ضغوط على الحكومة السويسرية من أجل تشديد موقفها من إيران
أصدر البرلمان السويسري إعلانا يدين النظام الإيراني بسبب حملة القمع التي شنها ضد معارضيه. وتأمل مجموعات يسار الوسط في زيادة الضغط على الحكومة الفدرالية لكي تتبنى بدورها عقوبات الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، دافع وزير الخارجية إينياتسيو كاسيس مرارًا وتكرارًا على سياسة الحكومة السويسرية تجاه إيران. وفي غضون ذلك، واصل الإيرانيون الذين يُقيمون في الكنفدرالية تنظيم احتجاجات عامة بعد وفاة شابة كردية في مخفر للشرطة في منتصف شهر سبتمبر 2022.
ويدعو الإعلان البرلماني، بشكل عام، إلى إنهاء قمع المتظاهرين في إيران، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وإلغاء عقوبة الإعدام وإجراء انتخابات ديمقراطية.
كما يحث الإعلان البرلماني الحكومة السويسرية على اعتماد جميع عقوبات الاتحاد الأوروبي، ولا سيما تجميد الأصول الإيرانية، وفرض قيود على سفر المسؤولين وإقرار حظر تجاري، فضلاً عن دعم المطالبة باجراء تحقيق دولي مستقل في انتهاكات حقوق الإنسان.
وكانت سويسرا المحايدة تبنت بالفعل عقوبات سابقة فرضتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران بسبب الأنشطة النووية للبلاد، وانتهاكات حقوق الإنسان. كما فرضت عقوبات تستهدف موردي ومصنعي الطائرات الإيرانية بدون طيار التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.
في وقت سابق من شهر فبراير الماضي، أيدت أغلبية يسار الوسط في مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان) الإعلان البرلماني غير المُلزم، بينما صوتت الأحزاب السياسية الرئيسية ذات التوجه اليميني ضده.
حقوق الانسان
يقول فابيان مولينا من الحزب الاشتراكي إن الإعلان البرلماني يمكن أن يساعد في ممارسة ضغط إضافي على الحكومة السويسرية لتشديد سياستها تجاه إيران.
وقال: “آمل أن تكون الحكومة قد فهمت الرسالة وأن تبادر باتخاذ إجراءات”. ومن المقرر أن يناقش مجلس النواب في وقت لاحق اقتراحا يُطالب الحكومة باعتماد حزمة عقوبات ضد إيران وبدعم المجتمع المدني الذي يناضل من أجل حقوق الإنسان، ولا سيما حقوق المرأة.
مع ذلك، يشعر مولينا بخيبة أمل من الحزب الراديكالي الليبرالي. ويقول إن حزب يمين الوسط الرئيسي يتنصل من مسؤولياته عندما يتعلق الأمر بالمبادئ الأساسية للسياسة الخارجية السويسرية.
وتقول ماريان بيندر وهي نائبة برلمانية عن حزب الوسط (الحزب الديمقراطي المسيحي سابقا) إن الإعلان، الذي صاغته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، يرسل إشارة واضحة تعبّر عن دعمنا لحقوق المرأة.
وتُنْتَقَدُ الحكومة السويسرية لمهادنتها لنظام طهران وفشلها في الدفاع بحزم عن حقوق الإنسان هناك.
وقالت بيندر : “يبدو أنه لا بد أن تشعر الحكومة بالضغط من البرلمان قبل أن تحزم أمرها، مثلما رأينا ذلك من قبل حينما غزت روسيا أوكرانيا”.
الحياد
صوتت أقلية معتبرة من أعضاء مجلس النواب ضد الإعلان، بحجة أنه يأتي بنتائج عكسية ويُلحق الضرر بسمعة سويسرا.
إيف نيديغر، عضو مجلس النواب (عن حزب الشعب السويسري) قال إن الإعلان عديم الجدوى وببساطة هو فعل إرضاء للذات.
وأضاف: “النظام الإيراني لم يغيّر موقفه قيد أنملة حتى بعد أربعة وأربعين عاما من العقوبات الصارمة للغاية من قبل الولايات المتحدة”، و”من الأفضل أن نحافظ على هدوئنا”.
في سياق مماثل، أعرب هانز بيتر بورتمان من الحزب الراديكالي الليبرالي عن شعوره بالقلق من أن الإعلان قد يُعرقل الجهود الجارية وراء الكواليس، ويقول: “إن ذلك يسيء إلى سمعة الحكومة السويسرية، ويمكن حتى أن يُنظر إليه على أنه استفزاز مباشر لإيران”.
وبشكل عام، يختلف المؤيّدون والمعارضون في البرلمان حول ما إذا كان الإعلان يقوّض حياد سويسرا ودورها كوسيط محتمل في النزاعات أم لا.
الدبلوماسية
في سياق متصل، دافع وزير الخارجية إينياتسيو كاسيس عن السياسة السويسرية تجاه إيران وعن الزيارة التي قامت بها مؤخرا السفيرة السويسرية في طهران إلى ضريح شيعي مقدس. ووُجِّهت انتقادات على الإنترنت إلى نادين أوليفيري لوزانو بعد ظهور صور لها من زيارتها إلى مدينة قم المقدسة وهي ترتدي “تشادور”، وهو لباس إيراني تقليدي شبيه بالعباءة، تلبسه بعض النساء في إيران.
وفي حديث أدلى به على هامش اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، أوضح كاسيس بأن زيارة السفيرة السويسرية إلى مدينة قُم كانت جزءًا من نشاطها الدبلوماسي، لكنه اعترف بأن هناك مخاطرة بأن يتم توظيف الحدث من قبل النظام الإيراني.
وشدد الوزير على أن سويسرا اتخذت مواقف واضحة مرات عديدة بشأن استخدام العنف ضد المتظاهرين.
+ سويسرا تدين العنف الذي مارسته قوات الأمن الإيرانية على المتظاهرين
كما أشار إلى أهمية الحفاظ على قنوات الحوار مع النظام الإيراني واستخدام سياسة المساعي الحميدة لسويسرا لتعزيز الحوار، بما في ذلك العمل كوسيط بين واشنطن وطهران.
وقال إن سويسرا تأمل في أن يأخذ الوضع الحالي في إيران مسارًا مختلفًا.
أما بالنسبة لدور سويسرا في إيران، فقد أقر كاسيس بأنه لم يكن دائما سهلا. وتوجّه للصحفيين قائلا: “لابد من وجود طرف للقيام بتسهيل التواصل (بين الجانبين)”.
احتجاجات
بدعم من عدد من السياسيين اليساريين السويسريين والمنظمات غير الحكومية، ينظم مجتمع صاخب يتشكل من مُعارضين ومعارضات الحكومة الإيرانية احتجاجات منتظمة في عدد من المدن السويسرية منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في مخفر للشرطة الإيرانية في منتصف شهر سبتمبر الماضي. وكانت الشرطة قد اعتقلتها لانتهاكها القواعد التي تنظم الالتزام بالملابس المحترمة للتقاليد الاسلامية في البلاد.
وفي 27 فبراير الماضي، نظمت مجموعة من المحتجّين مظاهرة أمام مقر البرلمان الفدرالي في برن، وأبدى حشد في جنيف معارضته لزيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان إلى المدينة التي تحتضن المقر الأوروبي للأمم المتحدة.
في نفس اليوم، انتقدت منظمة العفو الدولية سياسة اللجوء في سويسرا ودعت إلى اتباع نهج أكثر اتساقًا.
وقالت منظمة العفو إنه من غير المقبول أن تستمر السلطات السويسرية في ترحيل الأشخاص إلى بلد ترتكب فيه انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
+إيران وسويسرا: علاقة ذات طبيعة خاصة
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.