المرصد الأوروبي للصحافة بلوغانو يُطلق منصة عربية من تونس
أطلق "المرصد الأوروبي للصحافة" الذي أنشأته جامعة سويسرا الناطقة بالإيطالية في مدينة لوغانو، موقعا الكترونيا باللغة العربية مؤخرا، وأردفه بآخر ناطق بالفرنسية بعد مدة وجيزة. ويضم المرصد الأم في عضويته أحد عشرة مؤسسة بين جامعات عريقة ومعاهد متخصصة في الإعلام معظمها أوروبي، أسوة بجامعات ألمانية وبريطانية وسويسرية وبولندية وتشيكية وبرتغالية ورومانية، إلى جانب جامعة أوريغن الأمريكية.
وفي هذه الفترة المنقضية، استطاع المرصد أن يُؤسس شبكة مؤلفة من عدة جامعات أوروبية تشتمل كل واحدة منها على وحدات ومخابر بحوث مختصة في قضايا الإعلام والإتصال باثني عشر لغة، وأهمها جامعة أوكسفورد البريطانية حيث يتولى الإشراف على الموقع الانكليزي معهدُ رويترز التابع لنفس الجامعة.
مهدُ الثورات
ارتبط انفتاح المرصد على اللغتين العربية والفرنسية بتونس التي أبصرت فيها حرية الإعلام تحسنا ملحوظا منذ ثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت بأحد أكثر الأنظمة عداء لحرية الصحافة في المنطقة. واختار المرصد شريكا تونسيا مُمثلا بـ “مركز تطوير الإعلام”، وهو جمعية أهلية تسعى لأن تكون منصة الكترونية مفتوحة للباحثين والإعلاميين لعرض نتائج أعمالهم الأكاديمية والميدانية عن المشهد الإعلامي في تونس والبلاد العربية عموما.
في مكاتب الشريك التونسي بحي لافاييت، أحد الأحياء الأوروبية العريقة في العاصمة التونسية، سألت swissinfo.ch الدكتور عبد الكريم الحيزاوي، رئيس المركز وأستاذ الإعلام في معهد الصحافة وعلوم الإخباررابط خارجي التابع للجامعة التونسية عن الأسباب التي جعلت المرصد الأوروبي يختار تونس مقرا للقسم الناطق بالعربية، فعزا تلك الخطوة إلى شعور القائمين على المرصد في لوغانو بالحاجة إلى الإمتداد نحو العالم العربي “إذ بحثوا عن موقع مناسب لإرساء منصة باللغة العربية واختاروا تونس”.
ولكن لماذا تونس تحديدا؟ أجاب الحيزاوي معدِّدا جملة من الميزات المقارنة، فتونس كما قال “هي مهدُ الثورات العربية التي تتطلع إلى تحقيق انتقال ديمقراطي سلس، وتجربتها تحمل في طياتها مؤشرات الأمل في نجاح هذا المسار”. ومضى شارحا “تونس فيها الآن حوار سياسي ناجح وحرية تعبير، وهي من الشروط التي تؤمّن النجاح للتجارب الإنتقالية المماثلة”.
المرصد في سطور
أنشىء المرصد الأوروبي للصحافة سنة 2004 بوصفه مؤسسة غير ربحية، تتبع لجامعة سويسرا الناطقة بالإيطالية في لوغانو، وترمي إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين معاهد بحث موزعة في 12 بلدا.
يتولى موقع EJOرابط خارجي في مدينة لوغانو (جنوب سويسرا) إدارة النسختين الإيطالية والإنجليزية للمرصد، بالإضافة للتنسيق العلمي بين المواقع.
يتمتع المرصد بدعم من “المؤسسة من أجل إيل كورييري ديل تيتشينو” Fondazione per il Corriere del Ticino ومؤسسة بيت الصحافة Stiftung Pressehaus NRZ ومؤسسة روبرت بوش (مقرها في شتوتغارت بألمانيا) Robert Bosch Foundation.
يطمح المرصد إلى أن يُصبح دليلا للباحثين في شؤون الإعلام، ولكن أيضا إلى لعب دور الجسر بين الأكاديميين المتخصصين في المجال الإعلامي والمهنيين الذين يُباشرون حرفة الصحافة.
فرع في بيروت
انطلق المرصد في نسخته العربيةرابط خارجي في شهر مايو 2016 من أجل تحقيق أهداف أكاديمية وإعلامية، مُستهدفا جمهورا متخصصا من طلاب الدكتورا والأساتذة المشرفين على وحدات البحث والأطروحات الجامعية. ويدرس المرصد حاليا إنشاء فرع في بيروت بالنظر لصعوبة تغطية جميع البلدان العربية من موقع واحد. وسيزور وفد مشترك من الموقع التونسي ومن المرصد الأم في لوغانو لبنان في بداية العام المقبل، في إطار الاعداد لموقع ثان، يُرجّح أن ينطلق في غضون السنة القادمة.
وقال الدكتور الحيزاوي: “إن الهدف من هذه الخطوة هو تلبية حاجات الجمهور الأوروبي، وخصوصا الباحثين في مجال الإعلام والإتصال لمعرفة واقع العالم العربي، وبخاصة قطاع الاعلام والأبحاث المتصلة به، من منظور عربي وليس برؤية غربية، وسط تنامي الإهتمام الدولي بالمنطقة العربية التي تشهد منذ 2011 تطورات عميقة على جميع الأصعدة”. ولم يستبعد وجود رهانات استراتيجية في هذه العملية فالمرصد “سيُساعد بالتأكيد أصحاب القرار على فهم ما يجري في البلاد العربية، من خلال رصد التحولات التي يعرفها أو ينقلها قطاع الإعلام، بوصفه مرآة عاكسة للحراك السياسي والإجتماعي والإقتصادي” على ما قال.
كما سيساعد المرصد أيضا على “توفير معلومات لقواعد البيانات في أوروبا من مصادر أكاديمية عربية موثوق بها لتغذية المراكز الأوروبية بالمعلومات”. وضرب مثلا بما قام به المرصد العربي للصحافةرابط خارجي من تعريف بالتشريعات الجديدة في مجال الإعلام في المغرب وتونس ونشر لتقارير عن واقع الحريات الإعلامية في المنطقة العربية، وخاصة في الجزائر وسوريا وعُمان…
نسخة فرنسية
بعد النجاح الذي حققته المنصة العربية طلب مرصد لوغانو من “مركز تطوير الاعلامرابط خارجي“، وهو عبارة عن جمعية أهلية تونسية غير ربحية، إطلاق منصة مماثلة بالفرنسيةرابط خارجي مختصة في العالم العربي، تم إحداثها فعلا في شهر سبتمبر 2016. وشرح الدكتور الحيزاوي لـ swissinfo.ch أن المشرفين على المرصد الأوروبي كانت لديهم رغبة شديدة في إحداث منصة ناطقة بالفرنسية، لكن لم يتسنَ لهم إطلاقها من فرنسا أو بلد فرانكفوني آخر، فطلبوا من الشريك التونسي أن يتولى هذه المهمة، وهو ما تم فعلا. وعلق قائلا “نجحنا في إطلاق النسخة الناطقة بالفرنسية، على رغم تواضع الإمكانات البشرية والمادية المُتاحة، ونحن نُترجم الآن غالبية المقالات المنشورة بلغة المتنبي إلى لغة فولتير”.
ولكن ما هو المقصود بكلامه عن تناول القضايا الاعلامية من منظور عربي؟ ردّ الحيزاوي بأن “معظم المقالات التي تنشر مكتوبة بأقلام عربية، من أجل تعريف القارئ الغربي بما يُكتب ويُنشر في العالم العربي، وقلما نُترجم من الإنجليزية، ولذا فدور المرصد هو النقل المتبادل، أي تعريف الأوروبيين بالتحاليل والدراسات الأكاديمية العربية وإطلاع العرب أيضا على ما يُنجزه الغربيون في مجال الدراسات الإعلامية والإتصالية”.
استقطاب الأكاديميين
بعد نجاح الانطلاقة، ما هي طموحات المرصد؟ على هذا السؤال أجاب رئيس المرصد العربي للصحافة بأن “الغاية تتمثل في استقطاب مزيد من المتعاونين من بين الأكاديميين المتخصصين في الدراسات الإعلامية من مختلف الجامعات ومراكز البحوث العربية. وهذا يحتاج إلى بعض الوقت لأن المرصد مازال محتاجا للتعريف بدوره وأهدافه، وهذه مسألة ترتدي طابعا أولويا عندنا. بتعبير آخر علينا، زيادة على المقالات التي سيتم إنتاجها في تونس من خلال طاقم المركز، أن نكسب ثقة الباحثين العرب الذين يريدون التعريف بإنتاجاتهم العلمية لدى الجمهور العريض، ونقل أهم النتائج إلى الجمهور القارئ بالفرنسية”.
ومضى الدكتور الحيزاوي شارحا “يهمنا أيضا استقطاب بعض الصحافيين من ذوي الخبرة لإثراء مضامين الموقع بمقالاتهم وتحاليلهم حول أوضاع الإعلام في العالم العربي وسبُل تطوير الممارسة الصحفية والإرتقاء بها إلى المعايير المُتعارف عليها في الدول الديمقراطية”. وبشكل عام تبقى الغاية من توفير مثل هذه المادة “مساعدة طلاب الدكتورا على الاطلاع على واقع النشر العلمي في مجالي الإعلام والاتصال”، على حد قوله.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.