تعهدٌ سويسري بتقديم المزيد من المساعدات إلى مُسلمي الروهينغا
أعلَنت سويسرا عن تقديم أموال إضافية لمساعدة اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش، ما يجعل إجمالي تبرعاتها المُقَدَّمة 8 ملايين فرنك سويسري (8.1 مليون دولار). وكانت منظمة الأمم المتحدة قد إستضافت يوم الإثنين الماضي مؤتمراً للمانحين بجنيف، لِدَعم مُتطلبات ما تُسميه بـ "أزمة اللجوء الأسرع نمواً في العالم".
في برن، أعلنَت وزارة الخارجية السويسرية رابط خارجييوم 23 أكتوبر الجاري انها ستُزيد ميزانية المُساعدات لِدَعم مُتطلبات الإحتياجات الإنسانية المُتزايدة لمُسلمي الروهينغا اللاجئين في بنغلاديش الى 8 ملايين فرنك سويسري. وكان أكثر من 600,000 شخص، 60% منهم من الأطفال، قد فرّوا من أعمال العُنف وانعدام الأمن في ولاية راخين (أو إقليم أراكان) الواقعة على الساحل الغربي لميانمار منذ 25 أغسطس المُنقضي، عندما أثارت هجمات شنَّها مُتشددون من الروهينجا رداً عسكرياً عنيفاً من ميانمار، وصفته الأمم المتحدة بـ “التطهير العرقي”.
وفي الآونة الأخيرة، ازداد عدد اللاجئين في مناطق بنغلاديش المجاورة ليصل إلى 809,000 لاجئ. والروهينغا جماعة إثنية تستوطن ولاية راخين في ميانمار (بورما سابقا) بشكل رئيسي، ويمثلون أقلّية مُسلمة في بلد يدين أغلبها بالبوذية. ويعيش نحو 1,1 مليون من الروهينغا – الذين تصفهم الأمم المتحدة بـ”الأقلية الدينية الأكثر تعرضًا للإضطهاد في العالم” – في هذه الولاية، بَيد أنهم محرمون من الجنسية، لأن الكثير من البوذيين في شتى أنحاء ميانمار يعتبرونهم مُهاجرين غير شرعيين من بنغلادش المجاورة. وهكذا فَرَّ العديد منهم إلى بنغلادش دون أوراق ثبوتية.
وكما قال مانويل بيسّلَر، كبير مسؤولي الإغاثة في سويسرا للصحافيين في جنيف، “قامت سويسرا بتعبئة مواردها بسرعة في ضوء هذه الإحتياجات الإنسانية الضخمة”. وأضاف موضِحاً: “قبل ثلاثة أسابيع من زيارتي لبنغلاديش، قُمنا باقتراح مبلغ 4 ملايين فرنك سويسري. بعد ذلك، تحدثنا عن إمكانية عمل المزيد بهذا الشأن، ما أدى بالنتيجة إلى تحشيدنا لتمويل جديد بقيمة 4 ملايين فرنك سويسري. ولفترة ليست بالقصيرة، قُمنا أيضاً بتنفيذ عملية إنسانية في ولاية راخين، على الجانب الآخر من الحدود مع بنغلاديش، خصصنا لها ميزانية بقيمة 4,7 مليون فرنك سويسري”.
وتهدف هذه المساهمة السويسرية إلى تمويل عمليات الطوارئ التي تضطلع بها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأغذية العالمي، والعديد من المنظمات غير الحكومية.
وفي شهر سبتمبر الماضي، قامت سويسرا أيضاً بتوفير عددٍ من الخيام وغيرها من لوازم الإغاثة في حالات الطوارئ. كذلك يقوم ثلاثة خبراء من وحدة المساعدات الإنسانية السويسرية،رابط خارجي بمساعدة المنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) على إنشاء مراكز للإستقبال، وتركيب مرافق الصَرف الصحي ونُظُم توزيع المياه الصالحة للشرب.
في ألأثناء، تقول الأمم المتحدة إنها بحاجة إلى 434 مليون دولار (427 مليون فرنك سويسري) خلال الأشهر الستة القادمة لمساعدة 1,2 مليون شخص، بما في ذلك اللاجئين الجُدُد، واللاجئين السابقين، والمُجتمعات البنغلادشية المُضيفة، الذين يعيشون في مُخيمات مؤقتة مكتَظة بمنطقة كوكس بازار في بنغلاديش (انظر الحاشية).
وبحسب ما أعلن مسؤولون في الأمم المتحدة يوم الاثنين 23 أكتوبر الجاري، تعهدت 35 دولة بتقديم تبرعات تصل إلى 340 مليون دولار. وتم الإعلان عن تقديم أموال جديدة من حكومة الكويت (بقيمة 15 مليون دولار)، والاتحاد الأوروبي (31 مليون يورو/ 35 مليون فرنك سويسري)، والإمارات العربية المتحدة (7 ملايين دولار)، والدانمرك (10 ملايين دولار)، والسويد (15 مليون دولار)، والمملكة العربية السعودية (20 مليون دولار)، والمملكة المتحدة (12 مليون جنيه استرليني/ 15,6 مليون فرنك سويسري). ومن المُتَوَقَّع صدور تعهدات أخرى في غضون الأسابيع المقبلة.
“كابوس إنساني”
من جانبهم، يتفق المسؤولون المَعنيون بالمساعدات الإنسانية على ضخامة الإحتياجات في بنغلاديش وميانمار. من جهة أخرى، تنفي حكومة ميانمار إتهامات التطهير العرقى للروهينغا المسلمين، وتقول إنها مجبَرة على التعامل مع مُتمردى الروهينغا، الذين تتهمهم بإشعال الحرائق ومُهاجمة المدنيين وقوات الأمن.
وكما قال مارك لوكوك وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومُنَسق الإغاثة الإنسانية في حالات الطوارئ في مؤتمر المانحين: “خلال زيارتي إلى بنغلاديش في وقت سابق من هذا الشهر، كان ما سمعته من روايات حول عمليات القتل والحَرق المُتَعَمَّد والإغتصاب والتعذيب وغير ذلك من أشكال الإساءة يُدمي القلب”.
بدوره، وَصَف الأمين العام للامم المتحدة الحالة الراهنة بـ”الكابوس الإنساني”، وقال إن الأطفال والنساء والرجال الذين يتدفقون إلى بنغلاديش هرباً من ميانمار “يُعانون من الصدمة والعَوَز”.
مؤتمر المانحين في جنيف
يوم الإثنين 23 أكتوبر 2017، شاركت كل من المنظمة الدوليّة للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، والاتحاد الأوروبي وحكومة الكويت في تنظيم مؤتمر المانحين فى جنيفرابط خارجي المُخَصَّص لتقديم الدعم لمُسلمي الروهينغا اللاجئين في بنغلاديش.
تتضمن خطة الإستجابة الإنسانية رابط خارجي التيرابط خارجي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة والأطراف المُشاركة ما يلي: تقديم المساعدة الغذائية لأكثر من 500,000 لاجئ جديد؛ توفير أكثر من 100,000 ملجأ للطوارئ؛ توفير25,000 مرحاض طوارئ؛ مُراعاة حاجة 100,000 طفل إلى التعليم المُستمر؛ تقديم الدعم الغذائي الطارئ لـ 55,000 امرأة حامل؛ توفير 58 مليون لتر من المياه الصالحة للشرب يوميا؛ وإمداد 68,000 إمرأة باحتياجاتهم من منتجات النظافة التي تضمن العيش الكريم.
وكما قالت منظمة اليونيسيف الأسبوع الماضيرابط خارجي، يُعاني قُرابة 340 الف طفل من الروهينغا من ظروف معيشية بائسة في معسكرات بنغلاديش للاجئين، حيث يفتقرون إلى الغذاء الكافي والمياه النظيفة والرعاية الصحية.
ولا تزال العديد من الحكومات والوكالات الإنسانية تطالب بالوصول إلى شمال ولاية راخين، حيث يوجد عدد غير معروف من الروهينغا لحد الآن، رغم إشارة تقارير الأمم المتحدة إلى حَرق العديد من القرى والمخزونات الغذائية.
ووفقاً لـ مانويل بيسّلر، فإن حجم الأزمة والضغوط كارثية. “تَخَيَّل قيام نصف مليون شخص – أي أكثر من سكان مدينة زيورخ – بالنزوح في غضون بضعة أسابيع فقط. هناك شعور حقيقي بوجود أزمة وحالة طوارئ في جميع القطّاعات، ولا سيما تلك المتعلِّقة بالنظافة والمياه. الإحتياجات مُلحة في كل مكان”.
وكما أضاف: “لا يمكن لأي منظمة أو بلد أن يكون مُستعداً للتعامل مع أزمة تتطور بمثل هذه السرعة. لاشك أن هناك مجال للتحسينات. إن نقاط التوزيع [في المخيمات] قائمة، لكن لا يوجد ما يكفي من المنظمات في الميدان. هناك خمس أو ست وكالات تابعة للأمم المتحدة، وحوالي 20 منظمة غير حكومية تتعامل مع أزمة تتعلَّق بنصف مليون شخص، وهذا غير كاف”.
البحث عن حل دائم
على الجانب الآخر، قال شاميم أحسن، سفير بنغلاديش لدى الأمم المتحدة بجنيف في كلمته خلال مؤتمر المانحين، ان هذا العدد الكبير من اللاجئين “غير مُحتَمَل”. وكما أضاف: “هذه أكبر موجة لجوء في العالم من بلد مُفرد منذ الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا عام 1994”. ونَفى أحسن إدعاءات السلطات الميانمارية بشأن انتهاء موجة العُنف ضد المسلمين في ولاية أراخان، مؤكدًا استمرارها، ولجوء آلاف الروهينغا إلى بلاده يومياً. كما أشار إلى قيام وزير الداخلية البنغلاديشي بزيارة يانغون (أكبر مدن ميانمار وعاصمتها السابقة) يوم الإثنين الماضي (16 أكتوبر 2017) في محاولة لإيجاد “حل دائم” لهذه الأزمة.
الامم المتحدة من جانبها تصر على ان جذور الأزمة هي في ميانمار، وعلى ضرورة ايجاد حل سياسي في هذه الدولة الواقعة جنوب شرق آسيا. وكرر مسؤولو الأمم المتحدة يوم الإثنين دعواتهم لانهاء أعمال العُنف فى ولاية راخين الشمالية، وإلى وصول المساعدات الإنسانية “دون عوائق”، وتهيئة الظروف المُناسبة لعودة اللاجئين الى ديارهم.
ووفقاً لما أعلنه فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمام الصحفيين في جنيف، بدأت حكومتا بنغلاديش وميانمار مشاورات حول “إجراءات الإعادة إلى الوطن.” وكما قال: “يجب أن تكون أي عودة [للاجئين] طوعية وتكفل أمنَهم وكرامتهم، كما يتعين إعادة تهيئة الظروف المؤاتية في راخين”. وأضاف: “ينبغي أن يتضمن ذلك حلاً لمسألة الجنسية، أو بالأحرى عدم الإعتراف بوجود مُجتمع الروهينغا”.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية السويسرية قد إستقبلت وفداً من كبار القادة العسكريين فى ميانمار في وقت سابق من هذا الشهر، الأمر الذي أثار غضب منظمات حقوق الإنسان في البلاد. وحول ذلك علَّق بيسّلَر بالقول: “إن هدف سويسرا هو العمل كوسيط وتعزيز الحوار، وهو ما دأبت على فعله في العديد من الأزمات”، مُشيرا الى تناول “المناقشات الحيوية” لموضوعي وصول المساعدات الإنسانية وعودة اللاجئين ضمن مواضيع أخرى.
ورغم انَّ نتائج المحادثات السويسرية لا زالت غير واضحة، لكن كبير مسؤولي الإغاثة في سويسرا يرى أن المسؤولين الميانماريين “أبدو إهتماماً على الأقل” من خلال مشاركتهم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.