أ ي علاقة بين المشاركة في الحياة السياسية والاقبال على التجنيس؟
أصبحت المشاركة في اتخاذ القرار في الانتخابات والاقتراعات لغير حاملي الجنسية في السويد، أمرا ممكناً منذ ما يقرب من نصف قرن. وتوضح دراسة حديثة من انجاز جامعة بازل أنه كان لهذا القرار انعكاس على عملية التجنيس.
في سويسرا، لا تزال مسألة منح الأجانب رجالاً ونساءً حق المشاركة في اتخاذ القرار السياسي تثير جدلاً واسعاً. ولم يمنح البرلمان السويسري ضوءًا أخضر لأي مقترح في هذا المجال. وظل هذا المطلب عصيا على التحقيق رغم عرضه أكثر من مرة على أنظار المقترعين من خلال المبادرات الشعبية. لذلك، فهناك فقط اثنان من كانتونات سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية) التي يُسمح فيها للأجانب بالمشاركة في الانتخابات والاقتراعات على مستوى كانتوني.
اقرأ المزيد حول حق التصويت للأجانب
وتسود فكرة في سويسرا ترى المشاركة في اتخاذ القرار امتيازاً مشروطا بالحصول على الجنسية. وبناءً عليه، فمن يُرِد المشاركة في اتخاذ القرار السياسي، عليه أن يتجنس أولاً، لأنه من دون ذلك، برأيهم، ينتفي الدافع للسعي للحصول عليها.
مؤخراً، قام فريق بحثي يرأسه الخبير في الاقتصاد السياسي آلوا شتوتسر بدراسة مدى انعكاس منح الأجانب حق التصويت في السويد على استعدادهم للتجنس. “لقد أثبتنا أن منح حق المشاركة السياسية رسمياً في الانتخابات أدى إلى ارتفاع نسبة الإقبال على التجنس بين فئات معينة من الأجانب، بينما أدى في فئات أخرى إلى انخفاض هذه النسبة”، على حد ما صرح به السيد شتوتسر الأستاذ بجامعة بازل، لموقع SWI swissinfo.ch.
من المشاركة إلى المواطنة
بالاشتراك مع ميشائيلا سلوتفينسكي من مركز لايبنتس لأبحاث الاقتصاد الأوروبي في مدينة مانهايم الألمانية، ومع بيتر بِفِلاندر بمدرسة مالمو للاندماج الدولي بالسويد، قام السيد شتوتسر في إطار هذه الدراسة بتقييم بيانات من يحق لهم الانتخاب ومن تم تجنيسهم في السويد في العقدين الماضيين. حيث يحق للسكان الذين لا يحملون جواز سفر محلي المشاركة في اتخاذ القرار في السويد منذ عام 1975، وهذا في الانتخابات والاقتراعات التشاورية على مستوى البلديات والأقاليم. إلا أن المشاركة في الانتخابات الوطنية ما تزال مقتصرة على حاملي الجنسية السويدية.
في خضم مشروعهم البحثي “من مشارك إلى مواطن”، قام فريق البحث مقارنة البيانات الخاصة بالأجانب رجالاً ونساءً ممن أتموا قبيل الانتخابات مهلة الثلاث سنوات المنصوص عليها كحد أدنى للإقامة في السويد ـ كشرط للمشاركة في الانتخابات ـ ببيانات هؤلاء الذين لم يتموا المهلة بفارق ضئيل ـ وبالتالي لم يتمكنوا من المشاركة في الانتخابات. بهذا تمكن هذا الفريق البحثي من تحليل الوضع، ومعرفة ما إذا كانت نسبة التجنيس قد زادت أم تراجعت بعد إجراء الانتخابات.
الفارق بين اللاجئين والمهاجرين
تبين نتائج الدراسة ما يلي: “لقد كان لمنح الأجانب حق الانتخاب أثره”، مثلما يؤكد الأستاذ الجامعي بيتر بِفِلاندر الذي ساهم في تدوين بيانات هيئة الإحصاء السويدية، في تصريحاته لموقع SWI swissinfo.ch. فبالنسبة للأجانب الذين يحملون جنسية إحدى البلاد التي تعد دولة نامية وفقاً لمؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة (HDI)، أدى منح حق الانتخاب للأجانب إلى ارتفاع نسبة التجنيس. أما بالنسبة للمهاجرين من دول ذات مستوى تنموي مرتفع نسبياً فقد كانت النتائج مخالفة تماماً: أي أنها أدت إلى انخفاض الإقبال على التجنس. بتعبير آخر: إن منح حق الانتخاب للأجانب يعد بالنسبة للاجئين عاملاً محفزاً للحصول على الجنسية، بينما يرى فيها المهاجرون سبباً للتنازل عن التجنيس.
عدم تغير إجمالي عدد المجنّسين
في هذا السياق، يضيف بيتر بِفِلاندر موضحاً: “بالنسبة للأشخاص المنحدرين من دول تعاني من نقص الديمقراطية والرفاهية، يعني جواز السفر السويدي إضافة قيمة حقيقية من الحرية؛ هذا بينما يقلل حق الانتخاب للأجانب بالنسبة لعامل فني بريطاني مثلاً، من رغبته في الحصول على الجنسية السويدية”. إجمالاً، فإن نسبة التجنيس التي انخفضت وتلك التي ارتفعت بسبب منح الأجانب حق الانتخاب في السويد تعد تقريباً متعادلة، كما يلخص السيد آلوا شتوتسر: “إذا ما نظرنا إلى إجمالي عدد الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية، فإن منح الأجانب حق الانتخاب لا يعد عاملاً شديد الأهمية.”
وقد يؤدي إدراك هذه النتيجة إلى تهدئة الجدل حول حق الأجانب في الاقتراع والانتخاب، وهو ما يأمله فريق البحث.
تحرير: مارك لويتينغر
ترجمة: هالة فرّاج
المزيد
كيف تُصبح سويسريّا؟
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.