قضاة ستراسبورغ: بإمكان سويسرا طرد إيراني تحوّل إلى المسيحية
"إن القرار الذي اتخذته السلطات السويسرية بإعادة طالب لجوء إيراني اعتنق المسيحية إلى بلاده لا ينتهك الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان": هذا ما قررته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقرا لها.
تم نشر هذا المحتوى على
5دقائق
عملت غابي أوخسنباين في القسم الألماني بإذاعة سويسرا العالمية التي أصبحت تسمى لاحقًا SWI swissinfo.ch من عام 1986 إلى 2018. وهي تعيش حاليا في برن.
ففي حكم أصدرته ونُشرت حيثياته يوم الثلاثاء 19 ديسمبر الجاري، خلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسانرابط خارجي إلى أن طرد صاحب الشكوى إلى إيران لا ينتهك لا المادة الثانية (الحق في الحياة) ولا المادة الثالثة (حظر التعذيب) من الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. في السياق، شدد قضاة ستراسبورغ بوجه خاص على أن السلطات السويسرية استمعت شخصيا إلى طالب اللجوء وعلى أنه تم تقييم طلبه من طرف هيئتين مختلفتين. لذلك، لا يُمكن الحديث أو التعلل بوجود عيب أو قصور في الإجراءات المتخذة.
إضافة إلى ذلك، أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رأي السلطات السويسرية التي ذهبت إلى أن صاحب الشكوى لم يكن يُمارس عقيدته علانية، وبالتالي لم يكن مُهددا بخطر التعرض لمعاملة غير إنسانية لدى عودته إلى إيران.
تفاصيل القضية
في عام 2009، وصل المواطن الإيراني الذي كان يبلغ آنذاك خمسة وثلاثين عاما من العمر إلى سويسرا، حيث تقدم فورا بطلب للحصول على اللجوء. حينها، ذكر صاحب الشكوى أنه اعتقل في إيران بسبب مشاركته في المظاهرات التي نُظمت في شهر يونيو من نفس العام أثناء الإنتخابات الرئاسية. وبعد فراره من إيران، أصدرت عليه محكمة محلية حكما غيابيا بالسجن لمدة 36 شهرا.
السلطات السويسرية اعتبرت أن روايته للأحداث تفتقر إلى المصداقية فرفضت في عام 2013 طلب اللجوء الذي تقدم به وأمرت أيضا بإعادته إلى بلاده. في نفس العام، قام صاحب الشكوى بالتقدم بعد ذلك، وباسم مُختلف بطلب ثان للحصول على اللجوء زعم فيه أنه قد تحول إلى المسيحية في سويسرا وأنه عضو نشط في الطائفة الفارسية المسيحية.
طالب اللجوء الإيراني طلب من السلطات أيضا قبوله للإقامة بشكل مؤقت في سويسرا، حيث صرح أن حياته ستكون مهددة في إيران بسبب إيمانه المسيحي. مع ذلك، رفضت كتابة (أو أمانة) الدولة للهجرة هذا الطلب أيضا، وأمرت بتنفيذ قرار الطرد.
المحكمة الإدارية الفدرالية – التي طُلب منها الإدلاء بدلوها في هذه القضية – أيّدت الأسباب التي أوردتها كتابة (أو أمانة) الدولة للهجرة، والتي تفيد بأن صاحب الشكوى الإيراني لم يُظهر أي التزام ديني ظاهر بشكل خاص في الفضاء العام، وأنه من المحتمل جدا أن لا تكون السلطات الإيرانية على علم بتحوله (إلى المسيحية). ووفقا للمحكمة الإدارية الفدرالية، فإن المتحولين إلى المسيحية لا يُواجهون خطر التعرض للإضطهاد في إيران ما لم يقوموا بعرض إيمانهم علنا وما لم يتم النظر إليه على اعتبار أنه يمثل تهديدا.
انتقادات للحكم
في رد فعل أولي، أثار الحكم الصادر عن محكمة ستراسبورغ انتقاد جمعية “حوار مع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسانرابط خارجي” السويسرية التي اعتبرت أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتمدت ما يُعرف بمبدأ “التبعية” واقتصرت على استعراض إجراءات اللجوء، متوخية الحذر الشديد إزاء السلطات والمحاكم الوطنية. كما اعتبرت أن الحكم يُقيم الدليل مرة أخرى على أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بصدد وضع عقبات كبيرة أمام أولئك الأشخاص الذين يسعون إلى إثبات المخاطر الحقيقية للتعرض للإضطهاد في بلدانهم الأصلية.
كما انتقدت الجمعية الواقع المتمثل في أن المحكمة الأوروبية تطلب – من خلال القرار الصادر عنها – في نهاية المطاف من مسيحيّ مُمارسة ديانته في إيران باعتدال وفي غير الأماكن العامة كي لا يتعرض للإضطهاد.
(نقله إلى العربية وعالجه: كمال الضيف)
قراءة معمّقة
المزيد
سياسة فدرالية
اقتراع فدرالي: هل تحتاج عقود إيجار العقارات في سويسرا إلى تعديل؟ الكلمة للشعب
كيف يمكننا منع احتكار الذكاء الاصطناعي من قبل الدول والشركات الكبرى؟
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على حل العديد من مشكلات العالم، لكن قد تسعى الدول الأغنى والشركات التكنولوجية الكبرى إلى احتكار هذه الفوائد لمصلحتها الخاصة.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
محكمة ستراسبورغ تُدين سويسرا لانتهاكها حقوق مواطن سوداني
تم نشر هذا المحتوى على
وفي نص الحكم رابط خارجيالصادر عنها المنشور يوم الثلاثاء 30 مايو 2017، اعتبرت المحكمةرابط خارجي التي يُوجد مقرها في ستراسبورغ (شرق فرنسا) أن قرار سويسرا بإعادة المواطن السوداني إلى بلاده انتهك الفصلين الثاني والثالث من المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسانرابط خارجي، التي تحمي الحق في الحياة وتحظر التعذيب و”المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة”. الرجل…
محكمة أوروبية تؤيّد إلزامية دروس السباحة للتلميذات المسلمات
تم نشر هذا المحتوى على
يوم الثلاثاء 10 يناير الجاري، قضت المحكمة التي يُوجد مقرها في ستراسبورغ أن الغرامة التي فرضتها سلطات كانتون بازل المدينة لا تنتهك حرية الضمير والإعتقاد للبنتين. مع ذلك، لا زال أمام الوالديْن ثلاثة أشهر للمطالبة بإعادة النظر في القضية، إلا أن المحكمة غير مُلزمة بذلك. في عام 2010، سُلطت على الوالدين وهما مواطنان سويسريان من…
احتجاز أسرة أفغانية وفصلُ أفرادها عن بعضهم البعض “انتهاك لحقوق الإنسان”
تم نشر هذا المحتوى على
في هذه القضية التي ستشكّل سابقة قانونية، وستكون لها تبعات على الصعيد الوطني بشأن طريقة معاملة طالبي اللجوء في سويسرا في المستقبل، رأت المحكمة أن احتجاز هذه الأسرة يتعارض مع مبدأ “الحق في احترام الحياة الخاصة والأسرية”. وفق القرار الصادر عن المحكمة، يرتقي الإحتجاز في سجن إلى “معاملة لاإنسانية ومُهينة”، كما أنه ينتهك المادّة الثامنة من الإتفاقية…
محكمة أوروبية تؤكد انتهاك سويسرا لحقوق مواطن عراقي
تم نشر هذا المحتوى على
رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسانرابط خارجي، التي يوجد مقرها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة يجب أن تكون قابلة للطعن فيها في المحاكم الوطنية، ودانت سويسرا لرفضها توفير مثل هذه الآلية القضائية لمسؤول في نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وكان القضاة في ستراسبورغ نظروا في قضية خلف الدليمي الذي تقول…
تم نشر هذا المحتوى على
إذا فرضنا أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسانرابط خارجي وسويسرا زوجان، فإنه يهددهما طلاق دموي: “القضاء السويسري بدلاً من القضاة الغرباءرابط خارجي“، ذلك أن حزب الشعب السويسري اليميني المتشددرابط خارجي يُطالب عن طريق المبادرة الشعبية التي تحمل اسم “مبادرة تقرير المصير” بالحفاظ بنفسه على حقوق الإنسان والحقوق الإساسية. وبالتحديد: أن يكون الدستور السويسري مقدماً على القانون الدولي. تعتبر…
تم نشر هذا المحتوى على
بفضل الديمقراطية المباشرة، يُمكن للشعب السويسري إدخال تحويرات على الدستور الفدرالي بشكل متنظم. لكن ما يحدث أحيانا هو تعارض المواد الدستورية المُقترحة – التي يُوافق عليها الناخبون – مع المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الكنفدرالية. على سبيل المثال، صوت الشعب يوم 9 فبراير 2014 لفائدة وضع سقف للهجرة من أوروبا، بينما ينص اتفاق حرية تنقل…
أسبقية القانون السويسري على القانون الدولي: جدل مُصطنع؟
تم نشر هذا المحتوى على
يعتزم حزب الشعب السويسري إطلاق مبادرة شعبية تدعو إلى إعطاء الأسبقية لما يُسمّيه "القانون السويسري ذي الشرعية الديمقراطية" على القانون الدولي، على الرغم من أن الدستور السويسري يدعو إلى عكس ذلك. في المقابل، يرى خبراء حقوق الإنسان أن "هذا نزاع مصطنع".
لماذا التشكيك في المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان؟
تم نشر هذا المحتوى على
تحتفل سويسرا بالذكرى الأربعين لمصادقتها على الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. لكن بعض الأطراف السياسية الفاعلة، لا سيما في صفوف حزب الشعب السويسري، لا تتردد في مُهاجمة الإتفاقية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ على حدّ السواء.
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.