صدمة في فرنسا بعد هجوم دموي على صحيفة “شارلي ايبدو”
نفذ ثلاثة مسلحين ملثمين قبل ظهر يوم الأربعاء 7 يناير مذبحة مروعة في مقر أسبوعية شارلي ايبدو في باريس. وتشير البيانات الرسمية إلى أن الحصيلة المؤقتة لهذه العملية الإرهابية أسفرت عن 12 قتيل من بينهم شرطيان وعشرين جريحا. هذا الهجوم غير المسبوق اعتبره الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على الفور "إرهابيا".
وأفاد مصدر قضائي فرنسي بمقتل 4 من أبرز رسامي الكاريكاتير في صحيفة «شارلي إيبدو» الأسبوعية الساخرة، في الإعتداء الأكثر دموية في فرنسا منذ 40 عاما على الأقل.
الرئيس الفرنسي الذي توجّه على الفور الى مكان الهجوم الواقع في حي سكني في العاصمة ندّد “بهجوم إرهابي وعمل على قدر استثنائي من الوحشية”. وأكد هولاند أن “عدة اعتداءات ارهابية أحبطت” في الاسابيع الأخيرة داعيا إلى “الوحدة الوطنية”.
ولم يُعرف بعد مصير وهوية المهاجمين. ونقل مصدر في الشرطة عن شهود قولهم ان المهاجمين هتفوا “انتقمنا للرسول”!.
وفي تسجيل فيديو للهجوم التقطه رجل لجأ إلى سطح وبثه على الانترنت موقع فرانس تلفزيون العمومي يُسمع رجل يهتف “الله اكبر الله اكبر” بين عدة عيارات نارية.
وأعلن قصر الاليزيه عن اجتماع أزمة عند الساعة 13,00 بتوقيت غرينيتش. وقد قرر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس رفع مستوى الإنذار في باريس وضواحيها الى الحد الأقصى أي “إنذار بوقوع هجمات”.
وفي باريس، أعلنت النيابة العامة أن الهجوم اوقع 12 قتيلا في حصيلة جديدة. وكانت الحصيلة الاولى تشير الى سقوط 11 قتيلا بينهم شرطيان.
وقال مصدر قريب من التحقيق انه “قرابة الساعة 11,30 (13,30 تغ) اقتحم رجلان يحملان كلاشنيكوف وقاذفة صواريخ مقر صحيفة شارلي ايبدو الساخرة في الدائرة الحادية عشرة من باريس وحصل تبادل اطلاق نار مع قوات الأمن”.
واصيب شرطي بنيران المسلحيْن لدى مغادرتهما المكان قبل ان يرغما سائقا على الخروج من سيارته عند “باب بانتان” ويصدمان بها احد المارة.
من جانب اخر، اعلنت رئاسة الحكومة الفرنسية استخدام “كل الوسائل” من اجل “كشف واعتقال” مهاجمي شارلي ايبدو مشيرة الى انها وضعت وسائل الاعلام والمحلات التجارية الكبرى ووسائل النقل تحت “حماية مشددة”.
وقال ميشال غولدنبرغ الذي يقع مكتبه بجوار مقر الصحيفة لوكالة فرانس برس “سمعت اطلاق نار ورأيت ملثمين غادروا في سيارة كانوا خمسة على الأقل”.
وروى برونو ليفييه من جوار مقر الصحيفة لوكالة فرانس برس أنه سمع “في تمام الساعة 11,30 حوالى ثلاثين طلقة نارية على مدى نحو عشر دقائق”.
استنكار وتنديد
في الأثناء، ندد كلود بارتولون الرئيس الاشتراكي للجمعية الوطنية الفرنسية بالهجوم بشدة وكذلك فعل أعضاء من المعارضة اليمينية.
وفي بيان أصدره في باريس باسم “مسلمي فرنسا”، أدان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية “بكل عزم وإصرار” العمل “البربري” الذي ارتكب “ضد الديمقراطية وحرية الصحافة”. كما اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا “بشدة بهذا الهجوم الإجرامي وبهذه الإغتيالات المروعة”.
وفي برن، أدانت سويسرا بشدة – على لسان سيمونيتا سوماروغا رئيسة الكنفدرالية – الهجوم الذي حصل في باريس وقدمت تعازيها إلى فرنسا”.
وتوالت ردود الفعل المنددة أيضا من العالم، حيث أدان البيت الابيض الهجوم على الصحيفة الفرنسية “بأشد العبارات”، وقال أوباما في بيان صدر في واشنطن: “نحن على تواصل مع المسؤولين الفرنسيين وأمرت إدارتي بتوفير أي مساعدة لازمة للمساعدة في إحالة هؤلاء الإرهابيين للعدالة”.
وفيما استنكر جون كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية في بروكسل “عملا لا يُمكن التسامح معه”، ووصفه بـ “البربرية”، ندد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لندن بالهجوم “الشنيع” وعبر عن تضامنه مع فرنسا في معركتها ضد الإرهاب. وفي برلين، أدانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الهجوم وقالت في بيان “هذا الفعل المقيت ليس هجوما على أرواح المواطنين الفرنسيين وأمنهم فحسب لكنه هجوم أيضا على حرية التعبير والصحافة وهما العنصران الأساسيان لثقافتنا الحرة الديمقراطية. لا يمكن تبريره بأي حال”.
تهديدات سابقة
وكانت الأسبوعية الساخرة تلقت عدة تهديدات في السابق منذ ان نشرت رسوما كاريكاتورية تتعلق بالنبي محمد عام 2006. وفي نوفمبر 2011 أحرق مقر الصحيفة في ما اعتبرته الحكومة الفرنسية آنذاك بأنه “اعتداء”.
وبدون أن يُعرف ما اذا كان الامر على ارتباط بالهجوم، عنونت شارلي ايبدو عددها الأخير الصادر يوم الاربعاء 7 يناير 2015: “توقعات المنجم ويلبيك: في العام 2015 افقد اسناني… وفي 2022 أصوم شهر رمضان!” تزامنا مع صدور رواية نفس الكاتب (ميشال ويلبيك) المثيرة للجدل “سوميسيون” (الإستسلام) عن اسلمة المجتمع الفرنسي.
وتبدأ قصة “الاستسلام” عام 2022 مع انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الإشتراكي فرنسوا هولاند في فرنسا مشرذمة ومنقسمة على نفسها، مع فوز محمد بن عباس زعيم حزب “الأخوية الاسلامية” (من ابتكار المؤلف) على زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على دعم احزاب يسارية ويمينية على السواء.
تضامن وسائل الإعلام السويسرية
العملية الإجرامية في باريس أثارت مشاعر الدهشة والجزع في سويسرا أيضا. فقد تحدث ناشرو الصحف الناطقة باللغة الفرنسية، (المنضوين في هيئة Médias Suisses) عن “يوم أسود” لحرية الصحافة وإشعاع فرنسا”، وصرح أمينها العام، دانيال هامّر أن “مهاجمة صحيفة عمل يتسم بقدر لا بأس به من الجبن”، مضيفا بأن “الإعتداء على شارلي ايبدو يقترن ببُعد خاص: إنها إشارة سيئة تُوجّه إلى مثل هذه القيمة المركزية المتمثلة في حرية الصحافة، وفي فرنسا بوجه خاص”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.