مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المدينة الإدارية الجديدة في مصر، وانسحاب الإمارات من المستنقع اليمني … وتطوّرات المشهد الجزائري

منتدى الحوار الوطني في الجزائر
شخصيات جزائرية بارزة من مختلف الاحزاب السياسية وناشطون بالمجتمع المدني خلال منتدى للحوا ر الوطني في الجزائر العاصمة يوم السبت 6 يوليو 2019. Copyright 2019 The Associated Press. All Rights Reserved.

ككل أسبوع، خصصت الصحف السويسرية مساحة هامة من تغطياتها للاحداث الدولية إلى مستجدات العالم العربي بدءًا بمشروع المدينة الإدارية الجديدة في مصر، مرورا بالتطوّرات السياسية الخاصة بالشأن الجزائري، فانسحاب دولة الإمارات المتحدة من بعض المناطق في جنوب اليمن، وصولا إلى التحقيق الصحفي بشأن المواطن السويسري الذي يحاكم هذه الايام في المغرب بتهمة الإرهاب. وفي ما يلي تفاصيل هذه التغطية.

مدينة ذكية

اهتمت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ الصادرة بالألمانية ليوم 10 يوليورابط خارجي من خلال تحليل مطول، بمشروع “العاصمة الجديدة” في مصر. يستهل كاتب المقالة كريستيان فايسفلوغ مقالته بالإشارة إلى “أنّ الأنظمة الاستبدادية تعد رعاياها بمستقبل مشرق”. ثمّ يتناول بالتحليل “المشروع الضخم”، الذي ستعود فيه الأرباح والمنفعة الحقيقية على الجيش، بحسب الصحفي. ينتظر من المشروع أن يخرج أوّل “مدينة ذكية” في مصر، بحسب خالد الحسيني سليمان المتحدث باسم المشروع، حيث ستقدم المدينة الإدارية التي ستكون مقرّاً للوزارات الكثير من أماكن الاستجمام الخضراء من أجل قضاء أوقات الفراغ: “نحن نقوم بتحديث الشعب المصري ونقدم له طريقة حياة جديدة”، كما ينقل الصحفي عن الحسيني سليمان الذي يصفه بالملحق العسكري سابقاً.

“مراقبة كاملة”

يبدو أنّ ما سيجعل هذه المدينة ذكية، هو “أنّها ستكون مزودة بالكاميرات وأجهزة الاستشعار والحساسات بشكل كامل، بحيث ستكون قادرة على متابعة ورؤية كل شيء”، فيرى الصحفي أنّ ذلك يؤكّد مخاوف الدبلوماسيين الأجانب، فالنظام المصري يرغب ليس في نقل الوزارات ومنظمات الدولة إلى هناك فقط وإنّما أيضاً جميع السفارات. ويرى فايسفلوغ في هذه النقلة نوعا من محاولة النظام وضع سياسيي ومسؤولي الدولة تحت المراقبة وكذلك الدبلوماسيين الأجانب، كما سيزيد ذلك من عزلة النخبة السياسية عن الشعب”.

محاولة تخفيف الضغط على العاصمة المصرية القاهرة ليس بالأمر الجديد، فقد بدأ ذلك على عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل 20 سنة، وذلك في مواقع عديدة، إلّا أنّ تلك المدن لم تجذب السكان وبقيت “مدن أشباح”، كما يصفها الصحفي نقلاً عن محمد أبو سمرا المخطط المعماري. “ويبدو الآن أن الحياة تعود تدريجيّاً إلى القاهرة الجديدة، ولكن بتردّد، من 5 ملايين بحسب الخطة، يعيش هناك حاليا تقريباً 300.000”.

“نحن متحدون وسوف نبقى كذلك”

في وصف للوضع على الأرض يتطرق الصحفي إلى ضخامة الأبنية هناك وخصوصاً أبنية مسجد “الفتاح العليم” الذي يتسع لـ 16.000 مصلي وكذلك مبنى كنيسة ميلاد المسيح التي تتسع بدورها لـ 8000 شخص، لتصبح الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط. في ذلك يرى فايسفلوغ رمزية لما يتبناه السيسي من أفكار حول الدفاع عن الأقليات، وعن تأكيده على أنّ الجميع شعب واحد، “نحن متحدون وسوف نبقى كذلك”، هذا ما ينقله عنه الصحفي، الذي يضيف بأنه “على الرغم من الكلمات الجميلة، لا يزال الأقباط هناك يعانون من التمييز العنصري اليومي، فهم مستبعدون من شغل المناصب في الدولة، وخاصة تلك داخل النظام الأمني، كما ينفذ الإسلاميون بانتظام هجمات إرهابية على الكنائس”.

يركز فايسفلوغ أيضاً على دور الصين في هذا المشروع المتمثل بتشييد المنطقة الاقتصادية، التي ستشتمل على 21 ناطحة سحاب، كما أنّ هناك 1000 صيني على عين المكان لتنفيذ المهمة، وقد استعانت مصر ماليّاً من أجل تنفيذها بالصين نفسها بقرض قدره 3 مليارات دولار، بنسبة 2% من الفائدة، يجب أن تسدد مع المبلغ الأصلي في غضون 25 سنة. في الخطة أيضاً بناء طرق للدراجات ولممارسة الجري وساحة للحفلات الموسيقية ومراكز استجمام، كل ذلك والكثير نشاهده في الإعلان للمشروع على شكل فيديو، يُظهر أيضاً مدينة نظيفة وزجاج يلمع ومناطق خضراء. يتساءل فايسفلوغ إن كان ذلك ما سيكون عليه الوضع على أرض الواقع.

يرى الصحفي من خلال الأبنية التي توشك على الانتهاء بأنّه ليس هناك ثورة في تصميم تلك الأبنية، حتى مبنى الأوبرا، فهي تشبه كثيراً الأبنية القديمة في مدن أوروبا. ما يلفت النظر بالنسبة لفايسفلوغ هو القصر الرئاسي الذي سيكون منزل السيسي ووزارة الدفاع التي تشغل مع القصر أكبر مساحة في المنطقة وتحاط بجدار من الاسمنت المسلح يحجبها عن الأنظار، “هذا هو انعكاس دقيق لهيكل السلطة الحالي في الدولة المصرية”.

20 مدينة جديدة من أجل 30 مليون شخص

الحجة الأولى لضرورة تشييد هذه المدن والمناطق السكنية هي الازدحام السكاني الشديد في القاهرة، حيث يعيش في مدينة العشرين مليون نسمة 15.000 شخص في الكيلومتر المربع، بالإضافة إلى استمرار النمو السكاني السريع جداً، فقد كان عدد السكان هناك 60 ملون نسمة قبل 30 سنة واليوم يصل العدد إلى 100 مليون وفي غضون 50 سنة سيصبح العدد 150 مليون. المفترض أن يخفف ذلك من الضغط على هذه المدينة التي تستقبل بالإضافة إلى سكانها أعدادا هائلة من المواطنين الذي ينهالون على المباني الحومية من وزارات وإداريات وغيرها من أجل الحصول على التواقيع والموافقات والأوراق، إلّا أنّ محمد أبو سمرا “لا يعتقد بأنّ ذلك سيحدث، وأنّ الضغط سيخف”، ويعود ذلك فيما يعود على أنّ هذه المدينة ستكون عملية توسيع للقاهرة وليست مدينة جديدة مستقلة، فيشتري من لا يمكنه دفع أجرة البيت في القاهرة شقة هناك، ويذهب من أجل العمل إلى القاهرة، فيزيد ذلك حتى من أزمة السير.

ستصل تكلفة الشقة الواحدة في المدينة الجديدة بحسب سليمان إلى 90.000 دولار، بمعنى أنّ الموظفين العاديين لن يمكنهم بسهولة شراءها، بالإضافة “إلى أنّها ليس مخططة لجميع طبقات المجتمع، ماذا عن الكهربائيين وعمال التنظيف، هذه المدينة تحتاج لهم أيضاً”. ذلك سيؤدي إلى انتشار الأبنية غير النظامية في المدينة الجديدة أيضاً كما هو الحال في القاهرة، حيث يعيش 60% من السكان في مثل هذه المناطق. “فعندما لا تستطيع الدولة استيعاب هذا النمو السكاني السريع يلجأ المواطنون إلى البحث عن حلول بديلة”.  يوافق سمرا على أنّ بناء المدن الجديدة هي الطريقة الوحيدة لاستيعاب النمو السكاني السريع ولكن الطريقة المتبعة اليوم خاطئة، حيث يجب الاستثمار بداية في ترميم وتطوير المدن الموجودة والعمل على تقوية الاقتصاد “التطور الاقتصاد يقود إلى بناء المدن الجديدة وليس العكس”.

الفشل ممنوع

لا يكتفي سمرا بانتقاد المشروع الجديد بل يظهر قلقه أيضاً من تأثير المشروع على القاهرة، حيث ليس هناك فقط المباني الحكومية والإدارات والسفارات، بك هناك المطاعم والمحلات التي تكسب عيشها ممّا ينفقه هؤلاء “ماذا سيحدث بهؤلاء؟”. كان الأجدى أن يتم تحديث القديم بدلاً من بناء الجديد في الصحراء، هذا ما ينقله الصحفي على لسان مخطط المدن سمرا. ولكن يذكر فايسفلوغ أن المدينة القديمة، القاهرة غير مهملة بشكل كامل فهناك مشاريع ترميم وبناء، كمشروع ترميم شبكة خطوط المترو وكذلك إعادة بناء بعض الاحياء السكنية فيما يسمى بالعشوائيات، كحي مسبيرو.

“لا تراجع”، على الرغم من كل المشاكل التي تسببها المشروعات الكبير، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالعاصمة الجديدة، “فهي مبادرة من الرئيس السيسي ورمز للمستقبل المشرق لمصره”، حيث يرتبط نجاحها أو فشلها مباشرة بزيادة أو نقصان سلطته، لا مكان للفشل هنا. 

المأزق الجزائري

نشرت صحيفة “لا ليبرتي” السويسرية نقلا عن صحيفة “لا لبيراسيون” الفرنسية يوم 10 يوليو رابط خارجيمقالا تحليليا يسلّط الضوء على مستجدات الوضع السياسي في الجزائر، بعد انتهاء المهلة الأولى (3 أشهر) التي يمنحها الدستور الجزائري لرئيس الجمهورية المؤقتّ عبد القادر بن صالح يوم 9 يوليو الماضي. هذا الأخير تولى السلطة بعد استقالة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة يوم 2 أبريل الماضي، لكن التجاذبات السياسية والرفض الشعبي للتمشيّ الذي كان يخطط له قائد الجيش أحمد قايد صالح، لم يسمحا للرئيس المؤقت بتحقيق المهمّة التي جاء من اجلها وهي تنظيم انتخابات رئاسية. ولتجنّب فراغ دستوري بسبب هذا الوضع، لجأ المجلس الدستوري في الجزائر إلى حيلة قانونية تسمح للرئيس المؤقت بالبقاء في مهمته إلى حين انتخاب رئيس جديد.

استقطاب ثنائي شديد

المقال يذهب إلى ان الجزائر توجد اليوم أمام سيناريوين لكل منهما أنصاره ومؤيديه: من ناحية، أغلبية الأحزاب السياسية المعارضة، ذات التوجّه المحافظ، المنادية بحل يتوافق مع مقتضيات الدستور الحالي، أي انتخاب رئيس دولة تكون مهمّته في إحداث الإصلاحات الضرورية لتحقيق الانفتاح والانتقال الديمقراطي المنشود. ومن ناحية ثانية، نجد جبهة القوى الراديكالية التي تنادي بإنشاء مجلس تأسيسي، انطلاقا مباشرة من الحراك الشعبي في الشارع، ومهمّة هذا المجلس صياغة دستور جديد، بمقتضاه تنظم انتخابات رئاسية ثم برلمانية.

السيناريوهات المطروحة

السيناريو الاوّل تؤيده عشرات الأحزاب التي تجمّعت حول ما يسمى “منتدى الحوار الوطني”، والذي عقد في 6 يوليو أولى جلساته، وحاول المشاركون فيه التوصّل إلى اتفاق حول خارطة طريق، وأجمعوا على عدم التحاور مع رموز النظام السابق، في رفض غير مباشر ل”حوار شامل لا يقصي أحدا” الذي دعا له رئيس الجمهورية المؤقت.

اما السيناريو الثاني، فيريد أن يكرّس القطيعة المطلقة مع النظام الحالي، وبرأيهم يبدأ الانتقال الديمقراطي الحقيقي برحيل الحكومة الحالية وإقامة مجلس تأسيسي تتمثّل مهمّته الأولى في صياغة دستور يغيّر قواعد اللعبة ويوفّر الضمانات اللازمة لعملية ديمقراطية نزيهة وشفافة”. لكن بعض المحللين يتخوّفون من أن “يؤدّي هذا التجاذب وهذا الاستقطاب إلى تعزيز قوة الجيش، ويبرّر له التدخّل في الحياة السياسية.

الإمارات العربية المتحدة تنسحب تدريجيّاً من الحرب في اليمن

في مقالة لصحيفة نويه تورخير تسايتونغ ليوم الخميس 11 يوليو الجاريرابط خارجي، يعالج مراسل الصحيفة المختص في شؤون الشرق الأوسط كريستيان فيسفلوغ آخر مستجدات الوضع في اليمن، وفي مقدمتها انسحاب قوات دولة الإمارات العربية تدريجيًاّ من هناك، تمهيداً للانتقال من “مرحلة استراتيجية الحرب إلى استراتيجية السلام”، كما ينقل الصحفي عن أحد ممثلي الإمارات رفيع المستوى.

في هذا الصدد تحدثت الصحيفة أيضاً مع الخبيرة في شؤون اليمن من جامعة أكسفورد، إليزابيت كانديل، التي لا تخفي تشككها بشأن هذا الانسحاب “حيث تعزز الإمارات وجودها في مناطق أخرى من اليمن”. علماً أن 20% من قواتها انسحبت من الحديدة وكذلك هناك انسحاب واضح من مدينة عدن. إلّا أن الخبيرة تؤكد أنّ القوات الإماراتية منتشرة “في الأماكن التي يتواجد فيها النفط أو في تلك التي لا زال خطر الإرهاب فيها قائماً، وبشكل أقل في أماكن تواجد الميليشيات الحوثية”. كما يؤكد ممثل الإمارات بدوره أن الحضور الإماراتي في اليمن سيبقى قائماً حتى وإن تم سحب القوات على الأرض، فلقد قامت دولة الإمارات بتدريب 90 ألف عنصر أمن يمني، وأنّها “لا تزال ملتزمة بدفع الأجور”. تخشى كانديل أن يكون هذا “الانسحاب تجميلياً ويستهدف بشكل رئيسي القتال ضدّ الحوثيين”. في نهاية المطاف، هذه الحرب مدمرة اقتصادياً ولا تقود إلى تحسين صورة الإمارات على المستوى العالمي.

كان الهدف الرئيسي من تدخل الرياض العسكري في اليمن هو “هزيمة ميليشيا الحوثيين وإعادة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد ربه منصور هادي إلى السلطة”، فمن منظور سعودي، الشيعة الزيديين الحوثيين هي ميليشيا تسيطر عليها إيران، بحسب فايسفلوغ، الرياض لا تريد قبول كيان دولة يسيطر عليه الحوثيون على حدودها الجنوبية. أمّا أبو ظبي فقد “دعمت القوى الانفصالية التي تريد الانفصال عن جنوب اليمن، ومثل هذه الدولة يمكن أن تسمح لأبو ظبي بتفوق عسكري على الطريق إلى قناة السويس”.

تمكنت الرياض وأبو ظبي من طرد الحوثيين من المناطق الساحلية الجنوبية، ولكن الحوثيين لا يزالون عملياً يسيطرون على العاصمة صنعاء والموانئ الثلاثة في الحديدة. بينما تؤدي الهجمات الجوية للقوات السعودية لسقوط ضحاياً بين المدنيين تستهدف الميليشيات الحوثية بصواريخها المطارات المدنية السعودية، بحسب الصحفي.

الكارثة الإنسانية تستمر

أسفرت الحرب في اليمن حتى الآن إلى مقتل 100 ألف شخص، كما أنّ 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وحوالي 5 ملايين مهددون بالمجاعة. يزداد الضغط الدولي على الإمارات والسعودية سعياً للتوصل إلى حل سياسي للصراع. أمّا في أمريكا ورغم إرادة البيت الأبيض، يحاول الكونغرس حاليًا منع بيع الأسلحة للرياض وأبو ظبي بقيمة حوالي ثمانية مليارات دولار. سويسرا من طرفها، منعت مؤخرًا شركة بيلاتوس (Pilatus) لصناعة الطائرات من تقديم خدمات لطائراتها التدريبية PC-21 في دولتي الخليج، كما جاء في الصحيفة.

الإمارات تخشى التصعيد مع إيران

ترى الخبيرة كانديل أنّه ليس هناك حل سياسي في الأفق، فهو “يتطلب تنازلات حقيقية للحوثيين الذين تعرضوا للتمييز في اليمن منذ 50 عام”. لا بد من مشاركة عادلة في السلطة وحكم واستقلال ذاتي للموانئ البحرية وإدارة مستقلة في الاستثمارات، وكل ذلك غير ممكن بالنسبة للملكة السعودية التي “ترى في الحوثيين أتباعا لإيران”، بحسب الصحيفة. بالنسبة للإمارات، هناك اختلاف في الموقف الذي يتخذ الآن شكلاً دفاعيّاً وخصوصاً بعد الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط الست، واسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، فقد فهمت الإمارات بأنّ حرباً مع إيران ستكون مدمرة لاقتصادها المتشابك على المستوى الدولي. هناك إشارة واضحة على هذا التغير بالمواقف، “حيث وضعت الإمارات بداية مسؤولية الهجمات على حاملات النفط على إيران، ولكن لا نسمع مثل تلك الاتهامات الآن”، بحسب فايسفلوغ الذي ينقل عن وزير الخارجية الإماراتي قوله “نحن لا نشير بأصابع الاتهام إلى الدول الأخرى” وكذلك قوله “لا نريد أي توترات بعد”.

ويختتم الصحفي مقالته بتلخيص الموقف الإماراتي الأخير، “يمكن أن يكون التصعيد المحتمل في الخليج الفارسي سبباً لخفض القوات المزعوم في اليمن، حتى وإن رفضت أبو ظبي الاعتراف بهذا الترابط للأحداث، فمن المنطقي أن تحاول إعادة أكبر عدد ممكن من جنودها ومواد العسكرية للدفاع عن نفسها”.

الصحبة السيئة وبوابة الجحيم

قريبا جدا، تصدر المحاكم المغربية حكمها ضد المتهمين بقتل السائحتيْن الاسكندنافيتيْن في شهر ديسمبر الماضي بأحد المرتفعات الجبلية في جبال الأطلس. ويوجد من بين هؤلاء المتهمين الشاب السويسري كفين ز. صحيفة “لوتون” في عددها ليوم 10 يوليو الجاريرابط خارجي، خصصت صفحتيْن كاملتيْن لتتبع ورصد مسيرة هذا الشاب المنحرف، الذي اعتنق الإسلام، وأصبح متشددا بسبب الرفقة السيئة، والذي يطالب الادعاء العام المغربي اليوم بالحكم عليه بعشرين عام سجنا نافذة. وإليكم ما توصّل إليه تقرير الصحيفة السويسرية:

طفولة معذّبة

نشأ كفين ز. متنقلا بين عدّة أحياء في جنيف، ويعيش برفقة زوج أمه الذي كان يضربه ضربا مبرّحا وأمّه التي لم تنجح في تذليل العديد من الصعاب التي كانت تواجهها. ومنذ الخامسة عشر من العمر، غادر الطفل اليتيم مقاعد الدراسة، وأصبح منحرفا لا يغادر مستنقع الجريمة (سرقات، حرق ممتلكات، عنف واعتداء على الآخرين..)، وعرف السجن مبكرا، وهو لا يزال قاصرا. وبعد خروجه من السجن، لم ينجح في إعادة الاندماج في المجتمع، وقد عاين الأطباء لديه حالة من الاضطراب النفسي وفي المزاج، وصعوبة في التركيز والتفكير، مما جعلهم يوصون بمنحه معاش ذوي الاحتياجات الخاصة.

“حاضنة جهادية”

كمحاولة منه للخروج من الانحراف، وطي صفحة ماضيه المظلم، اعتنق كفين الدين الإسلامي في عام 2011. وأصبح يتردد على مسجد المؤسسة الإسلامية بجنيف، فتغيّر سلوكه في مرحلة أولى ووجد نوعا من الراحة والاطمئنان. وفي غروند- ساكونيه، تعرّف كفين على شبان آخرين اعتنقوا الإسلام حديثا، بعضهم سويسريون وآخرين من أصول ألبانية وعربية. وكان يتردد أيضا على قاعة رياضة في هذه المؤسسة، وصفها التقرير الصحفي بوصفها “حاضنة جهادية لها علاقة بتنظيم الدولة الإسلامية”.

متأثّرا بهذه المجموعة من المتشددين، أصبح كفين مؤيدا للأفكار الراديكالية، ومناصرا لتنظيم الدولة، بوصفه تنظيم يدافع عن المسلمين المظلومين في سوريا وفي أماكن أخرى. لكن متاعب كيفين عادت إليه من جديد، وبات مستهلكا للمخدّرات، وميالا للجنوح. فقرر في عام 2015 السفر للعيش في المغرب. ومن المبررات المعلنة لخطوته هذه رغبته في العيش في بلد مسلم، والتزوّج بامرأة متدينة.

مخبر سويسري

نجح جهاز المخابرات السويسرية في تجنيد أحد أصدقاء كفين المتشددين السابقين، وساعده في السفر إلى المغرب، حيث ربط علاقة من جديد بكفين، الذي في الاثناء تزوّج بفتاة مغربية. وكانت المخابرات السويسرية مهتمة جدا بتطورات خلية المتشددين السابقة، وبعلاقة كفين بتلك العناصر. ومما توصّل له المخبر السويسري أن كفين كان على علاقة ببعض الجهاديين في المغرب.

بالعودة إلى عام 2015، عندما ذهب كفين إلى المغرب، لم يكن يخفي تأييده للأفكار المتشددة بل إن هذه الأفكار كانت العنوان الأبرز لربط علاقات مع بعض الدوائر في المغرب. حيث تعرّف على مجموعة من الشبان المغاربة الذين كانوا يترددون على أحد المساجد في جهة مراكش يناصر إمامه النزعة الجهادية. وسيتجلى بعد ذلك ان هؤلاء الشباب هم المتهمين اليوم بقتل الفتاتيْن الاسكندنافيتين في شهر ديسمبر الماضي في منطقة جبلية في سلاسل جبال الأطلس. لكن ما توصّل إليه التقرير أن كفين وبعد إصرار زوجته المغربية التي كانت تخشى عواقب علاقته بهذه الخلية المتشددة، قطع علاقته بهؤلاء الشبان المغاربة، وتوقّف عن التردد عليهم. غير ان هؤلاء الذين اعتقلوا لاحقا، وبعد ارتكابهم للجريمة البشعة التي أودت بحياة فتاتيْن بريئتيْن، قالوا إن كفين ساعدهم لوجستيا في تدبير وارتكاب جريمتهم. ولهذا السبب يواجه الشاب السويسري اليوم تهمة المشاركة في عملية إرهابية، ويطالب الادعاء المغربي بسجنه عشرين سنة. ​​​​​​​

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية