سويسرا تشدد تدابير التثبّت من اللاجئين الجرحى من سوريا والعراق
تعتزم كتابة (أو أمانة) الدولة السويسرية للهجرة التدقيق أكثر خلال فحص بعض طلبات اللجوء، لا سيما المقدمة من طرف الأشخاص الراغبين في الحصول على تأشيرات دخول لأسباب إنسانية بعد تعرضهم لإصابات في سوريا أو العراق.
وقالت ليا يرثيمر، المتحدثة بإسم كتابة الدولة للهجرة في حديث إلى صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”: “في المستقبل سوف نقوم بإجراء تحقيقات معمّقة على الفور”.
ومع أن الناطقة الرسمية لم توضّح ذلك، لكن الصحيفة افترضت أن الجهات المعنية بالهجرة ستركز جهودها من أجل استبعاد الطلبات المقدّمة من طرف مقاتلين، أو من جانب أعضاء وأنصار تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي فضلا عن مجرمي الحرب المحتملين والمجرمين الآخرين. حيث سيتم رفض منح التأشيرات الإنسانية لهؤلاء الأفراد.
سيارات إسعاف لصالح ضحايا الحرب في سوريا
تبرعت سويسرا بإثني عشر سيارة إسعاف لصالح الهلال الاحمر العربي السوري لمساعدة ضحايا الصراع المستمر في البلاد منذ خمسة أعوام. وأشرف وفد سويسري رسمي على عملية التسليم في العاصمة دمشق.
في بيان لها صدر يوم الإثنيْن 18 يوليو 2016 في برن، أشارت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون أنها ستسند سبعا من هذه السيارات إلى فرع الهلال الأحمر العربي السوري في حلب، في حين تذهب الخمس البقية إلى مقرّه الرئيسي في دمشق.
تبلغ تكلفة السيارات المتبرّع بها 900.000 فرنك سويسري، بالإضافة إلى دعم مالي لصالح الهلال الأحمر السوري لضمان صيانة وتشغيل هذه السيارات لعدة أشهر.
منذ اندلاع النزاع في سوريا قبل أكثر من خمس سنوات، وفّرت سويسرا مساعدات إنسانية للسوريين داخل بلدهم وفي المخيمات في البلدان المجاورة تجاوزت قيمتها 250 مليون فرنك. وفي عام 2016 فقط، تجاوزت هذه المساعدات 50 مليون فرنك.
تصرف سويسرا هذه المساعدات عبر العديد من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية مثل اللجنة الدولية للصليب الاحمر، والمنظمات التي تشرف على مشروعات داخل سوريا، وفي مخيمات اللاجئين.
خلال خمس سنوات ونيف من الصراع المسلّح الذي اندلع بعد تصاعد الإحتجاجات المناهضة للحكومة المركزية في دمشق، قتل أكثر من 250.000 سوري، ونزح أكثر من 11 مليون آخرين من بيوتهم إلى مناطق أخرى داخل البلاد أو إلى الخارج.
ونقلت الصحيفة عن شخص على اطلاع ومعرفة بالوضع أن “فئة من بين العراقيين والسوريين الذين يرغبون في الحصول على اللجوء في سويسرا هم من المصابين في الحرب”، لكن لا توجد احصاءات رسمية في هذا المجال.
تدابير تثبّت جديدة
ليا يرثيمر أعلنت أيضا أن كتابة الدولة للهجرة قررت الأسبوع الماضي اتخاذ جملة من التدابير، بعد أن علقت منح أي تأشيرات إنسانية لمواطنين من سوريا أو العراق لنحو شهريْن. وبعد تشديد الإجراءات، سوف يتم الإنطلاق في منح التأشيرات من جديد. وجاء هذا التعليق بعد وصول طلبات للحصول على تأشيرات تقدّم بها جرحى سوريون، قضى عدد منهم بعض الوقت في مخيم إيدوميني للاجئين في اليونان.
منذ بداية العام الجاري، تقدّم 920 سوري بطلبات للحصول على تأشيرات إنسانية للدخول إلى سويسرا، وفقا لأرقام كشفت عنها كتابة الدولة للهجرة، وقدّمت معظم هذه الطلبات عبر ممثليات سويسرا الدبلوماسية في كل من تركيا ولبنان. ومن ضمن هذه الطلبات، تم قبول 706 طلبا (أي بنسبة 77%)، بينما رفضت بقية الطلبات (214) لأسباب مختلفة.
إضافة إلى ذلك، تقدّم منذ بداية هذه السنة 1238 سوري بطلب لجوء إلى سويسرا، وقد تحصل 75% منهم على وضع لجوء مؤقت، أو لجوء غير مؤقت. في المقابل، لم يتم قبول سوى 18% من جملة الطلبات التي تقدّم بها عراقيون، بينما لم يكشف عن عدد التأشيرات التي منحت للعراقيين لأسباب إنسانية.
برامج تسهيل منح التأشيرات
وفقا للمنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين،رابط خارجي يُمكن أن تُمنح التأشيرة الإنسانية لأي شخص إذا ما كانت حياته أو حياة أقربائه مُعرّضة للتهديد “بشكل مباشر وجدّي”. ويجب أن يكون هذا الشخص “في حالة طوارئ خاصة”. ويمكن أن ينطوي ذلك على أعمال حرب أو تعرضه لخطر فردي مباشر.
وفي علاقة بالحرب في سوريا، وافقت الحكومة السويسرية على برنامجيْن لتسهيل منح تأشيرات الدخول إلى البلاد. الأوّل تواصل العمل به من سبتمبر إلى نوفمبر 2013، واستفاد منه قرابة 4800 سوري مُنحوا تأشيرات دخول لأسباب انسانية.
أما البرنامج الثاني، فيتركّز على زوجات وأطفال السوريين الذي مُنحوا إقامات مؤقتة في سويسرا، وهو طور التنفيذ منذ شهر مارس 2015، وقد استفاد منه حتى الآن 230 سوري.
وبحكم أن التأشيرات الممنوحة لأسباب إنسانية تخوّل للحاصلين عليها الإقامة في سويسرا لمدّة محدودة، فإن معظم الأشخاص المتحصلين عليها يتقدمون طلبات لجوء في نهاية المطاف.
عموما، يُمكن لأي شخص تقديم طلب لجوء – للإحتماء من الإضطهاد والمخاطر – في سويسرا، ولكن يجب على المتقدمين بتلك الطلبات تقديم أدلّة وإثباتات تبرّر بشكل ملموس أحقيتهم في الحصول على صفة لاجئ.
وينص قانون اللجوء في سويسرا على أن اللاجئ، ومن ضمن شروط أخرى، هو “الشخص الذي يتعرّض لتمييز سلبي في بلده الأصلي، أو في آخر بلد أقام فيه، أو أن لديه خوف له ما يبرّره من التعرّض للتمييز بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معيّنة أو بسبب آرائه السياسية”.
مزيد من الدّعم الإنساني
في سياق متصل، أعلنت سويسرا يوم الأربعاء 20 يوليو الجاري خلال مؤتمر دولي للمانحين عقد في واشنطن أنها ستخصص مليون فرنك إضافي لمساعدة النازحين داخل العراق. وبهذا التعهّد الجديد يصل المبلغ الإجمالي للمساعدات الإنسانية المقدمة من الكنفدرالية للعراق خلال هذا العام 10 ملايين من الفرنكات.
وجاء في بيان صادر عن الحكومة الفدرالية أن “شعب العراق يدفع ثمنا باهضا، وهو يوجد في ملتقى النيران بين القوات الموالية للحكومة في بغداد ومقاتلي “تنظيم الدولة الإسلامية”، الذي يحتلّ الموصل”.
البيان الرسمي ذكّـر أيضا بأن “أزيد من 85.000 عراقي فرّوا من منازلهم وقراهم منذ شهر مايو الماضي هم حاليا غير قادرين على الحصول على الحد الأدنى من الإحتياجات الأساسية. وهؤلاء النازحين داخليا ينضافون إلى قرابة ثلاثة مليون عراقي هربوا من منازلهم منذ بداية الأزمة”.
ومن المنتظر أن يُستخدم هذا المبلغ الإضافي في “تعزيز حماية الأعمال الإنسانية القائمة، وتمكين المشردين في وسط العراق من الحصول على المياه الصالحة للشرب”.
يُشار إلى أن مؤتمر الدول المانحة المنعقد في واشنطن نجح في تعبئة موارد مالية لمساعدة النازحين داخل العراق بلغت ملياريْ دولار في ظل مخاوف من أن يؤدي الهجوم المزمع تنفيذه قريبا لتحرير الموصل من قبضة تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى نزوح أزيد من مليون ونصف المليون شخص عن منازلهم.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.