الرفض الشعبي لن يحول دون إجراء الإصلاحات
لقد أصغت هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية بانتباه إلى انتقادات الذين صوّتوا بـ "نعم" لمبادرة "نو بيلاغ"! هذا هو جوهر ما صرح به مديرها جيل مارشان إثر اتضاح نتيجة الإقتراع. ومن جهتها، أكدت وزيرة الاتصالات دوريس للويتهارد، أن هذا الرفض الصريح لا ينبغي أن يحول دون التفكير في تطور المشهد السمعي البصري. بشكل عام، أظهرت ردود الفعل الصادرة عقب الإعلان عن النتائج تعلقا بخدمة الإعلام العمومي مقترنة بالتأكيد على الحاجة لإجراء إصلاحات.
“لا مفر من إجراء تعديلات”
في الندوة الصحفية التي عقدتها في برن عشية الأحد، حرصت دوريس لويتهارد، وزيرة الإتصالات على استباق أي تشكيك في تصميم الحكومة الفدرالية على التحرك السريع والفعال وقالت: “لقد أطلقت الحكومة بعدُ الأعمال الرامية لإعداد قانون حول وسائل الإعلام الإلكترونية”، كما لفتت إلى أن “فاتورة الرسوم (الخاصة باستقبال البث الإذاعي والتلفزيوني) ستُخفّض إلى 365 فرنكا في السنة لكل أسرة”، وبأن “هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية لن تتحصل على أكثر من مليار و200 مليون فرنك سنويا، وسيتوجّب عليها التوفير ابتداء من العام المقبل”.
لويتهارد، بوصفها الوزيرة المعنية بملف الإعلام العمومي، اعتبرت أن نتيجة التصويت “تظهر بوضوح أن الشعب لا يُريد إذاعات وقنوات تلفزيونية تجارية بحتة”، وقالت: “يُريد السويسريون التمتع بعرض متنوع ومستقل. كما أن سكان جميع المناطق اللغوية مستعدون أيضا للدفع من أجل خدمة عامة”. ومع أن النتائج تقيم الدليل على الثقة التي تحظى بها هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية ووسائل الإعلام الخاصة والمحلية، إلا أن الوزيرة ذكّرت بأن “هذا لا يجب أن يحول دون التفكير في التعديلات التي تفرض نفسها”.
“النتيجة ليست مهمة”
قبل دقائق من الإعلان عن النتيجة، نشر الإتحاد السويسري للفنون والحرفرابط خارجي، المنظمة التي تضم تحت مظلتها الشركات الصغرى والمتوسطة في الكنفدرالية، تغريدة جاء فيها: “لا يهم ما إذا كان التصويت بنعم أم لا، يجب أن يتم تفعيل الإصلاحات الموعودة وعلاج التخسيس لهيئة الإذاعة والتلفزيون على الفور!”.
وبعد وقت قليل من الإعلان عن التقديرات الأولية التي أفادت بأن المبادرة مُنيت بهزيمة ثقيلة، اعتبر نيكولا جوتزيه، العضو البارز في لجنة مبادرة “نو بيلاغ” أن “نتيجة اليوم لا تتسم بقدر كبير من الأهمية”.
من جهته، اعتبر دومينيك دو بومان، النائب عن الحزب الديمقراطي المسيحي والرئيس الحالي لمجلس النواب الفدرالي (الغرفة السفلى) أن “النقاش حول خدمة عمومية قوية انتهى الآن. لكن نتيجة التصويت ليست صكا على بياض. هناك جهود يجب أن تُبذل على مستوى التصرف والحوكمة الرشيدة”، وأضاف أن “الرسالة واضحة. لقد اعترف الشعب بأن منتجا كالذي تقترحه هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية والإذاعات والقنوات التلفزيونية المحلية له ثمن”.
“هيئة الإذاعة والتلفزيون عازمة على التحرك”
في السياق، رأت هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (التي تُعتبر swissinfo.ch إحدى الوحدات التابعة لها)، في هذا التصويت “رسالة قوية لفائدة الخدمة الإعلامية العامة وللإذاعات والقنوات التلفزيونية الجهوية ولالمجتمع السويسري أيضا”.
أما مدير الهيئة جيل مارشان، فصرح أن “التصويت لم يكن محسوما بشكل مُسبق”، وأعرب عن ترحيبه بأن هذه المبادرة أدت إلى إثارة “نقاش حقيقي، وتفكير عميق. لقد أخذنا علما بالنقاش وبالإنتقادات البناءة. إن هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية تعتزم التحرك”.
بدورها عبّرت “TELESUISSE” التي تضم في صفوفها مؤسسات البث التلفزيوني الجهوية والمحلية في سويسرا عن الشعور بـ “السعادة والإرتياح”، إلا أنها اعتبرت مع ذلك أنه لا يُمكن “تجاهل أن ما هو مُدرج على جدول الأعمال (من خلال هذا الإقتراع – التحرير) هي هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية”. ومن وجهة نظر أندريه موش، رئيس TELESUISSE، “يجب تناول ومناقشة تقييدات ملموسات لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية في مجال الإشهار، والتخلي عن بعض القنوات وتوزيع الأموال المتأتية من الرسوم ما بين الهيئة وموفري الخدمات في الجهات”.
“يجب وضع حد لتوسع الهيئة”
اتحاد الناشرين الخواص الناطقين بالألمانية (Schweizer Medien)، اعتبر أن رفض مبادرة “نو بيلاغ” أمر جيّد، لكنه يرى أنه يجب إعادة تعريف دور ومهمة هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية. وقال الإتحاد في بيان صادر عنه: “يجب وضع حد لتوسّع الهيئة، ويتعيّن على رجال السياسة القيام بسرعة كبيرة بإجراء مراجعة شاملة للقانون الفدرالي للإذاعة والتلفزيون. يجب أن تركز هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية أولا وقبل كل شيء على الإخبار، وأن لا تُنافس عروض وسائل الإعلام الخاصة، وخاصة في مجال الإعلان عبر الإنترنت”.
من جانبه، يرحب اتحاد المدن السويسرية (أوفس) “بنتيجة واضحة، مما يؤكد على أهمية سويسرا لعرض إذاعي وتلفزيوني متنوع ومستقل. يمكن أن تستمر سر في تغطية جميع المناطق اللغوية على نطاق واسع والحفاظ على التزامها الثقافي. ولا يزال في الوقت نفسه صاحب عمل رئيسي في المدن.
بدوره، حيّا اتحاد المدن السويسرية (UVS) “نتيجة واضحة، تشدد على الأهمية التي تكتسيها لسويسرا توفر عرض إذاعي وتلفزيوني متنوع ومستقل. يُمكن لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية الإستمرار في تغطية واسعة لمجمل الجهات اللغوية والإبقاء على التزامها في المجال الثقافي. كما انها تظل في الوقت نفسه مُشغّلا مهما في المدن”.
وماذا عن الصحافة المكتوبة؟
الفدرالية السويسرية للصحافيين (impressum) اعتبرت أن هذا الرفض المكثف “يؤكد تعلق المواطنين بوسائل الإعلام النوعية، لكن يجب الآن التحرك بكل سرعة لمعالجة أوضاع الصحافة المكتوبة ووسائل الإعلام الالكترونية”.
وفي إشارة إلى عمليات الطرد والتسريح التي شهدتها أخيرا مجموعات “Tamedia” و”Ringier” ووكالة الأنباء السويسرية SDA – ATS و”AZ Medien” ومجموعة NZZ وغيرها، ذكّرت النقابة بأن “عمليات إعادة الهيكلة تتوالى بدون توقف” في المؤسسات الإعلامية الخاصة، كما لفتت إلى أنه “بالإضافة إلى الوظائف المعنية، فقد أضحى التنوع الإعلامي مهددا. فمن الضروري أن يهتم القادة السياسيون بهذا الوضع المقلق للديمقراطية وأن يتخذوا تدابير سريعة جدا من أجل تقديم الدعم المالي للعناوين والصحف الألكترونية”، كما تقول الفدرالية السويسرية للصحافيين.
“حزب الشعب السويسري سابق لعصره”
في صفوف حزب الشعب السويسري (يمين محافظ)، وهو الحزب الكبير الوحيد الذي دعا إلى تأييد مبادرة “نو بيلاغ” قالت النائبة ناتالي ريكلي: طإنني لم أنطلق بتاتا من مبدإ أنه سيتم قبول المبادرة”. ومن وجهة نظرها، فإن نصها كان راديكايا بشكل مبالغ فيه بما يحول دون حصولها على أغلبية من الأصوات، لكن الإقتراع كانت له – حسب رأيها – انعكاسات يجابية بحكم أنه أطلق النقاش حول هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية. وفي إشارة إلى المطالب التي سبق لحزبها أن عبر عنها منذ فترة طويلة، علقت النائبة البرلمانية بالقول: “لقد كنا سابقين لعصرنا”.
/swissinfo.ch/RTS/SDA-ATS/ك.ض
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.