حرصٌ سويسري على إنجاح المسار الإنتخابي في تونس
تُـتابع سويسرا بدقّة المشهد التونسي، وهي تؤكّد من خلال سفارتها، مساندتها الكاملة لضمان إجراء انتخابات شفّافة وحرّة في تونس. هذا الإهتمام ليس بالجديد ولا هو وليد الإنتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، التي ستُجرى تِباعا في تونس (يومي 26 أكتوبر و23 نوفمبر على التوالي)
لقد سارعة الدولة السويسرية منذ لحظة سقوط بن علي في 14 يناير 2011، إلى تأييد الثورة التونسية وأبدت رغبتها في تقديم الدعم. هذا الدّعم الذي تعدّدت أشكاله بين دعم مالي وتِقني وسياسي. ويأتي الإهتمام بالعملية الإنتخابية ليؤكد ذلك، بحُكم أنها تحتلّ الأولوية في هذه السياسة.
وفد سويسري ضمن المراقبين الدوليين
ميدانيا، لا تُوجّه المساعدات السويسريةرابط خارجي جميعها بشكل مباشر إلى الجهات التونسية المستفيدة، بل إن العديد من الأموال المرصودة، تقدِّمها برن إلى مؤسسات دولية أو إقليمية، التي تقوم بدورها باستعمالها لتنفيذ مشاريع داعمة للتحوّل الديمقراطي في تونس. ومن بين هؤلاء الشركاء، برنامج الأمم المتحدة الإنمائيرابط خارجي ومركز الحوار الإنسانيرابط خارجي (مقره جنيف) والوقفية الدولية من أجل الأنظمة الانتخابية.رابط خارجي
من جهة أخرى، يُشارك مواطنان سويسريان ضمن وفد المراقبين التابع للاتحاد الأوروبيرابط خارجي، وذلك بالرغم من أن سويسرا ليست عُضوا في الاتحاد. أحدهما سيدة ستقوم بمراقبة مؤقتة، حيث تنتهي مهمتها بعد يومين أو ثلاثة من الإقتراع، أما الشخص الثاني، فسيكون مراقبا دائما إلى حدود انتهاء الانتخابات الرئاسية التي قد تحتاج إلى تنظيم دور ثان للحسم يوم 28 ديسمبر 2014.
ونظرا لالتزامهما الحِرَفي بضوابط المراقبة الدولية وحِرصا منهما على الحيادية المُطلَـقة، رفض المراقبان السويسريان الإدلاء بأي تصريحات إلى swissinfo.ch، هذا بالإضافة إلى أن السفارة ستُـواكب عن قُـرب عملية مراقبة الإنتخابات، من خلال وجود بعض أعضائها ضِمن وفود المراقبين الدوليين.
في نفس السياق، سيتولى النائب البرلماني السويسري أندرياس غروس (من الحزب الإشتراكي)، رئاسة وفد المجلس الأوروبي لمراقبة الإنتخابات التونسية، الذي يضُم 12 مراقبا، وقد عبَّـر غروس عن أمله في أن يكون المسار الإنتخابي “إيجابيا ومشجعا”.
الإنتخابات التشريعية التونسية
يتوجه الناخبون التونسيون يوم الأحد 26 أكتوبر 2014 إلى مكاتب الإقتراع لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب (عددهم 217) في ثاني انتخابات حرة تشهدها البلاد بعد مرور أقل من أربع سنوات على الإطاحة بالرئيس السابق.
انطلقت عملية الإقتراع يوم الجمعة 24 أكتوبر في الدوائر الانتخابية بالخارج وعددها ستة (مع استثناء ليبيا والعراق وسوريا)، لاختيار 18 عضوا يمثلون التونسيين المقيمين في الخارج في مجلس نواب الشعب القادم.
داخل تونس، سيُـدلي الناخبون بأصواتهم في 7361 مكتب اقتراع مُوزعة على جميع تراب الجمهورية (27 دائرة) تفتح أبوابها يوم الأحد 26 أكتوبر من الساعة السابعة صباحا إلى السابعة مساءً.
حق الإنتخاب متاحٌ لكل مواطن أو مواطنة بلغ من العمر 18 عاما وقام بتسجيل اسمه على القوائم الإنتخابية، ويُستثنى العسكريون والعاملون في الأجهزة الأمنية والقُـضاة.
تتنافس في هذه الانتخابات، أكثر من 1300 قائمة، حزبية (787) وائتلافية (54) و أخرى مستقلة (587).
تشهد تونس أيضا انتخابات رئاسية يوم 23 نوفمبر 2014، يتنافس عليها 27 مترشحا.
تبادل الخبرات
على صعيد آخر، وحِرصا منها على أن تكون هذه الإنتخابات هادئة في تونس، شجّعت سويسرا عمليات تبادُل الخِبرة، بين خبراء مختصّين في الشؤون الإنتخابية، وكذلك في فنّ التيسير وتقريب وِجهات النظر بين الأطراف المختلفة والمتباينة، سياسيا وأيديولوجيا.
وحصلت الإستعانة في هذا المجال، بالرصيد الواسع الذي يتمتّع به مركز الحوار الإنسانيرابط خارجي الذي يتخذ من جنيف مقرا له. وتمّ في هذا السياق، تنظيم سلسلة من الحوارات بين ممثِّـلي عديد الأحزاب التونسية، أسفرت عن بلورة وثيقة الْـتزم بها الجميع، ونصّت بالخصوص، على تعهُّـد الأطراف الموقِّـعة عليها بـ “عدم اللجوء إلى العنف السياسي طيلة المسار الانتخابي”.
كذلك، استفادت عديد الهيئات الدستورية، مثل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات رابط خارجيوهيئات أخرى قضائية، بسلسلة من الدورات ذات المضامين القانونية الخاصة بكيْفية إدارة الإنتخابات. وخُـصِّص نفس التكوين أيضا، لمجموعات من النساء التونسيات اللاّتي اقتحمن الميدان السياسي، حيث وقع تأطيرهن من أجل توسيع فُـرص نجاحهِـن، في صورة ترشحهِـن ونجاحهن في هذه الإنتخابات. وفي هذا السياق، تفيد مصادر السفارة، أن سويسرا تُعتبَـر المانح الرئيسي لـ برنامج الأمم المتحدة الإنمائيرابط خارجي، الذي لعب دورا ملفتا في تنظيم وإنجاز هذه الأنشطة.
كما أسهمت سويسرا في دعم البرنامج (الذي شُرع في تنفيذه منذ بداية عام 2013 بهدف دعْم المسار الإنتخابي في تونس)، واستفاد منه بالخصوص، الأعضاء القياديون في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأداره خبراء دوليون على كفاءة عالية.
دعم للإعلام التونسي
على صعيد آخر، اهتمت سويسرا بشكل مُباشر أو من خلال شُركائها، بدعْم وسائل الإعلام المحلية والمجتمع المدني، بغرض الرّفع من نسبة المشاركة في التصويت، من خلال حملات واسعة لتحسيس التونسيين بأهمية مشاركتهم يوم الاقتراع. كما ساهمت سويسرا في تمويل مشروع عمل على توفير 18 ألف صندوق اقتراع إضافي، وبلغ حجْم مساهمة الكنفدرالية في هذا المجال حوالي 575 ألف فرنك.
كما حظيت وسائل الإعلام باهتمام المنظمات التي دعمتها سويسرا، التي حرصت على الدّفع نحو توفير تغطِية متوازِنة ومِهنية لسير الحملة الانتخابية في كل مناطق البلاد. ومن أجل ذلك، تم إطلاق مشروع تحت عنوان “من إذاعة الدولة إلى إذاعة الخِدمة العامة”، تمّ تنفيذه على المدى الطويل، من أجل تطوير قُدرات العاملين في القطاع، والرفع من خِـبراتهم في مجال التحرير الجِهوي وكيفية تغطية الحملات الإنتخابية، خاصة في مناطق الجنوب والشمال الغربي، التي عانت كثيرا من التهميش الإجتماعي والسياسي في العشريات الأخيرة.
دعم الإنتقال السياسي.. رغم المخاطر
هذا مُـلخّص للجهود التي تبذلها سويسرا منذ زهاء أربعة أعوام لدعم الإنتقال السياسي في تونس، لكنها في الآن نفسه، تُـدرك دقّة المرحلة التي تمُر بها البلاد، وخاصة على الصعيد الأمني، وهو ما دفع بالسفارة السويسرية إلى أن تُذكّـر في النشرية التي أعدّتها بهذه المناسبة، بالإغتيالات التي حصلت في تونس واستهدفت بالخصوص رجال الأمن والعسكريين .
كما أشارت النشرية إلى الأزمة الليبية التي “زادت من إرباك المُناخ السياسي العام” في البلاد. وقد جاءت الأحداث الأخيرة، التي جدّت يومي الخميس والجمعة (23 و24 أكتوبر) في ضواحي العاصمة وفي مدينة قبلي الجنوبية وأسفرت عن مقتل أحد الأمنيين وعدد من الإرهابيين، لتؤكّد جدِّية هذه المخاطر، التي لا يُنتظر أن تثني السويسريين عن الإستمرار في تقديم الدعم لعملية الإنتقال الديمقراطي الجارية في تونس.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.