تعتبر جنيف الدولية مهمة لما يُعرف بالدبلوماسية متعددة الأطراف على مستوى العلاقات الدولية، كما تستمر الحكومة السويسرية في الترويج لهذه المنصة والاستثمار فيها في مرحلة تواجه فيها تغيرات وتحديات غير مسبوقة. بالمناسبة، كيف ينظر إليها العاملون فيها؟
تم نشر هذا المحتوى على
7دقائق
جوليا صحفية بريطانية كثيرة الاسفار تعمل في الصحافة الإذاعية والمطبوعة، وتختص في الشؤون الإفريقية والعدالة الانتقالية.
يُهيمن “الكرسي المكسور”، الذي أنجز بتكليف من منظمة “هانديكاب إنترناشيونال” غير الحكومية، على ساحة الأمم في جنيف. وتهدف هذه الأيقونة المميّزة لمدينة جنيف التي أبدعها النحات السويسري دانيال بيرسيه إلى التذكير بمعاناة ضحايا الألغام المضادة للأفراد. وقد تكون أيضا – بطولها الذي يبلغ اثني عشر مترًا وبساقها اليسرى المكسورة – الرمز الحديث لجنيف دولية مُكافحةٍ للبقاء على قيد الحياة وتجاوز جائحة كوفيد – 19 والتداعيات المُحتملة لاختفاء تعددية الأطراف.
Mark Henley
يُعتبر قصر الأمم القلب النابض لمدينة جنيف الدولية، لكن خلال فترة الإغلاق الجزئي بسبب كوفيد – 19، أصبح المقر الأوروبي للأمم المتحدة “قصرًا بلا أمم”. حاليا، لا يزال الوضع هادئًا كما كان عليه منذ منتصف شهر مارس 2020، حيث يستمر عقد العديد من الاجتماعات والمؤتمرات عبر الإنترنت ويواصل الموظفون العمل من منازلهم.
Mark Henley
يُواجه قصر الأمم أيضا عددا من التغييرات، إذ يجري حاليا إنجاز مشروع مهم لتجديد المباني وتشييد جناح جديد. وبالفعل، تتمثل “الخطة الإستراتيجية للتراث” في مشروع بقيمة 836.5 مليون فرنك يهدف إلى تجديد وتحديث المقر الأوروبي للأمم المتحدة. المشروع أصبح متأخرا بالفعل عن الجدول الزمني المحدد، كما كشفت المُراجعات الداخلية عن بعض أوجه القصور في إجراءات تشغيل الخطة.
Mark Henley
بدأ قصر ويلسون، الذي سُمّي على اسم الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، حياته كفندق فاخر تم تدشينه في عام 1875. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، أصبح أول مقر لسلف الأمم المتحدة، عُصبة الأمم. هذه البناية الكبيرة المُشيّدة من الحجر الرملي على ضفاف بحيرة ليمان تضم حاليًا مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، لكن هناك خطط لنقل المفوضية إلى جناح جديد داخل قصر الأمم عند اكتماله.
Mark Henley
يزيد عدد الدول التي لديها بعثة دائمة في جنيف عن مائة وثمانين (180) دولة. أما بعض البلدان فلديها بعثات أكثر أهمية وضخامة من غيرها، مثل بعثة كوريا الجنوبية التي يُرى مقرها في هذه الصورة..
Mark Henley
… وبعضها أقل ضخامة وبهرجا، مثل بعثة غينيا التي يُرى هنا مدخلها. ولدى العديد من الدول الفقيرة بعثات أيضا، لا تقتصر مهامّها على إصدار التأشيرات، بل تشمل الدفاع عن مصالحها داخل جنيف الدولية.
Mark Henley
تُعدّ قاعة المؤتمرات الجديدة لمنظمة التجارة العالمية، التي تم بناؤها بتمويل من الحكومة السويسرية، جزءًا من أعمال التجديد الرئيسية لمقرها الرئيسي في جنيف في الفترة التي امتدت من عام 2008 إلى عام 2012. في الوقت الحاضر، تواجه المنظمة – التي هاجمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ودعاها إلى إصلاح شؤونها – أكبر أزمة في تاريخها. إنها تبحث أيضًا عن قائد جديد.
Mark Henley
على غرار منظمة التجارة العالمية، تواجه منظمة الصحة العالمية (في الصورة مقرها الرئيسي في جنيف) مشاكل كبيرة فيما يتعلق بالتمويل والمصداقية. لقد شكلت الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد تحديًا خاصًا بالنسبة لها.
Mark Henley
تعدّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر (التي يُرى هنا مقرها كما يبدو للناظر من قصر الأمم) واحدة من أقدم وأشهر المنظمات غير الحكومية في جنيف. فهي الحارس المؤتمن على اتفاقيات جنيف التي تهدف إلى حماية المدنيين في زمن الحرب. في السياق، تحرص اللجنة الدولية على ضمان حيادها حتى تتمكّن من التدخل لدى طرفي أي نزاع للاضطلاع بالأعمال والمهام ذات الطابع الإنساني.
Mark Henley
أبصر المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية النور في مبنى تاريخي مُشيّد على ضفاف بحيرة ليمان. أما اليوم، فإن معظم أنشطته تتم في مُجمّع بلّوري حديث، بمحاذاة خطوط السكك الحديدية.
Mark Henley
تعتبر مؤسسة “جنيف الرائدة للعلوم والدبلوماسية” (يُشار إليها اختصارا بـ GSDA)، التي تم إطلاقها رسميًا في بداية عام 2020 بدعم من الحكومة السويسرية، واحدة من عدد من الشركات الناشئة الواعدة التي يتم استضافتها في “مُركّب التكنولوجيا الحيوية” لجنيف (في الصورة المنشورة هنا) بالقرب من مقر منظمة التجارة العالمية.
Mark Henley
في أوائل عام 2019، بدأت الأشغال لتشييد مبنى جديد سيوفر مساحة 5000 متر مربع ستخصّص لاحتضان البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية في جنيف. يُوجد الموقع المعروف باسم “بيت البعثات” (Maison des Missions) في الحي الدولي، بالقرب من المقر الأوروبي للأمم المتحدة ومن وسائل النقل العام.
Mark Henley
يقع المقرّ الأوروبي للأمم المتحدة في قلب الحي الدولي لمدينة جنيف. يقول المصور الفوتوغرافي المستقل مارك هينلي، الذي يمتلك مكتبًا صغيرًا هناك، والذي تُعرض صوره ضمن هذه المقالة: “ما زلت أعتقد أن الذهاب إلى القصر يشبه العبور عبر المرآة، إنه يشبه عالم بلاد العجائب”، ويضيف: “إنه مبنى مدهش، بل متاهة فيها ممرات وسلالم مخفية. من الواضح أن الأمور ليست طبيعية في الوقت الحالي. فالمبنى – الذي أفرغه وباء كوفيد من سكانه – يتردد الصدى في جنباته!”.
مراسل swissinfo.ch فريديريك بورنان، الذي يعمل من داخل مبنى الأمم المتحدة منذ سنوات عديدة، لديه رؤية مختلفة. “عندما أعبُر بوابة قصر الأمم، أدخل منطقة تتمتع بوضع قانوني خاص، تُحرس كما ينبغي من طرف رجال أمن يرتدون زيا شبيها بزي ضباط شرطة نيويورك. يبدو الأمر كما لو أنني غادرت سويسرا إلى بلد آخر، بلد جميع البلدان”.
بالإضافة إلى وباء كوفيد – 19 وهجمات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الدبلوماسية متعددة الأطراف، يواجه قصر الأمم تحديات أخرى. حاليا، يجري تجديده بمبلغ 836.5 مليون فرنك، نصفها مموّل بقروض بدون فائدة من طرف الحكومة السويسرية وكانتون جنيف. كما يجري تشييد مبنى جديد داخل مُجمّع الأمم المتحدة تبلغ قدرته الاستيعابية 700 شخص.
يقول المصور الفوتوغرافي مارك هينلي: “ترافق أعمال التجديد تغيّرات، ومثل أغلب الناس هنا، لست مؤيّدا لها بشكل خاص”، ويضيف “سيتعيّن على موظفي الأمم المتحدة الانتقال إلى نظام (المكاتب المُرتحلة) والمساحات المفتوحة، التي يكرهونها. ولا يُساعد على ذلك حقيقة أن هذه فكرة قد تجاوزها الزمن بالفعل. وغني عن القول أن هذا (التوجّه) ليس من الحكمة في سياق كوفيد!”.
الأفضل والأسوأ
بالإضافة إلى بعثات الأمم المتحدة ووفود الحكومات من جميع أنحاء العالم، تستضيف جنيف الدولية العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية والمؤسسات الأكاديمية، مما سمح بظهور ما يُسميه البعض “نظام بيئي خصب” للبحث وصنع القرار على المستوى الدولي.
وفي الوقت الذي قد تتعرض فيه بعض المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة نفسها للتهديد بسبب تداعيات الجائحة، تدعم الحكومة السويسرية منصات استشرافية جديدة في جنيف، مثل “المبادرة الرقمية السويسرية” و“مؤتمر جنيف للعلوم والإستشراف الدبلوماسي”رابط خارجي الذي يُشكل جزءا من مُركّب التكنولوجيا الحيوية الذي يضمّ العديد من الشركات الناشئة.
يقول هينلي إن المبنى المفضل لديه داخل جنيف الدولية ربما يكون قصر الأمم، على الرغم من أنه “يحبّ الكثير من الأماكن الأخرى مثل قاعة الجمعية العامة في مقر منظمة الصحة العالمية، والبهو الضخم في مقر منظمة العمل الدولية، أو أيضا قاعة الاجتماعات الجديدة في مقر منظمة التجارة العالمية، ذات الجدران المبطنة الشبيهة بحقيبة يد من طراز (غوتشي)”.
بدوره، يقول الصحفي فريديريك بورنان: “بصفتي من هواة الاسمنت المسلح، لديّ ميل خاص لمبنى منظمة الصحة العالمية للمهندس المعماري جان تشومي.. إنه مبنى ضخم وخفيف في نفس الوقت، ويمكن رؤيته من بعيد بفضل المنتزه الذي يحيط به”.
ويضيف معلقا أنه على الرغم من أن جنيف مدينة صغيرة، إلا أنها تضم العديد من الأحياء، ولكل منها طابعه الخاص.. ذلك أن “الأجواء السائدة في الحي الدولي غير موجودة في باقي المدينة، لكن ما يفتقر إليه هي أماكن الحياة الاجتماعية. هذا الفراغ النسبي من البشر لا يخلو من بعض السحر. إذ يمكن للمرء التجوال هناك كما لو كان في فيلم مشوّق”.
تطوير على مدى عدة سنوات
واحدة من المؤسسات الأكاديمية الرئيسية في جنيف الدولية هي المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية، الذي ظهر للوجود في “فيلا بارتون” التاريخية في عام 1938. وقد احتاج في ظل نموه المطرد إلى تأمين مزيد من المساحات.
اليوم، تجري أنشطة وبرامج المعهد بشكل رئيسي في مبنى زجاجي حديث يطل على خط السكك الحديدية. ويشرح جوست باولين، أستاذ القانون الدولي في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية، أنه يتم حاليا أيضًا تشييد “سكن طلابي جديد وضخم” في الشارع المُحاذي.
ويتابع قائلاً: “مشاريعنا العقارية هي إرث من مديرتنا السابقة، التي غيّرت الأوضاع تمامًا.. لقد بدأ الأمر في عام 2008. كنا قد تحصلنا للتو على “فيلا بارتون”، وكانت إقامات الطلاب تتوزع على جميع أنحاء المدينة. أما الآن، فهناك الكثير من الفضاءات المفتوحة كما تسود أجواء حرم جامعي بشكل أكبر بكثير”.
أما المدرّسون فلديهم مكاتبهم الخاصة، ولا يُخفي باولين أنه يُحبّذ العمل فيها، ويضيف: “لم أكن أتصور أبدًا أن بإمكان المباني أن تُحدث فرقًا كهذا”.
مواصفات المدير العام المقبل لمنظمة التجارة العالمية من وجهة نظر سويسرية
تم نشر هذا المحتوى على
ترغب سويسرا في وصول شخصية جديدة على رأس منظمة التجارة العالمية تكون قادرة على حسن التسيير وبناء الإجماع والدفع باتجاه الإصلاحات.
تم نشر هذا المحتوى على
كشفت دراسة استقصائية أنه قد تم السيطرة على التداعيات الفورية المترتبة عن جائحة كوفيد – 19 على المنظمات غير الحكومية التي تتخذ من جنيف مقراً لها، ولكن تلك المنظمات تخشى الأوقات العصيبة القادمة المرتبطة بقضايا التمويل.
تم نشر هذا المحتوى على
في الظروف العادية، يعجّ قصر الأمم، ثاني أهم مقر للأمم المتحدة في العالم، بتحركات ألف وخمسمائة موظف يعملون فيه ومائتي ألف مندوب يقدمون إليه من جميع أنحاء العالم للمشاركة في حوالي ألفين وخمسمائة مؤتمر واجتماع دولي في مدينة جنيف كل عام. ولكن في يوم الجمعة 13 مارس 2020، علقت الدورة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان أعمالها.…
تدابير يائسة في أوقات عصيبة نتيجة تأثير الفيروس على مدينة جنيف الدولية
تم نشر هذا المحتوى على
وفي حين أن أعداد المصابين في مدينة جنيف بفيروس كورونا لا تزال منخفضة نسبياً – هناك العشرات من الحالات المؤكدة، دون تسجيل وفيات إلى حين كتابة هذا التقرير – فإن الآثار المترتبة لانتشار هذا الفيروس على الأنشطة في هذه المدينة الدولية، هي آثار لا يستهان بها، حيث تعتبر هذه المدينة مركزا للحوكمة العالمية وأكبر مركز…
اكتب تعليقا