الجدل حول رواتبُ رؤساء الشركات لا زال في بدايته
سيؤثر النقاش حول دور شركات الخدمات العامة – هيئة السكك الحديدية الفدرالية، والبريد، وشركة الإتصالات "سويس كوم" – على بلورة السياسة السويسرية في السنوات القادمة. وسينصب اهتمام البرلمان الفدرالي أولا على رواتب مُدراء الشركات التي كانت مملوكة في السابق للكنفدرالية.
أكدت صحافة الأحد الصادرة يوم اقتراعات 5 يونيو 2016 أن النقاشات حول القطاع العام ستؤثر على بلورة السياسة السويسرية في السنوات المقبلة: فقبل أن يُعلن عن قرار الناخبين الواضح والصريح بشأن مبادرة “دفاعا عن القطاع العام”، أعلنت الأحزاب وجماعات المصالح عن مطالبها الجديدة إزاء شركات القطاع العام. فهذه الأخيرة هدفٌ لانتقادات تصدر من يمين الطيف السياسي ويساره، على حد سواء. ويظل السؤال الجوهري: ما الذي يجب أن يقع تحت مسؤولية القطاع العام، وما الذي ينبغي أن يخضع لقوانين السوق؟
ما المقصود بـ “الخدمات العامة” في سويسرا؟
الخدمة العامة في سويسرا تتمثل في ضمان الإحتياجات الأساسية للمجتمع، سواء في المراكز الحضرية أو المناطق الطرفية. ويوفر القطاع العام خدمات مختلفة للجميع، مثل النقل العمومي (هيئة السكك الحديدية الفدراليةرابط خارجي، والطرق)، والإمداد (بالكهرباء، والماء، وشبكة البيانات)، ووسائل الإعلام (هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية رابط خارجي(SRG SSR)، والتخلص من النفايات ومياه الصرفي الصحي، والتعليم (المدارس، والمرافق الرياضية)، ونقل المعرفة، والوساطة الثقافية (المحفوظات، والمكتبات، والمتاحف)، ومناطق الإسترخاء (المساحات الخضراء)، وغيرها. وبالنسبة للمؤرخ السويسري جاكوب تانر، تمتلك الخدمة العامة ثلاث خصائص: فهي “في متناول الجميع، وتتميز بنفس النوعية لجميع الطبقات الاجتماعية وجميع المناطق”، كما أنها تُعرض “بأسعار معقولة”.
ووفقا لجاكوب تانر، تعدُّ الخدمة العامة جزءً من التاريخ الديمقراطي لسويسرا، وتمثل بالتالي “سمة مُميزة هامة”. وكانت مبادرة “دفاعا عن القطاع العام” تستهدف “الشركات التي تنفذ مهاما قانونية لحساب الكنفدرالية في مجال الخدمات الأساسية”. ولا تقوم هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية بمثل هذه المهام. فهي لا تعتبر شركة فدرالية ولكنها منظمة خاصة، وهي تعمل كشركة غير هادفة للربح.
سياسيو الأحزاب البورجوازية يريدون ممارسة مراقبة أوسع لشركات القطاع العام، والاتحاد السويسري للفنون والمهن (USAMرابط خارجي) يدعو إلى المزيد من التحرير، بحيث يعتقد أن الشركات المملوكة سابقا للكنفدرالية ينبغي أن تتخلى عن كل شيء، وأن تسلم نشاطاتها لشركات القطاع الخاص، والتي تستطيع أيضا مزاولة نفس العمل بنفس الكفاءة في السوق. وهكذا “ستُصبح مجالات نشاطها محدودة بشكل واضح”، وفقا لهانس-أولريخ بيغلر، النائب عن الحزب الليبرالي الراديكالي في مجلس النواب، ومدير الإتحاد السالف الذكر.
وفي تصريحاته لصحيفة “شفايتس آم سونتاغ” (تصدر بالألمانية في بازل)، انتقد بيغلر شركات القطاع العام التي تستفيد من مزاياها بشكل مبالغ فيه، في نظره، ما يؤدي حسبه إلى “منافسة غير عادلة بين الدولة والإقتصاد الخاص”.
“هذا التشويه غير العادل يتجلى بصورة قوية خاصة [في سويسرا]”. فبدوره، يدعو ستيفان مايرهانس، مراقب الأسعار في سويسرارابط خارجي، السياسيين إلى التحرك ورد الفعل على الحملة الشرسة التي سبقت التصويت”. وفي مقابلة مع صحيفة “نويه تسورخر تسونتاغ” (تصدر بالألمانية في زيورخ)، وصف النقاشات كـ “تعبير عن استياء الشعب وضجره”، مُقترحا بأن تُقْدم الكنفدرالية على تخفيض حصة أرباح البريد رابط خارجيو”سويس كومرابط خارجي” التي تقتطعها. كما يعتقد أنه ينبغي إضفاء المزيد من الفعالية على القطاع العام من خلال فسح مجال أوسع للمنافسة.
رواتب المدراء: اليسار يطالب بالتدخل
ويخطط السياسيون اليساريون لتحديد سقف لرواتب رؤساء شركات القطاع العام التي كانت تمتلكها الدولة. ولا تزال العديد من التدخلات في الإنتظار تحت قبة البرلمان. وغدا بالفعل، سيتقدم النائب الإشتراكي كارادو بارديني بمذكرة تطالب بأن لا يتجاوز الراتب السنوي 500000 فرنك في الشركات التي تمتلك فيها الكنفدرالية أكثر من نصف الحصص، مثلما كتبت صحيفة “سونتاغسبليك”، التي تصدر بالألمانية في زيورخ.
وورد أيضا في تحليل الصحيفة: “هكذا يضع [النائب بارديني] الإصبع على نقطة حساسة بالنسبة للشعب – وبالنسبة لزملائه تحت قبة القصر الفدرالي. ويدعم تحالف واسع مشروعه، من اليمين إلى اليسار”. ومن جانبه، دعا أيضا كريستيان لوفرا، رئيس الحزب الإِشتراكي، الحكومة إلى التدخل “من خلال المطالبة، مثلا، بعدم ترفيع الأجور في السنوات الخمس المقبلة”، مثلما صرح في مقابلة مع صحيفة “شفايتس آم سونتاغ”.
وتُعتبر رواتب مدراء شركات القطاع العام شوكة أيضا في خاصرة منظمة “Travail.Suisseرابط خارجي” النقابية، الجامعة للعمال، والتي كتبت في بيان: “ينبغي من الآن فصاعدا التحرك من خلال الوسائل السياسية للتوفيق بشكل أفضل بين مهام الخدمة العامة الملقاة على عاتق هذه الشركات، ومستوى رواتب مُدرائها”. وتعتقد المنظمة أيضا أنه ينبغي في المقام الأول تحسين الخدمات في المناطق الطرفية.
وأنتم، ما رأيكم؟ هل ينبغي تحديد سقف للرواتب التي يتقاضها مدراء شركات القطاع العام؟ شكرا على تفاعلكم معنا.
(ترجمته وعالجته: إصلاح بخات)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.