من المتوقع أن يُدلي الناخبون السويسريون يوم 30 نوفمبر 2014 بأصواتهم، بشأن نهجٍ مُثير للجدل لِخَفض مستوى النُمو السكاني في سويسرا. وتسعى "المبادرة الفدرالية للحدِّ من الزيادة السكانية والمحافظة المُستدامة على الموارد الطبيعية"، التي أطلقتها جمعية البيئة والإسكان "إيكوبوب" Ecopop إلى كَبح جِماح الهجرة وتشجيع تحديد النَّسل في الدول النامية.
تم نشر هذا المحتوى على
13دقائق
أورس غايزر, swissinfo.ch
English
en
Immigration caps to reduce ecological footprint
الأصلي
وفي إطار خُطة وضَعتها مجموعة من العلماء الذين يقفون وراء جمعية البيئة والإسكانرابط خارجي “إيكوبوب”، ينبغي أن لا تتجاوز نسبة صافي الهجرة – عدد المُغتربين مطروحاً من عدد المهاجرين – عن 0.2% من السكان في معدّل ثلاثة أعوام. فضلاً عن ذلك، تُطالب “إيكوبوب” بإنفاق ما لا يقل عن 10% من المساعدات الإنمائية الحكومية على التنظيم الطوعي للأسْرة.
وكانت المبادرة قد نجَحت في الحصول على توقيع نحو 119,000 مواطن سويسري في فترة تقِل عن 18 شهر – وهو عدد أكثر من كافي لكي تَحظى بالقبول من الناحية القانونية لإجراء إقتراع على مستوى البلاد بشأن تعديل دستوري.
“لا تسعى “إيكوبوب” إلى المساهمة في إستدامة جودة الحياة في سويسرا فَحَسب، لكننا راغبون بالحَدّ من البُؤس الذي لا يُمكن تصوُّره في المناطق المحرومة من هذا العالم أيضاً”، كما يقول المهندس أليك غانيو، الناشط المُستقل في مجال التنمية المُستدامة، وأحد الأعضاء البارزين في لجنة الحملة.
حق من حقوق الإنسان
ومع مُطالبتها لبصْمةٍ بيئية أصغَر للبشرية على هذا الكوكب، تقول المجموعة بأن التنظيم الطوعي للأسْرة هو حقّ أساسي من حقوق الإنسان التي أعلنتها الأمم المتحدة في عام 1968. ويتّهم غانيو الدول الصناعية بالأنانية السَّافِرة، وهو ما يُظهِر قُصوراً في “التعاطُف مع شعوب الدول النامية”.
ويقول الناشط في هذه الحملة، الذي يعمل كمستشار مستقِل للمساعدات التنموية، إن 222 مليون امرأة لا تتوفّر على الوصول إلى أدواة تحديد النَّسل ولا إلى المعلومات المتعلِّقة بتنظيم الأسْرة. ووِفقاً لكلماته “من أصل كل خمسة حالات حمْل في الدول النامية، هناك حالتان غيْر مرغوب فيها”.
كما تنتقد جمعية “إيكوبوب” سياسة المساعدات الإنمائية التي تتَّبعها الحكومة السويسرية، بسبب إهمالها لجهود تعزيز تحديد النَّسل في الدول الأشد فقراً، وتركيزها بدلاً من ذلك على مشاريع أخرى في هذه الأجزاء من العالم.
لكن هذه المبادرة تُواجَـه بِمُعارضة قوية من جانب الحكومة السويسرية وكافة الأحزاب السياسية الرئيسية ومجتمع الأعمال والنقابات العمالية والكنائس ومعظم الجمعيات الخيرية. وإتفق الجميع على أن المبادرة صارِمةٌ جداً، وتُلْحق الضَّرر بسويسرا وازدهارها الإقتصادي وتقاليدها الإنسانية.
“من غير المُمكن توقيع أي معاهدة دولية من شأنها أن تمنع أو تُعيق تخصيص 10% من الأموال على الأقل. لو حدث ذلك، سوف تخترع سويسرا استعماراً من طِراز القرن الحادي والعشرين”، كما تقول إيزابيل موريه من الحزب الراديكاليرابط خارجي (وسط اليمين). من جهتها، ترى سيلفيا شينكير من الحزب الاشتراكيرابط خارجي، بأن المبادرةرابط خارجي مُضللة. “إن الرَّبط بين الهجرة المُقيَّـدة وتنظيم الأسْرة، هو إجراء تعسُّفي، كما أن مضمونه سخيف ويُشير إلى تأثير غير حقيقي”، كما قالت.
كذلك، حاول العديد من المسيحيين الديمقراطيين (وسط يمين) عبَثاً الفوْز بأغلبية تُتيح لهُم الإعلان عن عدم صلاحية المبادرة لأسباب قانونية.
وفي حين أعرب بعض الأعضاء على جانبيْ اليسار واليمين السياسي عن نوع من التفهم لأهداف جمعية “إيكوبوب” للحدِّ من البصمة البيئية للبشرية، إلّا أنَّهم استنكروا أسلوب النشطاء في تناول هذه القضية.
الولادات والإزدهار الإقتصادي
في هذا السياق، حذَّر اللوبي القيادي لقطاع الأعمال المُتمثل برابطة رجال الأعمال السويسريين Economiesuisseرابط خارجي ، بأن من شأن حُكم الأمر الواقع لـ 16,000 مُهاجِر سنوياً أن يتسبَّب بخنْق عملية التنمية الإقتصادية في سويسرا.
وجادل رودولف مينش، كبير الخبراء الإقتصاديين، بأن البلاد بحاجة إلى العَمالة الأجنبية الماهِرة، لتعويض شيخوخة السكان في سويسرا.
الجمعيات الخيرية بدورها لم تُبدِ أي دعمٍ للمبادرة أيضاً. ورفض تحالف الجنوبرابط خارجي للمنظمات غير الحكومية السويسرية (وهي مجموعة عمل تضم ستة منظمات سويسرية كُـبرى تنشُـط في مجال التعاون والمساعدة من أجل التنمية على المستوى الدولي وتهدف إلى التأثير على سياسة سويسرا لمصلحة المجموعات السكانية الأكثر فقراً في العالم)، مبادرة “إيكوبوب”، واصفاً إياها بالسخيفة.
ويقول بيتر نيغلي، مدير التحالف، بأن تحديد النسل لوحده لا يمكن أن يعالِج مشكلة الاكتِظاظ السكاني المزعوم للكوكب. “إن عدد المواليد في جميع أنحاء العالم آخذ في التناقُص. وسوف يستمر تنامي السكان حتى منتصف القرن، نتيجة الزيادة الحاصلة في متوسط العُمر المأمول في الدول النامية”.
من الناحية الأخرى، لا تلقى هذه المبادرة الدَّعم سوى من مجموعة صغيرة من السَّاسة. ويضطلع توماس ميندَر (عضو مجلس الشيوخ الذي فازت مبادرته “ضد الأجور الفاحشة” في مارس 2013 بنسبة عالية من أصوات الناخبين) لوحده بدور نشط في السجالات الدائرة بشأن هذه المسألة، التي تركزت بشكل كبير على مبادرة حزب الشعب اليميني “ضد الهجرة المكثفة” في 9 فبراير الماضي، التي وافق السويسريون فيها على إعادة العمل بنظام الحِصص بالنسبة للمهاجرين.
وجادل ميندَر، المعروف بمواقفه الصّلبة، والذي يتمتع بصِلات وثيقة مع حزب الشعب اليمينيرابط خارجي في صالح مبادرة “إيكوبوب”، لأسباب جوهرية وتكتيكية على حدٍّ سواء.
ونتيجة لشعوره بخيبة الأمل، بسبب رفض زملائه في مجلس الشيوخ دعوته إلى إطلاق مُبادرة مُضادة، دعا ميندَر إلى تصويت إحتجاجي. وكما قال:”ليست لدي أي ثقة في الإجراءات المُتخذة من قِبل الحكومة والبرلمان لخفْض مستويات الهجرة بشكل جذري”.
ويساور رجل الأعمال والسياسي السويسري من شافهاوزن، القلق من أن تؤدي الأعداد المُتزايدة من العَمالة الأجنبية، إلى تهديد نظام الضمان الاجتماعي في البلاد وتعريض الأمن الوظيفي للعمّال السويسريين إلى الخطر.
وأضاف ميندَر بأن الناخبين كانوا يتوقّعون أن تقوم السلطات بِخَفض حدّ التدفق بنسبة تصل إلى 40%، بعد الموافقة على مبادرة 9 فبراير الماضي [الداعية إلى وضع حدٍّ للهجرة، بحيث يتِم ضبطها بتحديد سقْفٍ أعلى وتخصيص حصّة سنوية لكل دولة أو لعدد من الدول]. وتنكب الحكومة السويسرية حالياً على إعداد التعديلات القانونية اللاّزمة، لتنفيذ المبادرة اليمينية بحلول عام 2017، والتي أدّت الموافقة عليها إلى ظهور توتُّـرات مع الاتحاد الأوروبي.
على صعيد آخر، إمتنع لوك رايمان، أحد الأعضاء الثلاثة الذين أوصوا بالموافقة على مباردة “إيكوبوب” في مجلس النواب، عن ذكر السبب الذي حمله على دعمها.
النمو
تأسست جمعية البيئة والإسكان “إيكوبوب” Ecopop في أوائل سبعينيات القرن الماضي من قِبَل مجموعة من الناشطين بقيادة علماء جامعيين يسعون إلى زيادة الوعْي العام بشأن تأثير النمو السكاني على البيئة.
وبوَحي من تقرير “حدود النمو” The Limits to Growth الذي أصدره نادي روما (وهو مركز أبحاث دولي مكوَّن من علماء واقتصاديين ورجال أعمال وكبار مسؤولي دول عديدة ورؤساء دول سابقين من القارّات الخمس، يهتم بمختلف القضايا السياسية والدولية)، قادت مجموعة الضغط السويسرية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي حملات لمناهضة مخطّطات الحكومة لزيادة عدد المهاجرين، ومقترحات اليمين المتطرّف المتمثل بـ “حزب العمل الوطني” (الديمقراطيون السويسريون حالياً) للحد من الهجرة على حدٍّ سواء.
أما الموقف الأخير، فيفسِّره رَفض “إيكوبوب” لوجهات النظر المُعادية للأجانب أو العنصرية، إذ ينصب هدف الجمعية في تحقيق الاستقرار في عدد سكان الكنفدرالية، سيما وأنها أصبحت واحدة من أكثر دول أوروبا كثافة في السكان، مع عدد سكانها الذي يقل قليلاً عن 8,2 مليون نسمة، كما تجادل المبادرة.
وتشعر المجموعة بالقلق من أن يكون هناك أكثر من عشرة ملايين شخص في سويسرا بحلول عام 2025، والذي قد يرتفع إلى 13.8 مليون بحلول عام 2050، إذا لم تتّخذ إجراءات لكبْح جِماح الهجرة. ومن شأن زيادة كهذه أن تؤدّي إلى زيادة البصْمة البيئية لسويسرا (وهي مؤشر لقياس تأثير مجتمع معيّن على كوكب الأرض ونظمه الطبيعية، ويوضح مستوى استدامة نمط عيش السكان في إحدى الدول، ومدى تأثيرهم وضررهم على كوكب الأرض) – التي تزيد حالياً بـ 4.3 مرات عن الإستهلاك البشري للطبيعة.
ويوضّح الجدول التالي الزيادة السكانية منذ عام 1900 مع مقارنة سيناريوهيْن مختلفين للمستقبل:
محتويات خارجية
وجدير بالذكر، أن جمعية Ecopop تتعاون مع منظمات تماثلها في الآراء في عشر دول، وتكافح من أجل سياسة مقيِّدة للهجرة لأسباب بيئية. وهذه هي المرة الأولى التي تُطلق فيها المجموعة مبادرة شعبية، وتنجح بالفوز بالدّعم الشعبي اللازم لإجراء تصويت على الصعيد الوطني في سويسرا.
موعد واحد للتصويت وثلاثُ قضايا للحسم
بِصَرف النظر عن الاقتراح الداعي إلى الحد من الهجرة لأسباب بيئية، هناك تعديلان دستوريان آخران متنازع عليهما.
مبادرة من مجموعة “اليسار البديل” اليسارية للتخلّص من الضرائب الإبرائية المستقطعة، التي تمثل نظاماً مالياً تفضيلياً للأثرياء الأجانب المقيمين في سويسرا.
مبادرة ثالثة أطلقتها لجنة يمينية تسعى إلى حظر بيع البنك الوطني للذهب. وهي تلزم البنك المركزي بحفظ ما لا يقل عن 20% من احتياطياتها من الذهب وتخزينه في سويسرا.
هذه هي المجموعة الرابعة والأخيرة من الإقتراعات لعام 2014.
بموازاة ذلك، تشهد العديد من الكانتونات والبلديات اقتراعات واستفتاءات محلية في نفس اليوم (30 نوفمبر 2014).
قراءة معمّقة
المزيد
سياسة فدرالية
اقتراع فدرالي: هل تحتاج عقود إيجار العقارات في سويسرا إلى تعديل؟ الكلمة للشعب
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
الهجرة بين الواقع والطموح
تم نشر هذا المحتوى على
وتسعى هذه المنظمة إلى مساعدة الدول على التعامل مع ملف الهجرة، سواء كانت شرعية أو غير شرعية. استضافت العاصمة التونسية بين 16 و17 أكتوبر، الندوة الإقليمية لمجموعة 5+5 للتعاون في المنطقة الغربية لحوض البحر الأبيض المتوسط، التي تضم كلا من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا إلى جانب إسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال ومالطا. وقد بحث هذا…
حزب الشعب يُقنع غالبية الناخبين بالمخاوف من الهجرة
تم نشر هذا المحتوى على
انتزعت مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) الداعية إلى تحديد سقف لعدد المهاجرين الوافدين من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، الأغلبية المزدوجة، بحيث حظيت بموافقة غالبية الكانتونات، وتأييد أغلبية أصوات الناخبين.
كما صوت السويسريون هذا الأحد بأغلبية مريحة ضد مبادرة "تمويل الإجهاض مسألة خاصة"، ولصالح مبادرة "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية".
أُعلن عن النتائج النهائية في الكانتونات السويسرية الستة والعشرين بخصوص مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، التي حظيت بموافقة 17 كانتونا مقابل على رفض 9 كانتونات. أما على مستوى أصوات الناخبين، فقد حصلت على تأييد أغلبية ضئيلة جدا بلغت 50,34%. ويحتسب الفارق بين معسكري المؤيدين والمعارضين بـ 19526 صوتا فقط.
ونجد في معسكر الرافضين جميع الكانتونات الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، فضلا عن الكانتونات المتحدثة بالألمانية تسوغ، وبازل-المدينة، وزيورخ.
وجدير بالذكر أن نسبة المشاركة في اقتراعات هذا الأحد مرتفعة بشكل ملفت بحيث ناهزت 56%، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ خمسة أعوام، والأعلى أيضا منذ التصويت على منح النساء حق التصويت على المستوى الفدرالي عام 1971.
وتدعو مبادرة "أوقفوا الهجرة المُكثفة" إلى تحديد سقف لعدد المُهاجرين الجُدد، واعتماد نظام حصص سنوية. ويطالب نص المبادرة بأن تكون الحصص مرهونة بمصالح سويسرا الإقتصادية، وأن تشمل العمال الحدوديين. كما يأمل حزب الشعب أن تُـمنح الأفضلية للمقيمين في سويسرا لدى التشغيل.
استيــاء
وفقا لإحصائيات الكنفدرالية، يتوافد على سويسرا سنويا ما يناهز 80000 أجنبي، يقدم ثلاثة أرباعهم من بلدان الإتحاد الأوروبي. ويعتبر اتفاق حرية تنقل الأشخاص الذي أبرمته برن مع بروكسل عام 2002، عاملا هاما سهّل هذا التدفق الذي أدى إلى تجاوز ساكنة سويسرا حاجز 8 ملايين نسمة قبل بضعة أشهر.
وقد أثار هذا التطور بعض الاستياء لدى فئة من المجتمع، إذ تدين بعض الأطراف ما تعتبره انعكاسات سلبية لهذا النمو الديمغرافي، والذي يؤدي حسبها إلى ارتفاع الضغط على البنية التحتية في مجال النقل والإسكان، لاسيما الزيادات التي سُجلت على مستوى الإيجار.
مع ذلك، غالبا ما تتصدر قائمة الإنتقادات ظاهرةُ الإغراق في الأجور، إذ يتردد في أحيان كثيرة أن أرباب العمل يستغلون توافد هذه العمالة الأجنبية – سواء تعلق الأمر بأشخاص أتوا للإستقرار في الكنفدرالية أو بعُمال بعثتهم شركاتهم الأوروبية للعمل في سويسرا – لخفض الأجور.
ولمحاربة هذه الظاهرة، اعتمدت السلطات "تدابير مُصاحبة " لاتفاق حرية تنقل الأشخاص، لضمان توافق شروط الأجور مع المعايير الجاري بها العمل في مختلف قطاعات التشغيل في سويسرا. لكن هذه الإجراءات لا تحول دون ارتكاب مخالفات تسجلها السلطات بشكل منتظم.
وأخيرا، يعتقد بعض السويسريين أن الأجانب يمارسون ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الإجتماعية في بلادهم، وخاصة فيما يتعلق بالتأمين على البطالة والضمان الإجتماعي.
ويمكن لمس هذا الشعور بالإستياء بصورة أوضح في بعض المناطق الحدودية التي تشهد يوميا تدفق الآلاف من عمال الحدود، حتى أن بعض الأحزاب السياسية في كانتوني تيتشينو (الجنوبي المتحدث بالإيطالية) وجنيف (غرب سويسرا المتحدث بالفرنسية)، حققت مؤخرا نجاحات انتخابية من خلال "العزف" على هذا الوتر الحساس.
فرصة لسويسرا
لكن الصورة لا تبدو قاتمة للجميع، إذ يصر أنصار حرية تنقل الأشخاص على أن اليد العاملة الأجنبية
ورقة رابحة وثمينة بالنسبة للإقتصاد السويسري، فمن دونها، قد تفتقر العديد من القطاعات، مثل الفندقة والمطاعم، للعمالة الضرورية. كما يعتقدون أن توافد الأجانب يتيح تعويض النقص في "الأدمغة"، بما أن سويسرا لا تُكوّن ما يكفي من المهندسين أو الممرضات لتغطية جميع احتياجاتها.
وعلى مستوى التأمينات الاجتماعية أيضا، يعتبر الأنصار أن تدفق الأجانب عنصرا مفيدا للبلاد، لأن العمال الشباب يساهمون في نظام التأمينات الإجتماعية السويسري، ويسدون بذلك الثغرة الناجمة عن آثار شيخوخة السكان.
باختصار، يرى مؤيدو حرية تنقل الأشخاص أن هذا الإتفاق هو الصيغة التي أثبتت جدارتها وضمنت الإزدهار الإقتصادي لسويسرا.
ماذا عن رد فعل بروكسل؟
ومن بين كبريات الأحزاب في سويسرا، يُعتبر حزب الشعب الجهة الوحيدة التي تدعم علنا مبادرة "أوقفوا الهجرة المكثفة"، بينما تدعو باقي أحزاب اليمين واليسار، إلى جانب أهم المنظمات الإقتصادية والنقابات، إلى رفض المبادرة.
ولكن، ماذا سيكون رد فعل الإتحاد الأوروبي إن وافق الناخبون على مبادرة حزب الشعب؟ خطاب بروكسل اتسم دائما بالوضوح: أي تشكيك في حرية تنقل الأشخاص سيطعن في صحة مجمل الحزمة الأولى من الإتفاقيات القطاعية السبع المبرمة بين سويسرا والإتحاد الأوروبي.
غير أن الآراء تختلف أيضا بهذا الشأن. أنصار المبادرة يعتقدون أنه بمقدور بروكسل إبداء قدر من التفهم، بما أنه من مصلحتها أيضا الحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة مع سويسرا، وأن بعض الدول الأعضاء في الإتحاد – الممكلة المتحدة تحديدا – يواجهون أيضا مشكلة تدفق أعداد هائلة من العمال الأجانب. في المقابل، يرى المعارضون أنه لن يمكن الإفلات من رد فعل قاس، بما أن حرية تنقل الأِشخاص تعتبر واحدة من ركائز الإتحاد الأوروبي.
تمويل الإجهاض
يوم الأحد 9 فبراير 2014، صوت الناخبون أيضا بنسبة 70% ضد المبادرة الشعبية: "تمويل الإجهاض مسألة خاصة". وطالبت هذه المبادرة التي أطلقتها لجنة مشتركة من عدة أحزاب، تتشكّل أساسا من مسيحيين محافظين، بأن تتوقف الرعاية الصحية الأساسية (الإجبارية) عن تحمل تكاليف إيقاف الحمل الإرادي.
واقترحت المبادرة أن يظل الإجهاض مُمكنا من الناحية القانونية، لكن أن تقع تكلفة العملية على عاتق المرأة نفسها. ودعا أصحاب المبادرة إلى إدراج مادة جديدة في الدستور الفدرالي هذا نصها: "باستثناء حالات نادرة تخص الأم، لا تدخل عمليات إسقاط الحمل أو إزالة الجنين ضمن غطاء التأمين الصحي الإجباري".
وعلى غرار كل تغيير دستوري، تطلّب إقرار هذه المبادرة الحصول على مُوافقة أغلبية الأصوات على مستوى الناخبين وعلى الأغلبية على مستوى الكانتونات.
وقبل التصويت، لم يحظ كان هذا الإقتراح بالقبول داخل البرلمان الفدرالي إلاّ من طرف بعض نواب الحزب الديمقراطي المسيحي، وأغلبية صغيرة من الديمقراطيين (وسط)، ومن قبل الحزب الإنجيلي. وبالتالي، فإن فرص نجاح المبادرة كانت ضئيلة للغاية.
ويذكر أنه منذ عام 2002، تقرّر في سويسرا أن تُغطى تكلفة عمليات الإجهاض من قبل التأمين الصحي الإجباري، وتم اعتماد هذه السياسة كجزء من تصويت شعبي أضفى القانونية على عمليات الإجهاض التي تتم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. واليوم، يقول المعارضون إن الأشخاص الذين ينبذون الإجهاض لأسباب أخلاقية لا يجب أن يُجبروا على تمويل هذه العمليات من خلال أقساط التأمين الصّحي التي يسدّدونها شهريا.
تطوير السكك الحديدية
أخيرا، وافق الناخبون على مشروع "تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية" بنسبة 62% مثلما توقع معهد gfs.bern في بداية ظهيرة الأحد. ويهدف المشروع إلى إنشاء صندوق بقيمة 6,4 مليار فرنك تخصص لصيانة وتطوير شبكة السكة الحديدية. ومن بين كبريات الأحزاب، حزب الشعب هو الوحيد الذي يعارض المشروع.
بشكل عملي، نصّ المشروع على النّهوض بالبنية التحتية للسِّكك الحديدية من خلال تأسيس صندوق دعم مالي جديد وإرساء برنامج تطوير استراتيجي، ومن المفروض أن يتِم استخدام الصندوق في تمويل خدمات تشغيل البِنية التحتية القائمة وصِيانتها وتوسيع انتشارها، وأن يستمِر قائما من غيْر تقيّد بفترة زمنية محدّدة، بعكْس صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، الذي قُصِد منه تمويل المشاريع الإستثنائية الكبرى مثل "شبكة حديد 2000" والخط الحديدي الجديد العابِر لجبال الألب، الذي ستنتهي صلاحيته عمّا قريب.
في الأثناء، ستكون مصادر تمويل الصندوق الجديد (حوالي 4 مليارات من الفرنكات) هي ذاتها مصادر تمويل صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، وهي عبارة عن أموال فدرالية خالية من الإلتزامات، متمثلة في الضريبة على النقل الثقيل والرسوم المتأتية من الزيوت المعدنية (تنتهي في نهاية عام 2030) والضريبة على القيمة المضافة.
كما يتيح المشروع إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل إضافية لتأمين نحو مليار فرنك أخرى، عن طريق الحدّ من تخفيضات الضرائب الفدرالية على تكاليف النقل وبفضل مساهمات جديدة من الكانتونات (مقابل حصولها على مزيد من الإمتيازات) ، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بـواحد في الألف بين عاميْ 2018 و2030، ورفع قيمة التذاكر والإشتراكات.
تصويت ضد ارتداء الحجاب في سانت غالن
في بلدية أوهيربروغ Au-Heerbrugg بكانتون سانت غالن، صوت الناخبون يوم الأحد 9 فبراير 2014 بـ 990 صوتا مقابل 506، لفائدة استفتاء طرحه حزب الشعب (يمين شعبوي) يدعو إلى منع فتاتين صوماليتين من ارتداء الحجاب إن أرادتا استئناف دراستهما في المدرسة الإبتدائية للبلدة. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 37,4%.
وكانت التلميذتان (10 و12 سنة) قد أمرتا من قبل مدير المدرسة الإبتداية بالعودة إلى منزلهما بسبب ارتدائهما للحجاب. لكن اللجنة المدرسية قررت بعد ذلك عودة التلميذتين للفصل.
لكن القرار لم يرق لفرع حزب الشعب في البلدة الذي سارع إلى طرح استفتاء. وفي تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، قال فالتر بورتمان، رئيس اللجنة المدرسية: "سيتم إبلاغ الأسرة المعنية الأسبوع القادم".
ولازال يمكن الطعن في منع ارتدائهما للحجاب، وفي هذه الحالة، سيتم إرجاء تطبيق الحظر إلى حين إتمام الإجراءات القضائية.
ورغم موافقة السكان يوم الأحد على بادرة حزب الشعب، فإن الوضع يظل مُبهما. ويذكر أن المحكمة الفدرالية كانت قد ألغت في شهر يوليو 2013 قرارا لبلدية بورغلن في تورغاو،التي منعت، استنادا إلى قرار إداري، طالبتيْـن مسلمتيْـن من مقدونيا، تبلُـغان من العمر حاليا 17 سنة، من ارتداء الحجاب في المدرسة الثانوية. ويحظر نفس القرار ارتداء اللِّـباس القصير أو الطرابيش أو النظارات الشمسية.
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.