محمد لطفي: «القَمع في مصر وصل إلى مستوى يصعب تصوره»
فيما أدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية أمام البرلمان يوم السبت 2 يونيو الجاري، يتجاوز القمع ضد الأصوات المُعارِضة حداً غير مسبوق، ويدين المُدافع عن حقوق الإنسان السويسري ـ المصري محمد لطفي سياسة القمع هذه. فقد سُجنت زوجته، أمل فتحي، بهدف تهديده، على حد قوله في هذا الحوار الخاص.
لم تُحدِث الإنتخابات الكاسحة لفوز الرئيس المصري أي انفراج على المستوى السياسي. ويستمر القمع، ليتعدى حركة الإخوان المسلمين. وهذا التوجه مُدان من قبل الإتحاد الأوروبي ومنظمة العفو الدوليةرابط خارجي والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيبرابط خارجي، ومقرها جنيف.
أضف إلى ذلك، المنظمات غير الحكومية التي تُطالب بالإفراج عن أمل فتحي، المُتَّهَمَة بالتحريض على الإطاحة بالنظام بسبب نشرها لمقطع فيديو فاضح عن التحرش الجنسي الذي تقول أنَّها ضحية له، على فيسبوك، وتمَّ توقيفها في 11 مايو 2018. من وجهة نظر زوجها، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحرياترابط خارجي، تسعى الحكومة من خلال اعتقال أمل إلى إسكات الأصوات الناقدة على شبكات التواصل الاجتماعي بجميع أشكالها، مع ممارسة الضغط عليه شخصياً وعلى منظمته غير الحكومية. ويُقدّم محمد لطفي، الذي يحمل الجنسيتين السويسرية والمصرية، شهادته حول هذه القضية المُتابعة من قبل وزارة الخارجية السويسريةرابط خارجي، حسب تأكيد هذه الأخيرة لـ swissinfo.ch.
swissinfo.ch: ما هي التهمة التي يُوجّهها القضاء إلى زوجتك المُعتَقَلة؟
محمد لطفي: هي متهمة في قضيتين. الأولى موجَّهة من المُدَّعي العام في المعادي، الحي الذي نسكن فيه في القاهرة، والأخرى من وكيل أمن الدولة. وذلك بعد ظهور فيديو نشرته زوجتي على فيسبوكرابط خارجي تُندِّد فيه وهي غاضبة بالتحرش الجنسي الذي كانت قد تعرضت له للتو.
باختصار، تمَّ نسخ الفيديو على نطاق واسع وتحميله على صفحات مُقرَّبة من الحكومة على الشبكة بهدف إدانة ناشطة شتمت مصر. في اليوم التالي، ضاعفت الصحافة الموالية للحكومة هذه الهجمات، وقامت بذكر اسمي بصفتي المسؤول عن منظمة غير حكومية مشبوهة. وفي اليوم التالي، داهم أمن الدولة منزلنا في الساعة الثانية صباحاً لإيقافها.
ويتَّهمها مكتب النيابة العامة في المعادي بإساءة استخدام الأنترنت من خلال هذا الفيديو الذي يُحرض على الأقل على الإطاحة بالنظام المصري بالإضافة إلى أنه يحتوي على معلومات كاذبة تضر بالأمن العام.
swissinfo.ch: ألم تؤخذ قضية التحرش الجنسي بعين الإعتبار؟
محمد لطفي: لا، على الإطلاق. مع أنها أوضحت للمُدَّعي العام أنها كانت قد تعرضت للتحرش من قبل سائق سيارة أجرة عندما كانت تقوم ببعض المعاملات مع تعرضها لعداء الحشود التي تجمعت حول سيارة الأجرة. بعدها مباشرة، هدَّدها رجل الأمن الذي يحرس البنك الذي التجأت إليه وقال لها أنه سوف «يقيم لها حفلاً»، بينما كان يداعب أعضاءه.
لذلك، عندما عادت إلى البيت غاضبة جداً، قامت زوجتي بتصوير هذا الفيديو الذي تُعبِّر فيه عن عدم تحمّلها لبلدها والسلطات القائمة عليه.
swissinfo.ch: هل تحاول السلطات تخويفك من خلال ذلك؟
محمد لطفي: بالضبط. يُعبِّر الكثير من الناس، كزوجتي، عن انتقاداتهم وغضبهم تجاه الحكومة من خلال شبكات التواصل الإجتماعي. لكنهم لا يستطيعون اعتقال الجميع. فمن خلال اعتقال زوجتي، هم يطلقون تحذيراً عاماً، ويحاولون توجيه ضربة لي وعرقلة عملي في نفس الوقت. تبقى جنسيتي السويسرية عامل حماية بالنسبة لي. لكن اليوم، عليَّ أن أتخذ احتياطات إضافية من أجل طفلي ومن أجلي.
swissinfo.ch: إذن، لم تتراجع حملة القمع ضد حرية الرأي، حتى بعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإنتخابات؟
محمد لطفي: كان يعتقد الكثير من الناس أن النظام سيهدأ بعد هذا الإنتصار. لكن النظام يواصل نفس المسار. وعاد الخوف بين النشطاء السياسيين والمجتمع المدني بشكل عام، لأنه تمَّ تخطي عتبة جديدة، مع مستوى من القمع لم نكن نتوقعه قبل عام. وهذا مخيف حقاً. فقد تمَّ القبض على شخصيات سياسية كنا نعتقد أنه لا يُمكن المساس بها. لم نشهد قط تعرض مثل هذه الشخصيات السياسية العلمانية والعريقة لشيء من هذا القبيل إلى الآن.
وبما أن وسائل الإعلام تحت المُراقبة، يتم تقييد الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي شيئاً فشيئاً. فأكثر من 700 موقع ويب محظور في مصر، مثل مراسلون بلا حدودرابط خارجي. ويناقش البرلمان مشروع شبكة اجتماعية مصرية يُمكن للحكومة أن تراقبها.
swissinfo.ch: ما الذي تنتظره من المجتمع الدولي؟
محمد لطفي: ردود الأفعال القليلة بهذا الشكل مُخيّبة جداً للآمال. فمصر تلعب دوراً كبيراً في استقرار المنطقة. وهذه الحكومة تبذل قصارى جهدها للقضاء على جميع أشكال المعارضة السلمية. إلا أنَّ غياب الفضاء الديمقراطي ربما يعطي نَفَساً جديداً للمجموعات الإرهابية التي تحاربها الحكومة.
الإتحاد الأوروبي يُندِّد، ومصر تنفي
في 30 مايو 2018، ندَّد الإتحاد الأوروبي باعتقال معارضين وشخصيات من المجتمع المدني في مصر، عقب إعادة انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وشجبت المتحدثة باسم الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ما يحدث في بيان لهارابط خارجي بقولها: «يُمثِّل العدد المتزايد للإعتقالات في صفوف المدافعين عن حقوق الانسان والنشطاء السياسيين والمُدَوِّنين خلال الأسابيع الأخيرة في مصر تطوراً مثيراً للقلق».
وأضافت المتحدثة مايا كوشيانشيك: «لا يُمكن تحقيق الإستقرار والأمن المُستَدامَين إلا إن ترافقا مع الإحترام الكامل لحقوق الانسان والحريات الأساسية. يجب ألا يخشى المدافعون عن الحقوق الأساسية والديمقراطية على أنفسهم من الإنتقام. نحن ننتظر من السلطات المصرية أن تحترم الدستور والإلتزامات الدولية».
في القاهرة، رفضت وزارة الخارجية هذه الإنتقادات. وأكَّد المتحدث باسم الخارجية في بيان لهرابط خارجي أنَّ: «مصر دولة قانون» وأنَّ المصريين يتمتعون «بحرية التعبير والرأي، ولا يُوجد مواطن واحد في مصر اعتُقِل أو تمت محاكمته بسبب ممارسته نشاطاً في مجال حقوق الإنسان أو لتوجيهه انتقادات ضد الحكومة المصرية، وإنما لارتكابه جرائم يعاقب عليها القانون».
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.