سويسرا تُمولُ مشاريع تطهير وتنمية حضرية في 12 مدينة تونسية
أظهرت الفيضانات والسيول التي اجتاحت عددا كبيرا من المدن التونسية جراء الأمطار خلال فصل الشتاء، هشاشة البنية التحتية العتيقة في بعض المدن الكبرى مثل سوسة أو غيابها تماما من بعض المدن والقرى الأخرى. لذا يمكن القول إن مشاريع الصرف الصحي والتنمية الحضرية، التي ستُمول سويسرا قسما منها في بعض المدن، أتت في أوانها بالرغم من أن إعدادها سابق للفيضانات الاستثنائية الأخيرة.
يتمثل المشروع الأول في تنفيذ خطة لإصلاح نظام الصرف الصحي في عشر مدن متوسطة الحجم بقيمة 9 ملايين يورو وبتمويل من مصرف التنمية الألماني (KfW) وهي عبارة عن هبة من كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصاديةرابط خارجي. ويُشكل “الديوان الوطني للتطهيررابط خارجي” (قطاع عام) الطرف التونسي في هذا المشروع. إلا أن الخطة توسعت حاليا لتشمل مدينتين إضافيتين بحسب ما قال لـ swissinfo.ch مصدر في قسم التعاون الدولي بالسفارة السويسرية في العاصمة التونسية.
وأفاد المصدر نفسه أن كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية تُمول في إطار هذا المشروع نفسه خططا لتطهير ثلاث مدن في محافظتي الكاف (شمال) والقصرين (وسط)، اللتين تُصنفان بين المناطق المنسية، وهذه المدن هي تاجروين وتالة وفريانة، بتمويل يصل إلى 18 مليون فرنك للمدينتين الأخيرتين وحدهما، فيما خُصِصت هبة إضافية لتاجروين.
اهتمام خاص
المشروع الثاني يخص مدينة سوسة الساحلية، التي حظيت باهتمام خاص من الجانب السويسري، إذ تم التوقيع في مطلع العام الجاري على اتفاق بين كل من وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر والسفيرة السويسرية لدى تونس ريتا أدام وعُمدة سوسة محمد المُكني، يخص تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع “التنمية الحضرية المُستدامة لسوسة ومُدُن أخرى”. وتبلغ قيمة الهبة الممنوحة من طرف كتابة الدولة السويسرية 2.3 مليوني فرنك للمشروع الذي سيُنجز في غضون السنة الجارية.
و قال وزير الشؤون المحلية والبيئة التونسي في حفل التوقيع: “إن هذا الإتفاق هو الأول الذي توصلت له سويسرا ومدينة سوسة في إطار التعاون اللامركزي”، مُوضحا أن “المستفيدين من المشروع هم سكان المدينة الذين ستكون ظروف عيشهم الإقتصادية والبيئية أفضل مما هي عليه الآن بفضل التنمية الحضرية المُندمجة والمستدامة”.
دعم سويسري لقطاع المنسوجات
أطلقت سويسرا مشروعا بقيمة 3 ملايين فرنك لدعم قطاع المنسوجات يمتدُ تنفيذه على مدى أربع سنوات. ويرمي المشروع إلى دعم المصانع التي تمرُ بصعوبات في قطاعي المنسوجات والملبوسات بتحسين قدراتها التنافسية وتنويع منتوجاتها وتكثيف صادراتها بما يجعلها قادرة على استيعاب مزيد من طالبي العمل من الشبان والشابات.
من جهته، أفاد محمد المُكني أن الإتفاق يقضي بمراجعة برنامج التهيئة والتخطيط الحضري ووضع خطة توجيهية لتعبئة الموارد وتشجيع البناء المطابق للمواصفات البيئية، بما في ذلك إنشاء مقر جديد للبلدية طبقا للمعايير البيئية المُعتمدة دوليا.
ويرمي القسط الأول من المشروع أيضا إلى وضع مثال توجيهي للطاقة عبر خطة تنوير عمومي تُمكن من تنوير المدينة بطريقة أنجع وأكثر محافظة على البيئة. وشرح المكني أن تلك الخطط تعتمد على “استراتيجية التنمية الحضرية المستدامة” التي وُضعت سنة 2014 بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي. وتتميز هذه الاستراتيجيا باعتماد “مقاربة تشاركية استطاعت الجمع بين المجتمع المدني وأجهزة الدولة اللامركزية”.
التزام سويسري
وأشارت السفيرة السويسرية لدى تونس ريتا أدام إلى أن هناك قسما ثانيا من هذا المشروع سيشمل تهيئة البنية الأساسية وإنجاز أعمال مماثلة لتلك في سوسة. وسألت swissinfo.ch السفيرة عن مبررات اختيار مدينة سوسة فردت بأن “الأمر يتعلق بعاصمة ثالث أهم ولاية في تونس والتي تعتبر قاطرة للتنمية في تونس”. وأوضحت أن سويسرا ملتزمة التزاما كبيرا بدعم تونس على الصعيد الإقتصادي، مُستدلة بأن برن تخصص لها هبات بقيمة 50 مليون دينار سنويا، وأن 70 في المائة منها مُوجّهة إلى التنمية الإقتصادية.
على صعيد آخر، تعتزم سويسرا تمويل القسم الثاني من مشروع “التنمية الحضرية المستدامة: سوسة ومدن أخرى”، من خلال كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية، لكنها مساهمة مشروطة بموافقة الطرف السويسري. ومع أن المدينة أو المدن التي ستدرج في المشروع لم يتم اختيارها بعدُ، إلا أن التفكير يتجهُ إلى المدن التونسية التي تحظى بالأولوية لدى سويسرا.
وماذا عن المتابعة؟
يبقى سؤال يتردد عادة مباشرة أو بأخرى، وهو المتعلقُ بالمتابعة والمراقبة. في هذا الصدد، أوضحت المصادر القريبة من المشروع لـ swissinfo.ch بهذا الخصوص أنه يتم التعاطي مع المشروعيْن بطريقة متماثلة، بالنظر لكونهما مُموّليْن من جهة واحدة. وتتولى القيام بهذه المهمة “لجنة العمليات” في كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية، لاسيما وأن هذه الوزارة هي التي وافقت عليهما بعد إعداد دراسة جدوى متكاملة عنهما.
أما آليات المتابعة فتتمثل في وسائل متعددة منها: المشاركة في اختيار المستشار المكلف بمرافقة المشروع، وإبداء عدم الممانعة لدى تسديد الفواتير التي يُقدمها المستشار أو الهيكل الإستشاري. كما تقوم لجنة العمليات بالمراقبة الدورية عبر أجهزة السفارة السويسرية في تونس، ويمكن أن تطلب اللجنة تقويما للمشاريع من زاوية الجدوى والفعالية والديمومة.
تجدر الاشارة إلى أن تونس حظيت بعد ثورة 2011 باهتمام خاص من سويسرا، التي دعمت بقوة مسار الانتقال الديمقراطي ووضعت لذلك خططا وبرامج بالتنسيق مع مكونات المجتمع المدني المحلي. وفي هذا الإطار أنشئت وحدة التعاون الدولي التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من السفارة السويسرية لدى تونس للعمل على حسن سير مشاريع التعاون. وركزت سويسرا على دفع التنمية بالمساهمة في مكافحة الفقر في المناطق المهشمة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.