المؤتمر الصحفي لترامب كان “يوما سيئا للديمقراطية”
ذهبت العديد من الصحف السويسرية الصادرة يوم الخميس 12 يناير إلى أن المؤتمر الصحفي الأول المضطرب الذي عقده دونالد ترامب يوم الأربعاء باعتباره الرئيس المنتخب للولايات المتحدة والإدعاءات المثارة ضده والتي لم يتم التحقق منها بعدُ تؤشر إلى أن منطلق فترته الرئاسية يقترن ببدايات غير جيدة.
في ندوته الصحفية الأولى منذ انتخابات 8 نوفمبر 2016، التي عقدها قبل تسعة أيام من أدائه اليمين الدستورية وتوليه المنصب، انتقد ترامب تسريب تقرير استخباراتي تضمن معلومات لا أساس لها زعم أنه تعرض للإختراق من طرف روسيا وأنه أصبح عرضة للإبتزاز، ووصف المزاعم بـ “العار”، كما هاجم وسائل الإعلام التي نشرتها.
في افتتاحيتها التي جاءت تحت عنوان “تمييز الحقيقة من بين الأكاذيب”، أشارت صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في لوزان) إلى أن هناك شيئا مؤكدا يتلخص في أن “رئاسة دوناد ترتمب ستنطلق في ظل أسوإ البدايات الممكنة”.
“لوتون” حذرت من أن هذا التطور الجديد ستكون له تداعيات سياسية مهمة، وأضافت أنه “سمّم الحياة السياسية الأمريكية عشرة أيام قبل تولي الرئيس المنتخب لمنصبه”.
وإذا ما ثبت أن هذه الإدعاءات خاطئة فإنه سيُطاح بقادة أجهزة الإستخبارات، لكن إذا ما تم إقامة الدليل على صحتها “فإن الرئيس الجديد سيجد نفسه في وضعية صعبة وقد يُجازف بالتعرض لإجراءات الإقالة”، كما قالت “لوتون”.
صحيفة “تاغس أنتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ) وصفت ما حدث الأربعاء بـ “يوم أسود في تاريخ الديمقراطية”. وكتبت في افتتاحياتها: “إن المستوى المنخفض لشعبيته [وهي أقل مما تحصل عليه أي رئيس مُقبل منذ عام 1992] يُظهر أن سمعة الرئيس المنتخب قد شُوهت بعدُ. وهذا ليس بالأمر الجيّد لا لدونالد ترامب، ولا لأمريكا، ولا لبقية العالم أيضا”.
فن التهرب من الأسئلة
الرئيسة السويسرية تشعر بـ “قلق” من تصرفات ترامب
في تصريح أدلت به إلى الإذاعة العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية RTS، علقت دوريس لويتهارد، رئيسة سويسرا للعام الحالي على تصرفات ترامب وتصريحاته عشية دخوله البيت الأبيض. وقالت إن أسلوب عمله، وخاصة طريقته في التواصل عبر موقع تويتر، تبدو “صعبة” بالنسبة لرئيس “يحتاج للتفكير وتحليل الوضعيات وتأمين علاقات دولية جيدة”.
لويتهارد قالت أيضا: “دعنا نرى ما إذا كان سيُغير طريقته في إدارة السياسات وما إذا كان سيُهدئ شيئا ما من أسلوبه الفعلي في التصرف”، وأضافت ” إنه أمر مقلق بعض الشيء بالنظر إلى أن الولايات المتحدة قوة عالمية في العديد من المجالات. إننا بحاجة إلى الثقة والسرية. كل هذه الشكوك ليست جيدة بالنسبة للإقتصاد أو للنزاعات الدولية التي تلعب فيها الولايات المتحدة دورا مُعدلا أو التي تتدخل فيها عسكريا”.
صحيفة “لاتريبون دو جنيف” علقت على أسلوب ترامب في ممارسة السياسة وإتقانه “فن التهرب” من الأسئلة خلال الندوة الصحفية، في نسخة مكررة لما مارسه خلال حملته الانتخابية الرئاسية، على حد رأيها.
الصحيفة أضافت: “مرة أخرى تعرض للإتهام بسبب ارتباطاته مع روسيا، لكن دونالد ترامب هيّأ الميدان منذ أول يوليو 2016 لأول لقاء له مع الصحافة حين نشر تغريدة تضمنت انتقادا شديدا للغاية ضد أجهزته الأمنية [حيث اتهمها بالسماح بتسريب أخبار وهمية إلى الجمهور]، وتساءل ما إذا كان الأمريكيون “يعيشون في ألمانيا النازية؟”.
“لاتريبون دو جنيف” واصلت قائلة: “بعد أن وصل إلى سدة الحكم، ضاعف الرئيس المقبل من مبالغاته، ومن بياناته المسرحية ومن هجماته ضد الصحافة، مكررا هذه المقارنة بين الولايات المتحدة وألمانيا النازية، كما راوغ أو تهرب من الإجابة على الأسئلة المتعلقة بصلاته بروسيا”.
خلال مؤتمره الصحفي، تعهد ترامب أيضا ببدء مفاوضات مع المكسيك بشأن بناء جدار على الحدود المشتركة بين البلدين. وقال أيضا إنه سيقدم خطة لإلغاء واستبدال قانون أوباما للرعاية الصحية. إضافة إلى ذلك، شرح كيف سيفصل نفسه عن إدارة عملياته التجارية العالمية تجنبا لأي تعارض في المصالح عند توليه مهام منصبه الرئاسي.
في المقابل، اعتبرت صحيفة “لاتريبون دو جنيف” أن المؤتمر الصحفي كان طريقة لتجنب الأسئلة الصعبة ولـ “مخاطبة أنصاره بشكل مباشر” وخاصة عبر تعليقات من قبيل “لقد قلت بأنني سأكون أكبر منتج للوظائف خلقه الله على الإطلاق، وأنأ أعني ذلك”.
“فرص” سويسرية
في افتتاحيتها ليوم الخميس، اختارت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في زيورخ) تناول المسألة من زاوية مختلفة حيث اهتمت بالفرص المتاحة لسويسرا ضمن “الفوضى العالمية الجديدة” لترامب.
الصحيفة قالت إن دخول ترامب إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل يمثل “نقطة تحول”، لكنها استركت بأنه سيكون من الخطير استخلاص استنتاجات سابقة لأوانها من خلال “طريقته المتقلبة ظاهريا في مجال التواصل”، وأضافت أن “جزءا صغيرا من إعلاناته ينبغي أن يخضع للمتابعة الدقيقة”.
الصحيفة الرصينة لفتت أيضا إلى أن “الإنعزالية الجديدة في الولايات المتحدة، وأزمات الهوية في أوروبا، وتنامي قوة الدول الصاعدة بصدد تغيير نقطة الإنطلاق للسياسة الخارجية السويسرية، وهذا ليس بالأمر السيء تماما”، ذلك أن “الدبلوماسية السويسرية تتطلع لهذه الأوقات العصيبة”.
“نويه تسورخر تسايتونغ” قالت محذرة “من المنتظر أن يكون العالم في عهد الرئيس الأمريكي الجديد أكثر عرضة للأزمات، وغير مُتوقع (الأطوار)، ومتعدد الأقطاب”، لذلك “فإنه لا يُمكن لسويسرا الظفر بأكبر قدر من الفرص إلا إذا احتفظت بعلاقات مستقلة جيدة مع النظام الدولي”. وأضافت “إذا ما زادت التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، فمن المحتمل أن يُدعى الدبلوماسيون السويسريون للعمل كوسطاء”.
في المقابل، يبدو أن إحدى الحلقات المفقودة تتمثل في غياب “خط مباشر” يُوصل إلى البيت الأبيض أو إلى برج ترامب. “فهذا أمر مهم لأنه من المتوقع أن يهتم الرئيس الجديد بسياسة سويسرا في مجال الهجرة وفي ملفات أخرى من قبيل كيف تتصرف الكنفدرالية خارج الإتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، وكيف تشتغل الديمقراطية المباشرة فيها”، كما تقول الصحيفة.
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.