئة الإذاعة البريطانية ونُشرت نتائجهرابط خارجي على موقعها العربي (بي بي سي عربي) معتبرا أنها “ترجّ الأفكار المُسبقة” السائدة لدى الرأي العام الغربي بشأن العالم العربي حيث يتصور كثيرون أنه “متديّن ومحافظ جدا بل ينحو باتجاه التطرف”.
الإستطلاع الذي أنجزه “البارومتر العربي”، وهي شبكة أبحاث مستقلة تتخذ من جامعة برينستون في ولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة مقرا لها، ما بين نهاية 2018 وربيع 2019 من خلال استجواب أكثر من 25 ألف شخص يقيمون في عشر دول (الجزائر ومصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب والسودان وتونس واليمن) توصل إلى ثلاث استنتاجات رئيسية: “أولا، يبدو أن الإلحاد ينمو في العالم العربي وخاصة في صفوف الشباب بشكل بطيء بلا شك ولكن بثبات. في الوقت نفسه، يبدو أن الحركات الإسلامية بصدد التراجع، حيث قلّت نسبة الثقة فيها في كل مكان تقريبا بل هي بصدد الإنهيار تماما في بعض البلدان. وأخيرا، اعتبرت أغلبية العرب المستجوبين أنه من الطبيعي تماما أن تتمكن امرأة من الوصول إلى رئاسة الدولة أو الحكومة”.
في التفاصيل، أشار أندريس ألّومان إلى أن عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم “غير متدينين” ارتفع من 8% في عام 2013 إلى 13% في عام 2019، بل إن هذا النسبة تصل حتى إلى 18% في صفوف الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين.
في نفس الوقت، يبدو أن العرب “يفقدون الثقة في الحركات الإسلامية. ففي السودان، انهارت شعبية الاخوان المسلمين مسجلة تراجعا بـ 25% منذ عام 2013. أما في المغرب والأردن، فتراوح حجم التراجع حول 20%. وفي تونس التي انخرط فيها حزب النهضة في الإئتلاف الحاكم فقد خسر 24% من الدعم الذي كان يحوز عليه. أما في فلسطين، فقد تراجعت شعبية حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة من 45% إلى 24%”.
وفيما يتعلق بأسئلة أخرى طُرحت على المشاركين في استطلاع الرأي، اعتبر الكاتب أن “نتائج الدراسة كانت أقل إثارة”. فعلى الرغم من أن “مُعظم المُستجوبين يعتبرون أنه يتعيّن أن تتمكن النساء من الطلاق أو من تقلد رئاسة الدولة أو الحكومة، إلا أن رئاسة العائلة تبقى للرجال. من جهة أخرى، هناك قدر قليل جدا من التسامح مع المثلية باستثناء الجزائر (26%) والمغرب (21%) لكن في هذين البلدين هناك قدر أكبر من التسامح مع جرائم الشرف!”.
خلاصة القول، “لا زال هناك بعض العمل الذي يجب القيام به لكن الصورة ليست قاتمة بشكل مطلق كما يتم تصويرها في كثير من الأحيان”، بحسب رأي يقول أندريس ألّومان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.