جمعية الصحة العالمية تناقش كوفيد-19 والوضع في أوكرانيا

تتواصل اشغال جمعية الصحة العالمية التي تنعقد حضوريا بجنيف من 22 إلى 28 مايو الجاري. © WHO / Laurent Cipriani

افتتحت جمعية الصحة العالمية مؤتمرها السنوي في جنيف مع التركيز على الوباء المستمر في الانتشار، وحالات الطوارئ الصحية المستقبلية. كما ستناقش العديد من القضايا الأخرى بما في ذلك الاصلاح المالي وتعديل اللوائح الصحية وتأثير الحرب في أوكرانيا على الأوضاع الصحية محليا واقليميا ودوليا.

أشغال جمعية الصحة التي تمثّل أعلى هيئة لصناعة القرار في منظمة الصحة العالمية ستتواصل من 22 إلى 28 مايو في مجمّع قصر الامم المتحدة في جنيف تحت شعار “الصحة من أجل السلام، والسلام من أجل الصحة”. وهذا  أوّل اجتماع حضوري لهذة الجمعية العامة منذ ثلاث سنوات.

ماذا على رأس جدول أعمال هذا العام؟

تشهد الجمعية الخامسة والسبعين لهذا العام مناقشة البلدان الاعضاء المائة والأربعة والتسعين في منظمة الصحة العالمية التحديات المتزايدة التي تواجه هذه الهيئة الصحية العالمية، والمتمثلة أساسا في قواعد إدارة الاوبئة المستقبلية، والاسهامات المالية، والوضع في أوكرانيا. فجدول الأعمال مزدحم جدا، حيث سيتم النظر في 73 بندا، تمتد تغطيتها من الأمراض غير المعدية إلى تورّط موظفين تابعين للمنظمة في قضايا استغلال جنسي، وتعزيز السلام من خلال برامج منظمة الصحة العالمية، والقضاء على شلل الأطفال، وأوضاع القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية.

وقال المستشار الخاص للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بيتر سينغر، في مؤتمر صحفي سبق انطلاق الأشغال: «لم يكن هناك أي بلد مهيّأ لمواجهة وباء بهذا الانتشار». سيكون استعداد منظمة الصحة العالمية والاستجابة لحالات الطوارئ الصحية إحدى الأولويات الرئيسية في أجندة جمعية الصحة العالمية لهذا العام. وتسبب الحجم غير المسبوق لانتشار عدوى كوفيد-19 في تسجيلرابط خارجي 520 مليون حالة إصابة، ووفاة أكثر من ستة ملايين حالة في العالم. وإذا ما تم الاخذ في الاعتبار التأثيرات غير المباشرة لهذه الإصابات، تقدر بيانات منظمة الصحة العالمية الجديدةرابط خارجي أن يكون عدد المتوفين ثلاثة أضعاف ما اُعلن عنه. يُضاف إلى ذلك ما يقدر بنحو 14.9 مليون حالة وفاة زائدة في 2020-2021 من المحتمل أن تكون ناجمة عن عدم القدرة على تلقي العلاج من أمراض أخرى، بسبب الأنظمة الصحية المثقلة بمواجهة كوفيد-19.

وفي 18 مايو، حذّرت إيلين جونسون سيرليف، الرئيسة المشاركة السابقة لفريق العمل المستقل بشأن الاستعداد لمواجهة الوباء (IPPPR) من أنه “على الرغم من أن هناك جهوداً جديرة بالثناء لحماية الجميع بشكل أفضل من مخاطر الوباء الحالي والمستقبل، فإن هذه الجهود تظل بطيئة ومجزّأة وموجّهة للتركيز على العمليات البيروقراطية بدلا عن النتائج”.

واقترحت اللجنة العديد من الإصلاحات في مايو الماضي للتحضير للتهديدات المستقبلية، لكن لم يتم تنفيذها بالكامل. يكشف «التقرير الجديدرابط خارجي» للرؤساء المشاركين السابقين عن «عدم كفاية، وعدم إنصاف، والآن يلفت النظر إلى ضرورة الاهتمام بمعالجة وباء كوفيد-19».

وتصرّ منظمة الصحة العالمية على أنه “لا أحد في مأمن من كوفيد-19 حتى يكون الجميع في مأمن”. ومع ذلك، تشير منظمة الصحة العالمية إلى ان 16% فقط من السكان في البلدان محدودة الدخل تلقوا جرعة لقاح واحدة مقارنة بـ 80% في البلدان الغنية.

وقالت كيت إلدر، كبيرة مستشاري سياسة اللقاحات في منظمة “أطباء بلا حدود” غير الحكومية، في حديث إلى SWI swissinfo.ch: «هناك بعض الدروس المهمة للغاية التي يجب تعلمها في علاقة بالأساليب العالمية للابتكارات الطبية للاستجابة للوباء. ولا يمكن تحقيق الهدف الأولي المتمثل في التطعيم العالمي بنسبة 70% بحلول منتصف عام 2022″.

ما هي القضايا الشائكة المحتملة؟

من أهم المسائل التي ينبغي مناقشتها اللوائح الصحية الدولية. وقد اقترحترابط خارجي الولايات المتحدة إدخال تعديل على الإطار القانوني الملزم. ويشمل طلبًا لتبادل المعلومات بين البلدان الأعضاء بشكل أسرع للتحذير من الأوبئة. وكانت إدارة ترامب قد ألقت باللوم على الصين لأنها كانت بطيئة للغاية في مشاركة المعلومات عندما تم العثور على وباء كوفيد-19 لأول مرة في مدينة ووهان. لكن ليس من الواضح إلى أي مدى ستذهب المناقشة وما إذا كان سيتم اعتماد التغييرات.

بنود أخرى على جدول الاعمال؟

في جمعية الصحة العالمية في السنة الماضية، أشار آلان بيرسيه، وزير الصحة السويسري إلى ان إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه منظمة الصحة العالمية هي مسألة التمويل، حيث لا تتعدى المساهمات الثابتة التي يمكن لمنظمة الصحة العالمية الاعتماد عليها بشكل مستدام نسبة 20٪ من ميزانيتها ، أما الـ 80٪ المتبقية فهي مجرد مساهمات طوعية». 

تعتمد موارد منظمة الصحة العالمية بشكل كبير على المساهمات الطوعية من حكومات مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، ومن المانحين من القطاع الخاص مثل مؤسسة بيل وميليندا غيتس ومنظمة التحالف العالمي للقاحات والتحصين. ويميل المموّلون من القطاع الخاص إلى توجيه تبرعاتهم إلى برامج محددة مثل القضاء على شلل الأطفال. وتعاني الميزانية العامة لمنظمة الصحة العالمية من نقص مزمن في التمويل. وأشار آلان بيرسيه  إلى أنها تعادل الميزانية السنوية لمستشفى واحد فقط في جنيف.

من المرجح أن تتم الموافقةرابط خارجي خلال أشغال جمعية الصحة لهذا العام على اتفاقية زيادة الاشتراكات المقررة إلى 50٪ من ميزانية منظمة الصحة العالمية. وسيساعد ذلك في جعل منظمة الصحة العالمية أكثر استقلالية من الناحية المالية.

الوضع في أوكرانيا

من البنود الرئيسية المدرجة على جدول أعمال هذا المؤتمر العواقب التي سيواجهها النظام الصحي العالمي بسبب الحرب في أوكرانيا محليا وإقليميا ودوليا. وسجّلرابط خارجي نظام المراقبة التابع لمنظمة الصحة العالمية 236 هجومًا على مراكز للرعاية الصحية في أوكرانيا، ما أدى إلى مقتل 75شخصا وإصابة 59 آخرين (الأرقام حتى 20 مايو). وتسعى بعض الدول الغربية إلى معاقبة روسيا من خلال استبعادها من صنع سياسات الصحة العالمية.

وعقدت اللجنة الإقليمية لأوروبا التابعة لمنظمة الصحة العالمية جلسة خاصة في 10 مايو، واعتمدت قرارًا بعنوان «حالة الطوارئ الصحية في أوكرانيا والبلدان المجاورة الناجمة عن العدوان الروسي».

ويدعو القرار  إلى نقل المكتب الأوروبي للأمراض غير المعدية التابع لمنظمة الصحة العالمية إلى خارج روسيا. كما يقترح تعليق جميع اجتماعات منظمة الصحة العالمية الإقليمية في روسيا. وتم طلب تقديم تقرير عن الوضع الصحي في أوكرانيا من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية خلال جمعية الصحة العالمية لهذا العام. ومن المرجح أن يتم تناول التقرير يوم الثلاثاء 24 مايو الجاري.

التحرّش والاعتداء الجنسي

من المنتظر كذلك أن يعرض في جمعية الصحة العالمية لهذا العام تقرير عن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها بعض موظفي منظمة الصحة العالمية خلال انتشار وباء إيبولا في جمهورية كونغو الديمقراطية بين عامي 2018 و2020، وكذلك خطة المنظمة لمنع حدوث أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي في البلدان الأعضاء.

وخلال مكافحة إيبولا، ارتكب ثلاثة وثمانون موظفاً من عمال الإغاثة اعتداءات جنسية، كان من بينهم 21 موظفا في منظمة الصحة العالمية. وخلص التحقيق الذي أنجزته لجنة مستقلة تم تضمين نتائجه في تقرير صدر في سبتمبر 2021، إلى أن المنظمة لم تتخذ التدابير المناسبة لمنع تلك الاعتداءات. هذا على الرغم من أن السياسة المعلنة لمنظمة الصحة العالمية هي عدم التسامح مطلقا مع التحرّش والاستغلال الجنسي.

انتخاب مدير عام

هذا العام تنتخب الجمعية الصحية العالمية كذلك رئيس منظمة الصحة العالمية للفترة المقبلة. وقد رشّحت فرنسا وألمانيا الرئيس الحالي تيدروس أدهانوم غيبرييسوس لإدارة الدورة المقبلة. ونظرا لكونه المرشّح الوحيد، سيتم إعادة تعيين وزير الصحة والخارجية الإثيوبي السابق مديرا عاما لولاية ثانية مدتها خمس سنوات.

ما الذي سيحدث إذن؟

قد تستغرق جميع المناقشات في جمعية الصحة العالمية لهذا العام وقتًا لتصبح حقيقة، كما حذر ت الرئيسة المشاركة السابقة لفريق العمل المستقل  (IPPPR)، الذين حققوا في الأبعاد المختلفة للوباء. وسيتطلب إدخال تعديلات على اللوائح الصحية الدولية بدء تنفيذها بعد سنتين. ولن تكون زيادة التمويل المقررة لتغطية 50٪ من الميزانية الأساسية لمنظمة الصحة العالمية فعالة بالكامل قبل حلول عام 2030.

ومن الواضح أن المزيد من التنسيق العالمي ضروري، وستجري مناقشة بشأن اتفاق قانوني جديد، مثل «معاهدة الوباء». لكن لا يتوقع اتخاذ قرار ؛ وقد تستغرق الجهود المبذولة لإدراج جميع قضايا الإصلاح ذات العلاقة بالأوبئة في معاهدة جديدة ملزمة قانونا، سنوات قبل بدء تنفيذها، هذا إذا ما كتب لها النجاح.

تحرير إيموجين فولكس

(نقله من الانجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)